أقوم كل فترة بجولة عشوائية في مجلدات الصور لدي، وفي كل مرة يلفتني قلة الصور الجماعية لعائلتي، تجتمع العائلة ولكن لا توثق تلك اللحظات التي كلما كبرنا تقلّ وتقلّ. وفي العودة لآخر عشر سنين، لا أظنّ ان هنالك أكثر من صورتين تجمعنا، الأولى كانت بعد ضغطي على الجميع، وبوجوه تقول "يلا خلّصنا بلا سكاعة"، والثانية في عرس أختي الاء، والتي في الصورة توثيق لفكرة العرس الذي دخل بيتنا لأول مرة أكثر من أيّ شيء آخر. وما يدعم هذه الملاحظة قلّة صوري مع صديقي طارق، أطول سنين الصداقة بصور لا تزيد عن أصابع اليد. بالعودة لكل مناسبة تجمعنا أحاول التفكير بالأسباب وراء عدم انتباه أحدنا للقيام بشيء صار عاديًا في يومياتنا، التقاط الصور، ولكنّي لا أجد غير "بلا سكاعة" كرد قوي على هذه الفكرة!. "بلا سكاعة"، صحيح، فما الحاجة لتصوير وتوثيق معطيات ثابتة في حياتنا؟!، أناسٌ لن يغادرونا ولن نغادرهم، وسيبقوا خالدين في كل سنين حياتنا، وكأنّه لا أحد فينا سيحتاج يومًا للتأمل بصورة جماعية، فالذاكرة مليئة بالصور وكل تفاصيلها. وقد يكون هذا السبب نفسه وراء التقاط عشرات الصور لأناس يمرّون مرور الكرام في أيام، فتصادف وجوههم بين الاف الصور بعد سنين إن لم تكن أشهر، وتقول "يااااااااااااااااه"، كتعبير على سقوطهم من ذاكرتك!. أحب هذا التفسير، وأُدعمه اليوم بنشر البعض صورًا معدلة على الفوتوشوب، والتي ينشرها أناس فقدوا غاليًا، فبحثوا عن صورة حديثة تجمعهم وتوثق علاقتهم ولم يجدوا، وحتى بعد اللجوء للتعديل وإضافتهم باحترافية على أي صورة نقصتهم، تبقى هنالك ثغرة تحكي أنّها معدلة، وتحكي -على سبيل المثال-أنّ ذاك الرجل أحبّها فعلًا، ولم يخطر بباله أن يفقدها يومًا، فلم تخطر بباله الصورة!. ملاحظة: لا اتحدث هنا عن صور السيلفي، وبالتأكيد، لا أتحدث عن صور مرحلة السنابشات التي تُمهلك ثوانٍ معدودة قبل حذفها وإرسالها إلى مزبلة الصور، ولا صور الاستعراضات، ولا حتى صور بداية العلاقات، بل ما بعد فترات الاحتفال بها، يعني تقريبًا ما بعد الفتور أو البرود العاطفي، وتحوّلها إلى معطى ثابت، كعلاقتك تمامًا مع الصديق والعائلة، أتحدث عن الصور الغالية جدًا.