"مش قادر أدير ظهري".. عن طبيب غزة الذي لم يتركها | مع غسان أبو ستة | #116
15 مارس 2024
الاستماع للحلقات عبر منصات البودكاست
غسان أبو ستة
ضيف الحلقة
غسان أبو ستة

يحاور أحمد البيقاوي الدكتور غسان أبو ستة عن الطب والطبيب والقطاع الطبي في زمن الإبادة، وفي مساره غير السائد في الارتباط أكثر في فلسطين والاشتباك في همومها مع كل معركة وحرب وعدوان، وحول الإبادة يقول إنها أعادت تشكيل شخصياتنا وخياراتنا الفردية.

 

غسان أبو ستة (1969-) هو طبيب تجميل وترميم فلسطيني يحمل الجنسية البريطانية،هُجرت عائلته من بئر السبع عام 1948 إلى خانيونس بقطاع غزة، تخرج من جامعة غلاسكو في اسكوتلندا. شغل منصب رئيس قسم جراحات التجميل في الجامعة الأميركية في بيروت خلال الفترة من (2012-2021)، يعمل في لجنة التمويل الدولية التابعة للمعهد الوطني للبحوث الصحية في المملكة المتحدة.

كان أول طبيب يضع منهاج عربي في طب النزاع والحروب. وصدر له كتاب طبي بعنوان "إعادة بناء المريض المصاب في الحرب"، وكتاب "سردية الجرح الفلسطيني" بالتعاون مع ميشال نوفل.

بودكاست تقارب، برنامج حواري فلسطيني أسبوعي يُعرّفه اسمه، يخوض بمسارات شخصية ويسعى لنقاش التقارب والتباعد في الأفكار بعد سنين من البعد والابتعاد تَبِعت الربيع العربي، ويأتي أيضا في زمن وباء كورونا والتباعد. حلقة جديدة في سهرة الخميس وضيف ومسار جديد.

يقدم وينتج بودكاست تقارب أحمد البيقاوي، وهو مدوّن وصانع محتوى من مدينة طولكرم. يعمل في مجال إدارة الإعلام الفلسطيني والعربي منذ عام ٢٠١٤. ساهم في تنظيم وتأسيس العديد من المنصات الإعلامية والمبادرات السياسية والاجتماعية.

📍سجلت هذه الحلقة أمام الجمهور في حرم الجامعة الأمريكية وضمن فعاليات أسبوع فلسطين.

📍شكرا خاص للأصدقاء في شركة Road 2 Films وللأعزاء سينتيا شقير ووسام نجم وديما أبو رجيلي ونور جروس ومحمد الخطيب.
 

تفريغ الحوار : 

غسان أبو ستة: [00:00:00.11]
الانتماء لقطاع صحي ليس لمؤسسة صحية هذه ماعمري رأيتها بأي مكان ثاني مثل غزة. أنا كان في واحد من الأصدقاء الذين يعملون بمستشفى العودة، كان يقول لي كل ما أشوفك وضعت يدي على قلبي. التجربة الفلسطينية والتجربة اللبنانية فيها شيء مميز عن بقية حركات التحرر. صار بعد حرب الألفين وثمانية ألفين وتسعة استثمار بالكوادر البشرية، ابتعاث أعداد من الكوادر للتخصص. الحصار الهدف منه إبقاء الناس بحالة برزخ ما بين الحياة المنتقصة والموت غير المكتمل. حرب وحرب ورا حرب بترجع أنت تبدأ من أول وجديد. أنا ما بهرب من "اليوم التالي" فكرة اليوم اللي يتلو الحرب. دايما معك يومين ببداية الحرب إذا لم تأت من طريق رفح بهذه الحرب خلال أول يومين حتتسكر رفح. أؤمن أكثر باقتراب اندحار هذا المشروع.

 

ريما ماجد: [00:01:19.19]
مرحبا جميعا وشكرا كتير على حضوركم. نحن سعيدون جدا. يعني على قد ما نحنا سعيدين اليوم بهذه المناسبة وبكل الندوات والبرامج التي تحدث هذا الأسبوع ضمن إطار أسبوع فلسطين على قد ما نحنا طبعا غضبانين وحزنانين على الإبادة المستمرة للأسف بغزة وممتدة على الضفة وممتدة على جنوب لبنان، لكن أتمنى أن تكون مناسبة مساحة لنا لنفكر سويا بفلسطين بإطارها التاريخي بإطارها الحالي أو بحاضرها وتكون أيضا مساحة نقدر نتخيل مستقبل لفلسطين وللفلسطينيين. نتشرف اليوم باستضافة الدكتور غسان أبو ستة الغني عن التعريف لكن رح أعرف عليه بكم كلمة، وباستضافة صديق عزيز. أحمد بيقاوي. غسان طبعا هو أستاذ فلسطيني بريطاني في علم الجراحة وجرّاح تجميل وترميم. أكمل تعليمه الطبي بجامعة غلاسكو ببريطانيا وتدرب بعد التخرج في لندن. انضم غسان للجامعة الأميركية في بيروت في 2011 وشغل مناصب عدة منها رئيس قسم الجراحة التجميلية والترميمة بالجامعة، وكان مسؤول طبيا لبرامج إصابات الحرب لدى الأطفال. في 2015. شارك غسان في تأسيس برنامج طب النزاعات في معهد الصحة العالمي بالجامعة الأميركية وأصبح مديرًا له. للأسف الجامعة خسرت غسان في 2020 وقتها. عاد وانتقل إلى المملكة المتحدة وعمل فيها كجراح تجميلي وترميمه، ودرّس بجامعة إمبريال كوليدج بلندن وجامعة كينغز كوليدج بلندن. وطبعا نشر على نطاق واسع أكاديمي وغير أكاديمي عن العوائق الصحية للنزاع المطول وإصابات الحرب. عمل الدكتور غسان كجرّاح حرب بكل من اليمن والعراق وسوريا والجنوب اللبناني، وكان موجودًا خلال الحروب الأربعة بقطاع غزة. وطبعا آخر كان وجود له في غزة بعد 7 أكتوبر. سوف يستضيف الدكتور غسان اليوم المحاور الفلسطيني أحمد بيقاوي ضمن سلسلة حلقات "بودكاست تقارب" التي تسجل للمرة الأولى بشكل مباشر أمام جمهور. بودكاست تقارب لمن لا يعرف هو برنامج أسبوعي يناقش قضايا فلسطينية أو قضايا لها علاقة بفلسطين، ومدخله الأساسي هو القصة أو التجربة الشخصية لكل ضيف أو ضيفة، لأن أحمد يؤمن أن السردية الفلسطينية الكبيرة هي سردية الفلسطينيين والفلسطينيات بتجاربهم وقصصهم وشهاداتهم.

 

ريما ماجد: [00:04:29.89]
بدأ هذا البودكاست تقريبا منذ أربع سنوات، وحلقة اليوم هي الحلقة 116 من هذا البودكاست. فالفكرة المتبعة اليوم سيكون هناك تقريبا ساعة وربع من النقاش المسجّل. فسوف أطلب منكم كلكم أن تضعوا تلفونات بشكل صامت. وإذا نقدر أن نحافظ على الهدوء بالصالة وبعد النقاش الذي ستتعرفون خلاله على جوانب يمكن لأول مرة تتعرفوا عليها مع الدكتور غسان. سوف نفتح المجال للنقاش مع الجمهور. بالنهاية فقط أريد أن أشكر زملائي وزميلاتي بالجامعة الأمريكية. أريد أن أشكر كلية الآداب والعلوم - برنامج المقاربات النقدية لدراسات التنمية، والنادي الثقافي الفلسطيني لتنظيمهم لهذه الندوة. وسوف أعطي الكلمة لرئيسة النادي الثقافي الفلسطيني بالجامعة.

 

جنى حميد: [00:05:29.73]
شكرا دكتور ريما. لن أطيل عليكم كثيرا لكن أحب أن أرحب فيكم باسم النادي الثقافي الفلسطيني وأرحب بالدكتور غسان والأستاذ أحمد. عنجد شرف كبير لنا كثير أن نكون نحنا جزء من هذه الاستضافة لأننا كطلاب تجربتنا التعليمية لا تكمن فقط في ما إذا كنا نحضر صفوفنا لكن يجب أن ننخرط ونعرف ماذا يحدث حولنا بشعبنا الفلسطيني كفلسطينيين وجيراننا الذين هم للشعب اللبناني وبما يحدث في جنوب لبنان أيضا بالطبع. فمرة ثانية أحب أن أشكركم كتير على وجودكم معنا وأكيد هذه التجربة. تخيل ستكون مفيدة لكثيرين منا وستكون جزءًا كبيرًا من مسيرتنا التعليمية. وشكرا لكم كثيرًا على حضوركم هنا، ونترك المساحة لكم. يعطيكم الف عافية.

 

أحمد البيقاوي: [00:06:17.35]
شكرا شكرا شكرا شكرا. مرحبا وأهلا وسهلا بكم في حلقة جديدة من بودكاست تقارب حلقتنا لليوم معكم أنا أحمد البيقاوي والدكتور غسان أبو ستة. كل شيء في هذه الحلقة مختلف، لكن يمكن الأكثر أكثر شيء خاص وأكثر شيء مميز تسجيلنا لهذه الحلقة في لبنان، في بيروت، في (AUB) على مستوى شخصي، أعرف أن هذا المكان دائما كان مكان يعطي ويعلم دروسًا في المقاومة.. في الوطنية، ودائما كان حاضرًا على مستوى النخب الفلسطينية والنخب اللبنانية، ويمكن كان وما يزال عصيًا فعليا على كل محاولات مماهاته مع كتير حالات تانية أو حتى اختراقه من أيا كانت أنواعها. فشكرا للمنظمين جميعا. ثانيًا، يعني محتاجين جانب من الخصوصية قليلًا أنا والدكتور غسان فسوف نستأذن منكم، نخفف الإضاءة عليكم قليلا حتى فقط نحن هكذا تغلق الباب على حالنا، وشكرا. إذا طارق بنفع نجرب نطفئ الضوء. أهلا وسهلا دكتور أبو سليمان.

 

غسان أبو ستة: [00:08:00.40]
الله يخليك.

 

أحمد البيقاوي: [00:08:01.39]
بالعادة لا ينادونك أبو سليمان في الإعلام.

 

غسان أبو ستة: [00:08:03.73]
لا.

 

أحمد البيقاوي: [00:08:04.93]
هذه أول مرة إذًا. أهلا وسهلا فيك بالعادة في "تقارب" أحاول أن أتجنب كل التعريف الذي قالته ريما قبل قليل. لأن هذا موجود على جوجل وعادة الناس تعرفه وتحفظه. مهم. لكن أنا حشري قليلًا، وأفضل دائًما أن أطلع من النشأة، نشأتك كما لم ترويها من قبل.

 

غسان أبو ستة: [00:08:29.32]
لا هي نشأة يعني. العائلة. عائلة والدي هي عائلة نزحت من بئر السبع يوم 9 أيار 1948 وانتقلت إلى مخيم خان يونس. الوالد كان من الجيل المؤسس بالخليج العربي. انتقل على الكويت عام 1953 عمل كطبيب وبقي يعمل بالكويت وينتقل إلى بريطانيا للتخصص وبعدها يعود إلى الكويت. العائلة كانت منغمسة في العمل الوطني حتى قبل 1948. عمي عبدالله الله يرحمه أخو والدي الكبير. كان من قادة ثورة 1936. استشهد بأحداث جرش في أيلول الأسود. عمي الذي بعده إبراهيم كان من مؤسسي منظمة التحرير مع أحمد الشقيري وعمي الثالث حامد أبو نضال كان باللجنة التنفيذية. فكانت العائلة من هذه الناحية مرتبطة بالعمل الفدائي. وكانت النشأة بالكويت. الكويت كانت كثير منفتحة على الحالة الفلسطينية. كان هناك تقريبا نصف مليون فلسطيني. وكان في قدرة على التعبير عن الهوية الفلسطينية. الوالدة من بيروت من المصيطبة. ولدت بالكويت وتربيت بالكويت. المدرسة الابتدائية كانت مدرسة اسمها دار الحنان تديرها سيدة فاضلة اسمها سلوى أبو خضرة التي هي كانت رئيسة اتحاد المرأة الفلسطينية وكانت عضو بارز بالمجلس الثوري لحركة فتح. فكانت مدرسة. أكثر تسيّسا من المدارس الأخرى. كان التعبير عن الهوية الفلسطينية فيها جزء من التعبير اليومي. وبعدين بعد المدرسة الابتدائية انتقلت لمدرسة انجليزية وبقيت في الكويت إلى أن أنهيت الدراسة الثانوية وانتقلت إلى اسكتلندا.

 

أحمد البيقاوي: [00:11:06.49]
دار "أبو ستة" لماذا ينتشرون في كل مكان؟ ليش فاعلين في القضية الفلسطينية بزيادة. يعني ما بين قوسين.

 

غسان أبو ستة: [00:11:14.32]
هم جزء من الشعب الفلسطيني بالنهاية. كل عائلات فلسطين ترسم تاريخها المرتبط بأحداث أثرت على شعبنا. لكن في نفس الوقت في بيصير فيه مثل الإرث العائلي الذي يصير جزءًا من الجو المنزلي ويصبح جزءًا من التحفيز خصوصًا لما الواحد يكون في سنّ المراهقة ويحاول يكتشف من هو وماذا يريد بهذه الدنيا. فأنا برأيي تخلق ديمومة بالارتباط بالقضية.

 

أحمد البيقاوي: [00:12:11.82]
تذكر شخصيات محددة بالعائلة حفّزتك أو ألهمتك؟

 

غسان أبو ستة: [00:12:17.94]
يعني الحاضر الغائب كان عمي عبدالله. كان من قادة ثورة 1936 من القادة الذين حرروا بئر السبع على مدى سنة ونصف خلال ثورة 1936. بعد 1948 من أول من نظّموا العمل الفدائي من قطاع غزة للداخل الفلسطيني، وبعد ذلك انتقل إلى الأردن وكان ينظم العمل الفدائي من جنوب الأردن إلى فلسطين. كان. أولاد عموم بالسجن خلال الطفولة، جزء منهم كان يطلع من السجن ويأتي على الكويت ليكمل دراسته. وكان كل هذا مرتبط بيعني الأحداث اليومية للعائلة كانت مرتبطة بالذي يحدث في فلسطين.

 

أحمد البيقاوي: [00:13:20.67]
بجانب آخر من التعريف. واحد مثلك اليوم مثقل بالتعريفات والأوصاف. المسؤوليات الكثيرة والكبيرة وأنت لا تختار فعليًا بماذا تعرفك الناس. ما هي التعريفات أو الأوصاف التي لا تحبها أو تستثقلها؟

 

غسان أبو ستة: [00:13:38.88]
تعرف ليس هناك تعريفات. يعني مثلًا قبل أيام وصلني ايميل.. "مناضل" هذه التعريفات تذكرك بتعريفات منظمة التحرير في السبعينات. مضحكة.

 

أحمد البيقاوي: [00:13:54.15]
مكانش في إيميل وقتها

 

غسان أبو ستة: [00:13:55.74]
لما حد يقول لك المناضل تتذكر الناس اللي لابسة بدل السفاري وتحضر اجتماعات طوال النهار. هي في النهاية خيارات عدة خيارات تؤدي بك إلى نقطة محددة. تحاول أن لا تدع هذه النقطة تكون هي المحدد لحياتك، لتستطيع أن تنتقل منها إلى خيارات أخرى على نفس الخطّ الذي اخترته لحياتك.

 

أحمد البيقاوي: [00:14:26.43]
لكن مع مرور الوقت تزداد المسؤوليات وتزداد الأوصاف أو الألقاب التي تشكل ثقلًا عليك، وأنت شخص فعليا مش عارفين.. يعني الواحد يحجز ساعتين معك ويكون بعدها عندك لقاء ثان وقبله كان عندك أشياء أخرى فأشعر بمحل أن الطبيعي أنه أنت متعب أو مرهق أو مثقل، لكن بنفس الوقت  أشعر أنّ جزءًا من هذا التعب يكون نتيجة توقعات كثيرة، يعني أنت مجرد وصف أنك شخص حضر كل حروب غزة يمكن في الحرب القادمة -بعيد الشر- إنه ليش أبو سليمان مش موجود؟!

 

غسان أبو ستة: [00:15:03.93]
أنا كان في واحد من الأصدقاء الذين يعملون بمستشفى العودة. كان يقول لي كل ما أشوفك أضع يدي على قلبي.. أعرف أن هناك كارثة ستحلّ على البلد. فهو يعني دائما الإحساس بالتقصير تجاه الكم الهائل من التضحيات يعني طول الوقت يعني أنت كفلسطيني تشعر أن هناك أمامك جبل من التضحيات مهما عملت أنت مقصّر. يعني أنت ماذا تعمل مقارنة بعوائل الأسرى التي تصحوا 4 فجرًا  وعمرها 70 أو 80 سنة لتركب حافلة الصليب الأحمر لكي تذهب لزيارة مرة بالشهر من خلف الزجاج يعني. يعني أنت ماذا تفعل مقارنة بالذي تراه؟ فتظل هذا الإحساس بالوهرة أمام هذه التضحيات هي التي تجعلك تُحسّ دائمًا أنك مُقصّر.

 

أحمد البيقاوي: [00:16:31.82]
بس هذا الشعور موجود عندك. يعني أنا أفهم الناس اللي اليوم فرضا في حدث كتير كبير يكون موجود وهي قاعدة أو لا تتحرك فيتسلل لها هذا الشعور وأيضا يتمكن منها العجز لكن أنت لا تقعد! يعني مش عارف انه متى ممكن يكون لديك الحيز أو الوقت الذي تشعر فيه بحالك أنكّ أنت مقصر أمام شيء آخر.

 

غسان أبو ستة: [00:16:54.44]
أنت لا تقعد كي لا يتسلل لك هذا. يعني الهروب إلى الأمام من هذا الشعور بالتقصير هو الذي يدفعك لأن تظل تتحرك للأمام. وبنفس الوقت يصير عندك إحساس بالواجب. اتجاه يعني ليس فقط بهذه الحرب. في كل الحروب وما بين الحروب يعني ما بين الحروب دائما الواحد كان يحس نفسه أنه ينغمس أكثر بالعمل. الإغاثي والعمل الطبي وتطوير العمل الطبي لأنه هناك إحساس بالمسؤولية تجاه رفاقك اللي أنت تعمل معهم بهذه الحروب وتعرفهم وتعرف عيالهم وبين كل حرب وحرب تراهم فتشعر أنه إذا بعد الحرب تقدر تشتغل على موضوع تحسّن ظروف العمل أو تحسّن بإحساسهم بقدرتهم على تقديم الخدمة التي يقدمونها يصير عندك الدافع الثاني.

 

أحمد البيقاوي: [00:18:10.46]
طيب أنا إذا أريد أن أرجع إلى القصص الأولى التي شكلت علاقتك مع فلسطين وحوّلتها إلى علاقة فاعلة مثل ما نحنا قاعدين نراها اليوم. وفي كل حلقة فعليا أنا أبقى أحفر مع كل ضيف وضيفة إلى أن أصل القصة الأولى التي حولت برواز على الحائط أو مفتاح عودة أو حنظلة، ونحن صغار إلى قصة، ففي كف أسميه أنا.

 

غسان أبو ستة: [00:18:32.57]
أنا عجوز. حنظلة ظهر وكنت كبيرًا.

 

أحمد البيقاوي: [00:18:35.66]
العمر كله، لكن الكف الأول بحياتك الذي أكلته سواء أنت أكلت أو رأيت أحدًا يأكله، والذي حولك إلى أكثر خصومة مع الاحتلال أو أكثر مناصرة لفلسطين. بنقدر نرجع إلى المشهد الأول.

 

غسان أبو ستة: [00:18:48.59]
المشهد الأول كان تل الزعتر. أذكر تل الزعتر بالرغم من أنه يعني في 1976، كان عمري 7 سنين، لكن أنا أذكر لأن المدرسة كانت كتير مسيسة، أحداث حصار تل الزعتر وبعدين مجزرة تل الزعتر وهول مجزرة تل الزعتر التي كانت أول مجزرة كبيرة بهذا الحجم يتعرض لها الشعب الفلسطيني. أنا برأيي هي هذه وبطريقها أيضا هي أيضًا كانت بداية الخط بالمقاومة الصحية والطبية يعني مع تل الزعتر جاءت قصة الدكتور يوسف العراقي والدكتور محمود اللبدي اللي كانوا طبيبين شابين بالمستشفى الصغير بالمخيم والذين صمدوا خلال أشهر حصار تل الزعتر فيعني أنا برأيي هي كانت تل الزعتر الخطوة الأولى وبعدين بعدها أول مظاهرة اشتركت فيها كانت ضد كامب ديفيد 1979 كان عمري 10 سنين وبعدين جاء الاجتياح وسنين وصيف الاجتياح وحصار بيروت 1982.

 

أحمد البيقاوي: [00:20:11.51]
إذا أردنا أن نرجع لكيف تطورت عندك المفاهيم والمشاعر يمكن حتى أكثر من مرحلة إلى مرحلة أقدر أرجعك إلى المشاعر الأولى. أنت عادة لأنك تقفز لعند الاجتياح.

 

غسان أبو ستة: [00:20:28.64]
هي لأنه هي كانت صيف قاسي يعني لأنه حدث ارتبط بالنسبة لي بعمر 13 اللي هو الوعي السياسي كان بمرحلة التطور أو صار في نقطة اللاعودة.

 

أحمد البيقاوي: [00:20:46.49]
لكن اسمح لي إذا أريد أن أرجع إلى تل الزعتر والشعور من هناك بالأول. ماذا علمت فيك أو ما هو الشعور الذي بقى معك؟

 

غسان أبو ستة: [00:20:55.49]
أنا برأيي الذي الشعور الذي بقي معنا هو الإحساس بالتهديد. وإحساس بعظمة هذا الشعب يعني صمود تل الزعتر على 90 يوم. صمود المقاتلين. صمود الأهالي بتل الزعتر. أنا أذكر يعني أذكر بعد المجزرة محاولاتي للعثور على كتب من مؤسسة الأبحاث الفلسطينية - مركز الأبحاث الفلسطينية عن تل الزعتر وقراءة كل ما أقدر أن أقرأ عن  الحالة.. هو إحساس إنه هذا شعب جبار.

 

أحمد البيقاوي: [00:21:44.95]
وبحالة كامب ديفيد؟

 

غسان أبو ستة: [00:21:48.97]
الغضب والإحساس بالخيانة والخديعة. لأول مرة يعني.

 

أحمد البيقاوي: [00:21:57.55]
الاجتياح؟

 

غسان أبو ستة: [00:21:58.81]
الاجتياح ارتبط بدور القطاع الصحي بالصمود.كان أسطورة "أطفال الأر بي جي" الذين كان سنّهم أكبر مني بسنة أو سنتين. وكيف انت كمراهق تتعلق بهذه الفكرة. وكان أيضًا بداية وعي لفشل تجربة منظمة التحرير وفشل قيادات منظمة التحرير. يعني. يعني سردية منظمة التحرير ما بعد. ما بعد الخروج من بيروت وبعد مجزرة صبرا وشاتيلا حتى على 13 ما كان لها معنى. أنه كيف الدبابة وصلت لخلدة خلال أسبوع يعني؟ فكل هذه المشاهد. لكن في نفس الوقت كمان عظمة هذا الشعب. صموده الفظيع الأسطوري على مدى 88 يوما.

 

أحمد البيقاوي: [00:23:16.56]
أنت بتحكي لي بوقت مبكر يعني اكتشفت أن منظمة التحرير أو بلشت تتواصل وتشعر أن منظمة التحرير مش الجسم.

 

غسان أبو ستة: [00:23:24.33]
بدأت أشعر أن منظمة التحرير فيها شيء معطوب بنيوي. كان الواحد بدأ الوعي السياسي يتكون ويأخذ آراء الأخرين. لكن أن فكرة الانهيارات التي حدثت بجنوب لبنان كانت بدأت تصل يعني يمكن لأنه كان المجتمع الفلسطيني كثير يعني نصف مليون شخص وكتير كان فيه حرية للنقاش أكثر من أي مكان ثاني يتواجد فيه الفلسطينيين.

 

أحمد البيقاوي: [00:24:00.86]
وإذا أريد أن أكمل ببيروت بلبنان أريد أن أتجاوز قليلا نقاش الطب لأنه واضح لي أنه قصتك مش كتير مغرية لأنه باختيارك للطب في السنين الأولى، لكن إذا أريد أن أتكلم على تجربة الهلال الأحمر الفلسطيني في. في لبنان. كيف كنت تراها في حينها؟

 

غسان أبو ستة: [00:24:24.95]
كنت أراها كجزء أساسي من الجزء المضيء. يعني. يعني النضال الصحي الذي كان الهلال الأحمر الفلسطيني جزء منه كان بالنسبة لي الجزء المضيء من تجربة منظمة التحرير بلبنان وصمود الأطباء والمستشفيات والمستشفيات التي كانت تنتقل بعد قصف الإسرائيلي. ومستشفى البربير والمقاصد ودورهم. وكان كل هذا بالنسبة لي جزء من الجزء المضيء لهذا الصمود.

 

أحمد البيقاوي: [00:25:06.08]
يعني ممكن تحكي لي عنها كنموذج عن كيف كنت تراها وكيف اليوم نراها بأثر رجعي. نموذج لإنشاء مؤسسات صحية تحت احتلال أو تحت استعمار.

 

غسان أبو ستة: [00:25:17.81]
هو بدون شك التجربة الفلسطينية والتجربة اللبنانية فيها شيء مميز عن بقية حركات التحرر في العالم الثالث، أكثر من جنوب أفريقيا وأكثر من من أمريكا اللاتينية بعلاقة الطب والطبابة والنضال الصحي بحركة التحرر، يعني فلسطينيًا إذا قارنا منظمة التحرير بالمؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) لم يكن هناك جسم طبي مثل نقابة الأطباء الفلسطينية والهلال الأحمر كانوا جزء محوري من كل مؤسسات منظمة التحرير. ما كان يعني كان الجانب الأخر الذي كان قوي بنضال جنوب إفريقيا هم النقابات التي كانت الجزء الضعيف بنضال الشعب الفلسطيني ولا يزال هو دور النقابات ولكن الهلال الأحمر جاء في مرحلة يعني كان في بدايات قبل الهلال الأحمر الذين هم العيادات المجانية التي كانت بمخيم الوحدات وكانت بمخيمات الفلسطينيين بكل مكان. وبعدين تحولت إلى الهلال الأحمر الفلسطيني وقبلها يعني بدأت مع الهلال الأحمر. وبنفس الوقت كان هناك شيء اسمه اللجنة الصحية لحركة فتح التي هي أدارت مستشفى الأشرفية في أيلول الأسود وثم تحول هذا خلال السبعينات تحول الهلال الأحمر لحد يعني ليلة 4 حزيران 1982 كان فيه 90 مستشفى ومركز طبي للهلال بلبنان. فهذه التجربة أنا كنت أراها كتجربة تعبوية أساسية وهي دليل على كيف التنظيم النضال الصحي أداة تعبوية تفوق كل الأدوات التقنية التعبوية لتعبئة الجماهير لمشروع تحرري، وكانت أحد أدوات الصمود والذي نحن رأيناه بغزة. قرار المستشفيات برفض التهديد الإسرائيلي بإخلاء المستشفيات أنه لا تخلي لأن الإخلاء هو إخلاء المستشفيات هو جزء لا يتجزأ من التطهير العرقي. هذا. الارتباط موجود بالاثنين. في علاقة النضال الصحي، وخلال الانتفاضة الأولى خلال الانتفاضة الأولى، كانوا لجان العمل الصحي ولجان الإغاثة الطبية هم أدوات أساسية بالتعبئة الشعبية ضد بالانتفاضة.

 

أحمد البيقاوي: [00:28:28.37]
أنا محتاج أن أوضح، لكن هنا أبو سليمان أنا لأنه أعرف أن إجاباتك على سؤال الطب قلت أنه مش ملفت، بمعنى أنه هناك هذا نمط العائلة الفلسطينية التي تحب أن ابنها يكون عنده طبيب أو مهندس، فكنت أجرب أبحث على أنه أنت ليه صرت طبيب آخر؟ يعني فقفزت القفزة هذه فقط للتوضيح يعني. لكن. لكن أنا أيضا أريد أن أقول أن تجربة الهلال الأحمر كانت واحدة من التجارب أو التي ألهمتك أو جعلت نموذج الطبيب هو غير النموذج التقليدي للطبيب في نماذج ثانية بمسارك، ألهمتك؟

 

غسان أبو ستة: [00:28:59.39]
هناك أفراد. أفراد يعني. مثل ما قلت الطبيبين الشابين الذين كانوا في تل الزعتر. وبعد ذلك لما الأطباء اللي كانوا بـ1982 هنا. وأيضا عندما صرت بكلية الطب. لقائي مع الدكتورة سو يانغ التي كانت جراحة عظام وكانت في 1982 وكانت في صبرا وشاتيلا أيام المجزرة ومن ثم اشتغلت بالأهلي/ المعمداني في غزة بالانتفاضة الأولى. وكان الدكتور كريستيانو اللي هو كان في شاتيلات وقت حرب المخيمات، فتلتقي بهذه الشخصيات التي هي جزء أساسي من هذه السردية.

 

أحمد البيقاوي: [00:29:51.29]
مسارك مثل ما هو واضح أن المحفزات أو الأشياء التي ممكن تلهمك لتكون طبيبًا مختلفًا، مشتبكًا أكثر مع قضايا شعبك أعتقد أنها تقل مع الوقت؟.

 

[00:30:02.60]
هيك المفروض. هكذا الوالدة كانت تتأمل!

 

أحمد البيقاوي: [00:30:05.39]
هيك الوالدة كانت تتأمّل! لكن أنت فعليا أفشلت آمال الوالدة خليني أقول بس في كثير يعني فعليا لم يفشلوها، بمعنى أن الطب يحقق فلوس، الناس تدرس لكي تخرج الطب الناس يقولون إنهم يريدون تعلّمه في البلد عندنا لكي يطلعوا لعمل الامتياز والتخصص، وبالنسبة لي هؤلاء الناس الذين يواصلون الدراسة دون انتهاء، ليس عندهم وقت للتفكير أو يعمل أسرة، هيك بصورة تقليدية ليس لديه وقت يعمل أسرة أو يهتم بقضايا ما وهكذا. ودائما هناك نقاش وعتب على حتى مستوى الاحتكاك بنقابة الأطباء - دعني أتكلم عن فلسطين- بالقضايا العامة ومن مكان ثاني أيضا هناك بمناطق 48 هناك إقبال كبير على دراسة الطب، ولكن البعض يراه بشكل سلبي، بمعنى أنك تنخرط أكثر داخل تخصصات علمية تدخل داخل مؤسسة مؤسسة الاحتلال، مؤسسات الاحتلال وتنخرط فيها، ويصبح صعبًا عليك أن تخرج منها أصلا، فبالنسبة لي غير قادر على أن أفهم اليوم مستوى يعني قدرة التنظيمات أو قدرة الحالة العامة الفلسطينية أو حتى الحالة العامة العربية على تخريج أجيال من الأطباء الذي ينخرطون بحياتهم العامة، ويدرسون التخصص الذي تحتاجه البلد وليس التخصص اللامع في أميركا أو بريطانيا.

 

غسان أبو ستة: [00:31:28.79]
غياب مشروع وطني يعني نحن بعد بعد 1988-1989 انتهى المشروع الوطني الفلسطيني وجاءت بعده مدريد وبعدين جاءت أوسلو كمشروع مشروع شامل كامل، كان يرى الجزء الذي يلعبه المعلم والجزء الذي يلعبه الطبيب والجزء الذي يلعبه الرسام والجزء هذا كان جزء أساسي من خطاب منظمة التحرير لختى نهاية الثمانينات وخلال الانتفاضة الأولى بداياتها قبل أن يتم وأد الانتفاضة الأولى أوائل التسعين يعني. فغياب هذا المشروع وفشل كل التنظيمات أن تخلق التعبئة. المجتمعية المطلوبة لحد هلأ بأن تكون ملهمة لكل فئات المجتمع. أن تحس نفسها منخرطة بنفس المشروع الوطني.

 

أحمد البيقاوي: [00:32:39.20]
وهذا أقدر أسقطه على كل شيء بحالة خاصة إذا أريد أن أقول أنه يعني نحن نقابلك بأكثر من محفل لأنه ليس هناك غيرك أو ليس عندنا الكثيرين في حالة المستشفيات، مع كامل احترامي وتقديري لكافة العاملين في المجال الصحي في غزة. فعلا رفضوا الخروج ورفضوا الإخلاء ولكن نذكر اسم الطبيب الفلاني الذي تعرض وأخذ على عاتقه عدم. اللي هو أبو سلمية الذي رفض الخروج من مستشفى الشفاء، فأنا أشعر أن الحالة العامة إذا أردنا أن نطلع عليها الاستثناءات أو عدد قليل من الأطباء الذين أخذوا على عاتقهم الانخراط الكبير أو التقدم وأخذ على عاتقهم مسؤولية مقاومة الاحتلال أو الاشتباك بشكل الاشتباك الذي نراه اليوم. يعني أنا أعتقد أنت على طريقك المهني متضرر يعني في قطاعات تغلق بوجهك بالشكل الذي أنت تفعله ولا أعتقد أنّ هذا ملفت لأجيال جديدة. لا أعرف المجال الطبي والمجال الصحي أعرف أنه على مستوى المشروع هو مشكلتنا الكبيرة هنا، لكن أيضا هناك خصوصية للطلاب، لماذا الطلاب يفكرون في الخارج؟ وأن يسطع نجمهم في أمريكا، مثلًا.

 

غسان أبو ستة: [00:33:52.71]
هو الكارثة، يعني الكارثة ليس فقط بمجتمعنا الفلسطيني بكل مجتمعات العالم الثالث أنه ليس فقط طالب الطب يتخرج صارت جامعات كليات الطب بالعالم العربي وبالعالم الثالث تنشر كل سنة كم نسبة من خريجيها تهجّر؟ فجزء أساسي من الكارثة التي حلت بالعالم الثالث أن الأطباء يريدون أن يهاجروا. والأطباء الذين يهاجرون لا يعودون. ولكن لو تشوف العدد الهائل من الأطباء الذين في أوروبا وأمريكا ودول العالم العربي الذين يسجّلون أسماءهم مع جمعيات الإغاثة الطبية للنزول على غزة. تشعر أنه أيضا هذه الحرب تخلق تحول هائل بين هذه الفئات المجتمعية التي هي مفروض تكون خلاص عبرت لبر الأمان وساكنة ببريطانيا أو إيطاليا أو سويسرا أو بأميركا. وقادرة أن تدير ظهرها واكتشفت مع حرب الإبادة أنها غير قادرة تدير ظهرها لمجتمعها.

 

أحمد البيقاوي: [00:35:20.18]
طيب إذا إذا أريد أن أطلع أكثر من من مساحة القطاع الصحي العربي والقطاع الصحي الفلسطيني واذهب باتجاه القطاع الصحي الإسرائيلي، أرى هناك مستوى آخر من حالة الانخراط يعني مجندين يعني في المشاهد التي نعرفها من الأصدقاء في مناطق 48 يعني فكرة أن لا نحكي مجندين نحكي جنود يعني هو جندي فعلي هو ليس مشتبك فعليا يعني مجرد على مستوى نظري ونرى شيء ثاني أيضا فكرة أن هذا القطاع قاعد يتطور ويتقدم أكثر مع كل حرب تحدث عندنا ومع كل حرب تحدث في المنطقة، فهناك فوارق بين. بين القطاعين بأكثر من مكان، بعرف أنه واعي لفكرة أن القطاع الصحي الفلسطيني بشكل خاص غير القطاع الصحي العربي فرصه بخلق وبناء قطاع صحي قوي ليوقف الحروب صعبة لأنه أصلا موازين القوى صعبة. لكن إذا أريد أن أتكلم تحديدا خصوصية القطاع الصحي الإسرائيلي اليوم بكيف يستفيد من النكبات اليومية،كيف يتقدمون في أبحاث طب الحروب أو طب النزاعات مع كل حرب وكل حدث يصير في المنطقة.

 

غسان أبو ستة: [00:36:31.67]
نحن أول شيء أن النسبة العالية من التمريض والأطباء والصيادلة الفلسطينيين من الداخل الذين يخدمون المؤسسة الصحية الإسرائيلية، دليل على أنه حتى المؤسسة الصحية الإسرائيلية هناك صار فيها عزوف. نراه أيضًا في بالمجتمعات الغربية عن الطب يعني الفئات الطبقية التي ولادها كانت تدرس طب في الستينات والسبعينات والثمانينات، الآن أولادها يدرسون هندسة حاسوب أو تعمل تمويل أو تدير أعمال وبنوك. ففي عزوف داخل ولكن كل المؤسسات المدنية الإسرائيلية هي جزء من الجيش يعني هي بالنهاية الذراع المدني للجيش الإسرائيلي، يعني نحن رأينا بهذه الحرب في بداية الحرب عريضة كتبها 400 طبيب إسرائيلي ونشروها بالجرائد تطالب الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات لأن هذه ليست مستشفيات حقيقية، هذه كلها مراكز للمقاومة فتكتشف أن القطاع الصحي الإسرائيلي ونحن كنا نعرف فيه شغلة ثانية عن القطاع الصحي الإسرائيلي أنه هو الجمعية الطبية الإسرائيلية، الجمعية الوحيدة اللي كان معروف أنه ينخرط أعضاؤها بعملية التعذيب الذي تمارسه المخابرات الإسرائيلية يعني في استمارة يعبئها طبيب السجن اسمها "القدرة على احتمال التحقيق القاسي" يعني هذه لا يوجد أي نقابة أطباء أو جسم طبي في العالم يقبل أن يكون أطباءه جزءًا من التعذيب، لكن المجتمع الإسرائيلي عنده هذه كانت من زمان مؤسسة. الجزء الثاني هو الذي رأيناه بالحرب وهذه العريضة. فكل المؤسسات المدنية الإسرائيلية إن كانت التعليم أو الصحة أو الفن أو الإعلام هي أذرع مدنية للجيش. إسرائيل ليست دولة. إسرائيل جيش مركب فوقه بعض الخدمات المدنية التي يحتاجها الجيش لكي يؤدي هذا وليس إبداع ولا عبقرية يعني بالنهاية أي إسرائيلي خريج كان بإمكانه أن يقدم يعني كان فيه شيء بالطب اسمه "الباب الدوار" ما بين برامج التخصص الأميركية والمستشفيات الإسرائيلية أنه ما كنت تعرف أين تنتهي الأولى والثانية تبدأ من أين. الأطباء الذين يشتغلون بشيكاغو أو بنيويورك يشتغلون بمستشفيات إسرائيلية. خريجو كليات الطب الإسرائيلية يذهبوا لاستكمال تخصصهم جزء منه بأميركا وجزء منه داخل المستشفيات الإسرائيلية، فمثل صناعة الصناعة الحربية يعني الإسباني الذي نزل على شواطئ أميركا الجنوبية لذبح السكان الأصليين لم يكن متقدم علميا وعسكريا لأنه عبقري لأنه هو امتداد للذي يسمونه"البلد الأم" وإسرائيل. تقدمها التكنولوجي امتداد للبلد الأم الذي هو الغرب ليس بعبقرية ذاتية يعني.

 

أحمد البيقاوي: [00:40:40.59]
أنا لست لفتني أيضا شغلة، كنت قلت لك على صديقنا أسامة طنوس عملت معه حلقة أيضًا في تقارب في الضفة بالانتفاضة الثانية، ظلت صور في بالي لم أقدر أن أتجاوزها، وهي لماذا يعالجنا الإسرائيليون؟ يعني أنا أتعرض للرصاص ويعالجونني! لماذا؟ وكان هناك قصة أتذكر كنت صف 11-12 اغتالوا شاب، وبعدين صار هناك تواصل بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية مع.. عفوًا حاولوا اغتياله، مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فعملوا له استثناء، أخذوه، عالجوه ووضعوه بالمستشفيات، بعدين رجعوه، بعد ذلك اعتقلوه، فتحس أنه هنا نحن. نحنا مش قاعدين نحكي على قطاع صحي، على مستشفى أو على دكتور أو طبيب، نحكي على أجهزة مخابرات متصلة مع بعضها أو أجهزة أمن متصلة مع بعضها. فأتذكر أسامة كان يقول لي بشكل واضح هذا موضوع أن "الرداء الأبيض" هذا يلهمكم، لا. هذي خلص لازم تكبوها، يعني بحالة بحالة الإسرائيليين فقط هكذا.

 

غسان أبو ستة: [00:41:39.03]
يعني جزء من من تدمير القطاع الصحي الفلسطيني هو السماح للجرحى والمرضى الفلسطينيين أن يكونوا يعتمدوا على القطاع الصحي الإسرائيلي.

 

أحمد البيقاوي: [00:41:50.73]
صحيح صحيح وإخضاعه فعليا لمعايير تجارية لكن أيضا بالنقطة التي أنت تكلمت على قضية السجون أنه هو محتاج يعمل استثناءات طبية وصحية حتى يعرف يعذب الأسرى الموجودين، فيجد أطباء لكن أيضا بنفس الوقت لا يريد أن يغير كامل الأطباء الموجودين في تحت الاحتلال، فيعمل لهم صيغة ما بحيث يكونوا خارج نقابة الأطباء الإسرائيليين لكي يعملوا هذه السلوكيات ويكون لهم إطار ما يعني فتشعر كل سلوك أصلا أنت ممكن تقول أنه أيضا هم يتقدموا وعندهم أخلاقيات ما بين قوسين على مستوى عالمي أكيد رح يهتموا فيها فتكون هناك مأسسة لها. والجانب الثاني الذي أنت تقول فيه الذي جعلني أطلع على أنه إحنا قتلنا في الضفة وفي غزة على فكرة أنه يكون عندنا مستشفى قوي لأنه أنا كل ما صار معي مصاري أستعجل وأخضع فعليا ضمن اتفاقيات ما بين السلطة وما بين الاحتلال على قضية الحوالات الطبية، ما بين قوسين أنه نحن ندفع كثير أرقام للاحتلال، هم يتعاطوا معي منيح مش لأنهم إنسانيين لأنه أنا أعمل سياحة طبية.

 

غسان أبو ستة: [00:42:55.77]
وكميّات مذهلة، 350 مليون دولار بالسنة كان يأخذ القطاع الصحي من الحوالات، فمن أهم زبائن القطاع الصحي الإسرائيلي هو لأنك أنت دمرت له القطاع الصحي واعتمدت على فساد السلطة أنها تبقى تكمل البزنس.

 

أحمد البيقاوي: [00:43:19.14]
طب إذا أريد أن فكك أحكي، أحكي فساد السلطة وأتكلم أنه هناك مصلحة وأنه هناك شيء سياسي، كيف تقنيا فعليا اشتغلوا من أوسلو إلى اليوم على منع وجود قطاع صحي قوي في الضفة وفي غزة؟

 

غسان أبو ستة: [00:43:34.47]
أنت تذكر.

 

أحمد البيقاوي: [00:43:38.01]
هذه بيروت. أنه يمكن قطعت الكهرباء، هاي..

 

غسان أبو ستة: [00:43:46.05]
جاءت منقذة.

 

أحمد البيقاوي: [00:43:47.52]
ممتازة وشيء ثاني كمان يعني جزء من النقاش حتى ليه بلادنا فعليا يعني تحت احتلال مباشر أو غير احتلال مباشر تحت فساد أو تحت قمع بمكان ما لا تلاقي المساحة أنك تبني جهاز قوي ما.. قطعت الكهرباء ليش في فلسطين ليش بالضفة وغزة فعليا على مستوى تقني الاحتلال كان يشتغل على تبعيتنا بالكامل له أو إخضاعنا له على مستوى صحي، لكن فعليا أفشل محاولات خلق نظام صحي قوي ويمكن أنا بنفع. أذكر مثال على مستوى الأجهزة نقدر أن نعرف أن الجهاز الفلاني موجود بمستشفى واحد أو الجهاز الفلاني مش راضي يدخل كذا، لكن كيف ممكن تساعدني أفهم الصورة ككل، كيف اشتغل الاحتلال على منع وجود نظام صحي قوي؟

 

غسان أبو ستة: [00:44:41.79]
جزء من تدمير كل. المؤسسات الفلسطينية الممكن تؤدي إلى بنيوية الدولة كانت منع تحرك الأطباء والطواقم الطبية والمرضى ما بين قطاع غزة والضفة الغربية والقدس. خلال الانتفاضة الأولى كان مستشفى المقاصد هو المستشفى التخصصي. أنا أعرف عدد كبير من الأطباء. أول الجراحين بغزة تخصصوا بمستشفى المقاصد ببرنامج تخصصي بمستشفى المقاصد والمطلع والسان جون، كان ليكون عندك قطاع صحي متكامل ينمو بطريقة طبيعية يفترض أن يكون عندك حرية التنقل ما بين المستشفيات والمراكز، وأن المرضى يستطيعوا الذهاب على مراكز، فجزء من الفصل ما بين الضفة وغزة وما بين الضفة وغزة والقدس كان هدفه تدمير هذه المؤسسات. الجزء الثاني. هو التحكم بدخول المواد والأجهزة، يعني أعطيك مثلا خلال السنتين ما قبل هذه الحرب. منظمة أطباء بلا حدود استمرّت 18 شهرًا وهي تحاول إدخال جهاز أشعة يستخدم داخل غرفة العمليات لمستشفى العودة بجباليا، فالحصار يعني أنا أعرف أن الحصار منع دخول أجهزة الراديو (العلاج الإشعاعي) من أجل السرطانات والحصار منع دخول بعض أجهزة الفحص المتقدمة اللي صارت موجودة وصارت جزء أساسي من أي تشخيص للسرطان. التدمير المنهجي للقطاع الصحي جزء أساسي من التدمير المنهجي لكل المؤسسات الفلسطينية التعليمية والطبية والسياسية.

 

أحمد البيقاوي: [00:47:06.61]
وفي حالة قطاع غزة تحديدا حرب بعد حرب أو معركة بعد معركة. القطاع الصحي يكون قوي يعني عنده قدرة على التعاطي مع أزمات ومع حالات مختلفة وأحجام وكميات من الإصابات، وهنا يمكن ينفع فقط بمرحلة استثنائية بسبعة أكتوبر نعمل مقارنة على كيف المستشفيات الإسرائيلية المؤهلة لاستقبال أعداد كبيرة سقطت أول يوم أو يومين، يعني إذا ينفع ما بين قوسين سقطت، يعني بالمفهوم أنهم متعودين دائما على الهجوم، ولأول مرة فعليا نتعاطى مع كميات من الإصابات الموجودة عنده فكيف يتعاطى معها. بحالة غزة؟ هذا المشهد جعلني أرى أن حربًا بعد حربًا تشكل خبرة أكبر في حالة في حالة قطاع غزة وعند الأطباء بالتعاطي مع إصابات الحروب وإصابات النزاع بشكل أكبر، يعني كنت فقط في مشهد يحكى أنه لم يكن في مستشفيات ولم يكن في أسرة كافية، فكنا نعالج الناس في الممرات فتشعر أنه يعني مش هذه مشكلة يعني غزة كان عندها قدرة عالية جدا، حرب بعد حرب على أنه توقف على قديمها، وأن تطبب.

 

غسان أبو ستة: [00:48:22.21]
ونرجع إلى نفس الفكرة التي هي مرتبطة بالقطاع الصحي والانتماء والالتزام يعني يعني جزء كبير من الأطباء اللي أنا اشتغلت معهم بقطاع غزة ليس فقط رجعوا إلى غزة بعد التخصص رجعوا لغزة بعد التخصص بالرغم من وجود عروض عمل مغرية بالخليج وبرة وجزء منهم كان عنده جوازات سفر ثانية أجنبية. فهذا الإحساس بالانتماء والإحساس أنه كطبيب أنت عندك قدرة مميزة لتؤثر بحياة شعبك كانت موجودة بالقطاع الصحي بغزة. بالناس التي كانت موجودة يعني. أعطيك مثال الدكتور محمد عبيد خريج الجزائر. استشاري عظام. اشتغلت أنا وإياه بمستشفى العودة وقت مسيرات العودة لما كان في مركز لأطباء بلا حدود لترميم الأطراف والإصابات المعقدة بالأطراف. الدكتور عبيد أنا وإياه بهذه الحرب اشتغلنا مع بعض بمستشفى العودة، وعندما أنا نقلت مرضاي من أجل أن نخفف الأسرّة بالعودة بعد التهديد الإسرائيلي، هو صار يشتغل ما بين العودة والشفاء، اشتغلنا مع بعض بالشفاء، لما الإسرائيليين حاصروا مستشفى الشفاء. من الدكاترة اللي قرروا يبقوا مع مرضاهم خلال أسبوعين من حصار الشفاء بعد أول وقف إطلاق نار وسماح الإسرائيليين لخروج المرضى والأطباء من الشفاء، رفض النزوح للجنوب وتوجه وعاد لمستشفى العودة. لما الإسرائيليين حاصروا مستشفى العودة وقصفوا أول مرة غرفة الأطباء بمستشفى العودة. استشهد ثلاثة من الأطباء وكاد هو يستشهد، بس كان تارك الغرفة قبل كم دقيقة بعدها بيومين القناص الإسرائيلي استهدفه وهو داخل المستشفى يشوف المرضى الله ستر، كانت الإصابات طفيفة، بعد ثلاث أو أربع أيام رجع يداوم بمستشفى العودة. وما يزال في مستشفى العودة. كل ما يتوفر عنده شوية وقود يشغّل المحول ويعمل عملياته. الدكتور أحمد المخللاتي عنده جنسية أيرلندية. بقي بمستشفى الشفاء خلال الحصار. ومن ثم انتقل على (المستشفى) الأوروبي وبقي فيه. رغم أنه عنده القدرة. أقدر أن أقول لك إن عنده عرض عمل بالخليج وعنده القدرة على العودة إلى بريطانيا أو أيرلندا يشتغل لأنه عنده جنسية، وقس على هذا عشرات الأطباء المرتبطين بخدمة شعبهم بغزة.

 

أحمد البيقاوي: [00:51:51.11]
كثير صح دكتور ورأينا بروفايلات ناس كنا بفضول حتى نحب نتتبع يعني حالة عناد وحالة صمود وحالة يعني أعتقد أنه في شيء مغاير بأيام الإبادة رأيناه. لكن بنفس الوقت بينفع بشكل موضوعي تحكيلي على نقاط قوة الأجهزة أو الجهاز الطبي في غزة ونقاط ضعفه اللي أصلا يتحركوا فيه الكفاءات هذه، يعني أنا لا أريد أن أناقش نواياهم أو شغفهم أو حبهم للوطن لكن هو أصلا ماذا يقدر يعمل في بلد ليس فيه أدوية كافية. المعابر مسكرة على غزة لا تسمح غير بـ300-400 شاحنة باليوم والذي تدخل فيه كل شيء، يعني أنا كان عندي عندي سؤال طويل على فكرة من يخوض جولات مثل هذه (7 أكتوبر) قديش ومستوى الاستعدادية الذي لازم يكون؟ الطحين مثلًا رأيت أن الأفضل الأحوال اللي أنت ممكن يكون عندك في حالة غزة 3 أشهر تخزن الطحين، لا يوجد أكثر من هذا لأن الإسرائيليين يتحكمون بالمعابر. في حالة القطاع الصحي ينفع هكذا بنقاط تعطيني نقاط قوته التي اكتسبها رغم كل المعارك والعدوانات اللي صارت؟

 

غسان أبو ستة: [00:52:59.30]
بدون أدنى شك صار بعد حرب 2008-2009. استثمار بالكوادر البشرية. ابتعاث أعداد من الكوادر للتخصص في الخارج، بمستشفى حمد.. بماليزيا.. بتركيا. وهذه الكوادر رجعت وأحدثت فرق كبير. تراكم الخبرة وتحويلها إلى تميز صار خصوصا بالإصابات المعقدة المرتبطة بإصابات الحروب. وهذا بالرغم من شح الموارد. يعني أنا أعرف الأشياء اللي كانوا يضطروا يعملوها قبل الحرب. دكاترة العظام. لأنهم أكثر ناس يعتمدون على البراغي وعلى الأدوات المستوردة غالية الثمن. كان شيء محزن أن المشط أو البرغي يتم قصّه عدة مرات لاستخدامه مع عدة مرضى لأنه لم يكن متوفرًا. وكانوا يعتمدون على الفرق الطبية التي تأتي إلى غزة لتجلب معها لأن الإسرائيلي لا يسمح بدخولها من المعابر. فالحصار كان خانق وكان هو نوع من "دوزنة الموت". يعني كان الإسرائيلي يعرف أن الحصار والهدف منه إبقاء الناس بحالة برزخ ما بين الحياة منتقصة والموت غير المكتمل. فأحد أهم أدوات إبقاء الناس بهذه الحالة هي إضعاف القطاع الصحي. القوة.. التفاني. يعني عمري ما رأيت بأي مكان فكرة أنه لما (يُقصف مستشفاك) تذهب وترى المستشفى اللي بعده تداوم فيه. كأنه أنت طوال عمرك تداوم فيها يعني يعني تسقط الشفاء يروحوا على الأهلي. تسقط الأهلي، يروحوا على القدس، تسقط القدس يروحوا على شهداء الأقصى، يسقط شهداء الأقصى، ينزلوا على ناصر، يهجم الإسرائيليون على ناصر يروحوا الدكاترة على الأوروبي. هذا الانتماء لقطاع صحي مش لمؤسسة صحية. هذه ما عمري رأيتها بأي مكان آخر مثل غزة.

 

أحمد البيقاوي: [00:55:44.80]
متى صار الوضع هكذا؟ أنت شهدت كل حروب ويمكن أول مرة تطوعت عام 1990.

 

غسان أبو ستة: [00:55:52.63]
بدون أدنى شك أوسلو كانت السم الذي أخذ عدة سنين ليترك الجسم الفلسطيني يعني السمّ الذي خلقته أوسلو. أوسلو ليس فقط كاتفاقية ولكن كثقافة. ثقافة أوسلو، ثقافة دبّر حالك، ثقافة التي حولت الأسير المحرر وأجبرته أن يروح يطلب من السلطة أن تعتمد له عدد سنين السجن لأجل أن يرى أي درجة بالسلم الوظيفي. هذا السم أنا شفته أكثر حدة بحرب 2008-2009 وأقل حدّة بحرب 2012، وأقل حدّة بحرب 2014 وأقل بحرب 2021. فسُمّ أوسلو أخذ وقتًا ليترك الجسم الفلسطيني ويرجع الجسم الفلسطيني يتصرف بطريقة عفية قادرة أن تتخلص من هذه الثقافة.

 

أحمد البيقاوي: [00:57:01.15]
نحن نحكي على أجيال من الأطباء مثلك بعمرك تخلصوا من السموم، أم أن أجيالًا جديد دخلت؟

 

غسان أبو ستة: [00:57:06.91]
أجيال جديدة دخلت، وهناك أجيال تخلصت من هذه الثقافة العامة التي خلقتها أوسلو.

 

أحمد البيقاوي: [00:57:13.24]
طيب في مكان ثاني أيضا أنت تتحدث كثيرا على قضية مسيرات العودة وهي نموذج ثاني يمكن اليوم الصورة، البعض بفضل يراها ملخبط لكن هي واضحة، لكن إذا أردنا أن نخرج منها نذهب في اتجاه مسيرات العودة التي كانت في فترة من الفترات غزة قررت أن تجرب نموذجًا جديدًا غير معتادة عليه، ينزل مجموعة من الشبان على الحدود يرشقون الحجارة، والاحتلال كان يتعمّد فعليا قنص الركب والأطراف السفلية. في دائرة حكيت عنها أحب أن أسمعها منك، وتحكي بتفاصيلها أكثر فكرة كيف يتم إشغال المجتمع بالشخص المتظاهر وتحويله من شخص فاعل لحد محتاج مساعدة، ويتم أيضًا إخراطه أكثر في قضية دوائر إغاثية ودوائر خيرية ودوائر. تفاصيل كثيرة احكيلي عن هذه الدوائر التي تتشكل، كيف يشتغل عليها الإسرائيليون؟

 

غسان أبو ستة: [00:58:08.29]
يعني بدون أدنى شك 8 آلاف معظمهم الشباب الذي تم قنصهم. 90% منهم تم قنصهم في الأطراف. الهدف منه إحداث الإعاقة وإصابة بليغة. في بحث كنت مشروع بحثي كنت أشتغل عليه، لقينا أن المصاب منهم احتاج 4 سنوات من العلاج ومعدل ما بين 9 إلى 14 عملية ليستطيع تجنّب فقدان طرفه المصاب. يعن ليحد من إمكانية عدم فقدان الطرف. أعطيك مثال عندما بدت مسيرات العودة وجاؤوا الجمعيات الإغاثية وعملوا المستشفيات فتحوا عيادات من أجل أن يصير هناك غيار على الجروح، يعني أول أسبوع لم يأت أحد أو جاء اثنين أو ثلاثة، وبعد ذلك اكتشفوا أن الناس بسبب الحصار والحرمان الاقتصادي، ليس باستطاعتها أن تتأجر سيارة لتضع الشاب بالكرسي الخلفي لأنه رجله فيها مثبت حديدي لا يقدر أن يجلس ويبعثوا معه مرافقين يمسكوه ويأخذوه على العيادة مرتين أو ثلاثة بالأسبوع، فاضطرت الجمعيات لإحضار باصات خاصة لنقل الجرحى لتعمل عمليات الغيار. فأنت تخيل هذا الشاب كم عملية كل مرة يفوت على المستشفى لازم يكون معه مرافق؟ كم راح من عمره بهذه الأربع سنين وعمر المرافقين اللي حواليه. والفقدان المالي والاقتصادي والاجتماعي.. حولته من شاب في مقتبل حياته بعنفوانه الجسدي لمصاب يحتاج لعائلة تدير بالها عليه. فكان هذا القصد.

 

[01:00:25.02]
أنا برأيي كل هذه كانت محاولات إسرائيلية وصلت الإسرائيلي لقناعة الإبادة. يعني أن الإسرائيلي جرب معاك كل الحلول. دائما أتذكر قصيدة درويش قالت له المجندة هل أنت ثانية؟ ألم أقتلك ونسيت مثلك أن أموت؟ الإسرائيلي وصل لما فات على هذه الحرب بسبعة أكتوبر كان أو قبل الحرب بسبعة أكتوبر عندما. يعني آخر كم سنة القناعة الموجودة عند المجتمع الإسرائيلي بكل فئاته الطبقية والاجتماعية بضرورة الإبادة كحل للفلسطينيين خاصة الفلسطينيين بالضفة وغزة والداخل.كان جزء منها مرتبط أنه جرّب معك كل "الأدوية" وما نفع معك أحد الأدوية حرب وراء حرب وحرب لترجع أنت تبدأ من أول وجديد وبعدين جرّب أن يحدث أكبر وباء على مستوى الوباء من الإصابات المعقّدة المركبة التي احتاجت إعادة هيكلة كل النظام الصحي. وبالرغم من هذا مش راضي تتعلم أو تنتهي أو أو تجلس في الزاوية وتأخذ أقل مساحة ممكنة من الأرض وتظل صامت وجالس في الزاوية. فهذه الاستمرارية بالمقاومة وصّلت المجتمع الإسرائيلي لقناعة أن الحل الوحيد مع هؤلاء العالم أنك تزيله عن وجه الأرض.

 

أحمد البيقاوي: [01:02:13.76]
يعني طب أبو سليمان كثير ناس تتكلم على اليوم التالي وأنا أكره هذا السؤال لأنه أحس أنه هناك تجاوز لنضال ومقاومة موجودة بالشارع ومن مكان ثاني فيه معاناة ما زالت تتطلب مني أتعاطى معها باليوم يوم فقط أريد أن أطرحه وأنا أعرف أنني واقف على أرضية واضحة. اليوم التالي ما بعد هذه الإبادة إحنا واضح إنه اليوم إنه احنا بنتكلم على 30 ألف شهيد. ونحكي كتير ونحكي قصصهم لكي نحكي مش ارقام. بس من مكان تاني لما كنت قاعد أرى كتاباتك جعلتني أهتم أكثر أيضا بالإصابات والتي هي عادة نحن لا نهتم بها. أنا اليوم  تقدر تساعدني أشوف المشهد ما بعد هذه الإبادة. اليوم التالي الذي أصحى فيه على المجتمع من خلال الإصابات أو الحالات التي رأيتها والتي تسمع عنها. نحن مقبلون على ماذا؟

 

غسان أبو ستة: [01:03:11.26]
أنه بدون أدنى شك دائما الإسرائيلي يحاول أن يحقق بوقف إطلاق النار بالهدنة ما لم يحققوا بالحرب، فالذي سيحاول أن يعمله الإسرائيلي والأمريكاني هو أنّ هذه الأرض التي حوّلها إلى أرض خراب غير قابلة للحياة، أن يمنع قدرتها الهائلة على أن تتعافى وترجع تقوم من أول وجديد وتضمد جراحها وتضمد جراح شعبنا وتصير مركز لكل هذا التعاطف اللي صار داخليا ودوليا. جاذبة للآخرين لإعادة البناء. بدون أدنى شك. 70 ألف جريح. 80% منهم يحتاجون عمليات دمرت كل مستشفيات قطاع غزة. إلا المستشفى الأوروبي. دمرت كل قطاع الصحة الأولية. دمرت المنشآت الصحية من الصرف الصحي والماء التي تحتاجها لمنع الأوبئة. ولكن بنفس الوقت فشل الإسرائيلي بإقناع الفلسطيني بالنزوح. يعني أنا برأيي الإسرائيلي فكّر بمرحلة ما أنه أنا لو أريته الموت هو سيفضل اللجوء. الذي لم يفهمه الإسرائيلي أنه ذل اللجوء -اللجوء هو نوع من أنواع الإبادة الإجتماعية- يعني نحن نرى الإبادة الجسدية ولكن اللجوء هو الإبادة الاجتماعية، هذا ذل اللجوء كان التجربة البنيوية بالهوية الفلسطينية المعاصرة ما بعد 48 أنه شعبنا بغزة لما شاف الموت استوعب أنّ هذا الموت الجسدي أهون من الموت الاجتماعي الذي تمثله اللجوء والذي هو موت لا ينتهي، ذل وفقدان للقيمة المجتمعية والاجتماعية والعاطفية والفكرية. وقرر أنه يبقى في جباليا ويبقوا بالشمال 600-700 ألف ويبقوا بغزة بالأعداد الهائلة. الإسرائيلي بما أنه فشل أنه يحاول يحدث أزمة لجوء يحاول أن يحدث أزمة هجرة غير شرعية يعني يحاول أن يجعل الكارثة على الأرض وغزة غير قابلة للحياة عن طريق الحصار من أجل أن لا تتعافى غزة، ولكن غزة عندها قدرة هائلة أن تتعافى، غزة دمرت بالحرب العالمية الأولى. 30 ألف شهيد. غزة دمرت عدة مرات ليس بهذا الكم. ولا أقلل كم ستكون السنين المقبلة صعبة. ولكن أنا ما أهرب من اليوم الذي يتلي الحرب. لأنه جزء من المعركة وهو الجزء الحقيقي من المعركة الذي حيكون فيه محاولة الموت البطيء بدون أي كاميرات وهو المعركة التي يجب أن نستعد لها مثل ما شعبنا بالداخل استعد للمعركة العسكرية وأفشلها، نحن الذين في الخارج دورنا أن نعد للمعركة الصامتة التي تأتي بالحصار ونعد لها ونحضر لها من أجل أن نزمها مثلما شعبنا بالداخل هزم المعركة العسكرية.

 

أحمد البيقاوي: [01:07:38.23]
أنا اسمح لي بدي أسألك لماذا تحكي بثقة أنه شعبنا فضّل المعاناة التي يعيشها اليوم على ذل اللجوء.

 

غسان أبو ستة: [01:07:50.08]
لأنه قالوا لي الناس التي كانت تنام على وفي الممرات أمام غرفة الحروق وجوا مستشفى الشفاء قالوا لي. أن لا شيء يجعلهم يتركوا ويغادروا الشمال..  الأصدقاء الذين بقوا في الشمال أخبروني.

 

أحمد البيقاوي: [01:08:14.12]
أبو سليمان الناس أيضا يعني من مكان تاني. الادعاء هذا أنا أتمناه اللي أنت تقوله لكن في صوت بحكي أنه أصلا المعبر مسكر، لما فتح المعبر كان بحاجة 12 - 5 آلاف دولار للمغادرة.

 

غسان أبو ستة: [01:08:27.86]
تتذكر لما فتحوا المعبر وقت أول وقف إطلاق النار في ناس برّة فاتت ع غزة.

 

أحمد البيقاوي: [01:08:35.74]
أنا أريد أعرف هذا الشعور الذي أنت تتكلم عنه واللي أنا مش قادر أدلل عليه بشيء مادي. الناس أنا أقصد يعني عائلات أصدقائي يحكوا حديث ممكن يظهر مشهد درامي بمسلسل لكن الجمل التي تخرج أن الناس لا تريد أن تخرج هي ليست قاعدة في بيتها ببيتها تدمر هي في خيمة بس لا تريد أن تخرج.

 

غسان أبو ستة: [01:08:55.18]
ولكن هو نفس بنفس الطريقة التي بالضفة الغربية لما الجيش يجبره أن يهدم بيته يجلس ينام فوق بيته لأنه مقتنع أنه لسا قاعد بالبيت هو قاعد فوق ركام البيت. الذي بغزة سيرجع ويسكن فوق ركام البيت إلى أن يعود لبنائه. ذل ومهانة اللجوء هو تركة الـ48 التي أعادت رسم هويتنا. نحن هويتنا الفلسطينية المعاصرة مرتبطة بهذا الذل الذي هو متعدد الأجيال Multi-generational وهذا موجود بالذاكرة الجمعية الفلسطينية إنه إذا تركت لا ترجع، ولا تنتهي معاناتك. ع القليلة إذا متت بتموت مرة واحدة!

 

أحمد البيقاوي: [01:09:55.09]
فكرة الذاكرة هذه الجمعية أنت تتكلم عنها والتسلسل وأنا معك يمكن بالانتفاضة الثانية أو بدايتها. أتذكر أبوي كان خايف ويحكي مع أصحابه "ترانسفير" والآن فعليا بالضفة الناس تحكي فيها بعد ما شافت في غزة يعني فطوال الوقت يتم استحضار الفكرة. وانت ترى كيف أن هناك جيل بعد جيل يستمر بهذه المعاناة. لماذا لم تقطع هذه المعاناة؟ وأنت دائما كان عندك الفرصة أن تقطع توريثها لأولادك أو تحددها أو تحدها أو توقفها، هنا في ناس اليوم تقرر توقفها.

 

غسان أبو ستة: [01:10:28.78]
والناس التي قررت وقفها جزء كبير منها استيقظ في هذه المجزرة، واكتشف أنه كان يضحك على حاله.

 

[01:10:41.80]
كيف؟

 

[01:10:44.20]
أقول لك الأعداد الهائلة من الأطباء والممرضين الذين يتواصلوا مع الجمعيات الخيرية التي أعرفها وأتعامل معها؛ مذهل وجزء منهم ولد بالخارج وجزء منهم هاجر؟ يمكن تحتاج أن تفقد الشغلة لتشعر أهميتها بحياتك. وأنا برأيي هذه الحرب الإبادة هي التي حسست الناس بذلك.

 

أحمد البيقاوي: [01:11:16.57]
ما قبلها، إنت ولا مرة خطر لك إنه بدك يعني هذا الانخراط والانغماس مش بس فلسطين يعني وأنا أقدر أتكلم أنه على مستوى مهني تتطور لكن أنت حتى لا تجعلني استسهل أن آخذك من باب أنك تطوّر نفسك مهنيًا. يعني برحلاتك إلى اليمن، العراق، سوريا وأيضا في غزة. دائما أنه حتى في سؤال أنت كيف تعرف أن تكون ثاني يوم أصلا هناك يعني. وبعدين صرت أشوف من المقابلات أنت تكيّف عائلتك على الظرف الموجود فيه. وتنقله أيضًا من دائرة إلى دائرة، وأنا باعتقادي أنه مرة ثانية في شيء أنت تقوله أو نستسهل أن نقوله أن الناس صعب تتخلى عن فكرة فلسطين. أو فعليا صعب محيطك أين ما كنت وبغض النظر عن الجنسية التي معك ما نشوفك فلسطيني، لكن أعتقد أنه دائما يكون فيه خيار عندك أنك أنت توقف هذا التوريث، وأعتقد أن مسارك دائما كان فيه هذا الخيار موجود لكن. لكنك لم تأخذه.

 

غسان أبو ستة: [01:12:15.82]
 الواحد يضحك على حالة يعني طبقيًا كان فيه خيار أن الواحد يبقى وخلاص، لكن لم يكن خيار لأنه. يعني بسبعة أكتوبر وأول شهر تموز 2014 وأول شهر أيار 2021، وفي الأسبوعين اللي قبل ما نقلوا الأميركان. السفارة على القدس. مخّك خلاص. في شيء مثل "الزنينة"  أنّ شيئًا ما سيحدث، وإذا حدث شيء لازم نكون هناك. وفي نافذة تفتح أول الحرب بدك تدخل منها.

 

أحمد البيقاوي: [01:13:08.12]
دكتور تقنيًا كيف تعملها؟ يعني تأخذ إجازة؟ ماذا تفعل؟

 

غسان أبو ستة: [01:13:14.45]
أحد أسباب تحوّلي إلى القطاع الخاص عند عودتي على بريطانيا إنه أقدر أخذ إجازة بسهولة. انه خلاص في عندي صديق وحميم صديق تخصصنا مع بعض شريكي بالعيادة ويتحمل للأسف كل هذه التفاصيل. وخلاص لأنه دائما معاك يومين ببداية الحرب. إذا ما دخلت من طريق رفح في أول يومين من الحرب، ستغلق رفح. القرار يجب أن تأخذه فورًا.

 

أحمد البيقاوي: [01:13:53.93]
طيب ارجع الى القطاع الصحي الفلسطيني بالقطاع الصحي العربي. لما اشوفك تتكلم عن لبنان أو عن سوريا أو العراق تتكلم عن فلسطين أيضا.

 

غسان أبو ستة: [01:14:03.17]
بدون أدنى شك يقدم.

 

أحمد البيقاوي: [01:14:05.39]
ليش هلقد بشبهوا بعض؟

 

غسان أبو ستة: [01:14:06.44]
لأن التدمير المنهجي الذي يحدث لعالمنا العربي كله مرتبط ببعضه. التدمير المنهجي الذي حدث للقطاع الصحي السوري الذي هو كان من أقوى القطاعات الصحية. التدمير المنهجي الذي صار للقطاع الصحي العراقي الذي كان في الثمانينات من أهم القطاعات الصحية بالعالم العربي وبالمنطقة. جزء من الحرب ضد مفهوم الدولة بالعالم العربي. وحرب ضد مفهوم المؤسسات.

 

أحمد البيقاوي: [01:14:44.99]
طيب إذا بدي أعمل "زوووم إن" أكثر نتكلم عن لبنان نقارن لبنان بفلسطين. لبنان اليوم فيها أيضا حرب وأيضا فيها نزوح وفيها مقاومة وفيها كافة التفاصيل التي نعيشها بفلسطين أيضا أهالي الجنوب ولبنان عموما يعيشونها. وما نعيشه هناك ممكن يصير هنا، لكن إذا أريد أن أتكلم على مستوى قطاع صحي هل الشي مختلف هنا؟ هل هناك استعدادية أكثر؟

 

غسان أبو ستة: [01:15:11.90]
المشكلة تغول الرأسمالية بالقطاع الصحي الخاص اللبناني هو الذي أضر وأضر بكثير من التجارب الإيجابية التي كانت طلعت من وقت الحرب.  الخطر على قدرة القطاع الصحي أن يتعافى أو يكون قادر أن يرد على تحديات الهجوم الإسرائيلي مرتبط بخصخصة القطاع الصحي وضعف القطاع العام واندثار تقريبا القطاع المدني المجتمع المدني بلبنان. ولكن الخبرة المتراكمة الموجودة بلبنان بسبب ليس فقط الحروب التي صارت بلبنان، وبعدين تحول لبنان لعيادة الشرق الأوسط ومقصد الجرحى من التفجيرات والحروب بالعراق ومقصد الجرحى من التفجيرات والإصابات التي حدثت بسوريا. الخبرة الموجودة بالقطاع الصحي اللبناني حتى داخل القطاع الخاص بإصابات الحروب لن تجدها بمكان آخر.

 

أحمد البيقاوي: [01:16:25.62]
طب هنا هجرة الأدمغة كبيرة؟

 

غسان أبو ستة: [01:16:29.61]
هائلة كانت.

 

أحمد البيقاوي: [01:16:30.48]
هائلة!

 

غسان أبو ستة: [01:16:31.11]
ثلث الأطباء تركوا لبنان بعد انهيار القطاع المصرفي والاقتصادي 2019 تقريبًا

 

أحمد البيقاوي: [01:16:42.06]
تحكي بالقطاع الخاص والقطاع الحكومي أو القطاع العام.

 

غسان أبو ستة: [01:16:45.93]
القطاع الحكومي كثير ضعيف.

 

أحمد البيقاوي: [01:16:50.89]
طيب كيف صارت هذه الفجوة ما بين الاثنين؟ يعني تعرف في هذه الصورة التي أنت قلتها أنك أنت كنت في مستشفى العودة فمرّت سيارة الإسعاف لتروح على الشفاء. بمكان في طولكرم في مستشفى الزكاة ومستشفى حكومي، فإنت بتشوف انه اه الاسعاف اقرب لها، توقف هنا. لكن هي ستواصل طريقها إلى هناك، بعدين صرت هنا ,أنا ماشي أطلع في مستشفى خاص مرتّب مثل الاوتيل وفي مستشفى لا تعرف أنه مستشفى. دائما كان هكذا في عالمنا العربي؟!

 

غسان أبو ستة: [01:17:19.15]
لا هو مع تدمير المنهجي للقطاع العام بالعالم العربي يعني التدمير المنهجي للقطاع الصحي العام بالعالم العربي كان لخدمة القطاع الخاص وخصخصته الذي هو مرتبط بضغوط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لخصخصة القطاع الصحي المبني على فكرة الرأسمالية التي هي ترى في الصحة سلعة، يعني كل الذي تراه عالميا وليس فقط هنا، يعني ببريطانيا يتعرض أقدم قطاع صحي عام للتدمير المنهجي أو للخصخصة، لأن الرأسمالية ترى في الصحة مثلما ترى بالتعليم سلعة، وتريد أن تُسلّعها، وتخلق منها الربح.

 

أحمد البيقاوي: [01:18:13.87]
قبل ما أسألك السؤال.. قديه بتحب بيروت؟ من عواصمك المفضّلة؟

 

غسان أبو ستة: [01:18:22.21]
يعني أنا والدتي من بيروت وعلاقتي ببيروت. يعني أنا اعتبر نصف كياني من بيروت. وبنفس الوقت فيه علاقة حب ما بين الفلسطينية وبيروت، مرتبطة بأنه نحن وإياهم نحارب هذا الغول. ويكاد أنك تشعر معظم الوقت أنه بقية العالم العربي. مش شايف أنك أنت وإياهم تحارب هذا الغول.

 

أحمد البيقاوي: [01:19:01.63]
أنا مجبور أحكي لك اليوم وأنا ماشي، فيه شعور ببيروت بيصير عندي زي القشعريرة أنه في. مش هم بيحكوا لك. أنت تشعر أن هناك حدا عايش القلق والخوف والأزمات. الشعار اللي محطوط على الشارع هذا ليس حدا غاوي خرابيش خربشه. يعني في حدا مثل مثله عايش في طولكرم وعايش في نابلس.

 

غسان أبو ستة: [01:19:25.75]
وشاف الغول شاف يعني يعني تعرف هو مش سمع عن الغول، هو ابن ابن بيروت وابن الجنوب والبقاع وابن الشمال، شاف الغول. يعرفوان الغول كما أنت تعرفه بطولكرم وبتعرفوا بالخليل وبتعرفوا بغزة فمش ضروري تقنعه أنه هناك غول. هو شافوه وبيعرفه.

 

أحمد البيقاوي: [01:19:48.07]
أنت أصلا لا تخوض يعني أنا أتحدث معك بقشعر بدني. لأنه عم ترجع صورة عندما ذهبت على مناطق الجنوب، القصص التي تسمعها من الأهالي إحنا لسّا بنسمعها اليوم لكن هم يحكوها كتاريخ خلصت، يعني أنت تدخل من أي قرية أو أي بلد يقولوا لك هون كان جيب الجيش يقعد ويأتي يفتش السيارات ويأخذ الشباب ,يروّح فيهم. هاي نحننا لسّا نعيشها إلى اليوم. فكرة إنه كيف كانوا بداهموا بيت أو كيف بيأخذوا نقطة عسكرية هن أو حتى كيف تاركين آثار إلى اليوم أنت قاعد أصلا شايفها عايشة بس من مكان ثاني يمكن تعطيني أمل بفكرة أن هذا الغول اللي نتكلم عنه. ليس ثابتًا لأن الصور أو القصص التي أنت رأيتها في الجنوب على كيف انحسر أو اندحر أو فكرة انت تشاهده من الأعلى وأنت تشرب فنجان قهوة وهو في الأسفل. يعني بهذا المنطق أنا بفلسطين لم أرها لكن حين رأيتها هنا (في جنوب لبنان) جعلتني أرجع مرة ثانية، يعني أشوف الغول أضعف بفلسطين.

 

غسان أبو ستة: [01:20:51.49]
بالنهاية المقاومة هون هزمت الإسرائيلي، وحددت نقطة أساسية وهي نقطة يعني مفصلية أن إسرائيل غير قادرة على التوسّع شمالًا. أنا برأيي بالرغم من الألم وبالرغم من الحجم المريع للكارثة اللي بتصير بإبادة شعبنا بغزة، إسرائيل تكتشف هلأ أنه هي غير قادرة على احتلال قطاع غزة، أنت يعني نصف مصيبة أنك لا تستطيع أن تحتل جنوب لبنان كارثة إنك ما تقدر ترجع تحتل قطاع غزة، فالحصار اللي أنت بالجزر اللي أنت تراه لما تخرج على الجنوب هو ما نراه بغزة ولكن نراه (الغول) هو يحاول أن يغطي عليه بالدم، يحاول أن يغرقك بدمك لكي يغطي على فكرة أنّك أنت هزمته.

 

أحمد البيقاوي: [01:22:03.00]
هو فكرة أنك أنت إذا طلعت بصورة أو كسرته بصورة كل هذا الإجرام اللي بيصير عشان أنا بس أرجع مرة ثانية على فلسطين. ضابط المخابرات الموجود الآن هو أصغر من كيف كان ما قبل الأشهر هاي، يعني في اشي على مستواه والذي أنا أتخيله لما كنا نراهم ليه ضباط الأمن بيشتغلوا مع الصحفيين بالعنف هاد؟ عادة هم يكونوا أكثر يعني أكثر ما بين قوسين لباقة بالتعاطي مع الصحفيين لكي الصورة، لكن اليوم في حالة من الضعف ومحاولة لاسترداد الصورة بأي شكل، وهناك قناعة واضحة أنك أنت لست قوي أصلا. لكن تتقافز طوال الوقت.

 

غسان أبو ستة: [01:22:47.78]
ومش بس هيك انت عم تشوف يعني هو أزمته أنه هو كان اقتنع أن القدرة العسكرية تؤدي إلى القوة بطريقة لا نهاية لها أنه كلما قدرتك العسكرية تزيد قوتك. قوتك تزيد. هذه الحرب برهنت له أنه هذا غير صحيح. وأنه العامل البشري الذي هزم بسبعة أكتوبر من ناحية وانتصر من الجانب الأخر. هو الذي يحدد مجرى التاريخ. تفاصيل المعارك ممكن يكون صعب ولكن مجرى التاريخ الذي يحدده إرادة الشعوب.

 

أحمد البيقاوي: [01:23:45.20]
هل هناك أشياء ما قبل وما بعد سبعة أكتوبر وما بعد الإبادة. على مستوى الخطاب أنت يعني سنين وأنت تحكي وتحضر وتخاطب، لكن اليوم هناك أشياء أنت فقدت الإيمان فيها، وهناك أشياء تؤمن فيها أكثر مما كان.

 

غسان أبو ستة: [01:24:03.68]
أنا لم أفقد الإيمان بأي شيء. من الذي أنا كنت أؤمن به؟ أؤمن أكثر باقتراب اندحار هذا المشروع. أؤمن أكثر أن الذي سيهزم هذا المشروع هو شعبنا، وأؤمن أكثر أنه اقترب اليوم الذي يفقد هذا المشروع فائدته للغرب. يعني بالمرحلة الانتقالية التي تأتي ما بعد الحرب حتلاقي ازدياد كبير بالقواعد العسكرية الأمريكية، ليس لأنه إسرائيل فقط فقدت دورها كقاعدة عسكرية فسيضطر المعلم لأن يأتي للجلوس في المكان لأن الوكيل مش قادر يقوم بالمهمة. وإيماني أيضًا إنه الجانب الإنساني من قضيتنا بالنهاية. هو الذي انتصر على البروباغندا كتقنية احترفتها النخب السياسية الغربية.

 

أحمد البيقاوي: [01:25:46.17]
إذا أردت أن أخصص أكثر، وأتكلم على المجتمع الأكاديمي الذي انت دائما تحتكُّ فيه سواء على مستوى غربي أو عربي، والذي جزء منه اهتم بالجانب المهني. وألغى حسابه على تويتر، واختفى. كيف تراه اليوم؟

 

غسان أبو ستة: [01:26:00.87]
أنا أرى الشباب الذين يبعثون رسائل على واتساب للسؤال عن الجمعيات الصحية التي تريد أن تبعث متطوعين. أنا أرى العالم الذين يبحثون عن مشاريع للانخراط فيها ودعم القطاع الصحي أو القطاع التعليمي، أنا أراها بأشخاص غير مسيسة، لأول مرة تحضر اجتماعات لأن الاستهداف المباشر أيقظ فيها.. يعني الإبادة العرقية توقظ فيك العرق لأنك تشعر أنّك مستهدف ليس بسبب خياراتك السياسية أو موقعك الجغرافي قرب الحرب. أنت مستهدف لأنك تنتمي إلى هذا العرق الذي هو في مشروع يريد إبادته.

 

أحمد البيقاوي: [01:27:01.32]
إذا سأقول أن هذه واحد من النقاط التي بالأيام القادمة لن تعود للوراء، في هذه الأيام ما هي الأشياء التي تعتقد أنها لن تعود للوراء؟

 

غسان أبو ستة: [01:27:13.48]
هذا أنا نظريتي ولا أعرف إن كانت صحيحة أم خاطئة. لكن كنت دائما أحس أنه مع كل حرب صارت في غزة. خاصة بعد حرب 2021 كانت تتحول غزة خطوة خطوة من منطقة محاصرة لمنطقة محررة. تتصرف بالمرحلة المقبلة كأرض محررة تمثل نقطة انطلاق لتحرير بقية الأرض، يعني مثل فيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية مثل جبال الأوراس وبقية الجزائر. وأنا برأيي أنه سيمر مرحلة يحاول المشروع الصهيوني والأمريكان والغربي أن يرجع ويُدخل غزة داخل قمقم الحصار، ولكن أحد نتائج هذه الحرب هو الجزء الذي نحن هلأ نحارب عليه الذي هو يحاول أن يجوِّعنا ويميتنا، لمنع حصوله هو انتقالنا بقطاع غزة لمنطقة محررة التي هي آخر مرحلة بحرب التحرير.

 

أحمد البيقاوي: [01:28:36.33]
على مستوى شخصي وخاص. هناك خيارات شخصية أو طموحات غيرتها خيارات موجودة عندك اليوم غيرتها غير قناعات العامة.

 

غسان أبو ستة: [01:28:48.42]
لا بالعكس. الواحد خياراته هي هي تبقى وبالعكس تتعمق يعني. يعني كم هذا الكم من الدم يربطك بالمشروع مثل ما يربط كل شيء حولك بهذا المشروع.

 

أحمد البيقاوي: [01:29:08.55]
عفوا دعني أسأل مرة أخرى. هذه إجابة عامة. على مستوى شخصي على مستوى خاص: عملك، حياتك، سفرك، أسرتك، نظرتك تجاه أسرتك، نظرتك تجاه العامة، نظرتك تجاه فلسطين. لكن هذه الأشياء الخاصة الشخصية لكل واحد. يعني أنا أتكلم لك على ناس اليوم تفكّر: كيف سآتي بأولاد على هذا العالم؟ وهناك ناس إذا كنت تفكر أن تتزوج، تراجعت. يعني هذه المرحلة الكل قاعد يعيد النظر بأفكار شخصية وخاصة لأنه هي فيها فارق مما قبل، و ع مستواك أكيد فيه.

 

غسان أبو ستة: [01:29:45.69]
الارتباط بغزة صار ارتباط أعمق بكثير أعمق يعني يعني أعمق بأنه ارتباطي بقطاع بغزة هو الذي سيرسم ما تبقى لي من هذه الحياة، يعني.

 

أحمد البيقاوي: [01:30:05.25]
تحب أن تكون أقرب لـ.. بتحب تكون أقرب لهذه المنطقة؟

 

غسان أبو ستة: [01:30:14.30]
بدون أدنى شك. يعني بالنهاية. الذي أبحث عنه الآن، هي أنسب الطرق. يعني هذه المجزرة أعادت تكوين هويتنا أو شخصيتنا مثلما فعلت نكبة 1948 وأعادت تكوين شخصية أهالينا. والواحد يشوف ويشعر كيف يتغيّر كفرد. ولكن إلى ماذا ستنتهي عندما تنتهي هذه الحرب؟ بدون أدنى شك الكل يتغير.

 

أحمد البيقاوي: [01:30:53.63]
كل يتغير على مستوى شخص خاص. أحكي لك يعني. يعني أنا على مستوى شخصي لا أستطيع أن أتخيل حالي أو نظرتي اتجاه البلد أو حتى تقارب ما قبل سبعة أكتوبر. يعني هذه الحالة تبعت إنه أنت كنت تعمل بينك وبين حالك مساومات أو مناورات وهنا مش الإكستريم الذي هو يعني التطرف أو الراديكالية بقدر لا أنه هناك أشياء أنا ليس عندي استعداد لخوضها كثير ليس عندي استعداد أفكر فيها كتير يعني يعني.

 

غسان أبو ستة: [01:31:20.33]
هو مثل اللي كان ساكن جنب واحد قاتل وأزعر ثم اكتشف أن هذا "قاتل متسلسل". يجب أن تأخد قرار. إما أن تترك الكوكب، أو تنهي وجود هذا القاتل المتسلسل. لأنه أن تبقى في مكانك وعينك على الباب، في أي لحظة سيدخل عليك القاتل، وأنت تعرف أنه في لحظة أن القاتل سيقتل أول شخص، لن يتوقف..

 

أحمد البيقاوي: [01:31:51.09]
نحن اعتقد انه مجبورين ننتقل لأسئلة الجمهور، كي لا يكون هناك قاتل متسلسل بينهم. أستاذ طارق أخي طارق ممكن إضاءة الضوء. شكرا. تحملونا.

 

ريما ماجد: [01:32:14.23]
شكرا أحمد وشكرا غسان كثيرا. سوف نفتح المجال للأسئلة من الجمهور الذي أحب أن يسأل سؤال يرفع يده في ميكروفون.

 

أحمد البيقاوي: [01:32:29.68]
كمّلوا "تقارب" معنا..  كمّلوا

 

شذى حنايشة: [01:32:32.98]
انا عندي سؤال أولا شرف كتير كبير، لإلنا كلنا انك انت جيت وحكيت اليوم لأنه صرنا نتابع معك من 7 أكتوبر. لكن عندي سؤال معليش اللي هو نفس لا يتعلق بالطب لكن يتعلق بالعمارة لأن مثل ما انت اشتغلت باليمن والعراق أنا اشتغلت باليمن والعراق، بدي أعرف إذا في أي تخطيط أو تفكير -أعرف أنه مبكر- حتى نقدر نعمل شيء من ناحية اعادة الإعمار أو إعادة البناء.

 

غسان أبو ستة: [01:33:10.69]
هلأ إذا هناك تخطيط أو تفكير المفروض يبدأ يصير فيه تخطيط أو تفكير، أنا لا أعرف إذا فيه. أنا أعرف أنه بالمرحلة الأولى محاولة الاستفادة من تجارب الدول اللي صار فيها زلزال وإعادة صناعة المنازل المتنقلة كحل أولي من أجل يصير فيه عملية اعادة البناء، هذا برأيي من أهم الأشياء اللي لازم تصير لأنه لازم تسكني الناس ببيوت لإفراغ المدارس، لإرجاع الأولاد على المدارس، لتستطيع تشغيل العيادات، يجب إخراج الناس من العيادات، ونحن رأينا تجارب سوريا وتركيا بعد الزلزال. صار في تطور بهندسة البيوت الجاهزة (الكرفانات) بالمنطقة. يجب الاستفادة منه من أجل أن يصير هناك إعادة بناء لما دُمّر بغزة.

 

أحمد البيقاوي: [01:34:22.14]
فنأخذ من النص. في لعبة مناسبة. يمين نص الشمال هكذا.

 

شذى حنايشة: [01:34:31.74]
مرحبا انا اسمي شذا حنايشة، صحفية من جنين. لا أقدر أن أقول لك اهلا وسهلا بك هنا، لأن اهلا وسهلا فينا نحنا الاثنين. عندي سؤال، كوني كنت موجودة أيضا بعد سبعة أكتوبر كنت موجودة أغطي الأحداث في جنين فكنت أشوف كيف الأطباء اليوم في جنين، كنت أيضا أقارن بالأطباء الموجودين في غزة، ممكن أقول إن الأحداث المكررة طورت من عمل الأطباء، أو جعلتهم أكثر ذكاء، أكثر قوة وأكثر قدرة على التعامل مع الجرحى. بس يعني اقدر اتكلم في جنين لم يصلوا لهذه المرحلة التي وصلت في غزة. يعني في غزة كنت أرى أنهم بأقل الإمكانيات بأقل بدون كهرباء وبدون عدة وبدون اي امكانيات بإمكانهم إجراء عمليات. كيف ممكن نصل لهذا المكان؟ هل يعني؟ مع الأسف لفكرة انه هل نحن بحاجة لكل هذه الأحداث لكي نصل لهذه الخبرة من الأطباء لحتى نقدر ننقذ جريح؟

 

غسان أبو ستة: [01:35:41.76]
لا نحن بحاجة له للتخلص من سموم أوسلو، الذي هو يحدد للأسف جزء كبير من نمط العمل الصحي في الضفة الغربية. يعني 40٪ من القطاع الصحي في الضفة الغربية هو القطاع الخاص. وكان جزء من أوسلو تدمير القطاع العام لمصلحة القطاع الخاص. واستمر هذا المشروع بالضفة الغربية ولا يزال مستمر. ثقافة أوسلو هي ثقافة مبنية على الخلاص الفردي. يعني الحياة مكونة من خيارين؛ إمّا أن يؤمن الواحد بالخلاص الفردي أو يؤمن بالخلاص الجماعي. ثقافة أوسلو التي هي ثقافة الرأسمالية كما يراها الغرب بالعالم الثالث مبنية على ثقافة الخلاص الفردي، لا تقدر تبني قطاع صحي مقاوم ومقاوم ليس بالبند العريض إنه مقاوم يقاوم الهجمات المتكررة التي تحصل على أهل جنين بدون ما تتخلص من ثقافة أوسلو.

 

Speaker6: [01:37:11.56]
ألا نستطيع التخلص من أوسلو؟

 

غسان أبو ستة: [01:37:18.52]
أنت تتخلص من أوسلو بالاشتباك المباشر مع إسرائيل. تتخلص من أنماط الحياة والثقافة المرتبطة بأوسلو وقليلا قليلا. المجتمع يرجع يتعافى من من أوسلو.

 

أحمد البيقاوي: [01:37:40.79]
أنا باعتقادي أيضا. أبو سليمان نحن نعيش قصة ما بعد أوسلو يعني حقا نعيش ما بعد أوسلو.

 

غسان أبو ستة: [01:37:46.16]
أوسلو لسا موجودة يعني أنت تعيش ما بعد أوسلو كمشروع سياسي أو كجزء الجزرة الذي أعطوك إياها لتبتلع أوسلو، أنت تخطيت لكن عصا أوسلو موجودة.

 

أحمد البيقاوي: [01:38:04.01]
لكن أيضا أين؟ أين غزة؟ ماذا حدث فيها؟ أيضا حتى فكرة الاحتلال بحد ذاته بطل قبلان في أوسلو، فأنت ترى أن هذا الاتفاق الذي كان جاء بمجموعة من الامتيازات موزعة على طبقة سياسية ما يعني بفرط.

 

Speaker7: [01:38:21.92]
فقط صيغة ثقافة أوسلو يعني مع موت ثقافة أوسلو وفشلها وهزيمتها شو الثقافة البديلة؟ طبعا المقاومة، لكن هناك شيء مشروع سياسي حاليا غير حماس أيضا ممكن يشكل هذه الثقافة أو يشكل مشروع وطني فلسطيني يكون أيضا مقدمة لحركة تحرر فلسطين، جديدة يعني. لكن أيضا عندي يعني لا يمكننا أن ننكر بالمرة دور منظمة التحرير قبل أوسلو كحركة تحرر يعني مع كل انتقادنا لها وشوائبها، لكن أيضا كانت حركة التحرر مهمة كحركة تحرر وطني فلسطيني أيضًا.

 

غسان أبو ستة: [01:39:09.98]
إذا بدك ترى المراحل المفصلية اللي صار فيه أكبر تغيير داخلي فلسطيني، الذي أحدث التغيير في الداخل الفلسطيني هي عمليات تبادل الأسرى، عملية تبادل الأسرى تحت القيادة العامة 1985 هي التي خلقت قيادات الانتفاضة الأولى. عملية تبادل الأسرى الأخيرة (2011) هي التي غيرت بقيادة المقاومة داخل غزة وحولتها من خط سياسي إلى خط سياسي مختلف. وأنا برأيي الذي يخاف منه الإسرائيلي من الأشياء الكثيرة الخائفة منه الإسرائيلي هو عملية التبادل التي سيضطر لتنفيذها التي هي ستطلع ستفجّر طاقات أو تطلع طاقات، هو حطها جوا السجن ليقدر يمنع وصولها لساحة المعركة. فأنا الذي أراه شيئين؛ كم هذا الدم هو محرّك للتاريخ. يعني هذا الكم من القتل والموت محرك للتاريخ. وتبعات هزيمة إسرائيل ستغير كثيرًا من الأشياء وواحدة من تبعات الهزيمة هي عملية تبادل الأسرى.

 

Speaker7: [01:40:40.58]
سؤال يمكن يكون حساس بهذا الوقت، هل ترى أن حركة حماس ممكن تكون حركة تحرر بالمستقبل؟

 

غسان أبو ستة: [01:40:49.94]
هي حركة تحرر يعني. يعني مش بس هيك الواحد يجن أن يكون عادلًا، حتى لو أيديولوجيا لا يرى نفسه بالنهاية في شيء صار ما صار بحركات التحرر الوطني بالعالم من يوم احتفال التيت بفيتنام 1968 بفيتنام على احتفال رأس السنة، التيت، قرروا الفيتكونج أن يجتاحوا كل القواعد الأمريكية بفيتنام. عسكريا؛ تخلوا عن جزء كبير من الميّزات التي عندهم وأن يتصرفوا كجيش نظامي وتم استهدافهم. لكن بنفس الوقت اكتشفنا بعدين لما بدأت تخرج الأوراق والوثائق الأمريكية أنه بعد هجوم التيت اكتشف الأمريكان عبثية الاستمرار بالحرب. وبدأت مفاوضات باريس اللي هي بطريقة جادة. ذهنية اللي صار اللي هي شعرت أنه ممكن أنك تعمل اللي عمل هذه تحررية يعني هي تحررت من هزيمة. تحررت من الإحساس بالدونية، يعني الإسرائيلي كان يأتيه تقارير عن كل تفاصيل الذي كان يعد له بسبعة أكتوبر ولكن عنصريته جعلته غير قادر أن يتخيّل أنه ممكن أن يحدث شيء. وبنفس الوقت ذهنية اللي صار هي كانت تحررية.

 

سالي شلبي: [01:43:09.90]
شكرا. شكرا.

 

سالي شلبي: [01:43:13.71]
شكرا أحمد. بعد أربعة أشهر والخمسة أشهر من الحوارات والمقابلات. هل في سؤال لم تُساله وترغب الإجابة عليه. هل هناك مساحة لم تصلها في الحديث؟

 

أحمد البيقاوي: [01:43:37.57]
بتمنى تحكي لا.

 

غسان أبو ستة: [01:43:39.61]
لا لا لا لا.

 

غسان أبو ستة: [01:43:43.51]
لا لا. ما يعني ما. مثل ما يقول العراقيين. خلص الحكي. خلاص يحدث أمامنا شيء مهول. ولكن علينا أن نحاول أن نرى ما يمككنا كأفراد ومجموعات أن نكون جزء من صناعة هذا التاريخ.

 

جمهور ٣: [01:44:23.29]
نشكر وجودك معنا، وعن جد نحن بنكبر فيك. سؤالي شخصي شوي، كطبيب المشهد بغزة كان كتير مأساوي. بعد خروجك من غزة كيف تستطيع أن تتعايش مع الموضوع؟ وزيادة كيف تواصل مهنة الطب؟

 

غسان أبو ستة: [01:44:44.08]
شو هو بدون أدنى شك يعني أنا تعلمت من الحروب الماضية ومن تفجير المرفأ ببيروت الذي حضرته أن الواحد ما يستهين بالصحة النفسية ويتعاطى معها مثل أي إصابة بطريقة استباقية. فهذا الجواب على الجزء الأول. الجزء الثاني ممارسة الطب بالعكس. يعني ممارسة الطب ما جذبني لها من البداية هي قدرتك على أنك تكوني داخل حياة الناس بطريقة لا يسمحوا لأي حد تاني يكون جزء من حياتهم.

 

جمهور 4: [01:45:37.53]
مرحبا. أول شيء شكرا جزيلا على هذه الحوارية. وعلى موضوع الصحة النفسية؛ أحب أن أسأل كيف وجدت الناس بغزة يتعاملون بالصحة النفسية بالذات أننا نتكلم عن قطاع الصحة. ونفس الوقت أنا تساءلت عن أكثرية الدراسات عن كيف نتعامل مع الأمراض النفسية، هي أجنبية،  فكيف وجدت -نحن كعرب  عايشين بهذه الأزمات- بإمكاننا أن نرجع لنفسنا ونرجع لمجتمعنا لكي نعالج الأمراض النفسية التي تخرج من هؤلاء الحروب بدل أن نعتمد على الطريقة الأجنبية؟

 

غسان أبو ستة: [01:46:25.02]
يعني الأجنبية اللي صار بغزة هلأ برهن فشلها التي هي مبنية على الفردية. العلاج الفردي أنت عندك مليونين وربع شخص تعرضوا للأذى النفسي فيه منهم تعرضوا لأذى نفسي، ما فينا نلاقي طبيب نفسي عمره يتخيّل ما تعرضوا له. ولكن؛ في حاجة بسبب هذا العدد لإعادة رسم المساعدة أو التدخل الطبي النفسي كتدخل طب عام. يعني أنت بدك تخلي هرمية الطب العام بالتدخل النفسي على مستوى المجتمع وعلى مستوى المجموعات وعلى مستوى. والشيء الثاني الأساسية أن هذه المجتمعات تعرضت لها. يعني قاومت الموت مع بعض وأنا برأيي جزء من علاجها النفسي ستكون علاج جماعي مش علاج فردي.

 

جمهور ٥: [01:47:45.02]
يعطيكم الف عافية جدا جدا. دائما السؤال يراودني. هل هناك دعم نفسي او معنوي من زملائك المحيطين بك، لك؟ في دعم؟

 

غسان أبو ستة: [01:48:09.96]
الجزء المذهل الذي يراه الواحد بالقطاع الصحي على مستوى الأفراد. حجم دعم الموجود. قديش فيه أطباء تطوعوا لأن يذهبوا، عمرهم ما كانوا. قديش في أطباء بيطلعوا على مظاهرات عمرهم ما طلعوا بمظاهرات ببريطانيا على مواضيع تمسهم شخصيا يعني تمس القطاع الصحي البريطاني لم يكونوا يتظاهروا من أجلهم، لكنهم يتظاهروا من أجل الناس في غزة. الناس أولا تحررت من أدوات البروباغندا التقليدية فبدأت ترى في الصورة والإحساس الذي عند القطاع الصحي هي إحساس متزايد لأنه هو عارف ما يقدر يعمل إذا كان هناك.

 

ريما ماجد: [01:49:06.49]
لازم ننهي. شكرا.

 

جمهور 6: [01:49:10.63]
عمرك تخيّلت كطبيب انه عمرك تشتغل في مكان مليء بالدم، وغير نظيف للمرضى؟!

 

غسان أبو ستة: [01:49:17.08]
 أنا عمري ما تخيلت أنه سينزل فوق رأسي الصاروخ. وكانت تجربة كتير صعبة. لأنه لما تكوني بوسط الهجوم. يعني طوال حياتي العملية نكون نحن بالمستشفى والجرحى يأتون للمستشفى حتى لو كان القصف بمحيط المستشفى. عندما ضرب المستشفى الأهلي المعمدان المستشفى هي التي كانت مكان الاستهداف، فاللي حواليك هم المستهدفين بما فيهم أنت، فهي هذه المرحلة التي تتحول من استيعاب صدمة اللي صار، لأنك تتأكدي أنك أنت قادرة تكملي وتعالج اللي حواليك. لتقدري الوصول إلى من حولك، هي تكون دقائق لكن تشعر فيها أنها ساعات لأنه أول ما وقع السقف، وبعد ذلك إلى أن قدر الواحد يستوعب الواحد اللي صار، ويطمئن أن الزملاء اللي حواليه إصاباتهم خفيفة وبعدين ليطلع ليرى حجم الكارثة اللي صارت، وبعدين يبدأ يباشر بمعالجة الجرحى. هذه كانت أصعب، وستبقى أصعب نقطة بحياتي.

 

أحمد البيقاوي: [01:50:43.90]
يعطيك الف عافية. بدي أسألك كيف كان الحوار؟ هذا أول تجربة لي لك أظن بودكاست أمام الجمهور أيضا.

 

غسان أبو ستة: [01:50:52.39]
هذه تجربة جديدة.

 

غسان أبو ستة: [01:50:54.43]
نرى البودكاست.

 

أحمد البيقاوي: [01:50:58.00]
وأنصت في اسم ممتاز. يعطيك الف عافية انا مجبور استغل وجودكم كلكم عسل. أول شيء أشكر الدكتور على الوقت وأخص بالشكر الصديقة الدكتورة ريما على الضغط الذي تحملته. سبقتني شكرا ايضا لعصابة النادي الفلسطيني الكبير بادارة جنى. يعطيك الف عافية شكرا كثير وأتمنى كان أجبنا على جزء كبير من اسئلتكم وعملنا جولة مع الدكتور مختلفة عن مقابلات تانية ونرى رأيكم في حلقة جديدة في بودكاست قارب الأسبوع القادم.

 

 

جميع الحقوق محفوظة © 2025