[caption id="attachment_813" align="alignleft" width="346"]
وقفة من مخيم عين الحلوة للاجئين - لبنان[/caption] احتلت فلسطين، وتهجّر أهلها، وصارت تلك الأيام مجرد ذكريات تُحيى بمظاهر تزاداد احتفالية سنة بعد سنة، وأيام يؤكد فيها على برامج سياسية وحقوقية لأحزاب ومؤسسات فلسطينية وغيرها. وتحولت تلك المظاهر ومطالبها إلى شعارات، حيث يُفرّغ مطلبها الأكبر "عودة اللاجئين" من مضمونه تمامًا، وذلك بتصميم منظميها على عدم الخوض في تفاصيل "العودة"، ولا ظروف يوميات من نطالب بعودتهم، لما في التفاصيل من تناقضات ستفرّق شمل المطالبين. ومع المغيرات التي نمرّ بها عربيًا وعالميًا، ترتفع وتيرة معاناة اللاجئ في الشتات، وتزداد بذلك الفجوة بينه وبين كل من يطالبون بعودته دون التطرّق ليومياته. فلو وضعنا أنفسنا مكان لاجئ في مخيم عين الحلوة، حيث تحوّل مخيمه إلى ساحة اشتباك بين الأطراف الفلسطينية، ويزداد الخناق عليه لبنانيًا، في وقت مطالبته -طويلة العمر- بالحق في العمل وإدخال مواد البناء والرعاية الصحية، على سبيل المثال, لا أظننا سيعنينا كثيرًا سماع هتاف بأيّ شعارات لا تأخد بعين الاعتبار المطالب اليومية المحلية. [caption id="attachment_814" align="alignright" width="300"]
من مطالب مخيم اليرموك - سوريا[/caption] وكذلك مخيمات سوريا، المنشغلة اليوم بحماية أبنائها، والدفاع عن كرامتهم، والتي يحاول من توفرت له الظروف الهروب منها إلى البلدات والمخيمات المجاورة والبعيدة، ويسعى من توفر لدية حفنة من المال شق طريقه عبر قوارب قد تُعجّل من موتهم، إن كتب عليهم. أمّا اللاجئين الفلسطينيين في مصر، فيسعون اليوم للحصول على معادلة تسترد لهم حصص الدعم على المواد الغذائية الرئيسية، والتي توقفت بعد الانقلاب الأخير، في تجمع -مثلا- يحوي الآلاف منهم، مثل "جزيرة فاضل" في المنطقة الشرقية، هذا غير الملاحقات والإهانات التي يتعرض لها الفلسطينيون في مصر وسط جو اتخذ من الفلسطيني عدوًا. أين فلسطينيو اليمن؟ وأين انتهت معاناة فلسطينيو العراق؟ ماذا عن المحتجزين في زنانزين مخابرات الأنظمة العربية والعالمية؟ [wpvideo MmdrahpC]يُظهر الفيديو المرفق كيف يعالج ابن اليرموك في ذكرى النكبة قضية الصواريخ التي تحط فوق رأسه يوميًا دون الغرق فيها، فهتاف الفدائي والعودة كان حاضرًا أيضًا. مزج بين اليومي المحلي وبين المحوري الوطني لن تجده حاضرًا في الكثير من فعاليات إحياء النكبة والمطالبة بعودة هؤلاء. حتى لا يفقد "حق العودة" معناه، لابدّ من تقديم المطالب اليومية للاجئ على المطالبة والتأكيد عليه -أي حق العودة-، فإصرارانا على عدم الخوض فيها قد يجعل اللاجئ يُصرّ بدوره على المناداة بحقوقه المحلية دون أيّ ربط أيضًا بالقضايا المحورية الوطنية، وهذا حقه بالطبع. لست أدعو للخلاص الفردي، بل لتعزيز الخلاص الجماعي، ولكن دون جلد وإهمال مكون أساسي من مكوناتنا، وعليه، لابدّ من معالجة كل قضايا اللاجئ تمامًا مثلما يطرحها هو، ويرتب أولوياتها، والوقوف إلى جانبه، ومقاومة كلّ ما يقتله وينتهك كرامته، وربط كل تفاصيلها بعودته، دون إهمال أيٍ منها، وإلّا فسيعتبر شعار "حق العودة" وحده؛ مجرّد صوت عالٍ يطغى على صوت استغاثاته ومعاركه اليومية، ويُساهم في دعم قاتليه وتجار قضيته لا أكثر.