شو اللي بيهدّد مصرياتك في البنوك الفلسطينية؟
02 يوليو 2025
الاستماع للحلقات عبر منصات البودكاست
نصر عبد الكريم
ضيف الحلقة
نصر عبد الكريم

الناس تخشى على أموالها، وفي فلسطين، هذا الخوف لا يأتي من فراغ!

في الأيام التي يتزاحم فيها المواطنون أمام البنوك، وتنتشر أحاديث انهيار القطاع المصرفي الفلسطيني كالنار في الهشيم، لا بد أن نتوقف ونسأل:
ما الذي يهدد أموالنا حقًا؟
من أين يأتي الخطر؟
وكيف قد نفقد مدخراتنا فجأة؟

في هذه الحلقة من بودكاست تقارب، نفتح ملف البنوك الفلسطينية، ونفكّك تفاصيل العلاقة التي تربطها بالبنوك الإسرائيلية:
💸 كيف تُدار أموالنا فعليًا داخل النظام البنكي الفلسطيني؟
💸 ما الذي يجعل الجيش الإسرائيلي قادرًا على اقتحام البنوك وتهديد مدخراتنا؟
💸 لماذا تستمر البنوك الفلسطينية في تحقيق الأرباح بينما الناس تخشى على أموالها؟
💸 كيف تتحرك “إسرائيل” ماليًا للضغط على حياة الفلسطينيين اليومية؟
 

🎯 ونناقش:
🔍 ما الفرق بين أزمة انهيار البنوك وأزمة السيولة؟
🔍 كيف يصنع الخوف في السوق؟ وكيف تنتشر الإشاعات بين الناس؟
🔍 ما هي "المقاصة"؟ وكيف تتحكم بمصير أموالنا؟
🔍 هل فعلاً أموالنا في خطر؟ أم أن الخوف أكبر من الواقع؟
🔍 ماذا يعني أن تكون البنوك الفلسطينية مربوطة بالاقتصاد الإسرائيلي؟

 

🧠 الضيف: د. نصر عبد الكريم
خبير اقتصادي فلسطيني، وأستاذ في العلوم المالية والاقتصاد، يشرح هذه القضايا بلغة مفهومة ويفكك آليات البنوك الفلسطينية.

🎙️ المحاور: أحمد البيقاوي



نرفق لكم في الأسفل نص تفريغ الحلقة الصوتية بالكامل:

[00:00:00] نصر عبد الكريم:
أعطيك كل التسهيلات الاقتصادية، لكن إيّاك أن تمس بأمني أمن دولتي.

 

[00:00:04] نصر عبد الكريم:
أنا على المستوى الشخصي وهذا غير ملزم لأحد، أنا لا أحتفظ بالشيكل إطلاقًا إلا بقدر حاجتي اليومية الاستهلاكية.

 

[00:00:13] نصر عبد الكريم:
أخاف.

 

[00:00:13] أحمد البيقاوي:
أموال الناس الموجودة في البنوك في خطر بهذه الأيام بهذه الأوضاع؟

 

[00:00:17] نصر عبد الكريم:
أنظر، إذا أردت تركها للقطاع المصرفي الإسرائيلي هم معنيّون باستمرار العلاقة مع الفلسطينيين.

 

[00:00:24] نصر عبد الكريم:
قدرنا سموتريتش، قدرنا بن غفير ونتنياهو يعني يجب أن نظل ننتظر في المقاصة؟! سؤال ما البدائل المتاحة؟

 

[00:00:32] نصر عبد الكريم:
ماذا يمنع "إسرائيل" من الدخول على البنوك وأنا أقول لك لكن لا تأخذها كمقطع، لا تأخذها.

 

[00:00:38] أحمد البيقاوي:
لغير الفلسطيني، هل يفهم ما معنى مقاصّة؟

 

[00:00:42] نصر عبد الكريم:
المقاصّة مصطلح فلسطيني بحت، إسرائيلي فلسطيني- إسرائيلي.

 

[00:00:48] نصر عبد الكريم:
هذا لا يمتلك حسابات بنكية، لا يستطيع فتح حساب بنكي، لأن البنوك لديها متطلبات وشروط لكي تتمكن من فتح حساب بنكي.

 

[00:00:55]
يعني البنوك تنظر للأمر من زاوية أن لديها تكدس في الشيكل يسمونه. هذه مشكلة تراكمت عبر السنوات.

 

[00:01:02]
البنوك الفلسطينية معظمها لا يستطيع أن يتفرع بالعالم لهذا السبب. يضطر أن يعمل بنوك مراسلة بالعالم مية في المية يعني صحيح.

 

[00:01:10] أحمد البيقاوي:
نحن تحت احتلال، ما هي أفضل الممارسات لتوزيع الأموال والمدخرات؟

 

[00:01:18] نصر عبد الكريم:
أصعب سؤال يطرح علي، هذا السؤال أنا يا بيقاوي، منك ومن غيرك.

 

[00:01:21] أحمد البيقاوي:
والله لا بد أن تجيبه اليوم.

 

[00:01:23] نصر عبد الكريم:
سلامات سلامات للجميع وتحياتي. وأنا سعيد في لقاء اليوم برنامج تقارب مع الصحفي الإعلامي المميز أحمد بيقاوي، وفرصة أن نطل عليكم وأعبر عن ما يجول بخاطري من أفكار اقتصادية وقناعات. واستمتعت جدًا بهذا الحوار، لأنه كانت الأسئلة فعلًا أسئلة فيها تحدي كبير. بعضها كان ليس لدي إجابات وافية حوله، لكني اجتهدت. أتمنى أن تشاهدوا هذه الحلقة وتجدون فيها ما يفيدكم. وإذا لم تجدوا ما يفيدكم فسنكون على الأقل لنا شرف المحاولة. وسامحونا إذا لم نتفق مع ما تعتقدون به. لأنه في نهاية الأمر هذه تبقى آراء وهي غير ملزمة لأحد. وإنما هي آراء أعبر عنها وملزمة لنصر عبد الكريم، وأنا أكاديمي فلسطيني أستاذ بجامعة في الجامعة العربية الأمريكية الآن بالدراسات العليا. ويعني أحمل شهادة الدكتوراه من الولايات المتحدة والماجستير في العلوم المالية في الاقتصاد المالي نسميه. ولي اهتمامات بحثية.

 

[00:03:00] أحمد البيقاوي:
مرحبًا وأهلًا وسهلًا فيكم في حلقة جديدة من بودكاست تقارب، معكم أنا أحمد البيقاوي وضيفي لليوم الدكتور العزيز نصر عبد الكريم. تواصلنا مع الدكتور نصر وسجلنا هذا الحوار، خضنا فيه بتفاصيل تتعلق بتخوفات موجودة في الشارع الفلسطيني في مناطق الضفة الغربية تتعلق بالبنوك الفلسطينية والأموال المودعة في البنوك بشكل أساسي، البعض فعليًا نتيجة فقدان الثقة بالمؤسسات الفلسطينية أو الكيان الفلسطيني، وأيضًا بذات الوقت مع الظروف التي نعيشها ورأينا كيف الاحتلال ليس أمامه ولا يلتزم بأي خطوط حمراء.تنامى القلق عند الناس أكثر وأكثر، وصارت فعليًا تجتهد في تحليل تفاصيل تتعلق بالعقوبات السياسية والمالية التي اتخذت وفرضت على البنوك الفلسطينية.

 

[00:03:51]
في هذا الحوار نرجع لأساسيات العلاقة بين البنوك الفلسطينية والبنوك الإسرائيلية. ندخل بسياق الاقتصاد الوطني والاقتصاد الفلسطيني. وهل يمكن بالأصل التحرر من الاقتصاد الإسرائيلي كيفما كان. وبنفس الوقت فعليًا نرجع لأساسيات هذه العلاقة، وحاولنا مع الدكتور مشكور ساعدنا في تبسيطها وفي فهمها للمواطنين الفلسطينيين أو كل الفلسطينيين والفلسطينيات بعيدًا عن تخصصاتهم حتى نفهم هذه العلاقة الموجودة ونقدّر نحن بأنفسنا التخوفات أو القلق بحجمها دون مبالغة ودون تكبير ودون تصغير.

 

[00:04:28] أحمد البيقاوي:
قبل أن أبدأ الحلقة أريد شكركم مقدمًا على اشتراككم في قناة اليوتيوب، تفاعلكم مع هذا المحتوى ومشاركتكم هذه الحلقة وهذا المحتوى مع كل أحد ممكن أن يكون مهتمًا فيه. شكرًا على مشاركتكم معي أفكاركم ومقترحاتكم للمواضيع والأسئلة، وأيضًا مقترحات الضيوف. وشكرًا على مشاركتكم واشتراككم عفوًا في النشرة البريدية ومشاركتكم النشرة البريدية أو النسخ التي تصلكم مع أصدقائكم. تأكدوا أنه بالنشرة البريدية تصلكم تفاصيل وكواليس عن هذا الحوار نشارككم فيها خبرتنا ورؤيتنا الإعلامية سواء على مستوى تقارب أو على مستوى فعليًا نظرتنا لموقعنا في صناعة الإعلام في فلسطين ككل. وشكرًا لكل من يساهم في استمرار تقارب ودعمه من خلال الرابط الموجود في الوصف. وهكذا نبدأ.

 

[00:05:28] نصر عبد الكريم:
بدأت تسجيل محمد؟

 

[00:05:30] محمد عوض:
قل له أنا جاهز.

 

[00:05:31] نصر عبد الكريم:
نعم

 

[00:05:31] محمد عوض:
قل له أنا جاهز.

 

[00:05:32] نصر عبد الكريم:
جاهز جاهز

 

[00:05:34] محمد عوض:
توكلنا على الله.

 

[00:05:40] أحمد البيقاوي:
أحضر محمد قهوتك وماءك؟

 

[00:05:42] نصر عبد الكريم:
والله أنا لا أشرب يا أستاذ قهوة، أحضر ماء شكرًا له.

 

[00:05:48] أحمد البيقاوي:
أهلا وسهلًا فيك ويعطيك ألف عافية.

 

[00:05:53]
 أول شيء، الناس فعليًا في البلد غاضبة بالبنوك، مجموعات "الواتساب" مشتعلة. الناس تتحدث فعليًا: لم يسمحوا لي بسحب الأموال، وسحبت الأموال من هنا، وهذا النقاش الموجود. في الأساس بالأصل البنوك الفلسطينية أي قبل أن نقول يا هادي، البنوك الفلسطينية وأموال الناس التي في البنوك في خطر بهذه الأيام بهذه الأوضاع.

 

[00:06:19] نصر عبد الكريم:
يعني لا لا لا أعتقد ذلك. أنا أعتقد أن الودائع لدى الناس، للناس لدى البنوك أنا أظن حتى الآن بمأمن. أعتقد الوضع المصرفي مستقر. الآن لا شك أن المواطنين يواجهون صعوبات في العلاقة مع البنوك. وهذه الصعوبات جزء منها ناجمة عن تعقيد العلاقات مع الجانب الإسرائيلي وجزء منها آخر له علاقه أيضًا أن هذه البنوك هي في النهاية شركات تهدف للربح يعني مؤسسات ليست مؤسسات اجتماعية، وبالتالي هي تعتمد أو تتبع ما يسمى بإجراءات درء المخاطر أو إدارة المخاطر، وهذا قد يعني يعقّد الوضع بالنسبة للمواطنين، والأزمة الأخيرة هي نتاج أو تجليّات ما يمكن الإطلاق عليه بممارسات الاحتلال الإسرائيلي لخنق الاقتصاد الفلسطيني سواء كان على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي، والقطاع المصرفي ليس بمنأى عن هذا التهديد ولا عن هذا العقاب، لكن أنا أطمئن الناس أن الوضع المصرفي حتى الآن لا يوجد خوف على المخاطر، ولا أظن أنه ينبغي لأحد أن يصاب بالهلع، أن يذهب لسحب ودائعه من البنوك لأنه أعتقد هذا يضر أكثر مما يفيد. واطمئنوا لأنه يعني لا زالت البنوك تربح. وهذا أحد المؤشرات اليي يعني حتى في عز الأزمة 2024 البنوك سجلت أرباح معظمها إذا لم يكن كلها. والربع الأول أيضًا سجلت أرباح. وبالتالي لا أعتقد أن الناس عليها أن تخاف أو أحد يثير الذعر من أجل أن تذهب الناس على البنوك وتسبب لها أزمة سيولة، وتضيف أزمة جديدة أكثر من الأزمة الراهنة.

 

[00:08:10] أحمد البيقاوي:
طيب دكتور في حال تعطلت العلاقة مع البنوك الإسرائيلية، يعني البنوك الإسرائيلية انفصلت عنّا أو فصلتنا أو فنّشتنا (طردتنا)، ماذا يحصل لأموال الناس الموجودة داخل البنوك.

 

[00:08:21] نصر عبد الكريم:
أنظر هذا الموضوع مختلف يعني تهديد سموتريتش، والذي أنا كان لي رأي فيه وقلت بأن هذا غير قابل للتنفيذ، وإذا سوف ينفّذ سيحتاج وقت لأنه نحن مع البنوك الفلسطينية لشهر 11 وهي يعني علاقتها مع البنوك الإسرائيلية أظن ستستمر، وهناك اعتبارات سياسية واعتبارات اقتصادية، حتى في الجانب الإسرائيلي الذي يجعل من الصعب أن ينفّذ سموتريتش تهديده، إذا أراد عمل ذلك يقوم به عبر الكابينت (مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغّر) التي أقرّت ما يسمى خطاب الضمان وخطاب التعهد والحماية من وزارة القضاء ووزارة المالية للبنوك الإسرائيلية، يعني تحتاج تصويت في الكابينت وبعدها تحتاج التنسيق مع بنك "إسرائيل" وتحتاج فترة زمنية إشعار للبنوك الإسرائيلية من أجل عمل تسوية، وتحاول ترتيب الخروج من العلاقة، وبالتالي هو تهديد كان نتيجة في أعقاب العقوبات التي فرضتها بريطانيا على بن غفير وسموتريتش. ولكن لا أظن أنه سيحصل. في حال أن حصل هذا لا يعني أن لا تخطط ولا تفترض السيناريو الأسوأ وكل شيء جائز، لكن أنا لا أرجح هذا السيناريو الآن، لكن حتى لو كان عنده نسبة 10 في المئة أو 5 في المائة ولا عشرين في المائة أو واحد في المائة علينا أن نستعد. الآن ماذا سيحصل؟ يعني تربك العلاقات التجارية لا شك لأنه في النهاية هي البنوك اليوم حتى بدون قطع العلاقة معها البنوك الفلسطينية غير قادرة على تغطية مراكزها لدى البنوك المراسلة الإسرائيلية وبالتالي أيضًا تواجه صعوبة في أن تمول الاستيراد من "إسرائيل"، لأنه الصفقات التجارية تحتاج أن تتم عبر النظام المصرفي، خصوصًا أن الكيان الإسرائيلي اليوم فرض قيودًا على استخدام الشيكل النقدي، يعني التناول النقدي والتبادل النقدي بين الناس، وبالتالي فما بالك إذا قطع العلاقة هذا أيضًا سيضر يعني التحويلات التي تأتي من الكيان عبر ما يسمى نظام المقاصّة أيضًا هذا يعقّد الأمور، إضافة إلى ذلك بأنه يعني قد يخلق ما يسمى بالسوق السوداء في علاقاتنا مع الكيان.

 

[00:10:31] محمد عوض:
دكتور قل لأحمد أن لدينا قصة صغيرة حصلت.

 

[00:10:34] نصر عبد الكريم:
لدينا ماذا؟

 

[00:10:36] محمد عوض:
هناك مشكلة صغيرة

 

[00:10:37] نصر عبد الكريم:
يقول لك لدينا مشكلة يا أحمد.

 

[00:10:40] محمد عوض:
لم يسجل صوت.

 

[00:10:41]
ماذا؟

 

[00:10:42]
 قل له لم يسجل صوت.

 

[00:10:45] نصر عبد الكريم:
ماذا يعني ذلك؟

 

[00:10:45] محمد عوض:
سنُعيد

 

[00:10:46] أحمد البيقاوي:
تمام تمام. لا لن نعيد أكمل، ليبدأ التسجيل عنده والأمور طيبة. أنا مسجّل عندي لكن دعه يسجل عنده.

 

[00:10:56] نصر عبد الكريم:
سجل عندك يا زعيم.

 

[00:10:57] أحمد البيقاوي:
شكرًا يا محمد، هل رأيت يا دكتور هذا هو الفارق بين التلفزيونات والإذاعات والبودكاست، نحن ندبّر أنفسنا.

 

[00:11:04] نصر عبد الكريم:
أنت تدبّر نفسك، تمام يا سيدي

 

[00:11:06]
لا لا لا نريد الإعادة، تفضّل أكمل

 

[00:11:07] نصر عبد الكريم:
أوك، وبالتالي قد يخلق هذا في هذه الحالة ما يسمى بالسوق السوداء. يعني يجرى تبادل نقدي مقابل تسوية صفقات تجارية بين الطرفين عبر نظام غير رسمي. ليس النظام المصرفي، وهذا يعني أيضًا يسبب مشاكل خصوصًا أنه يعني في الحالة الاقتصادية الفلسطينية لا تحتمل هذا السوق وقد يشوه حتى أسعار الصرف أكثر مما هي مشوهة اليوم، وناهيك عنه أيضًا سوف يضر الاقتصاد الإسرائيلي. يعني أيضًا الاقتصاد الإسرائيلي لن يكون بمنأى عن هذه الأضرار التي قد تلحق به. ولذلك يجوز أن قد يجلب متاعب للبنوك الإسرائيلية من خلال البنوك المراسلة في العالم، لأنه يجوز هذه البنوك المراسلة في العالم بعضها يأخذ موقف سلبي من النظام المصرفي الإسرائيلي لأنه يعتبرون أن هذا تعسف، وأن هذا إضعاف لقدرة السلطة وأن هذا إدارة ظهر لكل مستحقاتها واستحقاقات السلام والتسوية التي يسعون لها خصوصًا ما يسمى بحل الدولتين، والأوروبيين اليوم وحتى كثير من دول العالم أصبحوا متقبلين للفكرة وداعمين لها بشكل أو بآخر، ولذلك هذا ممكن، وممكن أيضًا أن يأتي بمتاعب للبنوك الفلسطينية نفسها، يعني بمعنى أن بنوك أخرى في أوروبا والعالم أيضًا تنظر بخشية بحذر بخوف من علاقات مع البنوك المصرفية مع البنوك الفلسطينية لأنه يجوز أيضًا هي تريد أن تنأى بنفسها عن أي مخاطر محتملة. لذلك كل هذا وارد، لكن السؤال هذه العلاقات ممكن قريبًا يحصل فيها خلل أو تنقطع؟ أنا مثلما قلت لك في البداية أنا لا أرجح ذلك على الإطلاق اليوم.

 

[00:12:56] أحمد البيقاوي:
أنا أسألك هذه الأسئلة الصغيرة الأكثر شيوعًا اليوم فعليًا قبل أن نبدأ بالتفاصيل. السؤال الذي أرى أنه يجري نقاشه بشكل مكثّف، الفارق بين الذي يضع أمواله بالشيكل وبين الذي يضع أمواله بالدينار ما الفرق؟

 

[00:13:13] نصر عبد الكريم:
انظر، الفلسطينيون إجمالًا ومنذ سنوات الاحتلال 67 إلى اليوم لا يميلون إلى الادخار أو الاستثمار أو التعاقد طويل الأجل بالشيكل. يعني دائمًا يميلون لاستخدام الدينار والدولار في هذه الوظائف وبالتالي الادخار الودائع معظمها بالدولار أو الدينار. هناك بعض الودائع بالشيكل، لكن الشيكل عنده وزنًا أكبر في المعاملات الجارية يسمّونها، يعني الحسابات الجارية التي هي للاستخدامات اليومية تمويل التجارة، تسويات، دفع فواتير وبالتالي حاجة الناس. لأنه بالأصل وجود الشيكل في الاقتصاد الفلسطيني هو ناتج عن هذه العلاقات الاقتصادية الواسعة مع الجانب الإسرائيلي، لأن عملة بلد توجد في بلد آخر إذا كان في علاقات اقتصادية كبيرة وبحاجة لهذه العملة حتى تمول فيها علاقاتك وخصوصًا التجارة، فعمليًا إذا لديك شيكل ولديك وديعة، يعني يجوز الفائدة لن تفرق كثيرًا التي تأخذها عليها، لأنه في الآونة الأخيرة بدأت تقترب نسبة الفوائد يعني خصوصًا مع ارتفاع الفوائد على أسعار العملات بالذات الدينار والدولار في آخر سنتين بسبب التضخم لمكافحة التضخم فصارت قريبة إلى حد ما. وبالتالي هذا ما فيه ميزة بالرغم من أن مخاطرها أعلى، مخاطر التقلبات يعني بالشيكل هي أعلى، وبالتالي الدولار والذي هو الداعم للدينار لأن الدينار لوحده لا تقدر الحديث عنه من غير التحدث عن الدولار. لأن الدينار هو عملة مرتبطة مباشرة بالدولار وتغطيته مباشرة بالدولار وهو ثابت عن سعر كل دولار بيساوي 70 قرش أو 71 قرش على كل الأحوال من سنة 1989، وبالتالي هذه عملة مستقرة الدولار ملاذ آمن بالعالم، يتقلب صحيح، لكن في نهاية المطاف في الأزمات كما تدل التجارب في التاريخ بأن هذه الأزمات حتى التاريخ القريب الأزمات دائمًا وأبدًا تنفع الناس الذين شهيتهم للمخاطرة تتراجع ليحتموا بالدولار والذهب هذه ملذات آمنة، وبالتالي يعني الدولار إذا أردت يعني هو أفضل من حيث المخاطرة ودرجة المخاطرة.

 

[00:15:35] نصر عبد الكريم:
حتى لو كان عنده فائدة عليه، فائدة أقل. ولهذا السبب أظن الناس حتى اليوم في ظل تكدس الشيكل والمشاكل التي يواجهونها مع الشيكل ومع البنوك في مسألة الشيكل، يعني أنا أرجح بأن مساحة الشيكل حتى في العمل اليومي الوظيفي الحياتي تبدأ تتراجع لصالح العملات الأخرى، الدينار والدولار، حتى في تعاملات الناس، وبالتالي الحيّز الذي يشغله الشيكل في الاقتصاد الفلسطيني أظن أنه سيتراجع لصالح الدولار والدينار إذا أتيح أو إذا توفرت كتلة نقدية كافية من الدولار والدينار، يعني دخلت من الأردن، ولكن هذا يضعف الشيكل لا شك، والثقة فيه، بغض النظر اليوم ارتفع بقوة أمام الدولار بعد الإعلان عن التهدئة بين إيران و"إسرائيل". لكن في نهاية الأمر هو يبقى عملة متقلبة عالية المخاطر، بالحالة الفلسطينية لا يوثق فيها كثيرًا بالادخار والاستثمار، وبالتالي يعني أنا شخصيًا على المستوى الشخصي لا أفضّل الاحتفاظ بالشيكل بكميات كبيرة سواء في أدوات ادّخار أو أدوات استثمار إلا فقط بقدر حاجتي اليومية من الاستهلاك يعني أو الحاجات التي أنا أتوقعها لتسديد التزاماتها أو تسوية معاملات. وخلاف ذلك كل الناس معظم الناس إلا التجار الذين يضطرون على التعامل بالشيكل بقوة والذين بالأصل يبيعون سلعهم بالشيكل، وبالتالي هم لديهم رصيد شيكل كبير، لكن هذا رصيد متحرك متقلب يعني يموّل أيضًا مشترياتهم أو نفقاتهم، وبالتالي أظن الشيكل إجمالًا ليس هو العملة المفضلة لدى معظم الفلسطينيين للاحتفاظ بها يعني.

 

[00:17:38] أحمد البيقاوي:
الأكثر تداولًا أيضًا اليوم قضية القيود التي تضعها البنوك على السحب الـ Cash (النقدي)، والذي أنا على علم به من مكان آخر، عادة البنوك يعني حتى في إسطنبول وفي أي بلد آخر عادةً ما تطلب منك أن تُخبرهم مسبقًا، وذلك لأن هناك إدارة للسيولة داخل الفرع أو داخل كل بنك. هذا هو تمامًا ما يحدث اليوم داخل البلد أم الظرف السياسي الذي نعيشه له أثره على البنوك؟

 

[00:18:07] نصر عبد الكريم:
يعني لا، هو أكثر من مجرد شيء بسبب الظرف السياسي، لكن تنويه صغير، أن تركيا أيضًا مرت في ظروف مشابهة لحماية عملتها، وبالتالي أيضًا لجأت لبعض القيود في التعامل مع العملات الأجنبية. ولهذا السبب يعني هي في النهاية لديها عملة وطنية يجب حمايتها، وفرضت بعض القيود هنا وهناك. الآن في الحالة الفلسطينية لا يوجد عملة وطنية، لذلك سلطة النقد والبنوك والفلسطينين نفسهم، المواطنين يريدون حماية مدخراتهم، ودائعهم وثرواتهم، وبالتالي في النهاية كل واحد ينظر للأمر من زاويته، يعني البنوك تنظر للأمر من زاوية أن لديها تكدّس في الشيكل يسمّونه. هذه مشكلة تراكمت عبر السنوات ليست جديدة ونشرح لماذا تراكمت عبر السنوات. وكان الإجراء الإسرائيلي قبل العدوان على غزة قبل سبعة أكتوبر، طوفان الاقصى،كان يتمنع بنك "إسرائيل"، والبنوك الإسرائيلية المراسلة تتمنع في استلام الشيكل الفائض في الاقتصاد الفلسطيني عندما يفيض عن الحاجة ويتكدس في البنوك يتم شحنه ماديًا، وبالتالي يتخلصوا منه لأن هذه عملة "إسرائيل" في النهاية، وملزمة قانونًا تستقبل الشيكل، لكن بعد طوفان الأقصى وعندما كانت تتمنع قليلًا كانت لاحقًا تقبل تحت الضغوط، لكن لا تقبل الكمية كلها ولكن على الأقل تصرّف معظم الفائض من الشيكل.

 

[00:19:35] نصر عبد الكريم:
بعد 7 أكتوبر، السلوك السياسي والاقتصادي والأمن تجاه الفلسطينيين اختلف، صار أكثر عدوانية إلى جانب حرب الإبادة التي لا يمكن أن نقارنها بما يجري بالضفة، لكن هي أعلى مستويات الإبادة وأعلى مستويات القمع والتغوّل. ولكن أيضًا في الضفة مارسوا الإسرائيليين سياسات عقابية اقتصادية، إضافة إلى السياسات الأمنية والسياسية، اجتياحات في شمال الضفة الغربية والاعتقالات والاغتيالات والاستيلاء على الأراضي من أجل الاستيطان ومنع الناس من التنقل بين مدن الضفة، وكأنهم محجوزون داخل المدن الفلسطينية، كلٌّ في قريته، فيما يشبه سجنًا كبيرًا. هذه كلها ممارسات لا شك أنها تقل وزنًا عن ما يجري في غزة، لكنها أيضًا جدًا مضرّة للاقتصاد وللناس ولكل مصالح الناس.

 

[00:20:29] نصر عبد الكريم:
وبالتالي، أقول لك في السابق كانوا يسمحون، لكن بعد 7 أكتوبر بدت البنوك أكثر عدوانية هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك أن تكون أكثر عدوانية، هو الجهاز السياسي الأمني الإسرائيلي الذي من اتخذ هذا الموقف، أما لو ترك الأمر لبنك "إسرائيل" وللبنوك الإسرائيلية، بالعكس هي من مصلحتها أن تستمر في العلاقة مع الفلسطينيين. يعني هي لا أظنها مع هذا القرار أو التضييق على البنوك الفلسطينية وتكدس الشيكل، هي بالعكس تعرف وتدرك أنه من ناحية العرف المصرفي العالمي والعلاقات المصرفية العالميين وهذه عملتها وعليها أن تستلمها، لكن لديك هنغبي، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي عندك بن غفير وسموتريتش، وزير المالية، هؤلاء سياسيون يضغطون على بنك "إسرائيل" وهم يعتبرون أنفسهم منتخبين ولهم اليد العليا والسلطة والقرار النهائي في مسألة عدم قبول  الشيكل.

 

[00:21:28] نصر عبد الكريم:
هذا جزء من السياسة الأمنية الإسرائيلية، ولذلك بدأت منذ ذلك الوقت لم تعد تستلم الشيكل إلا من رحم ربي، أي بدفعات قليلة، ولهذا السبب تكدّس الشيكل. ويقال اليوم إن ما يقارب 13 مليار شيكل موجود في خزائن البنوك، يشكّل نحو ثلثيه فائضًا عن الحاجة، بما يعادل مليارين. والجزء الآخر من المفترض بالأصل أن يمول أو يغطي مراكز البنوك الفلسطينية لدى البنوك المراسلة، البنكين (ديسكاونت وهبوعليم) يغطيها من أجل أن يكونوا قادرين على تسديد التزامات التجار والمتعاملين الفلسطينيين مع الجانب الآخر.

 

[00:22:09] نصر عبد الكريم:
وبالتالي هذا إذا تم شحنه يعني يصبح له عازة. الأموال الأخرى إذا تكدست ولم يتم شحنها تسبب ثقل على كاهل البنوك تحتاج تكاليف تأمين، مخاطر تلف، عدم الاستفادة وضياع فرص بديل للاستثمار، وهذا يرهق البنوك، وبالتالي من زاوية البنوك هذا بالنسبة لهم مكلف ومضر وكذلك سلطة النقد، وبالتالي هذا السبب هي ترى بأنه استقبال مزيد من الشيكل في خزائنها، خصوصًا بعض البنوك التي لا يجوز تسميتها، بل بعضها متخم أكثر من غيره في الشيكل، وبالتالي يأخذ سياسات متشددة أكثر. فلهذا السبب المواطنين ومن حقهم الطبيعي أن يتذمروا وخصوصًا من عنده شيكات وعنده التزامات يحتاج أن يغذي حساباته بالشيكل الجاري، عندما تمنعه من إيداع كمية كافية من الشيكل ويرجع له شيك، أو لا يفي بالتزام عليه نتيجة لنقص الرصيد يتضرر هو أيضًا، وبالتالي من حقه أنه طالما يعني لديه التزامات وحتى لو من دون التزامات، من حقه إذا كان تاجرًا أو عنده فائض في الشيكل أن يعود بهذا الرقم للبنوك، لكن البنوك ترى بأن هذا قد يفاقم عندها الأزمة.

 

[00:23:26] نصر عبد الكريم:
وبالتالي هنا المصالح كلٌّ ينظر لها من زاويته، لكن المواطنين في النهاية من حقهم التذمر والشكوى وخصوصًا إذا لحقهم ضرر، لأنهم أيضًا تضرروا. لهذا السبب، مشكلة تكدس الشيكل سلطة النقد حاولت في اجتماعات مختلفة أن تحاول إيجاد حلول للأزمة، لكن أنا شخصيًا من أصحاب وجهة النظر التي تقول أن الحل الوحيد لهذه الأزمة هي بنقل هذه الأموال الفائضة بالشيكل من ناحية مادية، شحنها بالطريقة التي كانت تشحن فيها إلى البنوك الإسرائيلية. خلاف ذلك، حتى لو كل الحلول والاقتراحات من أتمتة النظام المصرفي والخدمات المصرفية، من إعطاء قروض ميسرة للناس، من إقراضها للحكومة لأجل دفع جزء من رواتب الموظفين المستحقة، من أي قبيل آخر والرقمنة وغيره. هذه كلها إجراءات مهمة ويجب أن نبقى مستمرين في التفكير فيها لا أن نحصرها في أزمة تكدس الشيكل، لكنها لن تحل الأزمة إطلاقًا، لأنه في نهاية المطاف تكدس الشيكل هو سينتقل من بنك لبنك، وبالتالي ربما حصص التكدس بين البنوك تتوزع، ولكن في النهاية سيبقى تكدس الشيكل في الاقتصاد.

 

[00:24:52] نصر عبد الكريم
وبالتالي لو تم نقل الشيكل من البنوك للناس، والناس أرادت الاحتفاظ فيه، أخرجته من البنوك وذهب للناس، ولاحقًا البنوك رفضت استلامه، هذا يؤدي لتكدّس في الاقتصاد، يعني في النهاية لن تحل الأزمة. أنت من الممكن أن تعيد توزيع الأعباء وتنقله على كاهل المواطنين، لكن هل هذا هو الحل؟ لا أظن. المواطن في النهاية خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة جدًا، حتى السياسية والأمنية التي يعيشها المواطن الفلسطيني، وبالذات موظفين السلطة. يعني تصور أن يعيشوا بثلث الراتب في آخر شهر، وسابقًا كانوا يعيشون بـ 70 في المائة على مدار سنوات. وبالتالي هم أيضًا لهم حقوق، والتاجر الصغير والمزارع الصغير، لأنه أيضًا هؤلاء الناس حتى لو قمت بما يسمى الأتمتة ودفع مصاريف تسوية الالتزامات إلكترونيًا، هذا التاجر الصغير، الصانع الصغير، الموظف الصغير الذي يعمل في أعمال حرة نسمّيه الاقتصاد غير الرسمي، هذا لا يملك حسابات بنكية.

 

[00:25:58] نصر عبد الكريم:
ولا يقدر على فتح حساب بنكي، لأن البنوك لديها متطلبات وشروط حتى تكون قادرًا على فتح حساب بنكي. ولهذا السبب كيف سيتعامل مع هذه الإجراءات حتى لو كانت مفيدة للاقتصاد لكنها لن تحل أزمة التكدّس، وربما تخلق مصاعب إضافية للمواطنين العاديين الذين نسمّيهم الأقل حظًا المهمّشين الموجودين في الأرياف الموجودين في خارج دائرة الفعل الرسمي- العمل الرسمي والاقتصاد الرسمي، وهؤلاء هم دائمًا وأبدًا الذين يدفعون الثمن  أكثر من غيرهم. ولهذا السبب أظن موضوع تكدس الشيكل يحتاج نظرة أشمل تأخذ مصالح جميع الأطراف ويخوض الناس حوار حولها.

 

[00:26:40] نصر عبد الكريم:
كان بالأمس اجتماع للمجلس الاستشاري في وزارة الاقتصاد وأنا واحد من أعضاء هذا المجلس، دعينا لمناقشة الموضوع نفسه بحضور الأخ يحيى الشنار، محافظ سلطة النقد.كان نقاش جدّي، لا أعلم كم سيثمر من إجراءات فعليّة. لكن في نهاية الأمر اتُفق على أن هذا الموضوع ليس موضوعًا فنيًا، معظمه  مرتبط بموضوع السلوك العدوان الإسرائيلي السياسي، لكن هذا لا يعني محاولة إيجاد مخارج من هنا وهناك للتخفيف على المواطنين. ولهذا السبب تم نقاش هذا الموضوع، هناك صعوبة في إيجاد حلول مقنعة مجدية ناجعة لهذا الموضوع، إلا إذا فرضت فعليًا ضغوط دولية كبيرة على "إسرائيل" كما كانت تفعل أمريكا سابقًا بالضغط على "إسرائيل" من أجل تحرير المقاصّة وتحويلها للسلطة الفلسطينية عندما كانت تحتجزها. دون هذا الضغط من الصعب أن نتحدث عن حل لأزمة تكدس الشيكل، لهذا السبب  هذا الموضوع شائك قليلًا، أنا أراه غير فني، أراه أكثر مرتبط بمآلات العدوان على غزة، وبما إذا كانت نهاية الحرب الإيرانية الإسرائيلية ستفتح أفقًا سياسيًا جديًا.

 

[00:28:09] نصر عبد الكريم:
في تفاوض جدّي يقود إلى تسوية أسمّيها شبه عادلة، إذا لم تكن عادلة كاملًا للصراع مع الاحتلال وإنهائه، عندها معظم الأزمات الاقتصادية وليس جميعها جزء منها، جزء مهم منها. وحتى مهم لا أستطيع أن أقول، لأن هناك دول مستقلة ذات سيادة تعاني من أزمات اقتصادية لأن هناك متطلبات أخرى غير انتهاء الاحتلال، لكن على الأقل جزء منها المرتبط بالاحتلال يعني سيزول أوتوماتيكيًا، لكن أيضًا تكدّس الشيكل ووجوده في البلاد، إذا سموتريتش يريد تننفيذ تهديده ونجح في قطع العلاقات مع البنوك، هو لا يستطيع قطع العلاقات، هو ما يستطيع فعله أن لايصدر كتاب تغطية وحماية من وزارتي القضاء العدل والمالية الإسرائيلية للبنوك التي تتعامل مع البنوك الفلسطينية وبالتالي هي تصبح في موقع حذر، وهي بشكل طوعي تقوم بتجميد علاقاتها مع البنوك الفلسطينية خوفًا من الملاحقات القانونية. أما هو لا يستطيع أن يقطعها، هو فقط الإجراء التنفيذي الحكومي الذي كان يفعله يتوقف عن فعله. إذا قرر بنك من هذه البنوك أن يستمر في العلاقة بانتقائية يستطيع، لكن يصبح هناك حذر أكثر. ولذلك أنا شخصيًا من الناس أرى أن هناك فرصة إذا نفّذ تهديده حتى قبل أن ينفذ تهديده، ومع وجود أزمة تكدس الشيكل، مع وجود تعقيد في كل العلاقات الاقتصادية، العمال مثلًا لم يعودوا قادرين على الدخو إلى الكيان الإسرائيلي إلا من رحم ربي. في المقاصّة، يعاقب الإسرائيليون الفلسطينيين، ويقومون يوميًا باقتطاعات من هنا وهناك، بحيث أصبح المبلغ لا يتجاوز 30 أو 40 بالمائة من إجمالي الذي تحصّله "إسرائيل" لصالح الفلسطينيين.

 

[00:30:07] نصر عبد الكريم:
إذا كانت كل هذا الإجراءات العدوانية والتي تسبب أزمات للفلسطينيين لم تستدعِ تفكيرًا جديًا حول كيف نحاول تفكيك العلاقة مع الفلسطينيين، نفككها تدريجيًا ونحاول قدر الإمكان نعيد النظر فيها، لأن استمرار حالة التبعية الاقتصادية الفلسطينية لإسرائيل هذا يخلق بصراحة أزمات، حتى لو تمكنت من حل أزمة اليوم أو تجاوزها أو رحّلتها ستظهر لك من جديد وبقوة أكبر، لأن الكيان الإسرائيلي ليس جمعية خيرية سيوظف كل علاقاته الاقتصادية معك من أجل مقايضتك بالقليل من التنازلات السياسية، أو أن يستطيع تمرير مخططات سياسية أمنية، وبالتالي هو هكذا يعمل، وليس من المستغرب أن يمسكك من موضع الألم: مقاصة، بنوك، عمال، تجارة، حواجز وإرباك. وبالطبع عندما نتحدث عن غزة هذا نموذج صارخ في العدوانية والتوحش والإجرام. ولذلك غزة لا يمكن التحدث عنها بنفس المنطق الذي نتحدث به عن الضفة الغربية، ليس لأن قلوبنا ليست مع غزة أو لأننا لا نفكر بهم، ولكن ماذا سوف تتحدث عن غزة في ظل الإبادة التي تمارس عليهم يوميًا، وفي ظل تعطل كل الاقتصاد الفلسطيني، وفي ظل عدم وجود مصارف، عدم وجود سيولة. يعني هم يشتكون من السيولة لا يوجد  شواقل ولا يوجد دولارات ودنانير في الوقت الذي لدينا تخمة منه، هذه مفارقة، وبالتالي أقول لك لا بد أن نعيد النظر ويكون لدينا رؤية استراتيجية، حسنًا، إذا "إسرائيل" تقوم بكل هذه الموبقات هل نحن ملزمون أن نبقى بنفس المسار الاقتصادي في العلاقة مع هذا الكيان؟ أم لا بد وضع سيناريوهات العلاقة بالتطور السياسي ومن ثم نضع لها بعض الاستجابات الاقتصادية التي تخفف عن المواطنين كاهلهم، لأنهم مثقلين الناس وبالتالي هذا يحتاج تفكير جدي.

 

[00:31:58] نصر عبد الكريم:
للأسف الحوار الوطني الاقتصادي الاجتماعي، حتى السياسي في الحالة الفلسطينية تراجع بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ولم نعد نرى صراع أفكار، أصبحنا نرى صراع شخصي لكن ليس صراع أفكار ولا حوارات جدية ولا يوجد مأسسة لهذا الحوار. أنا بالأمس من ضمن النقاط التي طرحتها أنه يجب أن نعود لعمل ما يسمى بمنصة حوار رسمية مع القطاع الخاص والعمال والمجتمع المدني والأكاديمي، يجب إيجاد هذا الحوار لأن الجميع يدفع الثمن، لأن هذا الأمر يمس جميع الناس، صحيح يمس الموظفين الذين للأسف نتعاطف معهم بشكل كبير مباشر، ولكن هو يمس أيضًا من لا يأخذون رواتبهم ومن يتلقى خدمة اجتماعية وينتظر الخدمة الاجتماعية من السلطة، رعاية صحية وتعليم مساعدات نقدية وعينية للفقراء والأشد فقرًا، المزارعين الذين يئنّون تحت الاستيطان وتحت كلفة المياه والكهرباء وإغراق الأسواق عند قطف ثمارهم، الصانع الصغير الذي قدرته التنافسية في الأسواق تتراجع. هو يمس جميع الناس، حتى التاجر الكبير يمسّه، وبالتالي الجميع يحب أن ينخرط في هذه الورشة الحوارية التي تضع خطة على الأقل تدريجًيا وتنفذها وتضع أفكار، حول ماذا عسانا فاعلين؟ هذا السؤال المركزي الاستراتيجي يعني هل نبقى ننتظر سموتريتش؟! قدرنا سمورتريتش قدرنا بن غفير ونتنياهو  هل ينبغي أن نستمر في انتظار المقاصة؟! سؤال ما البدائل المتاحة؟ يجوز أن أكون غير متضرر من السلطة بسبب العلاقات الاقتصادية مع السلطة،ليس لي منافع ولا أنتظر منها خدمات، لكن الموظف المسكين الذي لديه أسرة، ما ذنب التاجر الذي ورّد للسلطة وله مستحقات، المستشفى، جميع من ينتظرون هذه الخدمات؟ هذا صحيح أنا أتفهم الظروف التي تمر فيها السلطة وهي تتعرض أيضًا لمضايقات وتضييق عليها نتيجة لهذه الممارسات، لكنها في النهاية مسؤولة عن الناس وليس العكس، أما الآخرون فليسوا من يتحمل المسؤولية، ولا هم من تسببوا في الأزمة.

 

[00:34:08] نصر عبد الكريم:
لذلك يجب إقامة حوار، وهذا الحوار جدّي، وللأسف حتى الآن غير مقام هذا الحوار. لهذا السبب أنا أقول دائمًا في كل الفرص التي تتاح لي: دعونا نرى إن كان هذا تشكل فرصة للخروج قليلًا من تحت العباءة الإسرائيلية، أعني لو فكرنا خارج الصندوق، رغم أني لا أدري ما هو  خارج الصندوق، لكن على الأقل خارج العباءة الإسرائيلية. حسنًا، نتحاور، "إسرائيل" تقوم بفعل كذا ماذا يمكن أن نفعل نتيجة لذلك؟ بتفكير عقلاني الذي هدفه في نهاية المطاف أمرين: يعيد توزيع أعباء الأزمات بحيث لا يدفعها فئة واحدة دون غيرها أو فئات دون غيرها، الجميع يشارك في تحمل الأعباء. وثانيًا، نحاول قدر الإمكان- وهذه عدالة نسميها عدالة في الأعباء وتوزيعها والفرص والموارد، ونمكن ما نعتقد أنه هو المخرج، أن نمكنه اقتصاديًا وماليًا، وتسويقيًا، وسياسيًا وبنية تحتية، الزراعة والصناعة، الصانعين الذين إن مكنّاهم نقلل اعتمادنا على "إسرائيل" من حيث التجارة وبالتالي أهمية المقاصة كلها تتراجع، المقاصة جاءت من أين؟ من خلال استيرادنا الكبير من الخارج ومن "إسرائيل"، فأصبحت المقاصة تشكل ثلثين الإيرادات العامة واعتمدنا عليها. الجباية المحلية تراجعت وأصبحت لا تغطي الجزء الأهم والأكبر من النفقات، وبالتالي أصبحت المقاصة هي الخاصرة الرخوة تمامًا في الجسد الاقتصادي الفلسطيني، وهذا مضرّ، ولهذا السبب أنا أظن هذا هو الموضوع. آسف أطلت عليك في الإجابة.

 

[00:35:52] أحمد البيقاوي:
لا لا لا داعي للاعتذار أبدًا دكتور، بالعكس شكرًا على هذه السردات الطويلة. ولكن سؤال: أنت تتعاطى مع الاقتصاد، وتتعاطى أيضًا مع السياسة، والاقتصاد السياسي، والاقتصاد الاجتماعي. هل يشكّل تخصصك عبئًا تحت واقع كالذي نعيشه اليوم؟

 

[00:36:09] نصر عبد الكريم:
يضغط بأي اتجاه؟

 

[00:36:11] أحمد البيقاوي:
نفسيًا، شخصيًا، عاطفيًا. يعني أنت كيف تتعاطى مع كل هذه المعطيات على مستوى شخصي؟

 

[00:36:18] نصر عبد الكريم:
 تركيبتي أنا الفكرية دون أن أبالغ بدوري بس، تركيبتي الفكرية ونشأتي ولاحقًا نشاطي المتواضع في عالم السياسي هو قادم من خلفية يسارية، يعني أنا فكريًا أنتمي لهذا المعسكر، يمكن أن يكون له علاقة بمكان نشأتي وأين تعلمت ومع من تعاملت.  هذه التجربة هكذا، لها ما لها وعليها ما عليها مثل أي فلسطيني، فهذه النشأة بقيت معي وصاحبتني وصاغت قناعاتي الفكرية الاقتصادية، ولهذا السبب عندما أحاكم أي موضوع أو سياسي. أنا لا أحاكم أشخاص لا علاقة لي بهم، أنا أحاكم سياسات أحاكم أداء ونتائح وتأثيرات وتداعيات، ولهذا السبب عندما أتناول أي موضوع أقيّمه من وجهة نظر الناس الموجودين على الهامش: الفقراء، الفلاحين الغلابة، العمال الذين منذ قرابة 18 شهر 20 شهر جزء كبير منهم ربما لم يعمل قط. ماذا عسانا فاعلين لهم؟ ولذلك ماذا ستفيد  هذه السياسة؟ يعني هذا الإجراء ما سيخدم هؤلاء الناس؟ لذلك أنا شخصيًا أؤمن بحياتي بموضوعين جدًا جدًا بإيمان عميق، أنا أؤمن بالعدالة، يعني العدالة في كل شيء، وهي أشمل من المساواة مع القانون، وأؤمن بالتمكين الذي يطلون عليه باللغة الإنجليزية Empowerment، والآخر Social Economic Justice. أؤمن إيمانًا عميقًا بهذين الموضوعين، لأنه من دونهم أرى الحالة الفلسطينية قد ابتعدت عن مسارها، يعني إدارتنا للشأن العام الفلسطيني والشأن الاقتصادي وترسيم السياسات الاقتصادية الفلسطينية منذ تأسيس السلطة لليوم بحكومات متعاقبة، أنا أظنّها ابتعدت كثيرًا على خلفية فرضيات أنا شخصيًا لم أكن أراها فرضيات صحيحة، من قبيل أنه يجب أن نتبنى سوق حر، وأن القطاع الخاص هو المحرك الأساس للنمو، وأنه يجب على الدولة أن تعطي التسهيلات لهذا القطاع الخاص.

 

[00:38:50] نصر عبد الكريم:
من حيث لا يوجد  إعفاء ضريبي وغيره، كل هذا مستهلك! أن "إسرائيل" معنية بالسلام ويجب أن تعطينا دولة وأن هذه مرحلة انتقالية، ووهم بناء مؤسسات يقود لتنمية، المجتمع الدولي وعلاقتنا فيه والمساعدات. كل هذا بالنسبة لي كان فرضيات، بالذات قضية تبني منهج اقتصاد السوق الحر، وأنا شخصيًا من أول يوم كتبت عنه بإمكانك الرجوع لأكثر من بحث وورقة عمل، ناقشت فيه وجهة نظري لماذا أنا ضد اقتصاد السوق الحر؟ لأنه هذين الأمرين الذي تحدثت عنهم في حالتنا الفلسطينية حيث كم كبير من الأسرى، وكمٌ كبير من الشهداء وأسرهم، وكم كبير من الجرحى عافاهم الله، حيث كم كبير من الفقراء والمتعثرين، حيث كم كبير من من الناس العاطلين عن العمل، حيث كم كبير من المزارعين وصغار الكسّاب والصناعيين الذين يئنّون أمام المنافسة وتغول رأس المال سواء المحلي أو الكبير الخارجي. بهذا جميعه، لا يصلح أن تفترض بالقواعد المتماشية في اقتصاد مستقر دولة ذات سيادة، واللي عندها راسخة هذا المبدأ في علاقاتها وفي حياتها، وفي بناء مؤسسي قانوني ناظم لهذه القواعد التي يفترض أنها هي اللي تخلق حالة توازن في الاقتصاد. لا هذا موجود في دول مستقرة ذات سيادة. في الحالة الفلسطينية، نحن نطرح بديل آخر اسمه "اقتصاد السوق الاجتماعي"، حتى تتضح الفكرة: نحن مع عمل القطاع الخاص لأننا نؤمن بدوره ونعطيه الفرصة وإطلاقًا ليست لدينا مشكلة معه، لكن الأمريكيين أيضًا يهذبون سلوك القطاع الخاص ورأس المال إذا رأوا أنه يخرج عن الحدود أو يبالغ. نحن أيضًا مع مسؤولية اجتماعية، مع دور دولي مع أن يكون هناك توازن والناس تأخذ حقوقها، والقطاع الخاص يأخذ حقوقه، وبالتالي العامل الموجود عند القطاع الخاص يأخذ حقه.

 

[00:41:00] نصر عبد الكريم:
القطاع الخاص يدفع الضرائب التي عليه، هذا لا يعني أنه لا يدفع حاليًا، ولكن أنا أقول ماذا بقي لنا؟ هناك مسؤولية اجتماعية للقطاع الخاص في كل دول العالم يحترم ويحمي حقوق المستهلكين حتى يكون عنده القدرة والمنافسة ليساعد ما يسمى بدفع عجلة المقاطعة غير الرسمية الشعبية، وتشجيع الاستهلاك المحلي، وهذا مفيد. ولهذا السبب أنا فكريًا يعني هكذا مصاغ ومنذ زمن حتى في بداية وعيي واستمريت على ذلك، ولا أعلم إذا للأسف أو ليس للأسف لم أتغير، لم أتغير يعني كنت بجامعة النجاح وفي بدايات أوسلو كنت بالأصل في الولايات المتحدة الأمريكية، وكنت أعمل في الخارج بالعمل السياسي لا أيد أن أعظّم من نفسي، ولكن على الأقل ساهمت إلى حد ما هنا وهناك في النشاط الوطني الفلسطيني. هكذا كانت قناعاتي وبقيت واستمرت، يعني من الممكن ما كوّعت (انحرف من المسار) على رأي السوريين يعني كثير لم أكوّع أكوّع هنا وهنا أحيانًا ولكن لا أكوّع كثيرًا يعني لا أقايض ثوابت في أفكاري في حياتي مقابل أي شيء، يعني هكذا كرامتي لا تسمح لي لهذا السبب أنا أرى هناك آخرين أهم مني على كل الأحوال، وناس ثبتوا وناس عندهم مبادئ دفعوا ثمن أكبر مني بكثير، وهؤلاء موجودون في كل الشعب الفلسطيني وكل فصائله وكل فئاته وكل انتماءاتهم أفضل مني بمليون مرة، ولكن أنا أقول لك أنا شخصيًا من الناس أحببت الاستمرار في هذا النهج ومن الممكن أكون دفعت ثمن مقابل ذلك، لا أعلم ولكن أنا لا أتذمر، هذا هو المسار اللي اخترته وأنا أتحمل مسؤوليته.

 

[00:43:01]
ولهذا السبب علاقتي بالاقتصاد، تقييم الاقتصاد عندما أنظر لموضوع الاقتصاد أنظر إليه من النظرة الفكرية. وبالمناسبة الاقتصاد من قال أنه قواعد فنية ونقطة، لا، يبقى مخطئ. يعني بالحال الفلسطيني وحالة صراع الشعوب مع جلادين أو حتى اليوم بدول جنوب ودول شمال ما يجري في الصراع على السيطرة والهيمنة على النظام الاقتصادي العالمي، لا هو الاقتصاد جوهره سياسي يعني هو فكر، أيديولوجيا يعني الرأسمالية أيديولوجيا، الليبرالية المكثفة الجديدة أيديولوجيا، الاشتراكية أيديولوجيا، الشيوعية سابقًا أيديولوجيا، الإسلام أيديولوجيا. ولذلك كل واحد له قواعد يسنّها ويرسّخها في العلاقات الاقتصادية. والاقتصاد ليس منحنى طلب منحنى عرض وأسعاره تتحدد وكأنه بمعزل عن ما يجري من ظروف وبيئة اجتماعية وسياسية. ولهذا السبب من هذه الزاوية أنا أخطّئ في كثير من الأحيان السياسات التي تنتهجها السلطة الوطنية الفلسطينية في كثير من الأحيان، وعبر السنوات في موضوع إدارة الاقتصاد، لأنه ظلم ناس أو لم ينصف ناس وأنصف آخرين، يعني لم يكن هناك عدالة وصار فيه فجوات تنموية سواء مناطقية جغرافية وفجوات تنموية مجتمعية. وهذا يقلقني من هذه الزاوية، وعندما أتحدث في أي لقاء أو ندوة، محاضرات، إعلام. أنا من هذه الزاوية أتحدث، وقد لا أكون بالمناسبة صائب يعني أنا ليس بالضرورة أن أدّعي أني أمتلك الحقيقة، ولا بالضرورة أن ما أقوله هو الحق الدائم، لا لا لا لا أنا هذا رأيي أحب التعبير عنه، قد أخطئ وقد أصيب مثل أي بني آدم آخر يعني.

 

[00:45:01] أحمد البيقاوي:
حسنًا دكتور نحن بتقارب نهتم وأريد أن أستكمل معك التعرف عليك كما تحب، يعني أحببث كثيرًا هذه  الوضعية، ولكن أريد العودة لهذه الصلابة والاشتباك والوضوح بالتعبير عن نفسك، بأساس أو بذاكرة كل شخص فينا أو بنشأته حدثت مجموعة من الحوادث التي أنشأت هذه الصلابة أو عملت هذا الاشتباك، يعني الذي رأيته منك اليوم. هل من الممكن استحضار أول مشهد أو أول قصة تستحضرها بنشأتك أو طفولتك التي أنشأت هذه الصلابة أو هذا الاشتباك، تخصصك أنت ممكن أن يكون بمكان آخر لو كنت بقيت في أمريكا كان من الممكن أن تكون نجم ومن غير وجع الرأس المتعايشين معه، ما الذي أتى بك إلى هنا؟

 

[00:45:44] نصر عبد الكريم:
لا، ما الذي أتى بي هنا هذا كان موضوع مبدئي، أنا على فكرة عشت في أمريكا فترة، في الماجستير كنت أعزب ثم بالدكتوراه تزوجت من فلسطين وذهبت إلى أمريكا، وكان لدي فرص، يعني حتى بعض أولادي معهم الجنسية الأمريكية ولم يزوروها قط منذ يوم عودتنا. لدي فرص ولكن لم أفكر بعمري إطلاقًا إطلاقًا إطلاقًا بأن أبقى بالخارج، يعني هاجسي كان أن أعود للبلد، يعني ليس لأني أنا وطنيّ أكثر من غيري، ولكن أقول لك تكويني الاجتماعي لا يسمح لي بالعيش كثيرًا بالخارج. تغربت كثيرًا وبالنهاية أعود يعني ذهنيًا أبقى حاضر، ذهني حاضر بأنه يجب أن أعود للبلاد. أنا اقول لك، مثل أي فلسطيني عاش بالريف، أنا ابن قرية يعني قريتي تبعد عن رام الله حوالي 20 كيلو شمال غرب رام الله اسمها عارورة، لا أعلم إذا الاسم مألوف للناس ولكن مرتبط بشخصيات جدًا مهمة، يعني رحم الله الشهيد الشيخ صالح العاروري واحد من أيقونات النضال الوطني الفلسطيني وفي كثير آخرين. وأول شهيد في البلد كان سنة 1976 شهيد رحمه الله قاد إحدى العمليات في بيسان واستشهد وكان ينتمي للجبهة الديمقراطية، يعني يساريًا يساري الهوى والممارسة. ونشأنا بريف الذي. هناك مشكلة، يا بيقاوي في مشكلة.

 

[00:47:33] أحمد البيقاوي:
لا لا لا يوجد

 

[00:47:35] نصر عبد الكريم:
ألو

 

[00:47:36] أحمد البيقاوي:
انتهى صحيح؟ انتهى تمام.

 

[00:47:39] نصر عبد الكريم:
تمام. حسنًا، أرجع لك على السؤال، لأنه أظن سوف تمنتج الباقي.

 

[00:47:47] أحمد البيقاوي:
لا دكتور، نحن لا نقوم بعمل مونتاج، يبقى على حاله.

 

[00:47:50] نصر عبد الكريم:
هذا قطع،كيف ستصلحه؟

 

[00:47:53] أحمد البيقاوي:
نقوم بوضع موسيقى.

 

[00:47:54] نصر عبد الكريم:
حسنًا.

 

[00:47:56] نصر عبد الكريم:
لذلك. عندما نشأت بالريف تعلم الوضع الفلسطيني، الوضع الفلسطيني بعد 67 أنشأت قبل الاحتلال الإسرائيلي بآخر الخمسينات ولدت وترعرعت ونشأت على الاحتلال، وفي الريف يعني حيث كان صعوبة العيش وكان الناس معظمهم يعتمدون على العمل في "إسرائيل" أو لهم أبناء في الخارج أو ناس فلاحين، حدث أن والدي رحمه الله كان مزارع يعني فلاح يعمل بمفرده ولم يعمل قط عند أي أحد لا بأجر ولا بغير أجر. هو لديه أرض زيتون ولديه أراضي كانت مصدر رزقه، في وقت الزيتون، ووقت العنب، وقت التين، وقت حصاد القمح والشعير. يعني بمعنى فلاّح يمارس نشاطه، وفلّاح يعني كامل النشاط. وعشنا كعائلة من هذا الرزق حتى كبرنا. وبالتالي أنا كنت بأيام العطل الصيفية- من الممكن أنكم لم تعيشوها في الأجيال الجديدة- كنا نشارك ونمارس نشاط اقتصادي، لم يكن متاح لدينا حيّز أن تذهب للعب، والسياحة والرحلات، يعني أنا كنت من الناس شاركت مع والدي في النشاط الزراعي وحتى في رعي الأغنام في بعض الأحيان في الصيف ونحن طلاب قبل أن نصل لمرحلة التوجيهي، وبالتالي كان هناك هذا الاحساس قربك من الأرض، ضنك العيش، عدم توفر كل شيء، يجب أن تبذل جهدًا كبيرًا حتى تكون قادرًا على الاستمرار والعيش بكرامة.

 

[00:49:37]
العيش بكرامة. والاحتلال جاثم يعني كل يوم تقريًبا تشاهد الاحتلال وممارساته. وهذه القرية التي أنا عشت فيها مثلما قلت لك هي عارورة، هي في البدايات كان فيها نشاط كبير سياسي قبل ولادتي. كانوا نشطين في الحزب الشيوعي وحتى بالقرية، أطال الله في عمره والذي شغل منصب أمين عام لحزب الشعب الفلسطيني لفترة ليس أمين عام هو رئيس اللجنة الثلاثية التي كانت تدير الحزب هو  أبو وليد مجيد حمدان من عارورة، ولكنه آثر أن يفرغ نفسه للكتابة والعيش في البلد هكذا كان يريد.

 

[00:50:25]
ولذلك الحزب الشيوعي سابقًا كان ناشطًا تاريخيًا في القرية. ثم أصبح مد في فترة الستينات والسبعينات- وأنت بالطبع تقرأ التاريخ- الثورة الوطنية الفلسطينية المعاصرة بدأت تتوسع وتنشط، ومن الطبيعي عندما يكبر الشباب يبدأون بالتعرف على الأفكار والالتقاء بناس مثل سجين سابق، أسير، شخص صاحب فكر منظّم، حيث كان التنظيم سري بالسابق. وفي حينه بدأ يتشكل وعيي مثل الغير. يعني وعيي وتوجهات فكرية سياسية، تقود أحيانًا للانتماء، أحيانًا تقود أن تظل مقتنع بما تقوله ومفكر ولكن ليس من الضروري أن تنتمي تنظيميًا. لكن كان هناك نشاط كبير لليسار في ذاك الوقت يعني لحد الثمانينات يعني لحد مغادرتي للقرية وحتى كان أول شهيد في القرية، في 1976 قاد مجموعة دخلت على مدينة بيسان، والشهيد مشهور طالب العاروري، استعادوا جثمانه مؤخًرا بعد 30-35 سنة حتى 40 سنة منذ أن احتجزوه الإسرائيليين. هذا شكل وعيي، تعلم الأيقونة، يعني عندما تكبر  في بلد تكون شاب صغير لم تبلغ سن 15- 16 ويحدث حدث من هذا النوع في القرية بيصير وكأنه تتعاطف أوتوماتيكيًا.

 

[00:52:03] نصر عبد الكريم:
يعني يصبح وكأنه نموذج لك، لحينه مثلي مثل غيري، رأيت في هذا التنظيم  يعني جزء منه تأثير هذا الشهيد العظيم جزء منه الحياة والظروف المعيشية والحياة التي نشأت فيها وبالتالي أنا أفتخر فيها وأفتخر في والدي كثيرًا، جعلتني أذهب وأنتمي باتجاه اليسار، يعني لم أفكر بشيء آخر  لأنه من الممكن أنني لم أصطدم بشيء آخر. فهذا هو، عندما انتهيت من مرحلة التوجيهي وخرجت للدراسة في الجامعة الأردنية، كان نشاطي الطلابي الذي لا أعتبره  يعني عظيم ولكن نشاط طلابي وإحساس وطني. بآخر السبعينات أول الثمانينات هو في هذا الإطار الطلابي التنظيمي كان في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. ثم انتهينا من الجامعة وانتقلنا للإمارات ومارست نفس النشاط ولكن كان اجتماعي سياسي أكثر في الإمارات، وكان بالأصل في أولها عمل سرّي ليس واضحًا تمامًا، وثم في أمريكا ونفس الشيء في أمريكا كان وسط طلابي، في الانتفاضة الأولى كان فيها حراك كبير وشعلة نضال تجدد النضال وصار  له معنى كبير، في كل حياته له معنى، ولكن في ذاك الوقت جلب اهتمام عالي من العالم، وعلى هذا الأساس بقيت  في هذا المنحى واستمريت، ورجعت هنا وبنفس القناعات السياسية والفكرية إلى أن غادرت العمل التنظيمي كله. يعني لم أعد أراه يتسع للتفكير فيه، يعني ليس تقليل من من شأن التنظيم هذا او ذاك، ولكن كشخص أكاديمي- دكتور جامعة، القولبة  التنظيمية شعرت أنها تلائمني،  لأنه أنا طبيعتي فوضوي في التفكير، فوضوي حتى في التدريس بالجامعة لست Well Structure كثيرًا، يعني لست منظم لدرجة كبيرة، يعني مرات كثيرة أتجه بالتفكير خارج الصندوق من الممكن أن عارض ممكن أقبل، وبالتالي ليس لدي موقف حاد من شخص.

 

[00:54:35] نصر عبد الكريم:
يعني أنا بالنسبة لي أحاسب وأحاكم سلوك، وقرار، وموقف، لا أحاكم أن يكون عندي موقف دائم وثابت من أي شخص أو من أي طرف، وبالتالي هذه المرونة تجعلني لا أستمر في التنظيم، لهذا السبب. وبعدها استمريت، أنا احترم هذا التاريخ وأحترم تاريخ كل الفصائل الفلسطينية مناضليها وشهدائها وأسراها وكل الناس بغض النظر عن انتمائهم، لكن أنا لم يعد لدي أي موقع بآخر التسعينات وإنما بقيت أفكر بطريقتي ولم أتخلى أو غادرت،  إذا صح التشبيه، "ما غادرت جبل أحد أنا". أنا مواقعي الفكرية بقيت على حالها لم أتغير كثيرًا، وهذا هو  يعني جزء من هذا التاريخ. يعني لا أريد أن يفكر الناس أني رجل عطاؤه كبير، لا لا أنا واحد مواطن عادي، مواطن له وجهة نظر، أحترم الآخرين ولكن أنا لدي وجهة نظر. لهذا السبب أنا لا أدّعي بأني أتميز وأتفوق على الآخرين، لا إطلاقًا يعني أنا واحد لديه وجهة نظر ورسالة ويدافع عن هذه الرسالة، قد يكون مخطئًا وقد يكون مصيبًا. لكن أنا شخصيًا مقتنعًا بما أقوله وأفعله.

 

[00:56:02] أحمد البيقاوي:
 دكتور إذا أردت القول أن هناك مبالغات بالنقاشات الفلسطينية، هنا أريد أن ألعب دور محامي الشيطان. يتم الحديث عن اقتصاد حر والتحرر من الاقتصاد الإسرائيلي وأنه يجب علينا أن نقوم بمجموعة من الإجراءات لتجاوزه. أنا أشعر أن هذه أصبحت مقولات تخص مؤسسات مجتمع مدني،  منظمات غير حكومية، دراسات، نظريات، لأنه لا يمكن أن تنفك من هذا الاحتلال يعني على مستوى جزئي فأشعر فعليًا طوال الوقت، حتى عندما نريد الاجتهاد ونقول التحرر من امتيازات الاحتلال والتحرر، كيف سنتحرر؟! يعني أنا بتصوري الأول البدائي أن علاقتنا مع البنوك الإسرائيلية كل البنوك الفلسطينية هي عبارة عن حسابات فرعية داخل البنوك الإسرائيلية، أحاول دائمًا أن أبني صور والتي تجعلني أتخيل أو تسهّل علي التخيل أو التصور لمستوى علاقتنا أو مستوى تبعيتنا للاقتصاد الإسرائيلي، الذين يدّعون فعليًا بمقولات التحرر من الاقتصاد الإسرائيلي، يعني هذا شعار أم من الممكن أن يكون واقعي ويطبّق؟!

 

[00:57:17] نصر عبد الكريم:
أولًا، أن تقيم علاقات اقتصادية سواء في المجال المصرفي والمجال الزراعي ومجال العمل، ومجال التجارة مع أي دولة كانت حتى في الدول المستقلة هذا لا يعني تبعية. اليوم لا يوجد دولة مستقلة في دول ذات سيادة وهذا التمييز يجب أن يبقى واضح في ذهننا. يعني أمريكا بنوكها لها علاقات مع كل دول العالم، الآن البنوك الفلسطينية لها علاقات مع البنوك الإسرائيلية مثل العلاقات مع البنوك الأوروبية مثل العلاقات مع البنوك المراسلة الأمريكية واليابانية، وبالتالي المشكلة ليست في العلاقة، إنما المشكلة في ضوابط وقواعد العلاقة التي تجعلها غير ندية وغير منصفة للفلسطينيين، والتي تعمق أزماتهم والتي تجعل مفاتيح الاقتصاد الفلسطيني بمعظمها في يد الإسرائيليين. هنا قصة مختلفة، نحن ما نطرحه- نحن ندرك الذي طرحته حضرتك وتقوله- ندرك بأن السيادة لا يمكن أن تتحقق إلا بإنهاء الاحتلال، يعني هذا موضوع انا أعشق السيادة، الاستقلالية غير مهمة يعني دول كثيرة مستقلة ولكن ليس لديها سيادة يا أستاذنا الكريم،  السيادة تعني قراراتك، وسياستك، ومواردك، وشعبك، أنت سيد عليه قادر على حمايته وتأمين مصالحه، عندما تأخذ قرار تكون قادر على الدفاع عنه، يعني مكانتك السياسية هي مكانة وازنة حتى تقدر ةتدافع عن ما تقول وتفعل. وهذه المكانة السياسية إما تأتي من مكانة اقتصادية أو من مكانة عسكرية. وبالتالي حتى يكون لديك مكانة سياسية وتكون قادر على مجابهة خطوات سموتريتش وبن غفير وغيرهم، حكومة اليمين والحكومات السابقة ليسوا أفضل منهم، لا بد من العمل على ما يسمى الرفع من شأن المكانة الاقتصادية، إذا لم يكن لديك قدرة عسكرية حتى تنال احترام الناس ومن أجل أن يكون لديك بدائل.

 

[00:59:29] نصر عبد الكريم:
حتى تدافع عن خياراتك السياسية تحتاج خيارات اقتصادية. لا يمكن أن نتوقع من دولة لا تملك خيارات اقتصادية وهي تستجدي المساعدات أو مرتبطة بعلاقات هي الطرف الضعيف فيها ولا تملك قرار نفسها على الصعيد الاقتصادي لا تمتلك موارد فقيرة أن تتوقع منها أن تدافع عن خياراتها السياسية. هذا مستحيل، لا يمكن. ولذلك اليوم الناس تتطلع من هذه الزاوية، أنا من هذه الزاوية أقول لك  نحن لا نتحدث عن سيادة كاملة ولا نتحدث عن انفكاك تام، ولا نتحدث عن تحرر اقتصادي، لأنه لا يمكن تحرك اقتصادي دون تحرك سياسي  يعني هذا يصبح "هبل". نحن نطرح ونقول الاقتصاد يجب أن يوظف في خدمة المشروع الوطني الفلسطيني باتجاه الحرية والتحرر والاستقلال وليس العكس. يعني الرأي الآخر المقابل هو يوظّف السياسة لخدمة الاقتصاد. أنا شخصيًا لا أعمل بهذا الشكل. أنا أقول مثلما يعمل الإسرائيلين، أنا أقول أن تدير اقتصاد بلدك بطريقة تجعل مساحة الحرية والسيادة لديك تتوسع. يعني أعطوك 20 بالمئة 30 بالمئة سيادة 40 بالمئة بأوسلو وباريس، لا تفقدها وسّع مساحتها، أنت ماذا فعلت عمليًا؟ بدلًا من توسيع مساحة السيادة التي تساعدك على أن يبقى لديك القليل من الحرية في اتخاذ قراراتك والمدافعة عن مصالح مواطنيك، وتبقى مستمر في مشروعك التحرر الوطني السياسي، صرت  تفقد القليل من هذه المساحة.

 

[01:01:17]
يعني من قال أن المقاصّة عندما بدأت السلطة كانت بهذا الوزن؟ لا، السياسات التي تم تبنّيها وقد تكون بحسن نوايا على كل الأحوال، التجارية وعلاقات العمل يعني اعتمادنا على "إسرائيل" بالعمل، هذا جعل من وزن المقاصة كبير ، وإلا كيف حدث ذلك؟ وبالمقابل أنهكنا الزراعة والصناعة الفلسطينية لأننا شجعنا التجارة من "إسرائيل" ومن الخارج، ولذلك صار عندنا السوق الفلسطيني وكأنه سوبر ماركت في دولة متقدمة فيه كل شيء، ومستورد من كل دول العالم، على حساب مين هذا؟  تنافسية المنتج المحلي الوطني تضعف هذا شيء طبيعي. لهذا السبب هذه سياسات. ولذك نحن نناقش سياسات ونقول معك الآن مساحة عشرة في المئة سيادة وأنت تسعين بالمئة تحت العباءة الاقتصادية تمام، وهناك القليل من السيادة 10% اجعلهم 15 اجعلهم 20 قم بعمل سياسات لجعلهم 20.

 

[01:02:18] نصر عبد الكريم:
وحاول قدر الإمكان أن تختار خيارات، وهذه الخيارات تنحاز لصالح الناس يعني لا تكون صالحة لفئة من الناس، لكل الناس. ومن قال أني لا أقدر ولا يوجد لدي حيّز أن أقوم بإدارة الموازنة العامة بشكل يخدم كل الناس ويخدم توسيع حيّز السيادة في فلسطين، لا قادر. يعني لا أقدر على عمل عدالة ضريبية؟ لا أقدر على عمل إنفاق حكومي والذي يستجيب لاحتياجات التنموية في البلد؟ لا أقدر دعم المزارعين بطريقة أو بأخرى؟لا أقدر على حماية الأسواق المحلية من تدفق  السلع الذي قد لا يكون لدينا قدرة على منافسته؟ لا أقدر حماية حقوق العمال الذين يعملون في القطاع الخاص والقطاع العام، بحيث أن يأخذوا حقوقهم كما ينص عليه القانون؟ لا أقدر على منع التهرب الضريبي؟ لا أقدر على إدارة التعليم والصحة بشكل أفضل. لا إذا هذا نحن غير قادرين على فعلة أستاذ والذي يعتبر مكونات في مسألة فك التبعية التدريجية، معناه أنا أقول لك لا داعي لوجودنا في المؤسسات كلها يعني. تفضل.

 

[01:03:30] أحمد البيقاوي:
حسنًا، لنصغر الزاوية قليلًا ونتحدث على البنوك بما أنهم محور نقاشنا اليوم. قل لي كيف تعمل البنوك الفلسطينية اليوم؟ وبرأيك كيف يجب عليها العمل؟

 

[01:03:39] نصر عبد الكريم:
هي تعمل وفق قواعد تم إقرارها في باريس ببروتوكول باريس، هو مرتبط بأوسلو والقادم من رحم أوسلو، وبالتالي باريس وضع قواعد بالعلاقات في العمل والتجارة والمصارف والنقد والمالية العامة نظام المقاصة والضرائب والجمارك، وبالتالي هو هناك، وبالمناسبة القواعد التي يسمونها العلاقات المصرفية النقدية التي شارك في صياغتها للمفارقة من الجانب الآخر وكان مساعد جدًا في ذلك وكتب عن الموضوع هو واحد اسمه "ستانلي فيشر" كان بروفيسور في إحدى الجامعات المشهورة MIT أو هارفارد، ولاحقًا أصبح محافظ بنك "إسرائيل". وبالتالي صيغت هناك، هي قالت بأنه يجوز للبنوك التي كانت تعمل قبل 67 أن تعيد فتح فروعها، ويجوز لبنك فلسطين الذي كان يعمل في غزة طبعًا أعيد افتتاحه بـ 1981 وتفرع في باقي الضفة الغربية، وكان بنك القاهرة عام 1986 أول بنك أردني فتح وبدأ زيادة وتكاثر في البنوك، ويجوز  تأسيس بنوك محلية جديدة. والشرط الثاني الإبقاء على عملة الشيكل هي عملة قانونية متداولة في الأراضي الوطنية الفلسطينية، وفي حال رغب الفلسطينيون في إصدار عملة خاصة بهم، يعني سامحونا ويجب أن يأخذوا الضوء الأخضر والتشاور مع الجانب الإسرائيلي. والقاعدة الثالثة بأن كل بنك يعمل في الأراضي الفلسطينية يحتاج بنك مراسل، بنك مراسل في داخل الكيان. بنك مراسل لماذا؟ من أجل تسهيل علاقاته.

 

[01:05:26] أحمد البيقاوي:
ماذا يعني "بنك مراسل"؟ أنا آسف، لكنني اليوم سوف أفكك كل مصطلح متداول ودارج، ماذا يعني بنك مراسل؟

 

[01:05:32] نصر عبد الكريم:
أنا أقول لك، الآن بنك في اليابان وليس في فلسطين؟ بنك طوكيو عندما يقوم بعمل علاقات تجارية مع الصين، ماذا يفعل البنك الياباني؟ له بنك مراسل في الصين وله حساب في البنك المراسل يضع له مليون دولار لنفترض، هذامن أجل تمويل العمليات التجارية، الياباني سيستورد من الصين يقوم بفتح اعتماد يسمّوه اعتماد تجاري، اعتماد مستندي، يذهب ويقدم الأوراق أنا أريد الاستيراد من الصين بهذه الكميات والمبالغ وهذه الشركة، رجاءً قم بفتح اعتماد. بنك طوكيو والذي يعتبر زبونًا عند بنك طوكيو الياباني، يراسل البنك الصيني الذي يتعامل معه، والذي هو في علاقة ومتفقين على شروط هذه العلاقة من عمولات وتغطية نقدية وغيرها. يأتي ويقول هناك معاملة لو تكرمت تقوم بدفع للتاجر الصيني للمورّد الصيني هذا المبلغ، يقوم بدفعه من حساب البنك الصيني، يدفع البنك الصيني المراسل ويقوم بأخذ من حساب البنك الياباني الموجود عند البنك الصيني مبلغ ويقوم بتحويله. الآن هو خدم التاجر الصيني، البنك الياباني بالأصل يكون قد أخذ مبلغ إما يغطي 100% من هذا التأمين أو إذا كان زبونًا جيدًا يقوم بعمل تغطية نقدية غير كاملة جزئية، ولذلك في تمويل التجارة لا يوجد بنك في العالم لا يوجد له بنك مراسل إلا إذا كان بنك لديه تفرعات كثيرة في كل دول العالم، عندها لا يوجد حاجة لعمل بنك مراسل، يعني البنك العربي لديه بنوك منتشرة في بعض الدول لماذا يقوم بعمل بنك مراسل في فرنسا وعنده فرع يقوم بدور البنك المراسل. ولكن من لا يملك فروع في العالم فروع في العالم ماذا يفعل؟ أنا لا أملك فروع في داخل الكيان وأنا ملزم بعلاقات اقتصادية واسعة معهم وملزم بالتجارة وملزم أن أقوم بفتح علاقة مع بنك إسرائيلي يخدمني كبنك مراسل.

 

[01:07:36] نصر عبد الكريم:
لأنه بالأصل عندما تأسست هذه البنوك لم يكن لديها ما يسمى بالقدرة على التواصل مع العالم عبر رمز التعريف البنكي ورقم الحساب المصرفي الدولي، لم يكن لديها علاقات دولية. وبالتالي كانت تمر هذه العلاقات من خلال البنوك الإسرائيلية حتى الحوالات الخارجية، حتى العلاقات التجارية الاستيراد والتصدير التي تستوردها من "إسرائيل"، وحتى في البدايات كان حتى الذي ستستورده من الخارج. عندما حصل القطاع المصرفي الفلسطيني، لاحظ توسيع حيّز السيادة، كل البنوك حصلت على Swift Code (رمز التعريف البنكي) وصارت جزءًا من الاتفاقات الدولية في مجال القطاع المصرفي، وصارت تحت ولاية ما يسمى المؤسسات الدولية، وحصلت كل البنوك على الـIBAN )رقم الحساب المصرفي الدولي) الخاص فيها وصار يوجد رقم للفلسطينيين Swift Code، صار سهل للغاية على أي بنك من الضفة الغربية مباشرة باليورو بالدولار وبأي عملة أخرى أن يتعامل مع البنوك الأوروبية والأمريكية بدون المرور بالبنوك الإسرائيلية.

 

[01:08:34] نصر عبد الكريم:
البنوك الإسرائيلية هي فقط لكل التبادلات التجارية بعملة الشيكل، ولذلك حتى الدينار والدولار لا يأتينا من "إسرائيل"، هو يأتينا بشحنات من الأردن. ولهذا السبب لا، يعني عمليًا البنك المراسل هو يخدمك في تسيير التبادلات التجارية، وأيضًا بالنسبة للاتجاه الآخر إذا جهة إسرائيلية أرادت الشراء منك نفس الشيء. وبالتالي هذا البنك المراسل هو يقوم بوظيفة يخدم فيها هذا البنك مقابل عمولات في تسوية معاملات في البلد الآخر الموجود فيه البنك المراسل، وهذا هو، هكذا تتيسر التجارة بالعالم.

 

[01:09:13] أحمد البيقاوي:
لماذا فعليًا تتوارد ردود للجهات الرسمية بمعنى اطمئنوا، يطمئنون الشعب والمواطنين، اطمئنوا حتى لو البنوك المراسلة فعليًا عرقلت عملنا نحن لدينا 40 بنك معتمد ولدينا علاقات وشراكات مع 40 بنك مراسل آخر وكذا. لماذا تتوارد هذه الردود بالسياق الذي نعيشه؟

 

[01:09:33] نصر عبد الكريم:
لا، أظن بيان سلطة النقد -ودعك من أي رد سياسي آخر-كان واضحًا ومحقًا. نعم ستربك العلاقات التجارية نتيجة لتهديد خطوة سموتريتش إذا نفّذها مع "إسرائيل" وبعملة الشيكل. لكن أكّد على أن البنوك الفلسطينية والنظام المصرفي مستقر له علاقات دولية وشبكة علاقات كبيرة، له بنوك مراسلة في كل دول العالم بالعملات الأخرى غير الشيكل. هذا هو، ولذلك نعم هو صحيح صائب مئة بالمئة،  المشكلة بالمعاملات والتبادلات الاقتصادية عماّل، تجارة، مقاصة أي شيء بالشيكل، هذه هي الإشكالية الكبرى في علاقتنا. كل دول العالم والبنوك في العالم تعمل لوحدها؟! لها بنوك مراسلة لأن كل بنك لا يستطيع فتح فرع في كل دولة، لأنه في بعض الدول تقيّد فتح فروع لك، يعني لديها متطلبات جدًا عالية بحيث أن البنوك الفلسطينية معظمها لا يستطيع أن يتفرع بالعالم، بسبب كفاية رأس المال وغيره من الشروط، ولهذا السبب يضطر على عمل عمل بنوك مراسلة بالعالم مئة في المئة يعني صحيح.

 

[01:10:48] أحمد البيقاوي:
آلية المقاصّة بما أنك تقول البنك المراسل وعمّمت الموضوع. آلية المقاصّة لغير الفلسطيني هل يكون قادر على فهم معنى المقاصّة؟ على فهم بالآلية؟ وبمعنى المقاصّة؟

 

[01:11:00] نصر عبد الكريم:
قصدك المقاصّة العلاقة بالجباية صحيح؟

 

[01:11:03] أحمد البيقاوي:
صحيح صحيح، هذه واضحة في بلاد أخرى؟

 

[01:11:08] نصر عبد الكريم:
في بلاد أخرى لا يوجد، لا يوجد مقاصّة في بلاد ثانية. المقاصّة: مصطلح فلسطيني بحت، إسرائيلي فلسطيني- إسرائيلي، هو نشأ نتيجة لهذه العلاقة الفريدة (Unique).

 

[01:11:24] أحمد البيقاوي:
فريدة.

 

[01:11:25] نصر عبد الكريم:
فريدة، يعني اقتصاد صغير في بطن حوت كبير، وبالتالي يعني هذه العلاقات التي نشأت هي لا شك علاقات مشوهة يعني هل من الممكن أن تكون علاقات طبيعية؟، لكن عند سماع مصطلح مقاصة، هل هناك دولة في العالم تجبي بضرائب، وجمارك، وقيمة مضافة على سلع مستوردة أو سلع تبيعها لتجار في دولة أخرى، تجبيها وثم تحولها لها، لا يوجد ولا دولة في العالم، لأنه لهم حدود، كل بلد عندها سيادة على الحدود، لديها ضوابط جمركية، ومراكز تخليص بضائع وشحن على الحدود والموانئ والمطارات. بضائع تأتي وتتخلص، يتم الدفع عليها بنفس البلد من جمارك وضرائب مستحقة، ومباشرة تقوم وزارة المالية مباشرة تورد لحسابات وزارة المالية، وبالتالي لا يوجد دولة بالعالم لديها كلمة "المقاصة".

 

[01:12:27] نصر عبد الكريم:
من أين أتت "المقاصّة"؟ اتفاق باريس قال: إن "إسرائيل" لها حق، ليس حق، حقه قد يكون عليها واجب. اتفاق باريس ماذا فعل؟  قال نحن غلاف جمركي واحد مع "إسرائيل"ماذا يعني غلاف جمركي؟ يعني نحن و"إسرائيل" نتشابه بنظام الجمارك على السلع، وأعطى كوتا، أعطى ما يسمى قوائم  أ، ب، ج السلع التي يستثنون فيها كميات معينة لحوم وخضار من الجمارك. وبالتالي الكميات تضاعفت التي نحن بحاجة لها ولم تراجع القوائم، ولكن بالمجمل نظام جمركي واحد، وقيمة مضافة يصح لنا أن نختلف عنهم باثنين بالمئة يعني إذا هم 17 اليوم نحن لا بد أن نكون 15 رفعوها واحد أصبح 18 ونحن أصبحنا 16، وبالتالي في ارتباط ما في تماثل ما في الأسعار نتيجة لهذا النظام الجمركي، رغم أن الدخل في "إسرائيل" هو 5 أضعاف متوسط الدخل لدينا، وبالتالي الحد الأدنى في الأجور في "إسرائيل" 3-4 أضعاف الحد الأدنى للأجور عندنا، وبالتالي هذا التماثل في الجمارك تريد "إسرائيل" فرض غلاف جمركي واحد.

 

[01:13:42] نصر عبد الكريم:
ومع غياب السيطرة على المعابر والحدود، البضاعة التي تستوردها من أين ستأتي؟ فرضًا استوردتها من أي بلد في العالم، أول من يستقبلها من يا أستاذ؟ يستقبلها ضابط الحدود، الجمارك، التخليص، الفحص الأمني الإسرائيلي. وبالتالي يخلّصها ما عدا السيارات، طبعًا السيارات تدخل ويتم تخليصها هنا في فلسطين ودفع عليها رسوم هنا. أما الباقي يتم تحصيل القيمة المضافة والجمارك على هذه السلع المستوردة من قبل "إسرائيل"، وعلى السلع المباعة من "إسرائيل" لنا هناك فاتورة موحدة اخترعوها بحيث تكون غير قادر على شراء من "إسرائيل" دون تقديم فاتورة. المورّد الإسرائيلي يعطيك فاتورة وتذهب لتقديمها لوزارة المالية الفلسطينية، وزارة الماليةتضعها بقاعدة المعلومات والبيانات وتحاسب الإسرائيليين فيها في آخر السنة ما لنا وما عليهم ماذا صدّرنا وماذا استوردنا منهم، الآن يسمّونها Clearance يعني تصفية تسوية، المقاصة من التقاص يعني ما لك وما عليك، وهي آتية من قاعة غرفة المقاصّة في البنوك يخصم منك شيكات ولك شيكات، ما لك وما عليك،يتم عمل إضافة أو تخفيض من رصيدك في البنك  الشريك في غرفة المقاصة، ومن يمثلنا فيها في "إسرائيل" هي بنوك إسرائيلية مراسلة (ديسكاونت وهبوعليم) وبالتالي يجب أن تعلم بأن المقاصة أتت من هنا، نحن نصدّر لهم وهم يصدّرون لنا، ولكن هم يصدرون لنا أربعة خمسة أضعاف مقارنة بما نصدرها لهم، يكفيك الكهرباء والمحروقات، الطاقة يعني، وبالتالي يبقوا ملحقين لنا. وبالتالي المبلغ الذي يبقى لنا كان قبل سبعة أكتوبر يصل إلى مليار شيكل يخصم منه ثمن الكهرباء والصرف الصحي، والمياه التي لم تكن تدفعها الهيئات المحلية، يبقى 850  مليون تقريبًا بين 850- 900، رقم غير دقيق بس بحدود هذا المبلغ.

 

[01:15:38] نصر عبد الكريم:
بعد 7 أكتوبر، لقبل حتى 7 أكتوبر، قالوا الأسرى والشهداء 600 مليون شيكل في السنة سوف نخصمهم، قرار من هنا ومن هنا، أوصلوها إلى 700 مليون. بعد 7 أكتوبر قالوا كل الذي تنفقه السلطة على غزة سنخصمه، هذا سموتريتش الأزعر (صبي التلال)، وبالتالي خصم 275-300 مليون شيكل من المقاصّة، ماذا بقي لديك؟ بقي  400 مليون، هذا يخلق أزمة وخلق أزمة واضح تمامًا الموظفين المساكين يدفعون ثمن هذا وهم ليسوا مسبّبينها، وبالتالي رواتبهم لليوم الذي نزل لهم 35 في المئة عن الشهر الماضي للأسف، وأنا متعاطف جدًا معهم، ولكن يعني أنا شخصيًا لست صاحب قرار. ولهذا السبب اليوم أزمة رواتب، يعني الناس اليوم تتحدث عن الرواتب، هذه المقاصة جاءت من التعبير وزاد بسبب الكمية الكبيرة من الاستيراد لأنه تصور أن الميزان التجاري لدينا عجز فيه كبير كبير كثير، هذا العجز كلما كان أكبر يؤدي لمقاصة أكثر. هذا كان يفرح السياسيين الفلسطينيين بالمناسبة، لأنهم كانوا يريدون حل أزمة الموازنة، التمويل من خلال عجز الميزان التجاري، وبالتالي كانوا يكبّرون عجز الميزان التجاري ويصغر مع عجز الموازنة، ولكن في الأخير لم يدركوا! كنا نقول ونحذر، يا جماعة الخير هذا لا يجوز لأن له مضار وتمكين "إسرائيل" من ورقة، يعني سترجع مرة أخرى تضغط فيها عليكم، ويضاف إلى ضرره البالغ على القطاعات الإنتاجية الفلسطينية. ولكن في حينه كان هناك تفاؤل 2007- 2012- 2013 بأن هناك رحلات مكوكية لكيري وأوباما ولديهم حلول، وبالتالي كانت الخيارات الاقتصادية أنا أقول لك بكل أمانة وموضوعية منذ تأسيس السلطة لليوم، خياراتنا الاقتصادية وسياستنا الاقتصادية، ومسارنا الاقتصادي، وخطواتنا السياسية هي تتعارض مع طموحاتنا السياسية.

 

[01:17:49] نصر عبد الكريم:
واضحة يا أستاذ بيقاوي؟

 

[01:17:52] أحمد البيقاوي:
هذا تصريح سياسي يعني الخلاصة هذه.

 

[01:17:59] نصر عبد الكريم:
هذه الخلاصة، أقول لك بصراحة لأن السؤال يصبح من أتى بك لهنا؟ يعني هل أتيت بنفسك؟ يعني انت صرت تعتبر المقاصة وعمال، طيب عمّال 400 ألف بني آدم اليوم عاطلين عن العمل منهم كان يعمل 200 ألف في "إسرائيل". هؤلاء كنت فرحان عندما كانوا يعملون ما شاء الله ويأتوا بحوالي مليار وشوي ونص تقريًبا أو أقل شوي شيكل شهريًا على الضفة الغربية، تصور اقتصاد الضفة الغربية! فالعالم جميعها فرحانة سعيدة. حسنًا الآن هم مساكين توقفوا عن العمل منذ 18 شهر، ما البدائل التي كانت عندك لمساعدتهم وتوظيفهم من أجل أن تعيش أسرهم بكرامة، ما هي البدائل؟ وجدنا أنفسنا في علاقاتنا مع "إسرائيل" الاقتصادية لا نمتلك بديل أو خطة بديلة، نحن مشينا في العلاقات بافتراض حسن نية لدى "إسرائيل" والمجتمع المدني لهذا السبب أقول لك أصبحت تضرنا العلاقات الاقتصادية مع "إسرائيل" وتضعف نسيجنا الاجتماعي حتى، ومستوى الثقة في كل المشروع نتيجة لمعاناة الناس وهذا حقهم. ولهذا السبب أنت عمليًا لماذا قلت لك التمكين الاقتصادي مهم؟! لأنه بالتمكين الاقتصادي وبالعدالة حتى لو الناس عاشوا بضنك عيش بظروف صعبة وتوزعت الأعباء بعدالة بينهم ومكّنت من كنت قادرًا على تمكينه وجعلته يعيش بكرامة. الناس ترضى ولكن أثبت أنك جاد على هذا الصعيد.

 

[01:19:35] أحمد البيقاوي:
 هل تتخيل أن يأتي يوم نتحرر فيه من المقاصّة وكل نقاشها؟

 

[01:19:45] نصر عبد الكريم:
أتحرر منه بالكامل لا. لكن يمكن التخفيف من حدة تأثير المقاصّة في حياة السلطة وإدارة المال العام، يمكن ذلك طبعًا.

 

[01:19:59] أحمد البيقاوي:
 هي اليوم أكثر من 70 في المئة من الموارد؟

 

[01:20:03] نصر عبد الكريم:
ثلثين

 

[01:20:03]
 

 

[01:20:06] أحمد البيقاوي:
هذا 2025، في التسعينات على سبيل المثال، كم كانت عندك تقديرات؟

 

[01:20:10] نصر عبد الكريم:
في التسعينات كانت قليلة جدًا. كل موازنة السلطة لم تكن تتعدى 600-700 مليون دولار في حينه، يعني كانت كل مشاريع البنية التحتية من أول خمس سنين حتى قيام انتفاضة الأقصى، الانتفاضة الأولى، الثانية آسف، في الأقصى الثانية بالألفين آخر الألفين، كانت موازنة جارية، كل مشاريع البنى التحتية للمجتمع المدني، كان المجتمع الدولي متحمّس، كان يريد بناء مؤسسات وبناء بنية تحتية وتعيد تأهيل الاقتصاد. فكان هناك ورشة في البلد، وكانوا مهيّئين يقوموا بإنشاء دولة في التسعة وتسعين لأن خمس سنين مرحلة انتقالية، فكانت الموازنة كافية، يعني ما تحصّله يكفيك، ولم يكن هناك تضخم في الوظائف، هذا في الوظيفة العمومية ولم يكن هناك نفقات عالية وامتيازات، هذا كله انخلق بمراحل تاريخية مختلفة بعد الانتفاضة الثانية التي امتدت من 2000 إلى 2003- 2004 ثم نتائج الانتخابات العامة 2006 لنصف 2007، وبالتالي هذا خلق القليل من الحمل المتزايد على موازنة السلطة بتوظيف عمال تضرروا، بتوظيف أسرى، بتوظيف مناضلين، في التوظيف بدأ يأخذ منحى أكثر اجتماعيًا سياسيًا، ليس بالضرورة، وهذا مهم ومفيد، يعني أنا لست ضده، ليس بالضرورة وفق الاحتياج، فهذا خلق أزمة صارت تتضخم فيها النفقات، والإيرادات لا تنمو بنفس القدر، ولذلك أقول لك موازنة الألفين حتى أعطيك رقم، نريد عمل موازنة الألفين في 1999 لأنه كان هناك مجلس تشريعي بغض النظر عن موقفنا من هذا المجلس التشريعي كان مجلس نشط يحاسب ويسائل، وتجربة رغم بداياتها لكنها كانت تجربة يجب أن تذكر بالخير.

 

[01:22:10] نصر عبد الكريم:
موازنة 2000 كان فيها فائض الموازنة الجارية، أنا أتذكر فائض 30 مليون دولار ليس عجز فائض، وبالتالي تحليل ما جرى، هذا يحتاج نقاش مختلف، لكن اليوم هل من الممكن إيجاد بدائل خارج تأثير المقاصة أنت حكومي ما مسؤوليتك؟ يعني هل أنا موظف يعني أنا مسؤول أقوم بحل الأزمة؟! مسؤولية الحكومة لحل الأزمة قدر الإمكان يعني وبالتالي أنا شخصيًا الذي يهمني في النهاية أتقاضى راتبي أتفهم شهر شهرين، أتفهم ظروفك. لكن يا عمي هذا لديه أسرة. ولهذا السبب الحكومة تحاول، قرارات اليوم  يبدو أن هناك جهودًا مستمرة من أجل الدعم المالي وكذا وتقدم مساعدات أوروبا. بالأمس أعلنت عن 170 مليون يورو في الفترة القادمة فقط للأونروا وليس جميعهم للرواتب على كل الأحوال وللسلطة. وستدفع مساهمتها في الرواتب هي تقريبًا عشرين مليون يورو، وبالتالي قد يساعد، لكن هذه بالنهاية مسؤولية السلطة والحكومة هذا الذي أقوله. يعني حتى الحديث عن أزمة المقاصة لم يعد حتى  يلاقي آذان صاغية، الناس ملّوا هذه الأسطوانة المشروخة.

 

[01:23:36] أحمد البيقاوي:
هذا جزء من يومياتنا هذا الخبر يعني.

 

[01:23:39] نصر عبد الكريم:
صار أسطوانة مشروخة، في أزمة صحيح هي أزمة حقيقية نشهدها ونعيشها. ولكن السؤال ليس هنا، السؤالان المهمان المركزيان اللذان يجب الإجابة عليهم. وهذا ما قلته لك يأتي في الحوار، وهو إلى متى؟ ما البدائل التي بإمكاننا الاستفادة منها؟ يعني ماذا سنفعل؟ وإلى متى؟ هل سنبقى على هذا الحال من الحالة المعيشية؟ الاستدامة المالية للسلطة يعني ستبقى لمتى؟ تحمّلوكم الموظفين وبعد ذلك؟ وسؤال آخر: هل جميع الناس يساهمون في هذه الأزمة بنفس القدر من العبء؟ أم فقط المتعاقدين مع الحكومة؟ يعني هل جميع الناس متساويين في هذا الجانب؟ أنا لا أملك إجابة عليه، ولكن ما أقصده يجب إقناع الناس من الجمهور الذي يتعامل مع الحكومة بالذات من لهم مصالح مباشرة، حتى المواطن الذي مصالحه غير مباشرة ومنافع الحكومة تأتيه بشكل غير مباشر. يجب إقناعه بأنه هناك محاولات جدية ونحن فعلًا نقوم بعمل إصلاحات جدية. الآن هل هذا الجمهور مقتنع حتى الآن؟ من الذي أراه بالتعليقات والأحاديث بين الناس وكذا، لا يعني يبدو أن الناس غير مقتنعة حتى الآن.

 

[01:24:42] أحمد البيقاوي:
طيب إذا أردنا الذهاب لناحية "إسرائيل" أكثر، فسنلاحظ أمرين: هناك إجراءات سياسية تكون قائمة. أطفأ لك التكييف؟

 

[01:24:50] نصر عبد الكريم:
ذبحني ذبحني.

 

[01:24:53] أحمد البيقاوي:
ماذا به؟

 

[01:24:54]
شغّل التكييف يا رجل، خاف الله.

 

[01:24:58] Speaker4:
ذبحتني.

 

[01:25:00] نصر عبد الكريم:
 حسنًا قول يا أبو عوض، قول يا أستاذ بيقاوي.

 

[01:25:06] أحمد البيقاوي:
دعنا ننطلق ونقوم بعمل نظرة عن قرب للسياسة الإسرائيلية أكثر، واضح جدًا أن كل القرارات هي قرارات سياسية ضد البنوك الفلسطينية متفقين عليها هذه.

 

[01:25:18] نصر عبد الكريم:
وأيضًا ضد السلطة والشعب.

 

[01:25:20] أحمد البيقاوي:
وبالمقابل البنوك الفلسطينية تفكر بعقلية تجارية، هي تريد أيضًا البنوك الفلسطينية وتريد هذه التبعية لأنها مستفيدة منها.

 

[01:25:29] نصر عبد الكريم:
البنوك الإسرائيلية قصدك.

 

[01:25:30] أحمد البيقاوي:
البنوك الإسرائيليه صحيح، هل يمكنك أن تشرح لي هاتين النقطتين معًا؟ كيف تكونان مقابل بعضهما وكيف تعملان؟

 

[01:25:37] نصر عبد الكريم:
إذا أردت تركها للقطاع المصرفي الإسرائيلي يعني بنك "إسرائيل" المركزي يسمّوه بنك "إسرائيل" والبنوك الإسرائيلية، والتجار الإسرائيليين، وأرباب الصناعة الإسرائيلية، لا هو اقتصاديًا إذا أجروا تحليلًا لتكلفة المنفعة فسيتبيّن أنهم معنيّون باستمرار العلاقة مع الفلسطينيين لأن لهم مصالح اقتصادية. هذا بمعزل عن الموقف السياسي الأمني لأي حكومة إسرائيلية، يعني لو جردّت علاقتك مع الإسرائيليين وهم جرّدوا أنفسهم من الطغيان الحكومي اليمين السياسي، لا.. لماذا لا يريدون هذه العلاقات وهم مستفيدون منها، يعني يصدرون لك حوالي ما يقرب من ستين في المئة تقريبًا من احتياجاتك السوق وباقي كل دول العالم أربعين بالمئة، وأنت تصدّر لهم حوالي تسعين بالمئة من مجموع صادراتك، وبالتالي هنا نتكلم عن سلعة، وبالتالي عمليًا هناك شركات كبيرة في "إسرائيل" تعتاش على السوق الفلسطيني يعني أهم سوق عندها بعض هذه الشركات هي السوق الفلسطيني سواء في الاستيراد أو التصدير. ولذلك هم بمعايير اقتصادية بحتة مجردة، بأنانية اقتصادية، لا لو سألت حتى محافظ بنك "إسرائيل" أمير يارون البروفيسور هذاسيقول لك أنا مع استمرار العلاقة مع البنوك، من غير أن أعرفه ولا مرة قابلته. ونفس الشي لو سألت الـ CEO لأي بنك منهم يعني هو لا يضره. لكن لديك حكومة يمينية سياسية تخضع تفلتر جميع العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية، ليس معي فقط بل مع العالم، ميزان كيف يخدم مخططاتها التوسعية، طموحاتها التوسعية. وبالتالي هي حتى بعلاقاتها مع كل دول العالم بالمناسبة تعاقب الدول اقتصاديًا وتعطي جزرة اقتصادية لكثير من الدول على هذه الخلفية. على فكرة هم ليسوا هكذا معك فقط، ولهذا السبب جاء هذا القرار.

 

[01:27:56] نصر عبد الكريم:
الاعتبار السياسي الأمني هو المقدّم دومًا على الاعتبار الاقتصادي، هذه مقولة لي عمرها عشرون سنة، ولهذا السبب نتنياهو ما الذي استبدله من اليوم الذي تولّى الحكم في 2008، طرح لك السلام الاقتصادي، صار وكأنه نموذج السلام الاقتصادي، صار يتردد ويتم عمل عليه ندوات وأبحاث. ما هو  السلام الاقتصادي؟ أن الفلسطينيين يجب أن نقدم لهم منافع اقتصادية، فوائد اقتصادية، مزايا اقتصادية، توزيعات اقتصادية، حتى يشعروا بأن هناك ثمرة للسلام والتعايس مع "إسرائيل"، وبالتالي هكذا يتنازلون قليلًا عن حقوقهم السياسية. وبالتالي اعتبروا أن المدخل للسلام والاستقرار مع الفلسطينيين هو الاقتصاد. مقايضة اقتصاد بطموحات وطنية فلسطينية ولكن هذا فشل في انتفاضة الأقصى الثانية بالألفين ثبت عدم جدوى هذا الطرح، ولكن كرروا عندما أتى كيري حاول من هذا المدخل وأوباما، وبدأوا بالعمل أكثر على السلام الاقتصادي وتم العمل في عهد ترامب إذا تذكرت نسيبه قام بعمل في البحرين شيء من هذا القبيل، هل تتذكر هذا المؤتمر الإقليمي الكبير الذي كان يريد بناء عليه اتفاقات تطبيع وتنمية ويحولنا لـدولة سنغافورة متقدمة. لكن هذا كله ثبت أن الفلسطينيين غير مستعدين لمقايضتك، وبالتالي يجب عليك أن تجرب غيرها. وبعد ذلك عندما ملّ نتنياهو صار يطرح الأمن مقابل الاقتصاد، لاحظ انتقل أول أوسلو أو أوسلو قام على ماذا؟ Peace For Land يعني أعطيكم أرض تعطوني سلام يا فلسطينيين لا تقوموا بالاعتداء علي ونصبح جيرانًا محترمين. تراجعنا يا سيدي "إسرائيل" تراجعت وقالت بعد ذلك Peace For Economy. ما القصة؟ تراجعوا عن إعطائنا الأرض، اختفت الأرض من أدبياتهم، بعد ذلك حتى السلام اختفى! قال لا أريد سلام منك أريد الأمن مقابل أن تعطيني Security for Economic Prosperity انا أعطيك كل التسهيلات الاقتصادية ولكن إياّك أن تمس بأمني أمن دولتي.

 

[01:30:18] نصر عبد الكريم:
لاحظ حتى في غزة تعاملوا مع أهلنا في غزة بهذا المنطق قبل طوفان الأقصى وأدخلوا عشرين ألف وسهلوا التجارة والفلسطينيين تبحبحوا ( تحسّنت أوضاعهم) وصار يصير BMC (تصريح خاص لرجال الأعمال)، وتصاريـح وتجارة، وسفر من المطار والعمّال، هل تذكر هذه الفترة؟ الناس صارت من هذه الزاوية تتعامل مع موضوع أمني عندما يمس الأمن، لاحظ بيوم واحد يوم السبت كانوا قاطعين كل العلاقات ومجففينها ومجمدينها تمامًا مع الفلسطينيين، صح يوم واحد فقط ساعة، طيب لماذا؟ السبب بسيط لأنه بالنسبة لهم الاقتصاد غير مهم. حتى عندمت خاضوا حرب ضد حزب الله وضد غزة والعدوان على إيران، الاقتصاد ليس هو الأهم، وغير متوارد في بالهم، لأنهم يدركون بأنه هناك أحد حائط يعني مسلّح وراءهم، ولذلك الاقتصاد يتجاوزوه، ولذلك عندما يسوّقوا قصة الخطر الوجودي. مع الفلسطينيين تعاملوا مع هذه الزاوية، لا بد أن تفهم العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية الفلسطينية من هذه الزاوية فقط وليس من زاوية أخرى. يعني هي ليست علاقات بين بلدين، بين دولتين بينهم نزاعات ومصالح، يعني لسنا أميركا والصين احنا، نحن دولة تحت احتلال ودولة تحتل أرضك، كيف ستعطيك وتمكنك من مفاتيح اقتصادك حتى تتمرد عليها، وتزيد مكانتك على المواجهة السياسية. لا يصلح، تريد أن تظل ممسكة هذه الخيوط التي تجعلك دائمًا وأبدًا تفكر بالذي نفكر فيه، ومحقين الناس العاديين اليوم الذين يفكرون في لقمة عيشهم، وهذا شي مفهوم للغاية ومبرر، والعامل الذي يفكر كيف سوف يعمل، والتاجر الذي يفكر كيف سيسدد شيكّاته، والموظف المسكين الذي لا يقبض راتبه كيف سيعيش. وبالتالي هذه حياة يومية، أغرقوك إغراق بالأزمات اليومية، وبالتالي قادرين على أن يسببوا لك أزمة سياسية مع هذا الصعيد طبعًا.

 

[01:32:19] أحمد البيقاوي:
بهذا السياق السياسي والأمني والاقتصادي، ما حجم الإجراءات التي تمتكلها اليوم الحكومة الإسرائيلية على بنوكنا الفلسطينية؟

 

[01:32:30] نصر عبد الكريم:
يعني هي إجراءات، ومثلما قلت لك الإجراء الذي اتخذوه قد اتخذوه.

 

[01:32:35] أحمد البيقاوي:
هذا ما يستطيعون فعله.

 

[01:32:37] نصر عبد الكريم:
ويقطعون أو لا يقطعون، قد يقدمون على إلغاء ضمانات الحكومة الإسرائيلية التي تعطى للبنكين الذين يقدمان خدمة المراسلة للبنوك الفلسطينية، هذا أقصى ما يمكن فعله، أما التخوفات من دخولهم إلى البنوك، يعني هذه تخوفات لا أعطيها وزنًا كبيرًا. لأقول لك يجب حساب هذه الخطوة، ما الذي ستستفيده "إسرائيل" إذا دخلت على البنوك الفلسطينية وعاثت فيها فسادًا وسرقت أموالها ماذا ستستفيد؟

 

[01:33:12] أحمد البيقاوي:
لأن اليوم يقومون بعمل نفس الشيء على الصرّافين.

 

[01:33:16] نصر عبد الكريم:
الصرّافون قصتهم مختلفة.

 

[01:33:18] أحمد البيقاوي:
 فاهم القصة مختلفة، لكن ما أقصده هو لا يغلقه فقط ويصادر أمواله!

 

[01:33:22] نصر عبد الكريم:
كل القصه عبارة عن 30 مليون شيكل، بعضهم يقوم برفع قضية بالمحكمة وبعضهم يسترد أمواله، وبعضهم لا يستردها. وهذا تعسف، هذا تغول، هذا مرفوض، هذا إجرام.. كل ما تريد. ولكن البنوك للقطاع المصرفي محمية بعلاقات واتفاقات دولية، هذه مش قصة..

 

[01:33:38] أحمد البيقاوي:
و"إسرائيل" تحترمها؟

 

[01:33:40] نصر عبد الكريم:
حتى إن لم ترغب في احترامها، فهي لا تعيش لوحدها في الكون، هل تعتقد أن نتنياهو حرّ في أن يتصرف كما يشاء وبن غفير وسموتريتش؟

 

[01:33:53] أحمد البيقاوي:
والله سألتني بالموعد الخاطئ وبالوقت الخاطئ.

 

[01:33:57] نصر عبد الكريم:
ترامب ماذا قال، على تويتر؟

 

[01:34:03] أحمد البيقاوي:
قال له أرجع الطائرات.

 

[01:34:04] نصر عبد الكريم:
قال له أرجع الطائرات، ولم يكتف بذلك قال هذا وقف إطلاق النار، يلا عيّد. يعني عمليًا الاعتقاد القديم بأن نتنياهو و"إسرائيل" توظف أمريكا وتؤثر على أمريكا؟ لا يا عمي هذا اعتقاد كان خاطئ وأنا في أمريكا كنت أدرك أن الفلسطينيين والعرب عندهم فهم خاطئ. "إسرائيل" قلعة متقدمة وظيفتها الدفاع عن مصالح أمريكا الاستراتيجية وليس العكس، وبالتالي هي هكذا تم توظيفها حتى تظل تعمل وتؤمن مصالحها، وفي المقابل هناك دعم أمريكي لا محدود، حتى يكون هناك منفعة متبادلة،ولكن عندما تفقد "إسرائيل" وظيفتها وعندما تتعارض مع مصالح أمريكا،  خصوصًا هذا ترامب هذا أبيض، هذا يؤمن بـ Let's make America great again (لنعد أمريكا لعظمتها مجددًا) ليس واحد،  الجمهوريون معروف عنهم في أمريكا أنهم أمريكيون حتى العظم، ولذلك عندما يقول لك أمريكا أولًا هو إذا نتنياهو سيتعدى خطوط- اليوم سمحت له تصريح وهو مسافر على إحدى الدول الأوروبية من أجل اجتماع الناتو. ماذا قال؟ قال على غزة، لا بد انتهاء الموضوع في غزة. يعني أعطى غزة جزء من حديثه، على كل في اجتماع الأمس في المجلس التشاوري قلت هذه قد تشكل فرصة للتسوية السياسية. لأن نتنياهو الآن أنقذه ترامب في عدوانه على إيران وسانده ودعمه ووفر له الغطاء السياسي. اليوم ترامب يقول لنتنياهو. حسنًا تعال نقوم بجرد الحساب، نريد تسوية وهدوء.

 

[01:35:47] أحمد البيقاوي:
اعذرني، سأقاطعك. أنت تعتقد فعليًا أن إجراء اقتحام البنوك وسرقة الأموال الموجودة في الخزائن، والأموال المكدّسة، بالإضافة لخزائن عموم الشعب الفلسطيني الذي لم يعد يثق في البنوك ولجأوا إلى الخزائن، ولم يعد لدى البنوك خزائن، صادروا هذه الأموال جميعها، هل تعتقد أن الإسرائيليين بالنسبة لهم، يعني هذا القرار له تبعات أكثر من تبعات الإبادة التي شهدناها؟

 

[01:36:12] نصر عبد الكريم:
لا لا لا لا، الحالتان مختلفتان، ليش الإبادة اليوم لها تأييد دولي؟ لكن الإبادة، كل دول العالم تدينها ولكن الوحيدة التي تقف مع"إسرائيل" هي أمريكا بشكل أو بآخر. لكن ما أريد قوله لك، ماذا سوف يفيد؟ هذا قد يكون خطوة تقدم عليها "إسرائيل".

 

[01:36:32] أحمد البيقاوي:
يضرنا أكثر مما يفيدهم صحيح؟

 

[01:36:33] نصر عبد الكريم:
أنا لا أستبعد. انتبه، أنا لا أستبعد مائة بالمائة. ولكن أنا أقول لك مستبعد يعني أنا أستبعد ولكن لا أنفي. أنا أستبعد ولكن لا أنفي، لأنه هذا بعقلية واحد مثل سموتريتش وبن غفير ونتنياهو ممكن أن يقوموا بأي شيء. ولكن الذي أقوله أنا حسنًا أقدمت على اقتحام البنوك وتريد السرقة من الخزائن على أي أرضية؟ يعني هناك ادعاءات دائمًا تدّعيها عندما تهجم على المصرفين، والبنوك على أي خلفية؟ طبعًا البنوك عضو جزء من اتفاقات دولية. ثم يعني هل يفيد "إسرائيل" سياسيًا؟ وأخذت هالأموال  تحت حجة ذريعة وقانونية يعني صارت سلبطة (بالقوة) قرصنة، يعني حتى أموال غزة حتى أموال غزة التي تأخذها لم تستطع التصرف بها إلى أين أخذتها؟ أخرجتها للنرويج. صح يا أستاذ؟ يعني هي حتى بالقرصنة هناك قيود. لذلك أنا لا أقول لك أنه أنا من من الناس اللي لا أنفي وجود هذا الإجراء مستقبلًا. لكن أنا ما أقوله أني أستبعده بشكل كبير على الأقل في المرحلة الراهنة. الآن كيف تتطور الأمور؟ لا أعلم، ومن الممكن أن تحدث انتخابات في "إسرائيل" ولا نرى هذه الوجوه أصلًا. لذلك أنا شخصيًا لا يوجد لدي شيء قاطع ولكن أنا لا أحب كثيرًا أن أبدو مبالغ وأهوّل وأثير ذعر، لأنه يعني هذا هو الذي يجب، انتبه التضليل والتهويل والتقليل هذه الأمور يجب تجنبهم، يعني نكون موضوعيين إلى حد كبير. التضليل مضر، والتهويل مضر مثلما كان التهويل عندما بدأوا يتحدثوا عن البنوك صارت تخرج وتكدس الشيكل وقطع العلاقات، أنا رأيت الكثير من المنشورات إنه يا عمي اذهبوا واسحبوا أموالكم. يعني هذا مضر جدًا والتضليل في المعلومة مضر، والتقليل منها مضر لأنه يجعلك تركن ودون أن تحسب حساب وهذا مضر. اعمل بشكل وسطي، حسنًا، احسب حساب لا تقلل من الشأن واحتاط قم بعمل تحوّط Hedging يسمّونه وحاول أن تكون جاهزًا لأي سيناريو، وهذا هو دائمًا ما أطرحه. ولهذا السبب أنا لا لست كثيرًا مع قصص التهويل.

 

[01:38:46] أحمد البيقاوي:
 والله طرحك ممتاز دكتور ولكن أنت تعلم في الواقع وبالوقت والزمن الذي نعيشه الآن، يعني الفلسطيني فاقد الثقة بأي كيان فلسطيني، بأي مؤسسة فلسطينية، بأي بنك فلسطيني. ورأينا فعليًا حتى أنا قبل قليل رديت عليك بالإبادة، ولكن أنا أرى ماذا يفعلون بالضفة، وأرى فعليًا فرضًا كيف هناك قرار سياسي بإنه نهدّئ من هذه الموجة. فأنا فقط أضع نفسي مكان هذا المواطن الذي يرى كل دور الحكومة الفلسطينية تجاه المواطن لا تفعله فهو فاقد الثقة تمامًا. فلهذا السبب حتى- يعني مثلما قلت لك عندما تحدثنا في مكالمة- إشاعة مثل فلان الفلاني كان طالع على جسر وأخذ معه مليون شيكل أو مليونين شيكل كذا وتحدث عليها فضيحة، واليوم الناس ليسوا باستطاعتهم حمل هذه الإشاعات وليسوا حمل فكرة الاحتمالية لأنهم فاقدين الثقة تمامًا، وأعتقد حتى إذا أردنا الرجوع لقبل فترة تعرف هذه المرحلة االتي انهارت فيها البنوك في لبنان، يعني جعلتنا نفقد الثقة بكل البنوك بكل النظام المصرفي، السياق مختلف فاهم.

 

[01:39:46] نصر عبد الكريم:
احمد أسمع عما تقوله عن لبنان؟ لا هذا سياق مختلف.

 

[01:39:50] أحمد البيقاوي:
لا أنا على فهم دكتور هذا نظام مختلف، لكن ما أقصده أن الناس على مستوى الوطن العربي صارت في الجلسات كلها تتحدث عن موضوع فلوسنا في البنوك. نحن أتينا على سياق مختلف. ولكن لدينا مخاوف، هناك تهديدات نحن نعيشها وموجودة. أنا أعتقد أنك مطمئن بشكل متزايد بصراحة، فلذلك أجرب سؤالك لأخذ اطمئنان منك كيفما كان، أعطيني.

 

[01:40:17]
الاطمئنان ليس اطمئنان، هو عندي قناعة تقول الآتي. أولًا أنا أراهن على الناس، على الشعب المسكين الغلبان المضحي، أراهن على عطائه وتضحياته. أنا لست كثيرًا معجب بالحكومة الحالية ولا بالتي قبلها ولا بالتي قبلها. ولا معجب بكل أداء السلطة ولا سياساتها، يعني حتى نحسم الموضوع. وبالتالي أنا أي شخص لا يوجد لديه ثقة بالبناء المؤسسي السياسي السلطوي في الضفة أفهمه وأبرر له. ولكن أقول لك، قناعتي الآتي، لا زالت جملة واحدة هناك جزء مهم كان هناك جزء مهم من المجتمع الدولي ومؤثر، يعتقد بأن استقرار القطاع المصرفي بما فيه المكون المصرفي في الضفة الغربية والقطاع الاقتصادي بما في المكون المصرفي في الضفة الغربية، مهم لأي تسوية سياسية لاحقة. لن يتأبّد الاحتلال. وبالتالي الفوضى الاقتصادية ستجلب فوضى سياسية، خصوصًا إذا تتحدث عن انهيار السلطة وإسقاطها منذ سنتين والناس تتحدث وأنا دائمًا أقول لا يا عمي هذا غير ممكن. هذا لن يجلب منافع لا للكيان ولا للمجتمع الدولي، لأنه في نهاية الأمر ما البديل عند الإسرائيليين؟ احتلوا الضفة الغربية يهجروا أهلها هذا مستحيل. يهجروا أهلها؟ مستحيل، يعني 3 مليون ونصف يهجروهم؟! ويحتلوا الضفة الغربية من جديد. هم بالأصل لا يريدون سكان. الحل الذي أنا أراه وأتخيله أن التسوية السياسية تكون أعلى من حكم ذاتي وأقل من دولة. نحن اليوم ماذا؟ أعلى قليلًا من حكم ذاتي وأقل من حكم عسكري مباشر احتلال عسكري. ولذلك لا يمكن الملف يبقى مفتوح. هذه أنا قناعتي وقد أكون مخطئ تمامًا بالمناسبة. ولكن هذه قناعتي. ملف الصراع مع الاحتلال والاحتلال الإسرائيلي، العالم سئموا، يعني بمعنى أنه يجب أن ينتهي، وهو يبدو أنه هو عامل دافع مهم لكل المواجهات في المنطقة. ولذلك طالما هذا الجرح مفتوح تريد التوقع أن تنفجر مواجهات في أي مكان بسبب الاحتلال الإسرائيلي وعدالة القضية الفلسطينية ومشروعها الوطني، مشروعنا الوطني. لذلك هل من مصلحة أحد انفجار الوضع الاقتصادي كله وانهيار النظام المصرفي. وبالتالي هذا ينعكس على دور السلطة وبالتالي ربما تغييبها. أنا أقول لك لا يوجد مصلحة لأحد. ولهذا السبب أنا من هذا الباب غير مطمئن هيك، يعني لدي القليل من الركون لهذه الفرضية، وإذا لم تصح هذه الفرضية فأنا أكون مخطئ، ولكن هذه هي فرضيتي التي بنيت عليها استنتاجي، وقد أكون مخطئًا ولكن هذه هي فرضيتي يا صديقي فقط.

 

[01:43:23] أحمد البيقاوي:
حسنًا، يعجبني هذا الاطمئنان الذي لديك، أخبرني نحن في الضفة الغربية تحديدًا، والناس فعليًا حتى هذا اليوم من يملك فرضًا 100 ألف شيكل أو 100 ألف دولار، كيف يمكنه أن يوزّع أمواله؟ Chat gpt نصح بالتوزيع بين العقار، والأرض، والذهب، والكاش، ووضع جزء في البنك. لكننا نعيش تحت احتلال، فما هي أفضل الممارسات لتوزيع الأموال أو توزيع الـSavings (المدخرات)؟

 

[01:43:51] نصر عبد الكريم:
أصعب سؤال يُطرح علي هذا السؤال يا بيقاوي منك ومن غيرك.

 

[01:43:55]
والله إلا تجاوبه اليوم.

 

[01:43:56]
أقول لك منك ومن غيرك يا عمي اسمعوا. يجب أن تعرف أمرًا، هناك شيء في العلم الذي أنا أفهم فيه، لا أفهم إلا بهذا العلم فقط، هو علم المال Finance يسمّونه. يقوول بأن سلوكك الاستثماري والادخاري هو يعتمد على خاصية عند كل بني آدم مختلفة عن الآخر لها علاقة بشهية المخاطرة. كم أنت تتسامح مع المخاطرة؟ لا أريد أن أتحدث بالإنجليزية حتى لا يقول لي أحد أنت تتفلسف. أنت كم لديك حب المخاطرة يعني أنت إلى أي مدى متسامح؟ هناك ناس محافظة جدًا، وبالتالي بالنسبة له يريد أن يمشي ويذهب بسلوك استثماري ادخاري الذي يؤمن فيه مخاطر صفر، لا يريد يا عمي. يريد وضعهم في مكان ما أمين سليم يأخذ عليهم القليل من العوائد وانتهينا ادخاراته، وهناك ناس آخرين لا يقول لك أنا أريد أن أصبح غني، ولكن أريد أخذ مخاطر عالية ولا يهم أتحمل مخاسر، هذا لديه شهية عالية. ولذلك طباع البشر ليست كلها واحدة حتى تعطيه وصفة. يعني هذا ليس مرض له وصفة في المعالجة، هذا له علاقة بأفضليتك أنت ماذا تفضل كشخص؟ وما خاصية المخاطرة عندك؟ كم نسبة حساسيتك للمخاطرة؟ هناك ناس يحبون المخاطرة كثيرًا يذهبون للشراء في Forex ويعملون بالمؤشرات ما يسمى العملات الرقمية أو العملات العادية، وبعض الأحيان يربحون أو حتى مؤشرات النفط ومرات يخسرون. وبالتالي هناك ناس يحبون وضع وديعة في بنك، يضعهم في وديعة ويعطوه عليها 3-4 في المائة وانتيهنا تقريبًا مخاطر صفر. وناس يذهبون للأكثر من هذا ومن الممكن إذا كانت لديه القدرة يتمكن أن يفتح فيهم الحساب في وديعة في بنك خارجي يعمل جزء منها في بنك خارجي، وناس يقومون بشراء الذهب.

 

[01:45:52] نصر عبد الكريم:
يقول لك هذا أكثر شيء آمن الذهب هو الذهب الأصفر هذا ملاذ آمن ما عليه غبار وأكون قادر في أي وقت أن أتصرّف فيه، وهو فلسطينيًا على فكرة في الذاكرة الفلسطينية، السردية الفلسطينية الذهب عمره ما كان استثمار هو ادخار، يعني هو لليوم من الأيام الصعبة، اليوم بدأت الناس تعمل فيه كاستثمار. وبالتالي هناك ناس يذهبون للعقارات يقول لك والله الأرض بعمرها لم ينزل سعرها. هناك ناس لا يريد عملة واحدة يريد أكثر من عملة. القاعدة التي نقولها للجميع وأنا لست صاحبها وإنما صاحبها ناس علماء في الاستثمار من 50- 60 سنة قالوها لست أنا، قاعدة التنوع في الاستثمار، نوّع يعني لا تضع كل ما تملك في أداة ادخارية استثمارية واحدة ولا بعملة واحدة، اشتري القليل من الذهب ولكن ليس اليوم، اليوم غالي. اشتري إذا لديك أرض ولا تحتاجها ابقها ولا تبيعها، عملات يعني انت أنت ترى الدولار وترى اليورو قم بوضع دولار ويورو، إذا ترى الشيكل. أنا على المستوى الشخصي وهذا غير ملزم لأحد أنا لا أحتفظ بالشيكل إطلاقًا إلا بقدر حاجتي اليومية الاستهلاكية، أخاف ليس كثيرًا، وموقف له علاقة بلماذا أحتفظ بالشيكل حيث أنه إقراض مجاني للاحتلال، وذلك أنا احتياجاتي الاستهلاكية أقوم بصرفهم وانتهى، وراتبي بالأصل ليس بالشيكل، ولكن من راتبه بالشيكل بالكاد يكفيه الله يعينه ولكن ليس لديه ادخارات بالأصل. هناك ناس يشترون أسهم، وهناك ناس  مغامرين كثيرًا خصوصًا الآن فتحنا شركات تتداول بالـ Forex يسمّونه. وهناك ناس يعملون بمنصات خصوصية للتداول بالعملات الرقمية، هؤلاء مغامرين يحبون المخاطرة ويحبون الفلوس. ولكن بالمجمل الفلسطينيين يصنفوا على أنهم بالمجمل على أنهم ليسوا كثيرًا لديهم شهية عالية للمخاطرة يميلون أكثر  للملذّات الآمنة في الاستثمار. فالتنويع مهم، أنت قيّم حسب قدراتك.

 

[01:48:03]
الآن غير التنويع، ولكن هناك أمور لم يعد من الممكن عملها، اليوم لم يعد من المجدي أن تضع المال أو الذهب في البيت.

 

[01:48:08] نصر عبد الكريم:
لا ذهب وأموال بالبيت، لم يعد أحد اليوم يضع الأموال في البيت هل تعتقد مثل أبي وأبيك وجدك من الممكن أبيك لا ولكن جدك نعم. يعني أنا أتذكر لم يكن هناك بنوكًا على زمننا يا رجل. يعني أول بنك فتح في الضفة الغربية سنة 1986 في نابلس بنك القاهرة عمان في حينه كنت في جامعة النجاح، وحتى في ذاك الوقت لم يكن مرحب به كثيرًا في الفضاء الوطني الفلسطيني لأنه كان يعني بنك وآتي تحت الاحتلال، تعرف كيف هذا ولكن بعدها تم تقبله والحمد لله اليوم تعمل البنوك. أول بنك انفتح سنة 1986. ثم الناس لم يكن لديها بنك ديسكاونت ولئومي (بنوك إسرائيلية) فقط كانوا يتعاملون مع التجار. أما باقي المواطنين العاديين يفتحون حساب في بنك لئومي وديسكاونت؟! لا. التعامل مع البنوك والثقافة المصرفية عند الفلسطينيين لم تكن موجودة، وبالتالي بدأت بعدما بدأت البنوك تفتح وبدأ هناك وعي وتوعية مالية يسمّونها مصرفية، وبدأت هناك جهة ناظمة لهذا العمل المصرفي في ثقة واطمئنان. ولدينا مؤسسة ضمان ودائع تضمن جزئيًا ودائع الناس. وبدأت الناس تنضج من ناحية فهمها لحقوقها وواجباتها في علاقتها مع المصارف وفي إدارتها لشأنها الاقتصادي. فالناس بدأت التفكير خارج السياق التقليدي الذي كان سائد. ولذلك اليوم لا، اليوم الناس لا تضع أموالها  في البيوت قطعًا. ذهب كثير من الناس لديهم خزائن لو ذهبت على بنك اليوم، وأنا حدثني أحد مدراء البنوك هناك طلب عالي على خزائن البنوك الذي يضع فيها الناس ممتلكاتهم الخزائن مقابل عمولات يعني مقابل رسوم، يقوموا باستئجار يعني السبب لأنه أيضًا هذا نوع من الخوف، هذا سلوك، هذا ما نخاف منه وليس البنوك لأن الإسرائيليين عندما يدخلون على البيوت هناك الكثير من التذمر والشكاوي وهي محقة في جزء كبير منها إنه يتم مصادرة أموال، عرفت كيف الجنود والضباط بعضه يصادروه ويعطوك وصل وبعضه يأخذوه كنوع من السرقة، وبالتالي مدى دقته لا أملك دليل صراحة، ولكن أرى وأسمع كثيرًا. فالناس صارت تخاف ولذلك أصبحت تلجأ إلى البنوك من لديه القليل من الذهب، ومن لديه القليل من الأموال للطوارئ. الناس أصبحت ميّالة أكثر لتحمي نفسها. ولذلك يعني أنا من الصعب أعطي وصفة وكأنه أنا يعني المبشّر بنجاة هذه الأمة، يعني أنا صاحب رأي ولكن ليس بالضرورة أنني أملك حلول يا صديقي يا أحمد.

 

[01:50:39] أحمد البيقاوي:
دكتور نحن نترك الضيف ونعطيه المايكروفون في النهاية، يعني شكرًا جزيلًا على هذا الحوار، لأي تعليق مساحة حرّة لأي تعليق إضافي، نفي تأكيد، يعني هذه مساحتك الحرة فشكرًا لك وتفضّل.

 

[01:50:55] نصر عبد الكريم:
بارك الله فيك. يعني لا يوجد لدي نفي لشيء قلته ولا أؤكد على شيء لأنه شيء طبيعي الذي قلته، وشيء طبيعي المنطلقات التي أتحدث بها. وما أقوله، أنا عندي إيمان كبير بهذا الشعب وتضحياته والتي أنا أقل واحد من الممكن ضحى فيهم. وهذا الإيمان والثقة لا بد إلا في النهاية ينتج نصر، النصر تعريفه من شخص لشخص مختلف بس على الأقل ينتج حياة أفضل يغيّر هالحال. ورسالتي وبالتالي من هذا الباب أنا لدي إيمان بالناس العاديين هم الغلابة هم دائمًا دافعين الثمن. رسالتي للنخب والسلطات السياسية في البلد والمؤسسات التي تدير شأن الناس، راجعوا سياساتكم وليس من العيب أن تراجع السياسات، ليس من العيب أن ترجع للتدقيق في التجارب، تعظّم التجربة التي كانت ناجحة والسياسة التيكانت لها مفعول إيجابي، وتعدل وتصلح الذي لم يكن جيدًا والذي أضرّ بمصالح الوطن والشعب. واستفيد من تجربة سلطة عمرها 30 عامًا وانتبه للمسار، وهذا يفتح على آخر عبارة سأقولها، مطلوب دائمًا وأبدًا حوار جاد، وطني، اقتصادي، اجتماعي وسياسي يفتح ويفسح المجال للكل بإبداء رأيه طالما الرأي فيه مسؤولية وموضوعية، لأنه في النهاية الجميع حريص على هذا البلد والجميع سيدفع الثمن في حال الإخفاق. فأنا شخصيًا أرى بأن الحل هو في التشاركية السياسية الحقيقية وفي إصلاح سياسي جدي يقود لإصلاح تشريعي مؤسسي ومن ثم إصلاح مالي وإداري وليس العكس. وأتمنى لشعبنا الفلسطيني الخير وأتمنى لأهلنا في غزة الفرج ونراهم يعيشون مرة أخرى بكرامة بعيدًا عن هذا العدوان السافر الذي بقتل الأطفال والنساء وجوع الناس، ونتمنى أن نعيش مرة ثانية معهم في إطار وحدة جغرافية سياسية سلطوية واحدة تقود في النهاية مع القدس الشرقية إلى دولة نحلم بها، دولة ديموقراطية تعطي الناس حقوقهم، وبيننا وبين دولة تكون عقد المواطنة ونعيش وكأنه فعلًا يعني كما نحب أن نعيش. وشكرًا لك على الاستضافة ونتمنى أن أكون قدمت شيء مفيد للناس، وإذا شعروا أن هذا غير مفيد يسامحونا.

 

[01:53:50] أحمد البيقاوي:
يعطيك ألف عافية وشكرًا لك، شكرًا جزيلًا.

 

[01:53:53] نصر عبد الكريم:
بارك الله فيك يا أخي.

 

[01:53:58] أحمد البيقاوي:
دكتور انتهينا الآن من التسجيل، كيف رضاك عنا أول شيء؟

 

[01:54:01] نصر عبد الكريم:
أنت 1000 أبدعت، كيفك يا أستاذ؟ ستبث التسجيل الآن؟

 

[01:54:07] أحمد البيقاوي:
لن نبثه الآن سوف نقوم بإعداده والشغل عليه، لكن أحيانًا نأخذ تفاصيل من الكواليس، فمن المكن أن نأخذ لك مقطع الآن.

 

[01:54:16] نصر عبد الكريم:
 مقطع حول ماذا؟

 

[01:54:16] أحمد البيقاوي:
سنسألك عن انطباعاتك حول البرنامج والحوار؟

 

[01:54:24] نصر عبد الكريم:
 الحوار لا شك أنه جدي وحوار مطوّل، وهذا يعطيك مساحة أكبر للتعبير عن رأيك ومواقفك، وبالتالي هذا يعني لا يجتزئ ما تقول، هذه المنفعة بالحوارات المطوّلة والأسئلة أيضًا لها دور، السؤال الصح يستدعي إجابة صح. وأنا شخصيًا دائًما أقول بالإعلام العربي لا ينخلق تحدي للضيف Challenge،  الإعلام الغربي تجلس على Hard Chair يسمّونه، يقول لك: نصر عبد الكريم قبل سنتين أيّدت هذا القرار، اليوم ما قصتك؟ أنت هذا موقفك. إذا أجبت إجابة غير مقنعة يقول لك قف لنعد إلى الوراء  كما فعلت حضرتك سابقًا. ولذلك أنا أحب التحدي، كلّما قمت بعمل تحدي أكبر لي وأثرت قدرتي على التفكير سيكون أفضل والحوار يصبح بنّاء، لأنني مثلًا توقفت كثيرًا عند سؤال- وهذا السؤال أوقفني قليلًا- ما الذي يمنع "إسرائيل" من الدخول على البنوك؟ وأنا سأقول لك ولكن لا تأخذها كمقطع لا تأخذها. جوابي كان من باب أني لا أحب إثارة الذعر يا أستاذ أحمد. ولكن أقول لك أوقفني كثيرًا هذا السؤال، والآن أقول ما الذي يمنع "إسرائيل"؟ من الممكن أن تقوم بها، ولكن أنا لا أقدر أن أقول لك أنها من الممكن أن تفعلها فاهم علي يا أستاذ؟ من باب أن وظيفتي ليست بث الخوف والهلع والذعر عند الناس، أنا وظيفتي إرسال رسائل طمأنة لهم وأعطي شيء موضوعي، ولكن أحيانًا بعض الأسئله قطعًا تعمل لك شيء يسمّوه abnormal behaviour يعني سلوك غير طبيعي، وسؤالك هذا أخذني إلى مساحة غير طبيعية في التفكير.

جميع الحقوق محفوظة © 2025