سامي الشامي | أظهر فيلم استقصائي، أعده وصوّره المدون الفلسطيني أحمد البيقاوي ونشره على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان "سفارة الموت" عن نتائج جديدة وهامة حول قضية اغتيال الشهيد عمر النايف، كما ضيّق دائرة البحث حول المتهمين والمتورطين في جريمة قتله.
النايف، وهو قيادي في "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، اعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي عام 1986، على خلفيّة عملية فدائية نفّذها مع رفيقين له أدت إلى مقتل مستوطن إسرائيلي، لكنّه استطاع الهروب من السجن عام 1990، والخروج عبر مسارات ودول عدة، إلى أن وصل إلى بلغاريا حيث عاش وتزوج فيها. في ديسمبر/ كانون الأول لعام 2015، سلّم الاحتلال الإسرائيلي السلطات البلغارية، مذكّرة إحضار بحق النايف، لكن الأخير لجأ إلى السفارة الفلسطينية في صوفيا، إلى أن وجد مقتولاً فيها في السادس والعشرين من شهر فبراير/ شباط 2016.
عبر تحقيق متواصل لمدة عام ونصف العام، توصّل الفيلم الاستقصائي إلى أن فرضية الانتحار غير صحيحة، وبعيدة كل البعد عن الشهيد عمر النايف، الذي كان مصراً على البقاء داخل السفارة حتى الوصول إلى حل يلغي اعتقاله من قبل السلطات البلغارية وتسليمه للاحتلال الإسرائيلي لاستكمال محكوميته.
في المقابل، جاء في التحقيق، وعبر سعدي عمار، وهو صديق الشهيد عمر النايف: "أن السفير المذبوح لم يتوقف ثانية واحدة في اتفاقه مع الخارجية الفلسطينية على إخراج النايف من السفارة، إذْ شدَّد عمار على أن السفير كان مصراً على خروج النايف من السفارة منذ بداية لجوئه إليها حتى يوم اغتياله".
ويكشف الشريط من أن المقربين من السفير الفلسطيني في صوفيا، كانوا يروّجون بشكل كبير لفكرة انتحار عمر، لكن أحد الذين قابلهم التحقيق الاستقصائي، وهو محمد سعدي الذي كان شاهد عيان، قال: "كان جثمانه موضوعاً على كنبه، في الممر الواقع بالقرب من مدخل السفارة. بعدما كُشِفَ عن وجهه، للوهلة الأولى، كان واضحاً جداً وجود علاماتٍ للضرب والعنف. وجهه كان مليئاً بالدماء، وكان ثمَّة علامات آثار للضرب على وجهه ومنطقة فوق العين، وكان ثمة بقعةُ من الدماء على رأسه من الخلف، بالإضافة إلى كسور وجروح في قدمه". وهو ما نفاه السفير المذبوح للإعلام في الساعات الأولى ما بعد اغتيال النايف.
تفاصيل كثيرة يحملها هذا التحقيق الاستقصائي، وفيه عدد كبير من المقابلات مع عائلة وأصدقاء ورفاق عمر النايف، بالإضافة إلى تسجيلات مسربة لأشخاص يُعتقد أن لديهم معلومات في قضية اغتيال عمر، وتناقضات ما بين إفادات المقربين في السفارة. وينتهي تحقيق "سفارة الموت" بخلاصة مفادها "أن هناك إرادة لإغلاق ملف اغتيال النايف من دون أية إجابات، ولم تكن هناك إرادة منذ اليوم الأول لاستشهاد عمر للسعي للحصول على الحقيقة، بل هناك تعمُّد لإخفاء الحقائق والتفاصيل التي قد تساعد في الوصول إلى القاتل أو إلى حقيقة ما جرى مع عمر النايف".
نشر هذا المقال للكاتب سامي الشامي في صحيفة العربي الجديد بتاريخ 22 سبتمبر 2018