هل نجا من الشمال أحد؟!
08 مايو 2025
الاستماع للحلقات عبر منصات البودكاست
أحمد مرتجى
ضيف الحلقة
أحمد مرتجى

في زمن الإبادة المستمرّة، لا يحظى النّاس بترف اتخاذ القرار المناسب. غالبًا هم مخيّرون بين الخطير والأقلّ خطورة، وثمّة من في شمال غزة، اختار مغامرة البقاء، ورفض النّزوح، وقرر مواجهة الأهوال، ومنها المجاعة والموت.

في هذه الحلقة من "بودكاست تقارب"، يشارك أحمد مرتجى، الكاتب والناشط الإنساني من غزة، شهادته الشخصيّة الحيّة عن البقاء. يحكي عن تفاصيل يوميّة لم نرها، ولم نسمع عنها في الإعلام: عن الخصوصية المفقودة، والقرارات الجماعية، وعن الكتابة كفعل نجاة، ويصوّر واقعًا متشابكًا من الخوف والمقاومة، من الانكسار والتمسّك بالحياة، ويجعل من السخرية أداة لفهم العبث، ومن التوثيق وسيلة لتجاوز المحو.

وبين النزوح 18 مرة ورفضه مغادرة الشمال، يناقش مرتجى فلسفة الصمود، متسائلًا: هل هو خيار واعٍ أم اضطرار قاسٍ؟ يروي مشاهد عن التضامن، عن فتاة قُصفت وهي مكشوفة الرأس، عن الجيران الذين أصبحوا "ونسًا" لا يُقدّر بثمن.

🔹 كيف عاش النّاس في شمال غزة؟
🔹 ماذا يعني أن تنام قرب الجثث وتشتري الخبز بـ100 شيكل؟
🔹 لماذا قررت بعض العائلات، ومن بينها عائلة أحمد، البقاء في الشمال رغم كل نداءات الإخلاء؟
🔹 كيف تعمل شبكات التضامن في الحرب؟
🔹 ما الذي يحدث بعد أن ينجو الإنسان، رغم أنّه يظلّ عالقًا؟!
 

⭕️ نناقش أيضًا:

📍 قرار البقاء كفعل جماعي وليس فرديًا
📍 الانهيار الكامل لمفهوم التنظيم والخدمات
📍 كيف تصبح الكتابة مقاومة في ظل غياب الإعلام
📍 تجربة النجاة كفخ لا بطولة

🧠 الضيف: أحمد مرتجى

كاتب فلسطيني من غزة، وناجٍ من الإبادة في شمال القطاع، استخدم الكتابة الساخرة لتوثيق تفاصيل الحياة اليومية خلال الحرب.

🎙️ المحاور: أحمد البيقاوي

 

نرفق لكم في الأسفل نص تفريغ الحلقة الصوتية بالكامل:

أحمد مرتجى: [00:00:00.02]
أنا رأيت الحارة كلها يعني دون ملابس الصلاة(مكشوفات الرأس) فكما يقولون تخاوينا(صرنا وكأننا إخوة!)

 

أحمد مرتجى: [00:00:05.93]
بتحكي عن مدينة مهجورة تمامًا يعني.

 

أحمد مرتجى: [00:00:08.45]
ونحن في غزة نبحث عن الونس(الأُنس) يعني ممكن تكون في أخطر مكان في غزة، لكن تطمئن انه والله جيران احنا الموجودين حواليك.

 

أحمد مرتجى: [00:00:18.38]
يعني أنا شخص يحب أن ياكل فعلًا يعني، فكيف تقول لي مثلاً انت اليوم حصتك هذا النصف من رغيف الخبز، ماذا سيحلّ بالبني آدم؟!

 

أحمد مرتجى: [00:00:28.46]
إذا أحمد في لحظة معينة أراد أن يخرج، يأتي له محمد ويقول له: لا. قرار جماعي؛

 

أحمد مرتجى: [00:00:35.36]
الذي يطلع من داره يقل مقداره. لكن هذا لا ينطبق متأسف على الــ.

 

أحمد مرتجى: [00:00:40.61]
صار صغير حينما أنت تنجح _لست آسف أبدًا_ انك تشطّف بالماء لأول مرة! أنت متخيل يعني؟!

 

أحمد مرتجى: [00:00:48.74]
الجنوب تسمع أخبارهم حين تدخل المساعدات، والطعام والشرب، وهنالك تجار وإلى آخره.. ومناطق آمنة وتصنيفات وكذا. ونحن موجودون في منطقة ثانية؛ منطقة أحزمة نارية، موت، مجاعة..

 

أحمد مرتجى: [00:01:05.00]
عندما تصاوب أخي، فعليًا يعني أتعرف ما كان الدواء؟ أو كيف كنا نعالجه في اللحظات الأولى؟ أمي كانت تقرأ له على رأسه في المستشفى.

 

أحمد مرتجى: [00:01:16.13]
مرحبًا. أنا اسمي أحمد مرتجى، يسمونني كاتب، خريج علم نفس وأشتغل في مجال العمل الإنساني. في حلقة اليوم في تقارب حكينا أكثر عن تجربتي في الشمال، وجبت البقعة، ربما ما بقينا لأننا أقوياء، ولكن بقينا لأننا نحب الحياة. حللنا كثير هذا المفهوم، حكينا أكثر عن تجارب ومشاهدات وتأملات بهذه التجربة، أتمنى أن تسمعوها وتتابعوا تقارب.

 

أحمد البيقاوي: [00:02:14.67]
مرحبًا وأهلاً وسهلًا بكم في حلقة جديدة من "بودكاست" تقارب. معكم أنا أحمد البيقاوي، وضيفي لليوم العزيز أحمد مرتجى. لكل أحد فينا عاش أو يعيش الإبادة وشهد عليها فإنه قادر أن يحكي لنا عن أصعب اللحظات. وهذه اللحظات تتغير من ظرف لظرف، من وقت لوقت. ولكن بعض اللحظات مثل لحظة غياب الاتصالات الأول وانقطاع الاتصالات الأول، ومثل اللحظة الثانية التي يعتقد الناس _هي الأولى أو الثانية في غالبية الأحاديث هي لحظة غياب الصورة والخبر عن شمال وادي غزة بعد النزوح الكبير من شمال الوادي إلى الجنوب، وبعد قرار مؤسسات إعلامية كبرى بالخروج لمراسليها وصحفييها وكاميراتها من شمال وادي غزة إلى الجنوب، الأمر الذي أدى إلى غياب القصة وغياب الخبر. لاحقًا، في تقارب تحديدًا في مقابلة إسلام بدر ومقابلة باسل خلف قبله، حينما كنت أسالهم عن قدّيش انتم قاعدين تصدرون أخبار أو قدّيش الأخبار الموجودة. كل أحد كان يحكي فعلياً بنسب والتي هي قليلة جدًا أمام الأخبار التي يجب تغطيتها. وأيضًا كان هنالك ذكر دائمًا؛ لانه هنالك بعض المناطق التي ليس عندهم فيها حضور، فلا يصدر منها الخبر. في حوارنا اليوم مع أحمد الذي ما خرج بقرار، وهنا فعليًا هنالك نقاش تعرفه، كان دائماً يتم الخوض فيه؛ بأن بعض الناس ليس لديهم خيار للصمود أو أن الصمود لا يكون صمودًا اذا لم يكن عند الإنسان خيار آخر. ولكن العائلات أو بعض العائلات أو غالبية العائلات التي كانت موجودة في شمال وادي غزة، بقيت هناك بقرار الصمود وبقرار البقاء، وقاموا بمعجزات للنجاة الجماعية. في هذا الحوار سنتعرف على هذه اليوميات، سنتعرف على هذه التفاصيل من المدوّن والكاتب أحمد الذي كتب خواطر وتدوينات وكان شاهدًا على بعض التفاصيل من خلال منصات التواصل الاجتماعي. رأينا وتواصلنا مع بعض يومياتهم من خلالها. اليوم فعليًا  سنخوضها كلها من أجل أن نقدم شهادة جديدة حقيقية من شمال الوادي، عن يوميات النجاة العامة، وعن يوميات الصمود، وعن يوميات قرار الصمود. قبل أن نبدأ أود أن أشكركم مقدمًا على اشتراككم في قناة اليوتيوب، قنوات الاستماع. شكرًا على مشاركتكم معي أفكاركم، مقترحاتكم للمواضيع والأسئلة. وأحب أن أنوه أيضًا أننا نستقبل الآن المقترحات من صحفيين، متابعين، ناشطين أو أناس لديها فضول تجاه شيء ونحب أن نتعاون معكم فعليًا لتكونوا جزء من إعداد حلقة محددة تقترحوا ضيفها، أو تقترحوا موضوعها ونحن نتساعد فيها. وقبل أن نبدأ أود أن أشكر كل من يساهم في تطوير تقارب، ودعم استمراره من خلال الرابط الموجود في الوصف. وهكذا نبدأ.

 

أحمد البيقاوي: [00:05:20.51]
مرحباً..مرحبا.

 

أحمد مرتجى: [00:05:27.35]
صباح الخير.

 

أحمد البيقاوي: [00:05:28.28]
صباح النور. قلت له هذا الكادر أنا أعرفه، بترجّع المكتب للآخر، بعدين بترجعه.

 

أحمد مرتجى: [00:05:33.35]
خذ بالك، هذا أجار يعني بحقّه(ثمنه).

 

أحمد البيقاوي: [00:05:36.11]
والله انا موافق يا معلّم.

 

مقداد : [00:05:38.12]
الآن سنعرض وأي حد يريد أن يُسجّل حلقة نحن جاهزون.

 

أحمد البيقاوي: [00:05:40.88]
بعدين اسمع هي ليس هكذا فقط. نحن ماذا سنفعل فعليًا؟ أنا رأيت الزلمة قلك شو عاملين فطور؟ لا أن يقول لك أحضر فُطورًا وأنا قادم عندك!

 

مقداد : [00:05:54.25]
ههه لا تقلقش هي القهوة والماء وكل حاجة.

 

أحمد مرتجى: [00:05:56.08]
تمام. انظر

 

أحمد البيقاوي: [00:05:58.15]
أمّا ربك ستر. أنقذته انت. كان جالس فعليًا مثل المخطوفين. قاعد في...

 

أحمد مرتجى: [00:06:03.73]
حاضن الشاشة هكذا.

 

أحمد مرتجى: [00:06:05.62]
وأحاول أن أقول يعني يا رب أن لا يعرف ما كلمة Privacy (خصوصيّة) هذا الذي بجانبي، وأقول له يا أحمد أنا لا يوجد خصوصية في المكان فتطلع هكذا، قال لي: ما قصدك؟

 

أحمد البيقاوي: [00:06:14.65]
هههههههههه.

 

مقداد : [00:06:16.93]
المهم المهم الأمور هكذا تمام؟ واذا لا ينقص أي حاجة احنا جاهزين.

 

أحمد البيقاوي: [00:06:20.83]
حبيبي يرضى عليك. يعطيك العافية.

 

أحمد مرتجى: [00:06:22.45]
يسعدك.

 

أحمد البيقاوي: [00:06:28.81]
قل لي يا أخي قدّيش تعاني في موضوع الخصوصية في هذه الأيام؟

 

أحمد مرتجى: [00:06:36.58]
اسمع أنا نازح حاليًا مع تقريبًا بضعة وستون نفرًا، أتعرف؟ فتخيل أنا من أجل أن أدخل اليوم لأستحم الصبح، بقيت واقف هكذا، بعدها حين جاء دوري _يعني هو ليس دور أصلًا! يعني لا يمكن أن نسمّيه دور_ لكن حينما جئت ادخل وإذ بأحد يدقّ عليك؛ "يلا يلا يلا.."! يا حبيبي طيب أنا لم يتسنّى لي الدخول بعد والبدء! إذا مثلًا بدك تقعد مع حالك قليلاً فلا مجال لذلك؛ لأن المكان جدًا مكتظ. أنا نازح اليوم؛ لأنني من سكان الشجاعية بالأساس، كما تعرف أوامر الإخلاء الأخيرة واطلع وانزل وكذا.. فاحنا نزحنا. حتى كل هذه المعاناة التي اليوم رأيناها انك تطلع تبحث عن مكان وكذا كان ممكن أعملها بغرفتي وانتهى يعني، لكن لا يوجد مثل هذا الخيار.

 

أحمد البيقاوي: [00:07:30.26]
هل بدأنا نسجل على تلفونك؟

 

أحمد مرتجى: [00:07:34.25]
لا ليس بعد.

 

أحمد البيقاوي: [00:07:35.24]
يلا شغّل.

 

أحمد البيقاوي: [00:07:47.65]
يعني أنت الذي تقوله لي انه من نزوح إلى نزوح الذي صار فعليًا. يعني وكأنه حتى منطقة تعريف النزوح صار عندنا الذي هو الخروج من الشمال للجنوب. صح؟ لكن انت فعليا هنالك نزوح داخل الشمال نفسه!

 

أحمد مرتجى: [00:08:06.58]
أنا النزوح هذا ما بين انه انت زمان (سابقًا)، انظر اذا قلت "زمان" خلال الحلقة لا تفهم أن ذلك منذ زمن كبير، تمام؟ يعني أقصد أن ذلك زمان أي قبل أشهر، ولكن يسمى زمان يعني وقت الحرب، النزوح الذي هو أن تنزح من الشمال إلى الجنوب، من شمال الوادي إلى جنوب الوادي، ولكن اليوم النزوح أيضًا يشمل النزوح الداخلي، أنا ساكن في الشرق في شارع صلاح الدين كما قلت لك، فأوامر إخلاء انه اخرج هذه منطقة عمليات خطيرة، صرت ترى إيلام من هذا النوع، فليس هنالك مجال يعني تجربتنا تحكي انه اذا حدث شيء كهذا فيجب.. حتى صار في نوعين من الخرائط، فهذه مع خبرة الحرب تصبح فاهم انه هنالك نوع من الخرائط تخرج لأجلها، لكن هنالك نوع ثانٍ لا تطلع، وهكذا يعني. اليوم النزوح داخلي، بالمناسبة؛ نزحت ويضحكون عليّ، أنا نزحت، طلعت من الشجاعية وهي مناطق شرقية أين ذهبت؟ على بعد كيلو ونصف تقريبًا من حاجز "نتساريم" يفصل الشمال عن الجنوب، منطقة صلاح الدين، في منطقة الزيتون، أيضًا يعني لم أبتعد كثيرًا، لكن ما الفرق؟ أن هناك يوجد خريطه، هنا لا يوجد خريطة، لكن نفس القصف نفس كل شيء من أحداث الحرب، ولكن مختلف انه هنالك خريطة.

 

أحمد البيقاوي: [00:09:38.10]
طيب لو أنك تزيح قليلًا، لتنتصف داخل الكادر قليلًا، وأرجع الكرسي قليلًا، وارجع فقط أنت قليلًا.  خلاص بارك الله فيك. احكي لي من كم مكان نزحت؟ من كم مكان لكم مكان؟

 

أحمد مرتجى: [00:09:55.10]
من أول الحرب؟

 

أحمد البيقاوي: [00:09:56.39]
من أول الحرب تستطيع أن تعدهن.

 

أحمد مرتجى: [00:10:01.79]
أول مرة طلعنا ذهبنا إلى مدرسة الرملة، بعدها رجعنا، وطلعنا مرة ثانية على شان هيك بعدها طلعنا على الكلية، بعدها على الصناعة، وقفنا ورجعنا منتدانا ربما دون مبالغة 15، لحد فترة معينة كانت صعبة يعطيني ريكورد انه انت أكثر واحد نزح برافو عليك، حقيقة بحكي، فـ 15، 16 وإذا عدّيت آخر أيام فأيضًا يعني ربما أصل لـ18، هذا كله خذ بالك وأنا لم أنزح على الجنوب، يعني هذا شي ثانٍ، ولكن هذا كله نزوح داخلي؛ يعني داخل مدينة في غزة، أتنقل يعني بأهلي وحالي يعني حسب كل سياق يعني من سياقات النزوح نفسه.

 

أحمد البيقاوي: [00:10:55.16]
وانت قاعد بتقول نزحنا، من الذين نزحوا؟

 

أحمد مرتجى: [00:11:02.87]
نزحنا أنا وأهلي طبعًا والجيران، أنا وأهلي والجيران وأهل المنطقة، لكن من تحديدًا أنا وأهلي يعني أسرتي خاصتي، والنازحين الموجودين معي، فأنا لست موجودًا فقط أنا وأسرتي الصغيرة فحسب، لأ. احنا من هول الحرب أشبه بكرة الثلج، تكبر ببطىء ببطىء، فهذا الذي كان يحدث معنا، كنا لوحدنا أنا وأسرتي في البداية، بعدها ببداية الحرب نزح دار عمي، وبيت عمي جلبوا دار عمي الآخرين، وثم جلبوا أولادهم المتزوجين وهكذا. وأختي المتزوجة موجودة أيضًا معنا. فكبرت وكبرت هذه كرة الثلج، صرنا يعني تنزح أنت في البداية بعشرة أفراد، بعد ذلك يصبح 15 عند البيت الثاني، بعدها 20، بعدها كذا لغاية ما صرنا عدد منيح. يعني الحمد لله 65 نفر تقريبًا في البيت، بعدها في رمضان وقت الهدنة رجع كل واحد فيهم بدأ يبحث عن مكان يمكث فيه، يبحث عن الخصوصية أيضًا؛

 

أحمد مرتجى: [00:12:10.75]
لأن ذلك وقت طويل ستمكثه، فأنت تبحث على هذا المكان الذي أصلًا أنت لا تجده. ولكن رجعت الحرب، رجعنا.. وين؟ مرحبًا سلامات، يلا! ولنكمل السلسلة لمسلسل جديد من مسلسلات النزوح فبدأت كرة الثلج مرة ثانية تكبر لغاية ما يعني حين سلّموا حديثًا محطة الزيتون في البيت الذي أنا موجود فيه أكثر من 65 شخص. 8، 9 عائلات تقريبًا، فعدد يعني لا بأس به.

 

أحمد البيقاوي: [00:12:46.02]
طيب وهؤلاء الخمسة وستين يكونون بمحل ماهيّة اتساعه؟ يعني غرفتين ثلاثة أربعة؟

 

أحمد مرتجى: [00:12:53.73]
والله أنت ونصيبك؛ يعني اذا أنت محظوظ فبتكون مثلاً أكثر من شقّة، وإذا لست محظوظًا فأنت تكون في شقة واحدة. ولكن نحن اليوم موجودين في شقّتين كتسليك حال، لكن ما الذي نفعله؟ طبعًا النساء يأخذن جانب، الرجال يأخذون جانب طابق معين مقسّم على هذه الطوابق يعني يكون موجود هنا نساء، هنا رجال هنا الأمهات هنا كذا. نعم هنالك القليل من الخصوصية بصراحة في أسرتي؛ الوالدة مريضة تحتاج رعاية خاصة، فاستثناء يعني كيف يتم إقناعنا؟ يقولوا لنا انه تمام، ربما قد نبقي السيدة الوالدة يعني، فهذا من أجل أن تعتني فيه، فهذا الاستثناء الجيد الذي أخذناه. ولكن إجمالا مقسّمين اليوم احنا على طابقين ومقسّمين شباب، نساء ننام كلنا في غرفة واحدة، في غرفة مكتظّة كما حكيت لك في البداية في شيء محتاج أن تعمل له تنسيق حتى تعمله مثل مثلًا إذا بدي اروح أطمئن على الحاج والحاجة وكيف صحتهم وكذا فمحتاج أن أعمل هذا التنسيق، التنسيقات التي لها علاقة بالنوع، وخذوا ساتر استعدادًا اذا أراد أحد أن يدخل ليسلّم ويصبّح عليهم وكذا. فهي هذه يعني ولكن أيضًا ثمّة أمر يعني نحن كوننا عائلة يعني، أتذكر في نصف الحرب خلاص الحرب كسرت يعني هل تعرف المحرميّة أو المحرّم من الأشياء؟

 

أحمد البيقاوي: [00:14:39.70]
اااه.

 

أحمد مرتجى: [00:14:40.18]
خلص تمام يعني.. في واحدة من الضربات في الحارة القديمة أتذكر أنني رأيت الحارة كلها من دون لباس الصلاة(غطاء الرأس)فأصبح الحال يعني وكأننا تخاوينا كما يقولونها؛ صرنا إخوة. وهذا يعني خذ بالك يعني من الأشياء التي تصفن فيها هكذا في الحرب، كيف أنه يوجد هكذا أشياء يعني! في حالات يعني ربما عملت العادات والتقاليد وكذا. ولكن أحياناً استثناء الحرب وقوة أكبر قليلًا من الأشياء هذه، فتصبح في لحظات معينة غير قادر أن توازن ما بين الحرام الحلال، هل ينفع أم لا، والتفاصيل هذه كلها يعني.

 

أحمد مرتجى: [00:15:28.33]
نحن بدأنا الحلقة أم لا؟ أنا أشعر أنني بدأت..

 

أحمد البيقاوي: [00:15:34.02]
نحن بدأنا يا غالي من وقت ما مقداد سلّمك الغرفة وطلع ههههه.

 

أحمد مرتجى: [00:15:38.76]
لا!

 

أحمد البيقاوي: [00:15:40.05]
طالعة الفقرة فعليا الخاصة بـ قهوة وشاي وهكذا، انّه وجّب معك فعليًا وليس أعطاك المحل أيضًا..

 

أحمد مرتجى: [00:15:47.94]
خجلان اشرب.

 

أحمد البيقاوي: [00:15:50.25]
لا تقدر أن تشرب براحتك.

 

أحمد مرتجى: [00:15:53.49]
يعني على سيرة الحرام والحلال. يوجد واحدة من القصص التي صارت معي. أقاربنا مقابل لبعض هنالك 64 شخص، الـ 64 شخص هؤلاء طبعًا الظروف في السياق الذي صار فيه القصف هذا كان يعني وقت انه يعني ضاعت الصلاة من العالم، مستشفيات يعني دعنا نحكي انه ليس هنالك خدمة في المستشفيات؛ لأنه أيضًا يعني كان وقتها لا زال حديثة جدًا ضربة المعمدانيّ التي كانت في بداية الحرب، ومستشفى الشفاء تلقائيًا يعني بعيد جدًا لأنك في المناطق الشرقية، أنا في منطقة الشجاعية، فصارت ضربة كانت هذه لأقاربي؛ كان هنالك 64 شخص داخل هذا البيت شوهدوا في المنزل، خرج منهم 3 فقط أحياء! الباقي لا زال يعني جزء منهم تحت الأنقاض، واستطعنا أن نخرج 13 شخص من ضمنهم خالتي وكل العيلة التي بعد. ما الشاهد من هذا الموضوع؟ في صبية صغيرة يعني عمرها تقريبًا 12 سنة، 13 سنة كانت تئِن، طبعاً احنا ساعة القصف انت لست عارف أين؟ كيف؟ لان هنالك غبار وركام وكذا. فتكون لا زلت تحاول أن تستوعب أين هذه الضربة، لغاية أن يخرج أناس، ويكون هؤلاء ناسنا أقاربنا، أهلنا، أين الإسعاف والدفاع المدني؟ لا يوجد، فنزلنا احنا بصراحة بأدوات بسيطة يعني؛ أنا بجوال كشّاف(هاتف له مصباح بسيط) ونحاول أن نبحث عن أحد على قيد الحياة، فكان هنالك قبالة البيت بالضبط مسجد، وكان هناك أحد يؤم المصلّين في هذا المسجد. وهذا الشخص الذي يؤم هي هدى؛ الصبية ابنة ابن خالي. الصوت وقدرنا أن نصل لها بالمحراب فعليا كيف صارت من البيت وصارت موجودة وكذا. فالشاهد على موضوع الفلانية.. في حاجة أيضًا من الجيران كان يحكي: "غطّوها غطّوها؛ هذا حرام!" يعني انه هي مكشوفة، فأنا أتطلع هكذا يعني ما بين انه ما الحرام في ذلك؟! الحرام انها مكشوفة يعني وكذا، لكن ليس حرامًا أي شيء ثانٍ؟! يعني هذا فعلًا التناقض الذي نعيشه انه ثمّة شيء حرام فلا بدّ أن تغطي البنت، والتي عمرها 12 سنة، حرام نغطّيها؛ لانها مكشوف شعرها وكانت اصابتها في ظهرها، وفي نفس الوقت ليس حرام الشيء الذي جعلها أصلا موجودة في هذا المكان تئن ومصابة، بعد ساعات تقريبًا هي استشهدت يعني، وباقي الأسرة يعني عائلتها يعني كلها راحت! فهذا الشاهد انه هنالك شيء غير مفهوم، هو حرام ما هذا الكلام؟ ما الصواب؟ وما الغلط؟!

 

أحمد البيقاوي: [00:19:03.94]
والله انت على ما يبدو ستدخلني في الحلقة مباشرة على حقل ألغام ينفجر من بداية الحلقة. على ما يبدو هكذا تنوي، فتحت لنا الحلال والحرام الآن في تقارب من البداية فعليًا وبارك الله فيك مشكور.

 

أحمد البيقاوي: [00:19:16.09]
 الآن الناس تظن أنني جلبتك من أجل نقاش الحلال والحرام في الحرب. فلا عمي ههههههه.

 

أحمد مرتجى: [00:19:22.92]
بدي احكي لك شغلة. أقسم بالله لآخر لحظات أحكي طيب يا عمي أنا ماذا سأفعل؟ ماذا سأحكي؟! أنت فاهم؟ وبالفعل يعني قاعد..

 

أحمد البيقاوي: [00:19:34.65]
احكي احكي لي أكمل قاعد الآن ماذا؟

 

أحمد مرتجى: [00:19:38.19]
قاعد بحكي يعني بالفعل هذا البارحة بصراحة صار، البارحة كانت ليلة صعبة؛ قصف وأباتشي وإطلاق نار، و"كواد كابتر" تدور حولنا، وقد أصابت أقربائي كانوا موجودين يعني على الطابق الذي فوقنا كانوا يحاولون أن يستحمّوا، فيسخنون الماء على الحطب وكذا، فكنت أقول أنا ماذا سأعمل مع بيقاوي يعني عن ماذا سأحكي بالضبط؟ وسرحت يعني كثير في هذا الموضوع، قلت يعني أيضًا الرجل قال لي احنا سنحكي ونفضفض، فخذ بالك يعني سوف تأخدنا انسيابية الحلقة والكلام، يا رب انسيابية الحلقة يعني تكون تمام. أوب! أنا قاعد بحكيلك في الحلال والحرام أنا آسف.

 

أحمد البيقاوي: [00:20:22.01]
لا يا غالي عادي احكي الذي تريده. انا ليس عندي خطوط حمر. انت فعليا يعني.. انا واياك ليس عندنا خطوط حمر لكن نعرف خطوطنا. يعني هكذا بهذه اللغة الدبلوماسيّة لرضا الجميع، ولا أحد يعني يلطوشنا (يشتغل فينا). لكن اسمع. أريد أن احكي لك شغلة. انّه يعني بالحلقة مع مقداد وبالحوار هذا، وأنت بنفسيّة.. يعني عادةً وكأنّه الناس حين تريد أن تطلع لتحكي يجب أن تكون حضّرت حالها. بتعرف. واضح؟ في قصّة موجودة ابعث لي المحاور أو ناقشنا أو هكذا، او انت براسك طالع تفرّغ واحد اثنين ثلاثة. وقد صغت قصصك. بالحوار مع مقداد يعني فقط مجرّد هذه اللحظة: العودة من وقف اطلاق النار. بالنسبة لي كانت يعني هيك زوم اوت من كل المشهد الموجود ونظرة. أنا من وقت ما حكيت معك عالتلفون واتفقنا على الحلقة هذه، على قضيّة إنّه يعني كيف الناس بالشمال بقوا، وأنت فقط حكيت نكبة ونجاة جماعية ونقاش جماعي وهكذا، بقيت فقط ابحث يعني اتصل من شخص لشخص من أصحاب في غزّة كي أسمع. بعدها لقيت الشيء مثل التراس وكأنّه رابطة. يعني أنت فعليًا الشيء الذي تقوله. أوّل شيء يعني أوّل شيء لازم أقوله إنه ما في شيء مغطّى بالإعلام أصلًا من الذي نخوض فيه الآن. يعني هذا أوّلًا فأعطيك سبب فعليًا لماذا أنت جئت من مكان على مكان لمكان عشان نسجل. النقطة الثانية انه في شكل من التفاصيل نحن لا نعرفه. بقضيّة النجاة الجماعية. يعني خلص هذه هكذا النجاة. وهذا يعني ما في.. انه يعني صمد فلان وصمد علان وهكذا. لكن هذه الرابطة الموجودة، في واحد موجود او مجموعة من الناس تأخذ قرارات نتحرك من هنا إلى هنا، وبدنا نعمل هنا وبدنا نوفر. هذا في شيء يا رجل يعني هذا هو تعريف الصمود يعني. لكن المهم قبل أن نتعمّق انا واياك. اعطني تعريفك يعني كما تحب عن حالك، عرّفنا على حالك كما تحب. تمام. وبالله هكذا قل لي اذا فيه شيء غيّرته بالتعريف لأنه أنت تُعرّف حالك بعد الإبادة.

 

أحمد مرتجى: [00:22:38.91]
أود أن أضيف فقط شغلة على تعريف انه أنا إنسان يعني، هذا الوحيد الذي أنا بقدر احكيه، أحب أن أذكر حالي بهذا الأمر. أنا اسمي أحمد مرتجى، وأول مرة أحكي انه أنا عمري 30 سنة، من سكان الشجاعيّة غزة. درست وأنهيت علم نفس في الجامعة الإسلامية، وأشتغل في مجال مؤسسات عمل الانسان بشكل أكبر، وأكتب، يعني لديّ محاولات كتابية بسيطة لكنني أكتب. وأذكِّر مرة أخرى بأنني إنسان. يعني هذا محاولة تذكر دائمة.

 

أحمد البيقاوي: [00:23:27.80]
شو يعني أنا إنسان؟

 

أحمد مرتجى: [00:23:31.01]
هو انظر، بلحظات معينة تنسى بعد كل هذه الإبادة التي تحدث أنك مثلك مثل الناس، يعني أنت مثل أي كائن يعيش على هذا الكوكب. فدائمًا أحب أن أذكر حالي أنني إنسان؛ لانه يعني طبيعي مشاعري أن تكون مثلًا أحيانا سلبية، وطبيعي أن تكون أحيانا ايجابية. أنا لست شخصًا خارقًا. مثلي مثل كل إنسان، هذه التفاصيل الصغيرة المرتبطة في كونك انسان يعني هنالك رابطة إنسانية تجمعك مع الآخرين الموجودين على على هذا الكوكب. أحاول أن أوسع دائمًا كوكب ثانٍ؛ لانه هنالك ثمّة شيء أظل أحاول أن اكتشفه عن ذاتي، إضافة إلى ذلك أنني يعني أيضًا لم يسبق لي ولا مرة أن سافرت، فبالنسبة لي أيضًا أن العالم الخارجي هو عبارة عن فوتوشوب أو عبارة عن ذكاء اصطناعي؛ يعني أحيانا أصدقه وأحيانا أكذّبه، وأحيانًا أحكي معقول هنالك شلالات كهذه وأماكن خضراء بهذا الوسع والطبيعة والضباب، أم أنها خلفية ويندوز ليست حقيقية أم هي حقيقية أصلاً؟ اليوم، كريستيانو رونالدو بحكي نصيحة بالعربي وبقول للشباب تزوجوا وعفّة وكذا! ركّبوا له صوت ذكاء اصطناعي يعني متخيل كيف؟! انت تضحك على هذا الموضوع، طيب ربما تكون هكذا أصلًا باقي الأشياء في العالم! فيعني انت فاهم علي؟ فلأجل هذا أيضًا خليني أظل طوال ما أنا على قيد الحياة لغاية اللحظة هذه أتذكر أنني إنسان، وإلى حين انه أكتشف لاحقًا يعني إذا تحدث فرصة ونصيب يعني وكذا أن أطلع أسافر وأرى هذه الرابطة الإنسانية التي تجمعني مع الآخرين، وأرى أيضًا كيف يفكر الناس تجاه القضايا وتجاه الأشياء. يعني أشعر أن هنالك خلل في التراكيب والمفاهيم وكذا يعني.

 

أحمد البيقاوي: [00:25:26.68]
 أنت كنت أحببت أن تسافر قبل الإبادة؟

 

أحمد مرتجى: [00:25:33.01]
والله أنا طوال عمري أحب أن أسافر، لكن اليوم هذه اللحظة بالتحديد ما فكَّرت، لأقول لك لماذا.

 

أحمد البيقاوي: [00:25:44.08]
نعم احكِ لي، احكِ لي بالبداية لماذا كنت تريد أن تسافر؟قبل أن تقول لي اليوم لماذا لم تعد تريد. على ما يبدو أنك ومقداد قد تحدثتم كثيرًا مع بعضكما.

 

أحمد مرتجى: [00:25:54.04]
نعم مقداد سافر 20 يوم أو شهر تقريباً على تركيا، رجع صار يحكي لي: عندنا في تركيا واحنا في تركيا و... فتعرف هؤلاء الناس، ويصبح يدلي لك يعني بنصائح؛ اسمع اذا بدك تطلع كذا اذهب على المعديّة وكذا.. ويحكي لك أسماء أنا بالعادة يعني في هذه السياقات من الحكي والنقاش أنا لا أكون حاضر مشاعريًا، لكن فقط أسمع مثل هيك فيكون أشبه بشيء في الخلفية قاعد بغني يعني؛ لأنني غير مهتم بصراحة، يعني ولا مرة جرّبت، ولكن أنا قبل الحرب كنت محب جدًا لأن أسافر، جدًا! كنت دائمًا بحاول أبحث عن هذه الفرص، مرة قدمت لي الفرصة ولكن لظروف لها علاقة بالبيت وكذا.. فلم يكن مناسب ولا ينفع أن أترك البيت وأهلي وكذا، ففضّلت أن أبقى موجود، ولكن يعني أنا بحب كثير بحب أسأل كثير، وبحب أبحث عن الإجابات. يعني بالنسبة لي السؤال هو بمثابة بوابة لإجابة جديدة، لكتاب جديد، لقراءة جديدة، لملاحظة جديدة أو تأمل جديد. كنت أرى أن العالم الخارجي سيكون مساحة كويسة لأنني ختمت غزة، هكذا أعتبر حالي، يعني 28 سنة. الآن أنا سنتين سابقة، وسنتين حرب فأصبحت 30 اليوم. ولكن 28 وما قبله كنت دائمًا أتطلع وكأنني أريد أن أكتشف العالم. أرى ماذا يوجد في العالم، دائمًا أحكي مع أصحابي المغتربين وأصحابي الموجودين في الخارج، وأقاربي أيضًا، دائماً يقولون لي يا أحمد يوجد عالم ويوجد كذا، ورأينا أستاذنا الفلاني، وأتعرف على فلان وعلان وكذا. وحتى في شغلي في غزة، وحتى أيضًا في تطوعات الأسر، يعني يربطني ما بين ناس موجودين في الخارج في أماكن مختلفة من العالم.

 

أحمد مرتجى: [00:27:54.05]
لنقل علاقة مهنية معينة فتجدني أحاول دائمًا أن أسأل وأعرف اللغة، وأعرف ما أهم الطبخات، الأكلات وكذا.. أحب الطعام، وأحب أن أتناول الطعام كثيرًا يعني، فهذه واحدة من اهتماماتي. فلأجل ذلك أنا كنت دائماً أحاول أن أصل لهذا المعنى. الآن ليش تغير أحمد؟ لأنني عارف أنك ستسألني هذا السؤال؛ لانه ثمّة شيء لاحظته في أهل غزة، اذا أتيت وقلت له: اعمل كذا. فتجده يعنّد(يكون عنيدًا) يقول لك: لا. لا أريد أن أقوم بذلك! يعني فاهم علي كيف؟ يعني في لحظة معينة حينما كان التنسيق مكتوب بالحرف والناس تطلع وكذا، كانت الناس تطلع بأريحية وكذا، لكن حينما صار مفهوم الهجرة الطوعيّة وسوف نخرجهم من غزة وكذا. فلا يا سيدي مش طالعين من غزة. يعني هذا الذي صار عندي، وهذا الذي ربما في لحظة معينة يعني وقت أن يعلنوا أن الشمال يذهبوا إلى الجنوب. أنا ليش أروح على الجنوب؟! مش رايح على الجنوب، ها أنا قاعد. يوجد شيء له علاقة أيضًا بالتكوين الفسيولوجي والسيكولوجي لنا أيضًا، انه احنا ضد الأشياء؛ لأنه هكذا اعتدنا من زمان يعني لا شيء يأتي بالساهل! فإذا انت في لحظة معينة ستقول لي: هيا تعال سافر بهذه الطريقة السهلة، فلا لا أريد الطريقة السهلة، أريد أن أتصعّب قليلًا. بدي أطلع على مزاجي، وبدي أرجع أيضًا على مزاجي. موضوع لا يُُختزل بكيف أنت تقرر عني أو كيف أنت تحب أن تراني في مكان معين غير المكان الذي أحب أن أرى حالي فيه، فهذه المعادلات التي تحدث، هكذا تصير التي هي دعني أقول كيف أن أفكارك كيف هكذا تصطدم في بعضها البعض، تصير تتحدّى أيضًا المفهوم نفسه، والمكان والزمان وهذه الأشياء.

 

أحمد البيقاوي: [00:29:54.10]
طيب أحمد اذا بدأنا نحكي على التكوين هل ينفع أن نرجع لتكوين فكرة فلسطين برأسك بالأساس أصلا؟ ما أول حادثة حدثت معك أو شهدتها أو التي غيرت مفهوم تعريف فلسطين من مجرد شيء رمزي موجود، ممكن تكون AI كيف أنت حكيت، أو مجرد مفتاح عودة أو حنظلة، إلى قضية يعني دخلت حياتك، اقتحمت حياتك وأصبحت في يومياتك؟

 

أحمد مرتجى: [00:30:23.22]
أنا أحس ان هذا الشيء غير مرتبط فقط بأحمد. كلّنا يعني نشأنا في عائلات غزية دائمًا نحكي عن سياسة ووطن. ماذا يعني حريّة او ماذا يعني فلسطين. في المدرسة يعني أتذكّر في هتاف دائم: "القدس لنا، والقدس لنا" وبعدها: "لنا.. لنا.. لنا". يعني نكرر كلمة لنا. كل هذه الأشياء المرتبطة 

بقضيتنا. انا يعني يعني مش كتير كبير ولا كثير صغير يعني ثلاثين سنة لكن عشت انتفاضة كنت غير واع كثيرًا، ولكن كنت أرى، دائمًا سرحان دائمًا أتأمّل، بعدها عشت الانقسام، وحروب متتالية بسنوات مختلفة. يعني معجونين في القضية معجونين. ودائما أيضًا يعني القراءة تعطيك نوافذ انت غير قادر أن تراها بطريقة ما. القراءة تجعلك تفهم أكثر. قرأنا غسان كنفاني. قرأنا مريد البرغوثي. وقرأنا فدوى طوقان، كثير كثير من الشعراء والكتاب ومحمود درويش طبعًا يعني. فاستطعنا أن نفهم ونكوّن ونُشكّل هذا المفهوم عن الوطن. أيضًا شغلة ثانية: نحن ليس أمامنا خيارات كثيرة يعني. يعني ليس هناك خيار اخر غير هكذا. بمعنى لو لا تريد أن تقرأ وتفهم تحتاج وتكون داخل هذه القضية. فما هو خيارك التالي؟ نعم علامة استفهام كبيرة. لأجل ذلك ليس فقط مرتبط الموضوع بأحمد. اعتقد أنه مرتبط بكل حدا فلسطيني موجود برّا (الخارج) وموجود جوا (الداخل). عاش كيفما عاش.

 

أحمد البيقاوي: [00:32:21.42]
لكن ابو حميد هذا بالشيء بالشيء العام. تمام. هذا عند الكل الفلسطيني. لكن أنت على مستوى شخصي. في حادثة مرقت بكل حياة شخص معه مباشرة او مع حدا غيرة. التي من وقتها الآن وأنت قاعد تستحضر غيّرت مفهوم فلسطين من الشكل الذي تقوله. إلى طوشة، عملت هذا التكوين الذي تقول إنّه تهجير طوعي وهكذا، ولن أطلع. اوك. لأنه إذا ما عندك ايّاها هذه، يعني عادي رح تطلع. كثير بسيط يعني، وأعتقد حتى الحديث الكثير طوال الوقت عن تهجير الناس او صمود الناس او معاندة الناس او كذا أحيانًا يتحوّل إلى ماكينات يعني لكن بالأساس في سرديّة وفي رواية انت مررت بها وعشتها وشهدت عليها جعلتك هذا الشخص. فماذا تستحضر اول قصة/ طوشة مع "إسرائيل" ببداية حياتك؟

 

أحمد مرتجى: [00:33:19.49]
والله لا أستحضر طوشة ولا قصّة ولا.. يعني طول عمري حدا مسالم. ولكن. قرأت مرّة دعني احكي لك. كيف تشكّلت الدولة الصهيونية عام 1895 تقريبًا. إذا ذاكر التاريخ صح. في حدا قال لهم تعالوا بدنا نعمل دولة بعد 50 سنة. قالوا له انت مجنون يعني! ما الذي تحكي فيه. وفعلا بعد 50 سنة 1948 بدأت النكبة، ودولتهم يعني صارت.  انا أتطلّع أقول يا عمي نحن اذكياء يعني، عندنا القدرات نمتلك ادوات بسيطة ولكن نقدر أن نوظّفها. نفهم عندنا احتكاك منيح مع العالم ليس فقط على صعيدي، بل على صعيد كثير أشياء. ففي هذا دائمًا غيرة تجاه: لماذا لا نعمل؟ لماذا لا نفكر في شيء كهذا؟ هُنا بدأت فكرة ارتباطي بهذا المكان، انت اذا تريد إخراجي من هذا المكان بطريقة او باخرى يعني ليس موضوعًا سهلًا ان تطلعني لأن هذا الشيء يمكن تم تجربته في 1948. وفي قصص من سيدي وسيدك وأسيادنا. وشو صار معهم كمان يعني؟ صرنا واعين أكثر. لشو ممكن يصير. في شغلة ثانية: خالي استشهد في صبرا وشاتيلا بلبنان. كان هو موجود في يوغسلافيا. كنت صغير لكن سمعت قصص. انا خالي هذا التقيت فيه يمكن عمري 4-5 سنوات. إذا أتذكر منيح يعني. بعدين كيف استشهد؟ استشهد بأنه انتقل له مرض من الدم انه كان ذاهبًا كطبيب ليعالج الناس بصبرا وشاتيلا. في وقت لم يكن فيه أحد ليعالج وكذا وكان هو موجود في يوغسلافيا، فكنت أفكّر ما هو الدافع اللي يجعل شخصًا مثله، ممكن يضل عايش فترة منيحة يروح يطلع يسافر ويروح على صبرا وشاتيلا عشان في ناس هناك كي يعالجهم. وحسب وصف كيف أمّي تحدثني هذه الأخبار وهاي القصص انّ الدم كان فعلا للرُّكب مش بمعنى مجازي لأه فعلا للرُّكب.

 

أحمد مرتجى: [00:36:00.54]
ومن هنا انتقل له مرض الدم. فما هو الدافع؟ دائمًا أبحث على الدافع، وهذا وحدة من الاشياء. ورجوعًا لقصّة الدولة وما الدولة. ما هو الدافع؟ وما هو المانع كمان انه نحن أيضًا نتحرر. هذا يخليني أفكّر وأحلل. ويمكن هذا الذي جعلني مرتبط اكثر في هذا الملف. أيضًا ليس فقط بهذا المكان كفلسطين أيضًا. حتى مرتبط كثير في الشجاعية مكان ولادتي يعني تحديدًا بالحارة. الجيران من هنا يعني دائما أيضًا في تدريبات أحكي عن الهوية الفردية والهوية الجمعية. والهوية الفرديّة تحمل شقين. يعني ممكن انا احكي لك اسمي وعمري وتاريخ ميلادي ووين ساكن وكذا وانتهى الموضوع. لكن ليس هذا بالضبط الذي نبحث عنه، أو انا ابحث عنه. يعني تبحث عن الهوية الفردية التي من خلالها ممكن انطلق للهوية الجمعية التي تجمع أحمد مرتجى مع أحمد بيقاوي مع رجاء مع مجاهد مع كل الناس الموجودين حاليًا في أكثر من مكان في العالم. ونرى ما هي الأشياء المشتركة بيننا، ونكتشف انّه اوك اهتماماتنا ليست نفس الاهتمامات، يمكن هو لا يحب يلعب بلاي ستيشن. انا أحب العب بلاي ستيشن. هو لا يحب الاكل انا أحب الاكل وكذا. تبدأ تقارن ولكن في شيء مختلف او في شيء جوهري يجمع احمد واحمد وفلان وعلان وكذا. قضية واحدة. وهذه القضية هي التي تجعلك تنطلق من خلالها، تفكّر تحلل وتحسّن تعمل تطلع. وهذا كان واحد من الدوافع، كان ممكن احكي للبيقاوي، لا أريد أن اطلع معك هذا اللقاء، او صار معي ظرف او انا نازح. وليس كذا. لكن بعدها فكّرت في هذا النوع من المساحات التي اقدر انا أن احكي الافكار. اشياء عشتها او تخطر في بالي. يا سيدي هو الذي يريد أن يأخذه يأخذه، لا يريد خلص يعني خلص يعمل مونتاج يعني لكن هو هذا الشيء ردًا على السؤال؟ هذا الشيء المشترك وهذا الذي أحببت أن أحكيه.

 

أحمد البيقاوي: [00:38:25.15]
انا فقط أحب أن اقول لك: ليس هناك مونتاج يا غالي. مثلما انت.

 

أحمد مرتجى: [00:38:29.41]
لا يا شيخ!

 

أحمد البيقاوي: [00:38:29.68]
من ساعة مقداد ما سكّر الباب عليك، لحد ما ترجع تفتح الباب. يعني FYI ع قولة الخصوصيّة.

 

أحمد مرتجى: [00:38:42.27]
ههههه

 

أحمد البيقاوي: [00:38:42.54]
طب ابو حميد أريد أن أسالك لماذا اللجوء للسخريّة بالنسبة لك؟ هذا شيء دايما كان موجود في حياتك؟

 

أحمد مرتجى: [00:38:51.09]
والله أحب أن أنكِّت نعم(أتندّر من النوادر المضحكة)

 

أحمد البيقاوي: [00:38:52.50]
طيب وفي الإبادة هل استمر؟.

 

أحمد مرتجى: [00:38:57.09]
نعم لكن تصبح المسألة يعني أن السياق يصبح قليلًا مختلف يعني، لكن أنا لست واحد يعني ساخر، لست واحد يعني وظيفتي أو مهنتي تتطلب أن أكون ساخر وكذا. لكن خلاص أحب أن أنقش رأس(أمازح) كما يقولون؛ أتنمر بمعنى أو بآخر فقط من أجل حقوق الإنسان، وأنا أشتغل في مؤسسات المجتمع، فيعني ليس التنمر بالمعنى السلبي الذي هو bully و..

 

أحمد البيقاوي: [00:39:27.72]
نعم فهمت فهمت، يعني ليس بالانجليزية بل بالعربية.

 

أحمد مرتجى: [00:39:30.12]
بس. اه اه اه بس اه يعني اه حلو بكون في واحد يطلع على اللوج مع شباب اصحاب، هيك تطلع وتبدأ تحكي عليه اشياء لأنه أحس انه السخرية هي عين ناقدة. يعني انت كي تقدر تصل لمرحلة انه انت أيضًا تعمل نكات ع حالك. تمام. معنى الكلام انّك استطعت أن تحلل حياتك، تحلل المكان الذي انت موجود فيه، والسياق الذي انت موجود فيه، لدرجة انّك غير قادر أن تحكي عنه غير في نكات ساخرة، آه أحس انّه انت عندك عين ناقدة في الاشياء كي تقدر أن تحكي عن حالك. في الحارة، كنت أرى دائمًا انّه ما هذه المسخرة التي تحدث؟ بدون تقليل يعني للدمّ، طبعًا لا. لكن أنا أحكي إنه يعني عنجد في حاجة غير منطقية تصير. اه كنت موجود في اكبر مكان للايواء تمام. للاونروا. تخيل يعني ماذا تريد؟ ليس مدرسة مش مدرسة وكالة. لا كنت في الـ HQ.

 

أحمد البيقاوي: [00:40:59.95]
مدرسة المدارس ااه، ههه.

 

أحمد مرتجى: [00:41:03.37]
الجامعة يعني فيها كلية وفيها وفيها وفيها وفيها. وبنفس الوقت لا أحد يسأل عنا يعني! أرأيت السخرية إلى أين؟! لا أحد شغله أمرك، لا أحد جاء قال لك انه نسجّل أسمائكم من أجل مثلًا خدمة الإيواء أو كذا.. أو اجلب الماء بدهم ماء هؤلاء الجماعة، أو بدهم مش عارف شو ممكن يكون بدهم يعني، ولكن فعلاً. فعشان هيك مرة كتبت انه ما هي الأخبار التي لدينا، اسمع احنا نجحنا بانه احنا جمّعنا حطب، وأحضرنا ماء، وأقول لك هنالك فلان وماذا قد طبخ، وذاك قد خبز. فلا بد أن تفهم أن هنالك جانب ثانٍ يعني نحن نعيشه يعني. لأنه اذا بدك تكتب أو  بدك تحكي عن الأشياء بحدّتها يعني؛ بتهكّم وكلام منمّق وفصحى وعربي وكذا.. فأعتقد أن الناس ستزهق وتملّ من سماعك. لكن أنا لست ساخرًا ولا.. لكن أنا لا أحب بصراحة أعدّي على شيء أو أنظر إليه هكذا بدونيّة وأرمي عليه نكتة يعني! حتى وإن كان ثقيل الدم يعني، وبالمناسبة ربما أمامي ليس خفيف الدم وهكذا لكن هم حرّين(يفعل ما يحلو له) يعني بحب يأخذ خفة الدم يأخذها أو العكس وكل ذلك يعود له.

 

أحمد البيقاوي: [00:42:21.46]
طيب يا غالي بالغالب أنت حين كنت تكتب كنت تكتب لجمهور محدد أو لناس محددة مثلًا داخل غزة أو خارجها، أو تكتب لخاصّتك أكثر وتوثّق بيوميات؟

 

أحمد مرتجى: [00:42:32.68]
والله يترنّح(ليس ثابتًا) الموضوع يترنح يعني كيف؟

 

أحمد البيقاوي: [00:42:39.24]
يترنّح ههههه.

 

أحمد مرتجى: [00:42:42.03]
يترنّح.. الأول كنت أكتب، كنت أحسّ انه ربما يكون هنالك من يسمع، هنالك من يرى.. واسمع يعني الناس تفاعلت مع أول النصوص التي كتبتها، بعدها دخلت في دوّامة أنا ليش بكتب؟ وهل مهم ما أكتبه أم ليس مهمًا. وهل أنا أصلا كاتب؟ يعني صاروا الناس يتواصلون معي؛ "بدنا نحكي مع أحمد الكاتب"! من هو أحمد الكاتب؟! وأصلا أنا مش كاتب! وقّفت لانه يعني ما في أي آكشن (حدث) يتم آخذه، فلم أتوقع اصلًا أن يصير أي حدث، ولكن على الأقل لا أريد فقط مجرد قصة تُنشر لأربعة وعشرين ساعة وانتهى الأمر! فطفيت انستجرام أصلًا، والسوشيال ميديا، وبعدها رجعت، بعد ذلك عدت للكتابة، ثم كتبت أشياء لي لم أنشرها؛ لأنني كنت أشعر انه يمكن يأتي وقت يصير فيه بالفعل نشرة أو كذا.. بعدها أيضًا لم أعد أكتب؛ انت بتحكي عن سنة و18 شهر يعني ليست بالمدة البسيطة. فكانت هذه الترنّحات يعني بين طلعة ونزلة وكذا. بعدها رجعت وحين رجعت كانت ثمّة فكرة في بالي أحمد انه المختلف عن الذي يحدث اليوم عن الـ1948 أننا نحن اليوم نمتلك أدوات، لو سيدي وسيدك كانوا يمتلكون أدوات كالتي نحن اليوم نمتلكها كان من الممكن أن صار بعض التغيير، على الصعيد.. لا أدري على أي صعيد ولكن كان ممكن أن يصير هنالك أي تغيير. يعني لو سيدي طالع بودكاست في الـ1948 كان ممكن بالفعل يكون هذا بودكاست يسجّل التأريخ الشفوي لتفاصيل الذي حدث معه، وبماذا مر بتجارب، وماذا عمل؟ وكيف كانوا عايشين وكذا. ولكن ما كانوا بيمتلكوا الأدوات، كانوا الناس بسيطين، بالكاد يقوموا بالفلاحة والزراعة.. طلعوا قالوا لهم أن يخرجوا ويأخذوا فقط شنطة صغيرة عشان هترجعوا، فأخذ الشنطة ولم يرجع! وهكذا يعني. فهذا الذي اليوم مختلف. هذه كانت الفكرة التي في رأسي، التي رجّعتني أكثر، وانه اذا أنا بمتلك هذه الأداة حتى لو أنا مش مقتنع فيها شوي. لكن في ناس ترى في ناس بتقرأ، وفي ناس تترجمها للغات مختلفة، وفي ناس بتروح تحكيها في مؤتمرات خارجًا، وفي ناس تنشرها في كتب.. حلو جميل. إذاً أنا لا بد أن أكمل وأستمر، لكن أستمر ولا بد أن أكون أيضًا انتقائي شوي؛  شو بدي أعمل؟ شو بدي أنشر؟ وشو بدي أخلي لابني؟ الآن الذي أريد أن ابقيه لي مش بخليه لأحمد يعني، ولكن لربما لربما _ما بعرف_ يكون في مكان مناسب أنشر عليه هذه الأشياء التي خلينا نحكي تقرأ؛ لانه هي لا تحكي عن مثلًا ما شعور أحمد وأهله وكذا.. لا بل هي بتحكي عن تاريخ لفترة معينة يعني.

 

أحمد البيقاوي: [00:46:03.99]
ما نوعية الأفكار أحمد التي لم تنشرها؟ يعني أعطيني فكرة مثلًا لم تنشرها.

 

أحمد مرتجى: [00:46:12.39]
واحدة من الأفكار، كنت بحكي عن الخوف كشعور كيف هو هذا الخوف له مستويات وأشكال ومعاني ومفاهيم مختلفة غير عن الذي هو فقط شعور الخوف نفسه. واذا أيضًا يعني علميًا بدهم يعني يعرّفوا الخوف الشديد فيحكون عنه فوبيا فقط هذان هما التعريفين العلميين. لكن لا بل هنالك أشكال مختلفة؛ يعني هنالك خوف انه انت مثلًا تبقى عالقًا تحت الركام، وهذه فكرة كانت تحاصرني كثير؛ لأنني رأيتها وعشتها في لحظة معينة، في فكرة انه خايف على أهلك، هذا الخوف الذي يكون غير مرتبط فيك كشخص، يعني مش مرتبط في أحمد، ولكن مرتبط بالآخرين. هذا مثلا فكرة نبيلة يمكن من الخوف، وفي الخوف المرتبط بوقت المجاعة، مرتبط بالآخرين انه انت خايف تبعث أهلك أو اخوتك أو انت كمان حتى تروح تأخذ الطحين بطريقة صعبة جدًا، وانت عارف انه في احتمالين لهذا الموضوع أو ثلاثة احتمالات، إما ستموت، وإما أن تصاب، أو أنك سترجع بالطحين. وفقدت أصدقائك، فقدت قريب في هذا الموت، بهذه الطريقة، في مجزرة. فهذا دائمًا الخوف. هذا المعنى لذلك، واحدة ثانية من الأفكار، يعني كتبت عنها منيح كانت القصة التي حكيتها في بداية الحرب، عن الـ64 شخص الموجودين، هم 64 شخص؛ ثلاثة منهم طلعوا عايشين، ولكن من هم الثلاثة الذين خرجوا أحياء؟ فمين الـ64 شخص هؤلاء؟ يعني هذا مش رقم عادي وخلاص! هم كل واحد فيهم كان لديه حلم.

 

أحمد مرتجى: [00:48:23.89]
كان عنده خلينا نحكي حياة عايشها. مشاعر، كان عنده طريق يمشي فيه كذا. هذه هي الاشياء التي أحاول انا أن اكتب عنها. ولكن أحس في لحظة معينة. يعني يمكن الآن لن أنشر. أو ليس هذا هو الوقت. او يمكن.. لا أعرف. لا أعرف ما هو الصح ولا أعرف ما هو الغلط. ولكن أكتب أبقى أحاول. احاول أن اكتب. ولكن انا يعني أيضًا أرجع ثاني لنفس التعريف. انا أيضًا لست كاتبًا. دائمًا منطق انّه انت كاتب أحس أنّك تضع حالك في زاوية معينة وهكذا.

 

أحمد مرتجى: [00:49:00.73]
في شغلة ثالثة انا أكتب لأجل في لحظة معيّنة انا أحس ان هذه هي الطريقة التي تريحني. احيانًا تكون على وشك أن تنفجر يعني. تمر في يوم صعب. نجوت من الموت. كان في طيران فوقك كان كذا. كيف دبرت لقمة عيشك؟ كذا كيف كذا؟ كيف؟ هذه الاشياء تحس انك تريد أن تنفجر. وإذا تأتي لتحكي لصاحبك الذي هو اصلا عايش نفس تفاصيل يومه ويومك لكن بطريقة مختلفة. أيضًا هو يعني لن يكون قادرًا لأن يسمعك مئة في المئة. واذا أريد أن آتي احكي مع شخص موجود في الخارج لن يفهم مشاعري مئة في المئة. صرت في لحظة معينة يمكن حين أكتب أقدر يعني أن أكون مرتاحًا، أقدر أنام، أقدر أرجع ثاني يوم استيقظ، وأنا قادر أن اعطي الناس. اعطي حالي اعطي أهلي، بأي شكل من الأشكال.

 

أحمد البيقاوي: [00:50:06.45]
والله غالي. يعني مُجبر أن اسألك: هل مررت بلحظات لم تكن قادرًا أن تكتب فيها؟

 

أحمد مرتجى: [00:50:20.48]
مررت بلحظات كتير لم أكن قادرًا. كنت أحس إنه لماذا أكتب أو ماذا أكتب. ماذا بالزبط؟ يعني هي هذا السؤال. أنا ماذا أكتب؟ نصّ صغير لكن يعني معظم النصوص في لحظة لا تكتمل يعني. حتى ممكن الذي يقرأ يقول لك انه سيكمل أو لا يكمل. وهذا بالضبط الذي دائما أحسّه، شعوري تجاه نصوصي. لكن ماذا هناك من مواقف؟ في. مرّة قصفوا البيت الذي بجانبنا. تمام؟ ليس البيت الذي جنبنا، انما البيت الذي بجانبنا في الحارة الثانية، هي شبكة، شبكة نزوحات. لنا بيتان. البيت الموجود في حارة الطوابين، وفي بيت موجود في الشجاعية/ طريق السكة. ففي بداية الحرب صاروا يتصلوا على أهل الشمال روحوا على الجنوب انزحوا، وهذا عمليّات عسكرية.

 

أحمد البيقاوي: [00:51:33.49]
8 اكتوبر.

 

أحمد مرتجى: [00:51:35.71]
8 اكتوبر.

 

أحمد البيقاوي: [00:51:37.15]
اوك

 

أحمد مرتجى: [00:51:37.45]
أنا يعني سأحكي لك القصة من البداية، كي اوصلك للبيت يعني، فأنا بحكم يعني موجود عليّ مسؤولية البيت، ووالدي مريض ووالدتي مريضة. اختي حامل وقتها. أنا أكبر أخوتي الموجودين. أحمد انت ماذا ترى؟ هكذا السؤال. انا ماذا أرى؟ والله لا اعرف اوّل مرّة يعني ليس عندي تجربة. طب نطلع أم لا نطلع؟ نروح أو لا نروح. بدأنا نفكك هذه الفكرة. فكرة نطلع أو نبقى. وإذا ما بدنا نطلع شو بدنا نعمل؟ واذا بدنا نطلع وين بدنا نروح؟ وهل فعلا اسبوع وسنرجع ولا مش أسبوع ورح نرجع. فلسفة شوي. تسأل اسئلة كبيرة، وهذه الاسئلة التي بدأت خلينا نحلل شو ممكن يصير؟ شو رح يصير؟ فلأجل أيضًا أن لا تكون انانيًا في اتخاذ القرار. بحكم سلطتك يعني كأخ كبير وكذا. عملية ديمقراطية سريعة. من يريد أن يطلع؟ من لا يريد أن يطلع؟ من سيخرج رفع يده، من لا يريد لا يرفع يده. طب نحن نريد أن نكون مع بعضنا كعائلة. طب لنتفق اتفاقًا. ما هو اتفاقنا؟ نحن لا نريد أن نطلع لأسباب مختلفة سأحكي فيها. ولكن إذا أردنا أن نطلع يعني يجب أن نكون كلّنا مع بعضنا. بمعنى لا ينفع حدا يتخلّف عن أيّ شيء يعني مرتبط فينا كأسرة.

 

أحمد البيقاوي: [00:53:25.34]
في هذه القعدة، كم واحد قاعد في هذا النقاش الذي تحكي عنه؟.

 

أحمد مرتجى: [00:53:29.27]
أسرتي الصغيرة.

 

أحمد مرتجى: [00:53:30.32]
يعني تحكي عن 4 اخوة وبنتين وامي وابي واولاد اختي اثنين. وأيضًا كان في حدا جنين يعني في البطن. فهذا كان الحوار. يعني هذه السرعة وهذه التلقائية خلينا نحكي. الحجّة قامت صلّت صلاة استخارة يعني تعرف، فخلص قررنا أن نضل لكن أين سنذهب؟ سنروح على البيت الثاني. لماذا؟ لانه معظم الجيران الموجودين في البيت الذي نحن فيه راحوا يعني غادروا. ونحنا بغزة نبحث على الونس (الأُنس). يعني يمكن أن تكون في اخطر مكان في العالم. أخطر مكان في غزة. لكن تطمئن انه والله جيرانك موجودين حولك، ونحن هنا موجودون حول بعضنا. يعني تتطلع هكذا ف عينين بعض. خلص تأخذ القرار هذا بالقوة والامل، فنحن نبحث على الأنس. قلنا اونس لنا أن نذهب على البيت الثاني، ورحنا على البيت الثاني. وبعد يوم الثاني الثالث الرابع. طبعا كنت أكتب وأوثّق يومياتي، صارت الضربة (القصف) بجانب البيت. الآن في هكذا احمد، يعني لم أكن قبل ذلك ميّتًا يعني كي ارى كيف فكرة الموت اصلًا. لكن صرت أشكّلها. يعني صرت افهم انه الموضوع كثير بسيط. فجأة (shut down) إيقاف تشغيل. فاهم كيف؟ 30 ثانية. بعدها لم أكن محظوظًا. ففتحت عيني. فتحت عيني على صراخ وهذا تريد أن تشيل عنه الردم، وهذا تنظر إليه (شظايا) الشبّاك في وجهه وكذا، تنظرون في بعض، وتتساءلون: ماذا يحدث؟ انت أين اصلا؟ فاهم كيف. كيف لعبة call of duty حين يأتي شخص لإنقاذك. فأنت ترى كل المشاهد بطيئة، وصوت نفسك تأخذه يمين شمال يمين شمال وكذا. هذا بالضبط المشهد الذي صار معي. طيب هذا كيف سأكتبه أصلًا؟ انت فاهم؟ عاجز أن أكتبه. لا مشاعر اصلا، لا لغة. لا حروف معيّنة يمكن أن تحكي عن هذا الشيئ الذي مررت به. خرجنا بأعجوبة، وكذا، وجمّع الاولاد الصغار وكذا، لأننا ذهبنا على البيت هناك وكان موجود أيضًا أناس هناك مثلما قلت لك نبحث على الونس (الأنس).

 

أحمد البيقاوي: [00:56:05.94]
وين البيت الثاني؟

 

أحمد مرتجى: [00:56:07.08]
كلاهما في منطقة الشجاعية، ولكن واحد منهما موجود في حارة وهي حارة الطوابين، وهنالك الكثير من البيوت وكذا، والبيت الثاني موجود في منطقة "السكة" تمام؟ منطقة جغرافية ليستا كثيرًا بعيدات عن بعض، ولكن هذه الحارة غيها كثير ناس، وتلك الحارة التي أناسها خرجوا إلى الجنوب.

 

أحمد البيقاوي: [00:56:31.56]
 لا زلت تتحدث بالوقت الذي تنزح الناس فيه للجنوب، صح؟

 

أحمد مرتجى: [00:56:39.33]
نعم لا زالت الناس تنزح إلى الجنوب.

 

أحمد البيقاوي: [00:56:41.28]
لكن لم نصل بعد لحظة النزوح الكبيرة؟

 

أحمد مرتجى: [00:56:45.42]
الآن أنا أحكي لك هذا الكلام والناس قد نزحت مسبقًا تمام؟ ولا زال هناك فرصة بأن تنزح.

 

أحمد البيقاوي: [00:56:51.45]
حسنًا.

 

أحمد مرتجى: [00:56:51.99]
بالمناسبة يعني، الناس تنزح ونحن أصلاً قد نزحنا لكن نزوح داخلي من الشجاعية إلى الشجاعية.

 

أحمد البيقاوي: [00:57:00.63]
طيب حتى أكون أنا وإياك على نفس الخط؛ لحظة النزوح الكبيرة التي لم يعد فعلياً ينفع أن ىتنزح بعدها، والتي هي عندما الإعلام والصحافة كلها طلعت أيضًا صح؟

 

أحمد مرتجى: [00:57:11.13]
اه هذه هذه..

 

أحمد البيقاوي: [00:57:13.11]
هذه لحظة النزوح الكبير. هذه آخر لحظة.

 

أحمد مرتجى: [00:57:16.05]
هاي يعني مسمّى يعني لم يمر عليّ انه هكذا لكن انه اه ممكن نحكي عنه لانه؛ في لحظة..

 

أحمد البيقاوي: [00:57:23.43]
طيب فقط من أجل أن أمسك معك الحديث، يعني أنتم لا زلتم تتنقلون بين البيوت لكن لا زال حاضرًا خيار النزوح؟

 

أحمد مرتجى: [00:57:32.46]
ولسا في خيار النزوح. وأيضًا.. فهمت عليك. المستشفيات فيها أطباء. دعنا نقول في أناس بغزة، يعني يُقدّر عدهم بأكثر من من 500 - 600 - 700 الف شخص. يعني في عدد لا بأس به. لم نكن لوحدنا. لم تكن الاتصالات تنقطع كما كانت. من هنا خرجنا من البيت وذهبنا على البيت الثاني، لأنه لا يوجد خيارات أمامنا. بدأت كرة الثلج التي أحكي لك عنها. صرنا لسن وحدنا، معنا أيضًا اقرباؤنا. طلعنا على البيت الثاني، وانا هناك يعني في ذلك الموقف، واحدة من المواقف. أحسست ساعتها انني عاجز، وعاجز ان اكتب. ومن ثم توالت الاشياء.

 

أحمد مرتجى: [00:58:25.54]
الآن النزوح الكبير الكبير. بصراحة اذا بدنا نرجع او ندخل لأجل أن نصل لهذه المنطقة. أذكر وقتها انه يعني -كيف تحس حالك لحالك؟- أنت غير متأكد ممن هو موجود حولك. ولأنّه ليس هناك اتصالات، وما في انترنت بقي الجوال الذي تمتلكه، هو عبارة عن تشحنه كي تلعب "كاندي كراش" في الليل ليس أكثر، كي تمضي وقت الحرب. لأنه ليس هناك اتصالات ولا الانترنت ولا في ايّ عمليّة تواصل. تسمع أصوات قصف، وتسمع أصوات صراخ، أحيانًا من حولك وكذا، ولكن انت لا تعرف ايّ شيء.

 

أحمد مرتجى: [00:59:17.16]
الخبر الخبر تعرفه وتشكّله كيف انت ترى انت تُشكّل خبر. او بتقدر تعرف خبر. يعني اذا أريد أن اعرف اذا احمد على قيد الحياة أو لا. اذا انا رأيته ثاني يوم فهو عايش. اذا لم أره يبقى علامة استفهام. عايش أو لا. وهكذا باقي الاشياء. لا أعرف ما الذي جاء بنا لهذه المنطقة، ولكن هي أيضًا مرتبطة في انّ الفترة الصعبة هذه التي عشناها وتسكرت هنا أغلق، وصار هناك شمال وجنوب، أغلق تمامًا. صار في حاجز. فصل تمامًا. الشمال صار شمال. والجنوب صار جنوب. وهنا الجنوب تسمع اخبار مساعدات واكل وشرب وتجار والى آخره. ومناطق آمنة وتصنيفات وكذا. ونحن موجودون في منطقة ثانية. منطقة احزمة نارية. خطر مجاعة. جوع. انعدام الخيارات. ودائمًا احمد أسأل حالي: طب ليه ما اطلع؟ ما اطلع واروح. وأرجع لنفس الجلسة التي قعدناها ببداية الحرب وبداية ما قالوا اطلع شمال وجنوب. في قرار أخذناه. قرار جماعي. اذا احمد في لحظة معينة حكى إنه سيطلع تمام. سيأتي له محمد يحكي له: لأ، نحن أخذنا قرارًا جماعيًا، أن نكون مع بعض، ونقوّي بعضنا. نبحث على الونس. تعال نشوف وين في (أنس) ونس في غزة؟ نقعد فيه أو حواليه. فهذه هي...

 

أحمد البيقاوي: [01:01:10.93]
اذا أردت أن أجرب أفكر أنا وإياك بصوت عالٍ بأسباب رفض النزوح أو أسباب البقاء، جرّب كيفما يعني تريدها، يعني لماذا لا تريد أن تتجه للجنوب؟ يعني هذا سؤال لحاله، أو لماذا تريد أن تبقى في الشمال؟ أيضًا هذا مسار.

 

أحمد مرتجى: [01:01:35.20]
بقولوا مثل (شعبي: "اللي بيطلع من داره يقلّ مقداره". لكن هذا لا ينطبق على الجماعة الذين طلعو من غزة وكذا. ولكن يعني حتى أرى، وأتذكر حين أردنا أن نعمل اللقاء انا وإيّاك. أقول لك لو انا موجود في غرفتي كان الامور اسهل. فاهم كيف؟ وهذا فقط على جزئيّة لقاء صغير سنعمله، وبودكاست ويجب الحلقة تكون مسجلة. وذهبت على المكان ولم يكن فيه خصوصيّة، وشخص بجانبي ينظر بطريقة ما، والانترنت مش زابط. كهربا مش كهربا كذا. بعدها جئنا، يعني مشكور مقداد استضافنا في المكان وهكذا. ملاحظة صغيرة داخل قصة كبيرة. تخيّل أن تذهب على مكان في الجنوب. انت لا تعرف، لا تعرف من هناك. لا تعرف أيضًا ماذا يوجد هناك. وإذا أردنا أن نحكي عن الامان وما الامان. يعني بصراحة، كنا نرى ونسمع اخبار انه في قصف بالبريج في قصف في دير البلح، قصف في كذا. وهو نفسه قصف في غزة، وقصف في الشجاعية، وقصف في الرمال، وكذا، لم يبق شيء مختلف. الموت واحد.

 

أحمد البيقاوي: [01:02:49.98]
هل فعلًا فعلاً؟ أم أنك هكذا تحب أن تراه؟

 

أحمد مرتجى: [01:02:52.42]
فعلًا. لا أنا مش هيك بحب أشوفه، لكن هيك صار. طيب يعني بذكر واحد صديقي كان طالع هو وامه بسيارته على شارع صلاح الدين عند الوادي. قصفوا السيارة هو كان نازح، يعني هو من الناس الذين استجابوا لأوامر الإخلاء، وطلع على الجنوب وهو كان على وشك يجتاز الوادي، لم يكن قد أُغلق  الحاجز بعد، قصفوا السيارة على بعد سيارتين من مكان سيره، وامه آنذاك تصاوبت في يدها، فراح سحب حاله ورجع على غزة. فيعني كان فعليا نفس الخطر الذي يمكن أن تواجهه وأنت موجود هو نفس الخطر الذي قد تواجهه وانت طالع. هذا واحد من الأشياء، الشغلة الثانية كما حكيت لك أنا حدا بتأمل، فهي هذه التجربة نحن سامعينها قبل هيك في واحدة من القصص؛ اطلعوا أسبوع زمان وترجعون، وهذه كانت يعني قصص أجدادنا يعني أنفسهم. طيب ما الذي يحدث؟ انه ليش؟ طيب اوكي احنا مش عارفين ما القادم علينا، تمام؟ هذه نقطة كثير مهمة؛ احنا مش عارفين شو ما بعد ذلك؛ لأنه لم يمر علينا إبادة أصلا، لم نرَ إبادة قبل اليوم، هذه أول إبادة يعني، والحروب التي فاتت كانت فعليًا يعني "مسخرة" اذا بدك سمّيها اشي زي هيك! فعشان هيك أنت الشيء الذي لا تكون متأكد منه تكون رافضه فاهم علي كيف؟ إلى حين تتأكد منه. يعني بنحب احنا نسأل أسئلة كثير، ثم نجلب هذه الإجابات حتى نشكّل وعينا تجاه هذا الشيء بعدها نقرر اه او لا، وهذا الذي لم يكن موجود. اطلع لكن وين بدك تطلع؟ في منطقة انسانية؟ طيب هذه منطقة انسانية غير آمنة يعني مئة بالمئة، هنالك خطر، وكذا وكذا.. وأنا يعني برفض فكرة الخيمة لأسباب كثيرة؛ أولها انه أول شيء والدي مريض، ما بيقدر، والدتي مريضة ما بتقدر، وأختي حامل بوقتها أيضًا، ومعي أطفال وما بنقدر نعيش في هذه الظروف لأنه هنالك صعوبة أيضًا عليهم.

 

أحمد مرتجى: [01:05:18.35]
اذا نحن فقط الفكرة في ان ابقى على قيد الحياة، وأتنفّس. وهذا يعني يمارس على حسب هرم ماسلو، الأكل والشرب وكذا. ليس هذا الشيء الذي ابحث عنه فقط. يعني في اشياء ثانية انا أبحث عليها. من هنا ايضًا يعني فكرة البقاء كبقاء هي مرتبطة في انك انت.. هذا الخيار الموجود امامي. يعني كان في وقتها، في لحظات ضعفت في لحظات قويت، ولكن كان في اسباب تدفعك لأن تبقى. واصحابك الذين اكتشفت انهم موجودون أيضًا حولك. هذه كانت من الاشياء التي تجعلني موجودًا، والأصحاب أيضًا موجودين وآثروا أن يبقوا موجودين على اي شيء ثاني.

 

أحمد مرتجى: [01:06:13.59]
الشغلة الاخيرة التي سأحكي عنها. في لحظة معيّنة احمد -انا أشتغل في مجال العمل الانساني، واحتكاكي كثير مع الناس. دائما بحكي انه الله جعلني موجودًا في هذا المكان لسبب، وهذه واحدة -لا أعرف إذا انا أواسي حالي ولا بحكي فعلا- ولكن فعلا كنت بشوف انه في ناس تحتاج أن نقدم لها مساعدة. في ناس تحتاج أن نقف بجانبها، نطمئنها بكلمة. في ناس حين كانت تراك موجود معنى ذلك، لا، تمام انا سأبقى موجودًا. إنّه يعني اوساط ثقافية بأوساط تدريبات لا أعرف. ولكن في شباب كثير كانت حين تراك تحكي لك: اووف انت موجود في غزة! والله ما كنت بعرف. اوف أرحتني. أحسست انني اعرف أحدًا. الآن يعني أحسست انّه كذا. صاروا يحكوا اشياء. فانت تجد نفسك في لحظة معيّنة. انت أمام مسؤوليّة أمام الناس، يعني انه الناس تنتظر منك وناس بتعطيها أيضًا، وناس أيضًا... لكن فكرة انه انت موجود هذا شيء يطمئنها يعني هذه واحدة من الاشياء التي تجعلك تبقى. لا أعرف اذا أستحضر أشياء أخرى لاحقًا.

 

أحمد البيقاوي: [01:07:53.86]
طيب قل لي كيف ومتى بدأت تحدث هذه فكرة يعني؛ نظرة الناس التي ما نزحت للناس الذين نزحوا؟ بعتب أم بغضب؟

 

أحمد مرتجى: [01:08:10.12]
يعني اسمع لا ينفع أن نسمّيها نزح بعتاب أو.. يعني ليس هنالك عتاب..

 

أحمد البيقاوي: [01:08:17.44]
لا لا أقصد التعبيرات للناس، أنا يعني أجرب هكذا أطرح أكثر من مصطلح فقط لأنني يعني يمكن القول أن أصعب شيء بهذه القصص كلها انه لا يوجد مرجع! يعني صعب أن أحضِّر حالي للسؤال، فيعني ثمّة فكرة برأسي فحريّ ُ بي أن أفرد لك على الطاولة كل الأوصاف وأنت تختار وتجيب، فيعني لا نريد أن نروح حلقة أخيرة أنا وإياك!

 

أحمد مرتجى: [01:08:39.19]
أنا بدي أقول لك شغلة لانه في ناس تفهمها على أنها عتاب، فلذلك أنا هكذا أحاول أن أصلح الاشي، لانه قد قيل في هذا الموضوع انه أهل الشمال يعتبون على أهل الجنوب أو كذا.. الآن في أراضي معينة يتم.. لا أعرف..

 

أحمد البيقاوي: [01:08:59.25]
آسف لكن سأقاطعك. انا أسال من السوشال ميديا، من محل بلحظات حين كانت تشتدّ على الشمال. كان البعض حين يكون عنده انترنت يكتب فعليًا مثلا انه الناس التي طلعت على الجنوب هي أساس المشكلة. أو إنّه نحن لو انهم لم يطلعوا ما كان صار فينا الذي يصير. فهنا بدأت اشوف إنه في شيء غير قضيّة، يعني مفهوم البقاء هنا أيضًا صار فيه نقاش داخلي موجود، ويمكن أنت حتى حين بدأت فيه تقول انّه يعني في الجنوب كان يكون في المساعدات والشاحنات وكذا، وأنت فعليًا عندك الحزام الناري يعني، ففي شيء طبيعي إنّه يصير!

 

أحمد مرتجى: [01:09:39.00]
مئة في المئة. وانا أحكي لك انه فعلا هو يصير لكن يبقى انّه أيضً في ناس بقيت موجودة في الشمال وطلعت تحت القصف والموت وكذا. ولم يكن أمامها اي خيار الا ان تطلع، ما قدرت تروح لاي محل ثاني. وكان الخوف أيضًا يعني في وحدة من المحلات هو الذي يحرّك الناس. لكن هل مثلًا ممكن احكي انه في شيء يعني كان يمكن. وهذه واحدة من الأدوات التي حاول الاحتلال ان يظهرها؛ انه انت موجود في هذا المحل. انت ستموت بأي شكل من اشكال الموت. يا إما ستموت من الجوع. يا إمّا ستموت من القصف يا إمّا كذا. لكن في المقابل انظر جارك، انظر قريبك الموجود في الجنوب. يأكل دجاج ولحمة. موجود في مكان آمن ويخرج إلى الكافيهات وكذا. هذه الصورة حتى وان كانت يعني بشكل غير مباشر ولكن كنّا نلمسها، ولكن بنفس الوقت نحكي إنّها ما في خيار. يمكن موجود عندهم ويمكن موجود عندنا. لكن ليس عتبًا، وبشكل اكبر انّ التجربة التي مررنا بها. يعني ليست تجربة مماثلة للذي مرّ به من نزح على الجنوب. هناك التجربة مختلفة قليلًا. يعني من ناحية مثلا 2 مليون شخص موجودين في بقعة جغرافية صغيرة. فهذا تحدي، يعني تحدي النظافة وتحدي لا يوجد مكان يقعدوا فيه وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا وكذا ومحلات كثيرة. في بالمقابل 350 - 400 الف شخص موجودين في مساحة جغرافية كثير كبيرة. تمام. وعندهم اشياء كثير من نظافة من ادوات النظافة مثلا، محلات يقعدوا فيها. يروحوا ينزحوا عليها وكذا. يفتحوا اي باب يفوتوا. لكن في المقابل كان في خوف وموت قصف وقتل وإلى آخره، مفارقات. مفارقات. اه. يعني هكذا أتخيّل. لا أعرف.

 

أحمد البيقاوي: [01:12:06.28]
طب تعال نجرب لنرى أيضًا كيف تطورت اسباب البقاء مرة بعد مرة. وينفع تعمل شغلة تساعدني. انا أحب كثيرًا انه يعن حين أجرّب أن أسأل انت اطلعت على تجربة 65 او 64 بمحل ما. كيف حكيتهم كرة ثلج بتكبر.

 

أحمد مرتجى: [01:12:32.64]
اه.

 

أحمد البيقاوي: [01:12:33.69]
تعال نجرب يعني في إجابة شخصية فرديّة تتعلق فيك بحالة البقاء انك انت فرضًا تشتغل بعمل انساني. لكن أحب أيضًا أن أسمع تخوّفات اختك التي كانت حامل. انه ممكن يكون عندها شك بأن تتلقى رعاية ما. سمعت من قصص من ناس انه مثلا عيلة كاملة نزحت لكن الاب رفض أن يخرج، وتوفي فعليًا من قلة الرعاية الطبيّة في بيته. ففي اكثر من سبب اليوم يعني على مستوى وعي للبقاء وأكثر من تخوف. لكن تعرف هذه الحالة لانه يعني عادةً تقدم برومانسيّة وانا عندي صار نقمة على الرومانسيات. يعني بشكل.. انه أريد أن افككها، أريد أن افكك كل شيء رومانسي. خلص كل شيء هكذا يصير وردي وحلو، والصمود بتصير كلمة لطيفة نطبعها وأضعها بالدار عند البراويز وتصير شيء مرتب. يعني. هو في قرار وفي كلف، وفي تحديات، وفي نقاشات باليوم يوم يعني.. هاي بدّي تجرّب يعني تضعها على الطاولة كلها معي.

 

أحمد مرتجى: [01:13:41.51]
وعلى سيرة الحرب هذه شغلة مهمة يعني. يعني دائما أحكي فيه: موضوع رمسنة الحرب. اه يمكن حكاها الدكتور رفعت العرعير أيضًا، عو يعني دكتور صديق ومن سكّان الشجاعية، فأشبه بالجار. كان يحكي أيضًا عن هذا المفهوم رمسنة الحرب. كيف في لحظة معيّنة مثلًا حد مقتول، حدا طفل استشهد بدون رأس فترسم وردة على مكان رأسه. عارف كيف؟! إنّه يعني "واو" هكذا حلوة وكذا.

 

أحمد البيقاوي: [01:14:21.05]
اه.

 

أحمد مرتجى: [01:14:22.40]
ليس بهذا الشكل يعني.

 

أحمد البيقاوي: [01:14:25.34]
لا لا مظبوط مظبوط.

 

أحمد مرتجى: [01:14:26.87]
وأنا أقول لك لا.

 

أحمد البيقاوي: [01:14:29.35]
احمد كل المشهد حتى على مستوى الصور. يعني انا أحكي لك من الخارج. في شيء بقضيّة المقاومة، يعني بقضيّة المقاومة بقضية الصمود يعني بالأول يكون في مادة، في صورة، وحين تغلب الصورة انت تحتاج الى مخيّلة فتصير انت فعليًا طوال الوقت قاعد تُطلع أشياء مثلا كانت تطلع صور عمليات، واحد طالع بحفاية (حذاء) يضرب صاروخ. كويّس! بأيّ محل بالعالم انت تقول فعليا انه هذا الرجل ليس عنده يعني موارد كفاية لأن يُجهّز حاله كفاية لهذه المعركة. لا تعرفش فعليًا كيف تتحول هذه الأقدام الطّاهرة وشِعر بالأقدام وبالحفّاية وبكذا. انظروا الى المقاتل الأنيق، المقاتل الانيق الذي كذا يعني إنه يعني بالراحة يا اخوان، حتى الجوعان حتى الكذا تلاقي الواحد يموت. لكن نحن أيضًا نتغنّى بموته. يعني نتغنّى بموته بشجاعة، نتغنى بأنه أوصل صوته قبل أن يموت. يصير صوته الذي خرج قبل أن يموت هو المهم يعني.

 

أحمد مرتجى: [01:15:28.84]
يعني هذه الشغلة يعني من الأشياء التي فعلا يعني تقهرك في الحرب بصراحة. يعني رمسنة الحرب، رمسنة المشاهد نفسها، الذي يأتي يصوِّر لك كيس طحين عليه دم فيقول لك انه "واااو". وكيس طحين مغمّس بكذا يعني تفاصيل معيّنة هكذا تصير انت يعني في لحظة معينة ممكن تصير مثلا بدل صورتك قلم وأحمد وكذا وأشعار وأبيات وإلى آخره. مع انّ الواقع غير محتاج تجميل. الواقع والحقيقة ليست محتاجة تجميل. اه يعني هذه واحدة من الأشياء التي مثلا... الله يرحم صديقتي فاطمة حسونة فقدناها قبل أيام. فكيف شخص محب للحياة بهذا الشكل. تمام. يعني كيف هكذا انتشرت كلماتها انّه انا يعني اذا بدي أموت أريد أن يكون موتي مدويًا. وأخدوا هذه الجملة الصغيرة من كلامها وصاروا يعملوا عليها "قمري الشهيد" واغاني معيّنة وكذا. وبما انه يعني.. ليش؟! يعني المفارقة في انه مش هذه الطريقة. نحن المفترض أن نحكي عن انسان فقد أحلامه. انسان كائن حيّ كان يفترض يكون موجود معنا. يمكن أيضًا كنت تستضيفها في وحدة من حلقات البودكاست وكذا يعني. حدا عنده تجربة غنية في الشمال وكذا، ولكن صارت هي عبارة عن ذكرى يعني او ستوري 24 ساعة.

 

أحمد البيقاوي: [01:17:06.89]
لا ليس ذكرى. تصير انت بمحل بدل أن تفكّر اننا خسرنا أحدًا ما، بالضبط نحن خسرنا حدا، يصير دورك يعني مباشرة تأخذ دورًا ما: ان تدوّي الموت. يعني ليس فكرة أنّها كانت واصلة لمحل بقوّة ما او بهزيمة ما او بضعف ما او بشجاعة ما بلحظة إنها تكتب هذا الشيء كي تقول إنّها تريد رحيلًا مدويًّا. أيضًا فعليًا متى يطلب الواحد أن يكون رحيله مدويًا؟! هذه قصّة. لكن نحن فعليًا كل شيء مهما كان فعليًا أيّ شكل من أشكال الرحيل، خلص أنت تأخذ دورًا. تمام. اوك. سنحقق الأمنية الرومانسية، تمام. سنجعله رحيلًا مدويًا، ونعمل هاشتاغ!

 

أحمد مرتجى: [01:17:40.52]
يعني يمكن في لحظة معينة كانت هي تواسي حالها يمكن، بدها رحيلها مدوّي في لحظة معينة، ولم يكن شعورها هي فحسب بل أيضًا شعور كل الناس الذين كانوا موجودين في الشمال، يعني يمكنني أن انطلق من هنا، في لحظة معينة كنا نحسّ حالنا أننا لوحدنا! ونحسّ انه لا أحد يدري أو يشغله ما يحدث معنا! يعني في واحدة من المحلات، فانه على الأقل إذا بدي أموت، بدي تحكوا عني في أكثر من محل، أريد أن يكون موتي مدويًّا، أريد أن أكون واحد ناس كثر تسمع صوتي! ليش بنحكي هيك؟ لأنك دائمًا تبحث عن نقيض شعورك الداخلي! شعورنا الداخلي في لحظات معينة كان الوحدة. وليس هناك كثير من الناس موجودين حوالينا! وأصحابك، أهلك، الأسرة الكبيرة، نزحوا وطلعوا على الجنوب، بعدها انقطعت الأخبار والاتصالات، وصفّينا كما قلت من قليل، بأنّك بفعل اليوم أنت تجمّع الأخبار، حسب أنت حين تتطلّع حواليك ماذا تجد؟! وتربط كل شيء، فأنت كنت في لحظة معينة تشعر بهذه الوحدة، حتى يعني أكثر الأماكن اكتظاظًا بالسكان كانت بمثابة الجندي المجهول؛ يعني المكان المكتظ اللي انت يعني مستحيل مستحيل تضع رجلك فيه في أحسن الأوقات في غزة، صفِي فيه فقط 7، 8 أشخاص! بتحكي عن مدينة مهجورة تمامًا يعني، الناس خايفة لا زالت ما بتطلع من بيوتها، ما بتتحرك وكذا، فإذا كنت بدي أكتب اشي آنذاك؛ بدي أكتب انه نعم أنا أيضًا أريد أن يكون موتي ليس عاديًا! يعني أريده أن يكون موتي مدويًّا. لذلك مرة قد كتبت انه أنا أحمد، لست رقمًا؛ لأنني كنت أرى كيف عدّاد الأرقام يكثر شيئًا فشيئًا يعني 3000، 4000، 5000، 10000، 10100، 10200!

 

أحمد مرتجى: [01:19:44.31]
انه ما هذا يعني؟! عداد سرعة و يتسارع! يعني فاهم كيف؟ ففي لحظة معينة لا أريد أن أكون هكذا، أن أكون رقمًا! بدي أكون حدا يحكوا انه والله كان بحب ينكّت نكت تافهة، وبدي تحكوا انه كان ينقش علينا رأس كثير(يخفّف دمه معنا ويمازحنا) وأن تحكوا انه هو كان يحب أن يسافر لكن لم يستطع. كل هذه الأشياء البسيطة المرتبطة بأنه إنسان وعالم واسع وكذا.. وأن لا ترمسِن بموتنا!(لا تطمس أثرنا) يعني الشخص الموجود تحت الركام لا تفكر في الشخص الموجود تحت الركام فقط كشخص موجود تحت الركام! لا. بل يعني فكر أيضًا في آخر عشر دقائق من حياة هذا الشخص، طيب آخر نصف ساعة من حياة هذا الشخص كيف كانت؟ وهذه أنا رأيتها بعينيّ يعني، رأيتها مرتين بالضبط أحمد، حدث حزام ناريّ في البيت القديم، كانوا موجودين هناك أقاربنا، وقرروا انهم يتركوا البيت الذي نحن موجودين فيه كلنا، بعد أن طلعنا من الضربة الأولى، كانوا كلهم موجودين فيه هناك، صار حزام ناري، طبعًا الحزام الناري يعني هو أكثر من 25 ضربة في ثوانٍ! عارف كيف؟ بوم بوم بوم بوم بهذا الشكل، فأنت يعني ما بين تتطلّع على ما ييحدث وتفاضل! شو بدك تعمل بدك تجمّع انت وتمسك بالأولاد الصغار، تمسك أمك، أبوك، تحتضنوا بعضكم، تصير تحكي أذكار وقرآن وكذا.. عارف كيف؟! وبعدها جاءنا اتصال؛ "الحقوا بنا" من أحد من أقاربنا، جئنا صرنا نجري في الشارع، ايش قاعد بصير؟! وإذ بنا نتطلّع على المنطقة وإذ بها عبارة عن حُفر، حفرة بتحكي عن 20 متر تقريبًا في الأرض، حفرة هنا وحفرة هنا، والجوال أيضًا أصبح ضبّ الجوال في الغبار والركام وكذا.. لا يمنحك الرؤيا الصح. أنا فعليًا كنت سأقع لولا أحد نبّهني؛ "خذ بالك"، فانتبهت، لغاية ما وصلنا المكان، قدرنا أن نُخرج أولاد عمي وأهلي وكذا.. بطريقة يعني معينة، وكانت إصاباتهم طفيفة، ولكن ذهبنا نبحث في الحارة، 350 شخص موجودين تحت الأنقاض من يوم ما طلعوا بتلك الحارة؛ حارة الطوابين، بأسماء عائلات وأشخاص

 

أحمد مرتجى: [01:22:11.74]
وأحلام وإلى آخره.. ولليوم لم يخرجوا! ولكن المشاهد التي أثناء واحنا قاعدين؛ مين تصاوب، مين طالع، مين عايش ومين مش عايش؟ في ناس جيران لنا يعملون فلافل، في البيت أحمد حينما يضربون حزام ناريّ ينزل، يعني بتصير انت تحت في الأسفل، يعني اذا كنت في طابق أخير، فتصبح في الطابق الأول، فإذا كان بيته من ثلاثة طوابق تقريبًا فيبقى الطابق الأخير تحت، بيننا وبينهم نار بالضبط نار، وهم يعني في الداخل يحترقون، واحنا موجودين في الخارج مش عارفين شو نعمل! هذه آخر دقائق خلينا نحكي في حياتهم. هذه واحدة من المشاهد انه والله انت شو بدك تعمل مع هؤلاء الأشخاص؟ وأنا شخص ليس لديه لا خبرة في الإسعاف، ولا في التمريض، ولا في الدفاع المدني. أنا شخص جدًا بسيط يعني في هذه الأشياء، يعني إذا أملك شيء أداوي فيه الناس فأنا أمتلك المنطق؛ يعني أنا مخلص سايكولوجي، فبقدر نحكي مع بعض عن المشاعر، وأنا أقول لك طيب أين ستمتع بهذا الشعور.. كل هذا طلع بور شيت في لحظة معينة، مش مهم. في ناس تحترق، لكن ما باليد حيلة لتعمل شيء فتركناهم! عرفت كيف؟ فمشينا! هنا ناس تصرخ تحت الأنقاض، سامع صوتها، لكن ايدك لا تتحول لحفارة، ولا تتحول لجرافة، ولا تتحول لأي شيء! كبيرك أن تزيل حجر على حجر على حجر، لكن بعد ذلك حين تحكي عن 4، 5 حواري في بعض في منطقة هكذا..

 

أحمد مرتجى: [01:23:54.11]
منطقة جغرافية معينة كلها نازلة على الأرض. من هنا كان أول حزام ناري نحن يعني خلينا نحكي عشناه، الحزام الناري الثاني كانت يعني بنت خالي موجودة معنا، نزحت، فكانت تؤشر على منطقة معينة تقول هذه (النافذة) لليوم واقفة، كانت الساعة 2:00 الظهر، طبعًا 2:00 الظهر معنى الكلام انه في ناس في الشوارع وناس بتتحرك وناس تأتي وكذا. والذي يذهب ليبحث عن مكان يشحن، والذي يذهب يبحث عن مياه وإلى آخره، فجأة كيف أنا يعني من مطبخ البيت، بيتنا 300 متر تقريبًا، من مطبخ البيت صرت في آخر قرنة (زاوية) من البيت. بنت خالي هذه التي كانت تؤشر على النافذة، النافذة فجأة كلها أصلا وقعت، حارة كاملة كلها وقعت، وآخر صاروخ في هذا الحزام الناري هو كيف؟ في الأرض المقابلة لبيتنا فعليًا وقف في الأرض المقابلة لبيتنا، فجأة صرنا نعدّ حالنا. طيب احنا موجودين، في ناس طلعت للخارج تعبّي ماء، في ناس كذا.. وين راحت؟ من هنا بدأت ليس فقط أن تعدّ حالك حتى تتطمئن وتعرف كذا، في الحارة الثانية التي هي حارتنا احنا، 300 شخص لا زالوا تحت الأنقاض، 300 شخص من الجيران والاصدقاء، والناس الذين عشنا معهم طفولتنا، وعشنا معهم حياتنا، واقربائنا وكذا تحت الانقاض لغاية هذه اللحظة ما حدا قدر يطلعهم، أولاً غزة تحولت يعني بشكل أو بآخر لمدينة ركام، اهالي البيوت هذه المدفونين داخل هذا البيت، يعني البيت تحول لقبر لهؤلاء الأشخاص، ولهؤلاء الناس، انه ما في أدوات تخرجهم، وما في أي شيء انت بتقدر تعمله أمامهم!

 

أحمد البيقاوي: [01:26:06.57]
معلّش بقولك "ما فيه" قبل ما تكمّل على الحزام الثالث، ما في لما بتكون لانه ما في اصلا معدّات ولا مقوّمات للدفاع المدني ولا إسعافات فما ظلت عندكم انتم وقتها صح.

 

أحمد مرتجى: [01:26:17.31]
بالزبط.

 

أحمد مرتجى: [01:26:17.97]
المستشفيات، مستشفى على مستشفى تخرج عن الخدمة، فيصير الأمر ان ترجع لاحقا خلينا نحكي كأدوات بسيطة، يعني حين أخوي تصاوب فعليا يعني بتعرف ما كان الدواء؟ أو كيف كنا نعالجه في اللحظات الاولى؟ امي كانت تقرأ له على رأسه في المستشفى، يعني هذه هي طريقة العلاج؛ لأنه الموجودين صاروا في المستشفيات هم متطوّعين، حدا سنة اولى طب، ثانية طب، صدفةً ظل موجود في غزة فصار في نداء انه ييجي يعني، يتطوع، يدرس الحالات، يعمل أي شيء، يضع ضمّادات، يعمل أي شيء فعلياً. والدكاترة أيضًا نزحوا بعد دخلة مشفى الشفا، وصارت أيضًا بعد ما خرجت الشفا كلها عن الخدمة هذه أصعب لحظة، هذه اللحظة التي كنت خائف فيها أن تقحّ (تسعُل) لأنك اذا سعلت لن تعرف أين ستذهب تتعالج! فعلياً الدكاترة ما بين أسرى وما بين طلعوا على الجنوب قسرًا يعني بالطيران، وطائرات رباعية انه تحرك بهذا المسار واذا تحركت يمين او شمال سيُطلق عليك النار حسب الشهادات التي سمعناها، فصفّيت أنت لوحدك. وهذه واحدة من الأشياء، إضافة لذلك الدفاع المدني ماذا يمتلك أدوات؟ يعني كم جرافة موجود في غزة؟ كم حفّار موجود؟ كم باغر موجود؟ يعني اذا عدّيناهم على الاصابع فيكون جيد! واحنا يعني أولاد خالي استشهدوا في بيتهم، قعدنا اسبوع كامل احنا نُخرِج فيهم، لدرجة اضطرِّرنا انه نشتري سولار بمبالغ وقدرها أيضًا حتى نقدر نعطي السولار هذا للحفّار _الباجر يسمّونه_ حتى يحفر ونبحث عن الجثث خاصّتهم! ما بعرف إذا الأمهات يعني كيف يشعرن، أو كيف يعرفن ولكن تقول لك: ابني ليس مرتاحًا، يريد أن يندفن. فالأمهات بتكون أولادها اليوم ليسوا مرتاحين من باب أن يدفنوا، كنا محظوظين انه احنا أخرجنا جزء من أولاد خالي هؤلاء بطريقة ما ودفنّاهم. فهي هكذا أنت ليس لديك حفّارات، ولا في بواجر، ولا يوجد سولار أصلا لتحركهم.

 

أحمد مرتجى: [01:29:03.39]
وكان هناك استهدافات مباشرة للبواجر والحفارات والجرافات. لا يوجد دفاع مدني، ولا حتى هنالك طريقة تتواصل مع الدفاع المدني! وإذا بده يأتيك الدفاع المدني، كيف بده يطلّع 300 شخص! هنا السؤال، كيف؟ انت تخيل حارة كاملة، اسطنبول مثلا فجأة كل هذه الحارة تقع على بعضها، من أين ستبدأ تخرج الناس؟! وكيف ستبدأ تخرج الناس؟! ما في تجربة قبل هيك عند الدفاع المدني، كلنا احنا يعني كل سكان غزة ما في عنا تجربة سابقة، كيف ممكن نتعامل مع الابادة، لذلك كنا دائما بسيطين في كيف ردّات فعلنا تجاه الأشياء، انه ما عنا فكرة، فهذه هي المشاهدات في هذه الحظات التي انا يعني كنت دايما بحكي انه ما نرمسن (نجعلها رومانسية) التجارب الخاصة بالآخرين؛ لانه هي ليست حالة وانتهى! ولا ينفع أيضًا أن نعطي وجهة نظر تجاه شعور شخص يعيشه، أو يمر فيه، فقط من باب أن نحكي له انت قوي، انت بطل، انت بوصلتنا للجنة.. واحدة من الأشياء التي أضحكتني كثير آخر ايام انه يا أهل غزة صعّبتوا علينا الجنة، انت فاهم كيف يعني؟! يعني الشخص هذا بحكي لك بمعنى او بآخر انه أهل غزة كلهم على الجنة، فصفيت الجنة صعبة على أي أحد آخر، ما بعرف ما قصده، فهذه واحدة مما يضحكك  من هذه الأشياء، وبنفس الوقت لم تعد تأخذ وتعطي مع الناس. لانه الوضع والواقع الذي لا تستطيع العدسات أن تأتي به، ومرات لا تقدر أن تأتي به ويكون أصعب من انه تأتي به عدسة وايبس وعدسة 60، 70، أو أو. الموضوع ليس هكذا تمامًا، الموضوع لا بد أن ترى ناس، تسمع ناس، تقارن مع الناس، تتأمل قصص الناس، حتى تقدر توصل لفكرة الناس لأين رايحة؟ أو الناس أين موجودة اليوم؟

 

أحمد البيقاوي: [01:31:26.57]
أبو حميد قلت لي أنك تحب الأكل انت؟

 

أحمد مرتجى: [01:31:29.81]
بحب الأكل جدًا لكن أريد أن أذهب للحمام. لا أعرف يعني لا بد أن تعمل للحلقة تعديل كده.

 

أحمد البيقاوي: [01:31:34.58]
لا بل اذهب لللحمام، لا أعمل لها تعديل هذه، أبقيها كما هي هيك وبس تروح عالحمام وترجع وسنسرّعها، كي تذهب وترجع بسرعة.

 

أحمد مرتجى: [01:31:41.75]
لا. اعمل إيقاف لذلك أم  كيف؟

 

أحمد البيقاوي: [01:31:48.56]
فقط اعمل إيقاف للسماعات وهذا.

 

أحمد البيقاوي: [01:31:58.45]
قلت لي أنك تحب الاكل!

 

أحمد مرتجى: [01:32:01.75]
اه والله بحب الاكل.

 

أحمد البيقاوي: [01:32:03.19]
وهذا فعلياً يعني كان حوار كبير، صعب انه المجاعة التي مرّرتم بها، أو قلة الأكل، أو الحديث هذا في الشمال. بنفع هيك تحكي لي هذا الملف وتشرح لي اياه بعيدا عن ما سمعته في الاعلام؟

 

أحمد مرتجى: [01:32:22.78]
بصراحة ما كان في فرصة سعيدة انه أنا أرى ماذا يقول الإعلام عن وقت المجاعة التي مرّينا فيها.

 

أحمد البيقاوي: [01:32:30.13]
لكن بأي أشهر قل الأكل؟

 

أحمد مرتجى: [01:32:34.54]
الآن، من بداية الحرب لغاية تقريبا شهر 12 كانت الامور تمام، يعني كان في مخزون في بعض المحلات، كان في كذا، وأجاز بعض الفقهاء وعلماء الإسلام انه يجوز انه مثلا أحمد يروح على بيت X واذا وجد طعام، أن يأخذ الطعام، وكان في ناس تركت بيوتها، ولم تكن متخيلة أن الأمور ستطول كثيرًا، فدار عمي حكوا لنا روحوا هناك وستجدوا حمص وكذا وكذا وكذا وفي كيس طحين وإلى آخره. لغاية تقريباً نحكي عن شهر 2 بنهاية شهر 1/2024 بدأت الأمور تصعب، شهر 1 أكثر، الآن الطحين هو يعني خبز، عارف كيف؟ هو كان هذا هو المطلب الذي نبحث عنه، لم يكن متوفر، ولم يكن هنالك مساعدات تدخل أصلا بطريقة منظمة يعني، انه حدا يستلم، حدا يوزع وكذا وحسب الاسم، وبتحكي عن عدد لا بأس به من الناس، فصارت الناس تبحث عن البدائل، فمن هنا بدأت فكرة انه تمام طيب كيف ممكن نحصل على طحين؟ الطحين من القمح، ابحث عن القمح، القمح نستخدمه علف للدجاج، ويتم استخدامه أيضًا للأكل لكن بطريقة معالجة يعني، والشعير، بعدها أنهوا كل هذه الأشياء طبعًا بتحكي عن عدد لا بأس به من الناس، بدها تأكل، ابحث عن بدائل أخرى، طيب شو في بدائل أخرى؟ الذرة الناشفة أيضًا هذا نستخدمه كعلف للحمام.

 

أحمد البيقاوي: [01:34:34.19]
هذه بأي أشهر؟ هذه نعرفها، لكن هذه بأي أشهر؟ أنت كيف تدرّجت حواليكم بمحيطكم؟

 

أحمد مرتجى: [01:34:39.74]
انا أحكي عن نهاية شهر 12 (ديسمبر) بداية شهر واحد (يناير) تقريبًا واحد (يناير) واثنين (فبراير). يعني هذه شهر واحد واثنين 2024 بدأت هذه الايام التي أحكي عنها بهذه الصعوبة. طبعًا طبعًا تتدرج بكون في شيء فجأة ينقطع. بعدها بعد الذرة، يصير في علف. ممكن أن يُطحن بطريقة معيّنة. طعمه سيء. الطحين كان سعره غال. إذا كان يتوفّر الطحين بتحكي عن الطحين يعني كيس الطحين وصل 1000 دولار تقريبًا يعني 3500 شيقل.

 

أحمد البيقاوي: [01:35:21.01]
كيس الطحين كم كيلو؟

 

أحمد مرتجى: [01:35:24.34]
25 كيلو، يعني تحكي عن 1000دولار يعني نحكي عن 3500 شيكل تقريباً وصل سعر كيس الطحين. وأيضًا يعني هذه المجاعة أنت تحكي عن انه ما في لحمة، ما في خضراوات، ما في يعني الكثير.. مش موجودة هذه الخيارات، يعني ما في لحمة، ما في دجاج ما في خضراوات؛ بندورة، خيار إلى آخره. وأيضًا ما في خيارات أخرى في الأكل يعني ما في معلبات أيضًا وقتها؛ لانه كما حكيت لك ما في شيء يدخل على الشمال، ما في مساعدات تدخل على الشمال، فمن هنا بدأنا نبحث عن بدائل، طبعا هذا يتناقض مع حبي للأكل، بالمناسبة يعني أنا حدا بحب يأكل فعلا يعني فكيف تحكي لي مثلا انت اليوم حصتك هذا النصف من الرغيف، وين بده يروح للبني آدم؟! مش منطقي! حدا بيحب اللحوم يعني أيضًا بشكل كثير كبير فأيضًا مش زابطة معي، لكن وقتها فعلا مجاعة وناس تموت حرفيًا، وهذا ليس مجازًا! واحد من أصحابي بنته ماتت بوهي عمرها بالضبط 4 أشهر، ماتت ليش؟ لانه كان بيشرّبها حلبة، شو يعني بيشرّبها حلبة؟! يشربها حلبة بدل الحليب، ما في حليب أطفال الخاص بعمر الست شهور وعمر السنة وكذا. ففكّر شو الموجود؟ قال حلبة يعني منيحة أكيد وأمي كانت زمان تشرّبني إياها، هكذا كان يحكي لي، فقلت عشان هي جوعانة وبدها تأكل، ومش عارفين شو نطعهما، فنشرّبها حلبة، فصار يشرّبها حلبة حلبة حلبة لغاية ما توفيت استشهدت! في لحظة أنا شعرت فيها بالعجز حين كان أولاد اختي بدهم يأكلوا، هم يعني دائما الذي يجعلك تشعر بالضيق والحزن تجاه الموضوع ليس نفسك، يعني بلحظة معينة رغباتي كلها أصلا بتروح ترميها وتتخلص منها، ليس لها أي لزوم، ورغباتنا احنا ككبار لم تعد مهمة يعني!

 

أحمد مرتجى: [01:37:52.03]
لكن انت لا بد أن تلبي رغبات الاطفال الموجودين معك، والذين هم اصلا مفرداتهم عن الحرب مفردات بسيطة، بالنسبة لهم في بداية الحرب حتى نقنعهم انه أصوات القصف التي يسمعونها هي اصوات ليست قصف، كنا نحكي لهم هذا العاب نارية، في لحظة معينة ابن اختي بيحكي لي شو هالعالم الذي يظل يحتفل بألعاب نارية كل لحظة! يعني لمتى سينتهي؟! هذا الكلام بعد شهرين من الألعاب النارية التي نعيشها، وفعلا في رأس السنة. يعني أيضًا أكد لي الموضوع يقول لي هذا طيب ألعاب نارية ولا لأ؟ حين بيرى الفوانيس تطلع أيامها وبصير في قصف في الشجاعية وكانوا وقتها مجتاحين الشجاعية واحنا موجودين في منطقة الصناعة، فألعاب نارية مستمرة لم تكن تنتهي، ودائما واقف امام دهشة الاطفال، فكانوا بدهم ياكلوا، ولا في عندك طحين ولا في عندك قمح، ولا في عندك شعير، ولا في عندك حتى علف الحيوانات،  فشو بدنا نعمل؟ وقتها كان في صويا وأنا لغاية اللحظة وبصراحة ما بعرف ليش بيستخدموه، لكن هل يؤكل؟ هذا السؤال المهم، يؤكل ولا لا يؤكل؟ ينفع يؤكل ولا لا؟ مش مهم ما هيّته، منيح ولا مش منيح، ولا حتى طعمه.. لكنه يؤكل، اعجني يا حجة زبّطي الوضع، اعملي، ضعي منكّهات، ضعي أطعمة، لكن مر! شو نعمل؟! ضعي أي شيء عليه وكذا، لغاية ما وصلنا في النهاية لشيء يعني لا ادري اذا بنفع أحكي عنه خبز ولا ما بنفع، قرص وضعنا عليه شوية جبنة، ووضعناها لنذيبها، وقلنا لهم هذه مثل التي نراها بالأفلام وفي المطاعم وكذا. اقتنعوا الأطفال يومها، وأكلوها. بعد كم يوم اكتشفنا انه في دود في بيت الدرج، وإذا بهم كلهم قد رموا حصتهم تحت الدرج، يعني كان في نمل، فطلعوا كلهم قد رموها تحت بيت الدرج، ولا أحد أعجبته، وما حدا أكل، كلنا اقنعنا حالنا وقتها انه تمام أكلناها زاكية!

 

أحمد مرتجى: [01:40:06.42]
لانه انت محتاج تعدّي يوم بيومه، محتاج تمرّق يوم بيومه. فعدّت وكانت تعدّي هذه الاوقات الصعبة وليس أمامك خيارات للأكل سوى الشيء الأخضر، أي شيء أخضر، تسمع بما يسمى "السلّيق" و"الحميض" والحشائش وو.. كلها هذه مثلا تلقّطها من أي مكان، في لحظة معينة ترى الحيوان يشاركك نفس النظرات؛ انه هذا أكلي، تكون تطلّع فيه لا بل صار أكلي! فاهم كيف؟ فتأخذها وتقطّعها بطريقة معينة حتى تعمل سبانخ كذّابة يعني، فاهم كيف؟ تحوطها بالفلفل والليمون والخ. أو تعمل منها مثلا أكلة "فقعية" (وهي أكلة مشهورة بغزة) لكن هي مش معمولة بالسلق الصح، لكن معمولة باشي أخضر على أرز، فتقنع حالك أن هذه هي الاكلة السفاحة التي ستأكلها يعني يوم جمعة مثلًا(عيد الأسبوع). وتوالت الأشياء فبلحظة معينة صارت تدخل شاحنات مساعدات، لكن وين تدخل؟ منطقة الحاجز..

 

أحمد البيقاوي: [01:41:19.25]
هذه أي فترة؟ أي فترة؟.

 

أحمد مرتجى: [01:41:22.43]
بدأت تدخل _اذا أنا ذاكرتي تسعفني كويس فهي_ منتصف شهر 2 على ما أعتقد. ليش بحكي في منتصف شهر 2؟ لانه المجزرة خاصّة شارع الرشيد التي صارت صارت 29/2 في سنة كبيسة يعني، فهذا ذكراهم كل أربع سنين مرة ستأتي، فأنا أذكر انه ااه  قبلها بأيام، حتى كنا نازحين من الشجاعية لانه كان توغّل الثاني للشجاعية، نزحنا تحت الموت طبعا والقصف، ولكن في شهر 2 اه أتذكر ما كان في أكل تمامًا. كنا نازحين، حرفيًا ما في أكل، يعني كان في قالب جبنة كنا مخزنينه وكنا بنقطع منه قطع انه هذه حصّتك قطعة جبنة، تمام؟ واشتريت 2 كيلو طحين بـ 200 شيكل، في لحظات معينة المصاري لن تعد لها قيمة أصلا، فشو الـ 200 شيكل يعني تأتيك باثنين كيلو طحين! ولا اشي! هذا طبعًا بتهريب وبطريقة معينة، في مشكلة عندي.. سآخذ فقط دقيقتين لاني ما بدي الجهاز يطفي.

 

أحمد البيقاوي: [01:42:53.01]
أنت بإمكانك أن تكمل لي وأنت تظبط الجهاز، لا مشكلة.

 

مقداد : [01:42:58.92]
طيب.

 

أحمد البيقاوي: [01:43:03.66]
طيب بالنسبة لك أحمد متى في أي شهر أُغلق ملف أو انتهت مرحلة المجاعة؟ يعني ذروتها اللي انت قاعد بتحكي لي عنها التي هي الصويا وبيت الدرج. صح؟

 

أحمد مرتجى: [01:43:15.84]
هذه ذروتها صحيح.

 

أحمد البيقاوي: [01:43:18.87]
متى خلصت؟

 

أحمد مرتجى: [01:43:22.38]
هي ما خلصت. يعني.

 

أحمد البيقاوي: [01:43:24.81]
بالهدنة الأولى. يمكن.

 

أحمد مرتجى: [01:43:28.07]
بالهدنة الأولى بلشت اه بس قبليها اجت فترة وهو كل شيء يعني دايما موت الناس اشي لصالح ناس اه لما صارت مجزرة الطحين. طبعا بلش العالم يحكي انه فيه المجاعة طلع في الشمال وناس بتموت عشان. شو عم بصير والخ. بتذكر دخلنا على شهر رمضان وقتها يعني احدعش ثلاثة كان عيد ميلادي. دخلنا على رمضان ما كانش في كثير اشياء اكلنا كلها وهيك. اه ظلت مستمرة لحد اخر ايام في رمضان بلش يصير في اشياء في السوق جاجة كذا اشياء. بعد انقطاع طويل بلشنا نشوف اشي اسمه جاج. فتحت معابر بشكل نسبي وجزئي عشان صار في مجزرة فصار في تحرك من العالم تجاه الموضوع، بعدين انقطعت مرة ثانية لحد الفتنة يعني رجعت الاشياء فهي كانت بتمر وكذا. بس فعليا يعني اذا بدي احكي على الثيم العام القيم العام كان كله بتدور، دايما بتدور على بدائل، دايما بتدور على اشياء، يعني خلينا نحكي عكس عكس الموجود، عكس الواقع عكس اللي انت بدك اياه وكيف يعني. يعني ممكن تعمل برجر بس من. من مثلا معلبات والاشياء هاي اللي هي بدكاش البرجر الصح برجر بتقدر تعمل مثلا؟ اه اه زي ما بيسموها كبسة كزابة مفتول كزاب كذا كل هاي الاشياء اللي بدون مثلا حوجتها الصح يعني البندورة والبصل والاشياء هاي بس بتعمل يخنة على على مستوى بتعمل مثلا كبسة بدون زبيب ولوز وكذا بس رز. وحتى بدون جاج ولحمة تدور دايما على هاي البدائل عشان ما في قدامك خيار. وكمان يعني بذكر في في في وقت معين. كان في. يعني كنت محظوظ انه كان عندي اصدقاء موجودين في الجنوب بشتغلوا في اماكن منيحة ومحلاتهم منيحة. بيقدروا ييجوا بحكم شغل مكرر على الشمال.

 

أحمد مرتجى: [01:46:00.06]
لا أريد أن أضرهم في التسجيل وهيك، ولكن قدرنا بطريقة او باخرى نهرّب قطف موز، أولاد أختي حين مسكوا الموز أحمد ليأكلوها كانوا ناسيين كيف تؤكل، فأكلوها هيك! خشموها هكذا! يعني مباشرة فنسوا أن الموز يُقشّر بعدها يؤكل، وهذا كان يعني من الاشياء التي أتطلع هيك انه يا الله قدّيش عدّى وقت على آخر مرة كنا ناكل فيها فواكه أو كنا ناكل فيها خضروات، كنا ناكل فيها اشي صحي! جاءتنا تفاحتين، تخيل التفاحتين كم حدا أكل منهم! تفاحتين أكل منهم 60 شخص! بالعادة التفاحة بتقسمها اربع ارباع، ولكن الربع الواحد كمان بيتقسم لنصفين، عندك التفاحة الواحدة اضربها في 4، الاربعة اضربها في 2، أو في ثلاثة، تمام؟ عشان تقدر تطعم الخمسين. الآن مش مهم كم واحد أكل، المهم كل شخص كيف كانت بترجّعه الضائقة هذه لمحل انه وين كان أو هل هذا الشيء لسا موجود ولا مش موجود؟ انا قادر أتذوق؟ قادر استرجع ذكريات كيف كنا ناكل؟ او شو كنا بناكل؟ او كذا. فهي هذه اللحظات التي تجعلك دائما تضيء عليها الكشّاف، انه كيف هذه الصعوبة وكيف الخيارات مش موجودة في المكان. ولكن تعمل حفلة على أبسط الاشياء، نحكي هيك انتصارات صغيرة. انتصارات صغيرة، على اشياء بالنسبة للعالم بالنسبة لاي حدا يرى الاخبار ليس الانتصار الذي تبحث عنه، انتصار صغير حين انت تنجح _ولست آسف أبدًا_ انك تشطّف لاول مرة، انت متخيل يعني هذا الاحتياج؟! انك انت بدون أن تستخدم قنينة الماء، تخترع طرق وبدائل لكيف تنظف حالك وتشطِّف وكذا. الشعور الاول بإنك ترجع تشطّف مثلك مثل العالم، ومثل أي بني آدم، فهذا انتصار صغير كنا نحسبه وبنحكي عنه انتصار صغير، اللحظة الاولى اللي انت قدرت تتواصل فيها مع اخوك المغترب وإخوتك الموجودين في الخارج تحت اي ظرف من الظروف تحدّيت فيها الانترنت وإلى اخره.

 

أحمد مرتجى: [01:48:47.11]
فهذا أيضًا انتصار صغير، وانتصارات أخرى يعني نحكي عنها كانتصارات صغيرة؛ قدرت توفر الدواء، قدرت اختي في محل معين اذا سألتني على ظروف حملها وولادتها، لكن انا ما جاوبتك، ولكن في لحظة معينة كنت أرى انه مش منطقي اصلا، يعني هذا أنسب وقت انه قلت خلص بلى منه! تمر من محل لمحل وكذا.. سامحني يا خالو أكيد زعلت يعني، لكن حين تكبر وترى الحلقة، لكن حقًا شو يعني تجيب طفل للحياة؟ ولادة يعني حياة، ولادة يعني اشي يبعث الأمل والتفاؤل والى اخره، بدك تحضره إلى محل مليء بالقصف، والموت، والدمار، عالم وحشي. ما في عندك أي مبرر لأي شيء يحدث في العالم الذي نعيش فيه، والسياق اللي انت موجود فيه وكذا. كنت أرى انه يعني والله حرام والله ظلم، لكنه جاء، وبظروف ولادة يعني كثير صعبة، يعني اللحظة اللي قدرنا ندبّر فيها حصان حتى نأخذ اختي اثناء الطلق، يعني هذه لحظة انتصار عظيم، كنت دايما أحمد بدعي يا رب يا رب اذا بدها تولد ما تولد في الليل، لانه مش رح نقدر نعرف ايش نعملها! واذا بتفتح على السجل على اليوتيوب عندي ستجد انه كيف تولد حدا في البيت! "كيف تقوم بولادة طبيعية في البيت"؛ شو هي الادوات التي لازم اكون مستحضرها عشان أعرف، تواصلت مع أصدقاء أطباء موجودين في الخارج، في المغرب وفي الأردن وطبيبات منا وكذا انه شو هي الاشياء التي يعني لازم تكون موجودة عندي اذا اختي ستلد معي عندنا في البيت، في الليل وقت انه انا مش قادر أبعثها لأي مكان؛ لانه احمد بعد المغرب ما في حد بتحرك في الليل، ممنوع! اي حدا بتحرك سينقصف حتما، فانت طالع مثلا بدك تولّدها فأصلاً

 

أحمد مرتجى: [01:51:15.79]
ما في وسائل مواصلات، ما في حتى عربة حمار تنقلك في الليل حتى توصلك، كنت دايما أدعي يا رب فقط اذا بدها تلد فتلد في النهار، وليس في الليل، عند المغرب بدأ يأتيها الطلق، فدبّر حصان أو حمار في المكان اللي احنا موجودين فيه، كنا نازحين في الصناعة، فبالعربة وصلنا فيها على المستشفى، قالوا انه فش مجال للمبيت، والآن قاعدة هيك الدكتورة تحكي انه لا ليس بعد، لن تلد الآن بل ستلد غداً صباحًا، روّحوها، طيب يا دكتورة خليها طيب أبقوها! يمكن يصير ما يصير في الليل، ما أدراك يعني، هذه اشياء نسمع انها تصير في السيارة مرات تصير كذا يعني وارد! فما في مكان، ما في مكان للمبيت، وهي يعني هي عيادة اصدقاء المريض، يعني مستشفى اصدقاء المريض، كانت مستشفى خصّصوها فقط للولادة وفقط للعمليات يعني. فروحنا فيها؛ لانه ما في أي مجال ولا أي خيار سوى هكذا، صرت اسأل حولينا في المنطقة مين فينا حدا خاص للقبالة يعني؟ اذا صار ما صار لا سمح الله انه تكون موجودة وحاضرة، فلم نجد، لكن وجدنا أحد عنده فكرة عن الموضوع يعني، ما بعرف كيف، لكن عنده فكرة يعني وبعرف تمام. وانا عندي خبرة في اليوتيوب، يعني من اليوتيوب وعندي صديقات لي دكاترة يعني فكل اشي جاهز، شاش معقم، مياه ساخنة، مشرط ومقص حتى تقطع الحبل السري. وكيف تكون.. قصة طويلة عريضة طلع الموضوع ليس بهذه السهولة، وبقينا طوال الليل واحنا بننتظر، وهي تتألم، قصف في الخارج، وأباتشي ومدفعية، وتوتر وإلى آخره، وهي يعني تتوجع بصراحة يعني فاهم كيف؟ وما صدقنا وطلع النهار كيف و سحبنا حالنا على المستشفى، اليوم صار في عنا بيبي صغير اسمه محمد كمال اسم مركب.

 

أحمد مرتجى: [01:53:44.84]
يعني كمان على اسم أولاد خالي الذين استشهدوا محمد وكمال، وينادون هذا الولد الصغير ابو احمد، على اسمي كناية باسمي عشان يعني لي فضل قليلا انه أنا يعني أهتميت بأمره، وكذا. لانه. حتى كيف تربّي طفل فهذا تحدي يعني، لانه أقول لك اليوم انت موجود في مكان نزوح، مكان النزوح يعني بتحكي عن ظروف بيئية صعبة، من ناحية نظافة ومن نواحي كثيرة، ولا أحد يبحث عنك، ومن ناحية مياه وشرب والخ. فكنا نهرِّب قناني المياه المفلترة هذه تهريب بأسعار خيالية، عارف كيف؟ عشان يقدر الطفل مثلا اذا أردنا أن نحمِّمه ما نحمّمه بمياه يعني ممكن تصيبه بأمراض، لأن ثلثي الذين كانوا موجودين في المكان الذي أنا موجود فيه النزوح هذا صار عندهم مشاكل في البشرة، بسبب المياه اللي كانوا يستحمّون بها، لانها ليست مياه صالحة، هذه واحدة من الاشياء، الاكل طبيعته صعبة، لا خيارات، ابحث وين لما تلاقي مثلا مجفّفات، حتى بتذكر حكيت مع الدكتورة بقولها: كيف ممكن أقوي الدم عند أختي عشان هي ام مرضعة وتربي ولد وكذا. قالت لي شو عندك؟ قالت لي في عندكم خضروات؟ قلت لها: لا. قالت لي عندكم فواكه؟ لا. هي موجودة في الخارج، قالت لي أحمد احكيلي انت شو موجود عندكم وانا بحكي لك. قلت لها في عنا عدس، حكتلي هذا بروتين كويس، طيب عندكم بيض؟ قلتلها في بيض، لأ. لكن ممكن أدبر، كيف؟ البيضة بـ 30 شيكل، لحدا مربّي دجاج ممكن يكون عنده دجاج بيّاض وكذا. ممكن تاخد منه البيض ب 30 شيكل. تمام نأخذها، وهكذا بدأنا نبحث عن بدائل حتى نقدر نربي طفل صغير في وسط مجاعة وفي حرب ابادة في الشمال.

 

أحمد مرتجى: [01:55:59.47]
يعني في كل هذه الظروف، اليوم البيبي هذا يصرّخ كثيرا، واذا لم تعطه مثلا قلم رآه معي سيأخذ القلم ويصرخ، فيقولون لي أحمد لماذا هو هكذا؟ بقول لهم يا عمي هذا الولد ولد تحت أحزمة نارية واستنشق بارود وركام لحد ما قال بس يعني، فأقل اشي يكون بصرّخ، يعني اليوم اقل اشي من هذا الولد كسلوكيات بيعملها انه يكون بيصرّخ، فهذه واحدة من القصص التي لأجلها بقينا موجودين؛ لانه صعب نطلع، صعب أن نولّد خارجا، صعب نولّد في أي مكان آخر، صعب تولد في الخيام. وأيضًا كيف عشنا المجاعة؟ وكيف عشنا قصة الحرب في هذه الفترة؟ وأيضًا يعني يتزامن مع كل هذه الاشياء الفقد، الفقد اللي انت بتفقده وتظل مكمل! يعني أختي وأمي وكذا.. وأنا والاهل وكذا فقدنا كثير من الاهل، يعني بحكي وبعدّ ابن خالي وابن كذا وابن كذا.. وبعدّيها بسرعة هذه المنطقة، ولكن هذا كله يؤثر على نفسيتك، انت في لحظات معينة حين تكون عيلة كبيرة حين امك تحكي لك في لحظة معينة بالصالون الآن احنا عنا صالونات كبيرة تتسع 70، 80 شخص، عيلة امي كثير كبيرة، فلما اليوم تحكي لك امك مش مهم كبر الصالون، خمس كراسي وركوة قهوة تفي بالغرض! معنى الكلام انه في اشي داخلها غير طبيعي، والشيء اللي داخلها مش طبيعي انه هي فقدت كل عيلتها! أكثر من 80 شخص من اولاد اخوتها واخواتها وو.. فقدتهم الذين كانوا يمثلوا مثلا في العيد شيء، في المناسبات شيء، وكذا للأم وتؤثر على نفسيتها، وأيضًا يؤثر على اختي ويؤثر على الظروف الصحية التي نمر فيها.

 

أحمد مرتجى: [01:58:23.14]
يؤثر أيضًا على صمودنا وبقائنا في المكان ويؤثر على كل هذه الاشياء، ولكن تتجاوز هذه الفكرة، مش تتجاوزها بمعنى انها تقفز عنها وتمشي لا. بل تتجاوزها لأجل غريزة البقاء في لحظتها. ولكن تستدعيك في كل لحظة انت تعيشها وتعايشها. شو يعني؟ يعني انا بيوم حين أرى كيس الطحين موجود أمامي تمام؟ مباشرة بتذكر ابن خالي رائد، مباشرة رائد هو حدا معه ماجستير في الأحياء استاذ رائع جدًا، يدرِّس، خرّج اجيال، هو اب لاطفال كثير كثير شخص رائع، نزحنا طبعا مع بعض وعشنا ايام وليالٍ من النزوح، في لحظات معينة اولاده طلبوا منه يأكلوا، لكن ما كان في اشي يأكلوه. وكان وقتها بتأتي الشاحنات ترمي الطحين على دوار النابلسي، لانه الاوامر هكذا وصلته، فالناس من الجوع والاحتياج، تهجم وتعمل فاهم؟ انت فعلا بتصير بين غريزة البقاء وبين غريزة البقاء انه انت تطلع عايش وانت قاعد تأخذ كيس طحين، وما بين انه ممكن في لحظة معينة بتسرق عشان كيس الطحين! فهمت كيف؟ هذا بدافع البقاء عند الآخرين، لانه كما انت رايح تاخد الطحين لاولادك وذاك ايضا كذلك، ففي 29 في السنة الكبيسة هذه وفي هذه اللحظات كان طالع، لانه سمع انه الناس بتروح على النابلسي ممكن تصيب وممكن تخيب، وممكن تلاقي ممكن ما تلاقي، ممكن ييجي نصيبك وممكن ما تأخذه. فطلع لكن ما رجع كيس الطحين، هنا المفارقة، فكل ما أرى كيس طحين أتذكر مباشرة رائد، وبتذكر قديش احنا اليوم يعني بطّلنا نعدّي على الاشياء بشكل نحكي عادي وخلص. يعني صرنا نطّلع على قيمة الشيء اكثر، هذا من الاشياء التي تغيرت فيّ في الإبادة. يعني هذه المياه الموجودة هنا، ولو انها بهذا القدر لكن هذه المياه ممكن اشرب منها وأشرّبك أيضًا ونتوضأ ونصلي.

 

أحمد مرتجى: [02:01:17.86]
تخيل بهذه المياه البسيطة؛ لأنني صرت أعرف قيمتها، وأعرف كيف ممكن انك تستغل هذه المياه استغلال أمثل، صرنا صحن الرز، بالعادة يبقى هنالك ثلات أربع حبات أرز لا تلقي لهن بالًا، فاهم كيف؟ كيف اليوم الثلات أربع حبّات أرز هذه هم كانوا في لحظة معينة قوتك لهذا اليوم! الطاقة خاصتك تأخذها من ثلاث أربع حبّات الأرز هذه! كيف اليوم رغيف الخبز كيف ممكن تجعل هذا الرغيف يفطِّرك، ويغدّيك، ويعشّيك، وتبقي منه القليل أيضًا عشان اذا في حدا من الأولاد جاع في الليل تقدر توفر له إياه! صرنا نتطلع على قيمة الأشياء، صرنا نتطلع على كيف انه هنالك كثير أشياء في لحظات معينة كانت بالنسبة لنا عادية جدًا، ولم ندرك قدّيش هي مهمة، ورفاهية بلحظة معينة أو حتى ما كنا مدركين أهميتها؛ المياه، والشطّافة، الفاكهة، الخضار؛ البصل وو.. الطعام بحد ذاته، الأمان والقرب من الأب، الأمان، الونس والعائلة، والأسرة وكذا.. كل هذه المفاهيم والأصدقاء طبعًا على رأس القائمة كل هذه المفاهيم اختلفت بهذه اللحظة، صرنا نراها بطريقة مختلفة تماماً، شعرنا بقيمتها وحسّينا بقدّيش هي لها قيمة لن يحسّ بها إلا الذي فقدها، عشان أنا أحسّ بقيمة المياه هذه، فأتذكر مباشرة اللحظات اللي عدّت علينا بدون مياه، حرفيا كنا نشرب ماء فيها طعمة الحديد، يعني كنا نقنع حالنا انو هذه مياه بئر ومنيحة وكويسة، أصلًا الحديد معادن يا زلمة! فهي مفيدة للجسم وتقوّيك يعني. لهذا بعد ثلاثة أسابيع صارت تصير فيه مشاكل جلدية أو مشاكل بالمعدة و خذ فلاجين وخذ غسيل معدة وكذا.. لأننا كنا نشرب مياه رديئة، فصرنا حين نرى المياه هذه بهذه الطريقة، صرنا نحكي عنها هذه مياه حرام أن تهدر ونتخلص منها! فهناك أناس ماتت بسبب حاجتها بها! وهذه المياه يعني في لحظة معينة كنا نتقاسمها في لحظات الحصار، أنت أول شيء تعمله حين تكون محاصر، قد جربت تحاصرت قبل هيك.

 

أحمد مرتجى: [02:03:57.65]
أول حاجة تعملها تغلق أشبار المياه، ترى قدّيش في عندك مياه، تمام؟ تبدأ هذه المياه تقسّمها على أشهر قادمة، فيصفى الأمر انه انت مثلًا بهذا القدر هي حصّتك في الشهر، بهذا القدر هي حصّتك في الأسبوع وكذا... الأطفال احتياجهم مختلف شوية يحتاجون يعني خلينا نحكي شيء معين؛ اغلي المياه قبل أن يشربوها لانه بتكون قتلت الميكروبات وكذا.. فأنت يعني تكون تواسي حالك بأفكار علمية وأفكار يعني مرتبطة من هذا القبيل حتى تقدر تفهم وعشان تقدر تعيش اللحظات القادمة، فتبحث عن هذه البدائل حتى تقدر تعيش هذه اللحظة، فقيمة الأشياء تكمن بإدراكنا اليوم؛ قديش في لحظات معينة احنا فقدناها واليوم أصبحت متوفرة فصفي أن لها هذه القيمة، وأشياء أخرى اليوم هي مفقودة وعارفين قديش لها اهمية، يعني مثلًا نحن اليوم يمكن اليوم الـ 43، 45 مش ذاكر الرقم بالضبط، المعابر فيها مغلقة. فاليوم رجع كيس الطحين وما في كثير أصلا خيارات أكل موجودة وكذا. لكن تعلمنا من التجربة، شو تعلمنا؟ تعلمنا انه مثلاً شو هي الأشياء التي فيها فيتامينات وتمكث فعاليتها كثير، وممكن تكون مهمة للأولاد وكذا، صرنا نحط منها على جنب ونقتصد فيها، نقتصد في الأرز، نقتصد في الأشياء الثانية، حاولنا نزرع يعني احنا عندنا في أرض صغيرة خلف بيتنا، زرعنا فيها، زرعنا الفجل، وزرعنا روتا وزرعنا أشياء كثيرة، لكن اليوم احنا يعني بعاد عن هذا، نزحنا من الشجاعية، فأيضًا هذه التحديات لا زالت موجودة ولكن نحاول أن نظل، نحاول أن نبقى على قيد الحياة؛ لانه هي هذه الغريزة المزروعة داخلنا، فهذه الأشياء المطلقة تذكرك انك انت أيضًا أنسان بشكل او بآخر يعني.

 

أحمد البيقاوي: [02:06:17.22]
أحمد كم اقترب الموت منك؟

 

أحمد مرتجى: [02:06:23.76]
كثير يعني حكيت لك من قبل قليل، انه 30 ثانية يعني وينتهي! وبعدها تسقط يعني لحظة انك تسمع كان الموت كثير قريب، ومرة حكيت عن هذا الموضوع في واحدة من كتاباتي، انه خطوات كما يقلن ستي وستك أن الخطوات نصيب، وأنا بحكي انه الخطوات هي دليل. إما أن تكون دليلك للحياة، وإما أن تكون دليلك للموت، أنا ممكن أكون مثلا رايح في مسار معين، رايح أسجل عند منطقة السرايا لكن لأسباب فنية صارت، فرحت على الشاطئ وفجأة المكان الذي أنا كنت موجود فيه في السرايا انقصف. فأنت يصفي أمرك كيف القدر يلعب هذه اللعبة معك، وهذا الذي كان يحدجث معي في فترات معينة من حياتي، كنت أنزل على الشارع، يعني كان يحرّكني كما حكيت لك في لحظة معينة الشغل، بدك تشتغل! بدك تدخّل فلوس عشان تقدر تعيش، عشان تعمل شيء للناس؛ لانه الناس تنتظر منك أن تعمل لها اشي. قلة قليلة ظلوا موجودين في الشمال، يعني بنحكي عندهم يعني بديش كمان أكون أنا فيها نرجسي كثير، ولكن يعرفون قليلًا، يفهمون شوي، تمام؟ لا أريد أن أكون نرجسي كثير في هذه المرة. فالناس صارت تنتظر منك أن تشتغل، تروح لها، تهتم بأمرها، تعمل هذه ورشات من الدعم النفسي، تعليم وكذا.. فتحاول معهم، وهنا كانت في مسار إما بكون طالع من المدرسة أو مكان الإيواء الذي أنا موجود فيه، فبصير قصف، فأنا لو تأخرت خمس دقائق كان ممكن أكون خبر من هذه الأخبار، أو بكون رايح على المكان الفلاني، وفجأة وأنا في الطريق صار قصف في هذا المكان.

 

أحمد مرتجى: [02:08:27.67]
فدائما كنت انت قريب من هذا، ودائمًا بلحظات معينة تكون محظوظ انه ما أصابك في هذه اللحظة، كنت ماشي في واحدة من المدارس ولم نكن نعرف بعد ما معنى طائرة كواد كابتر (طائرة مسيّرة) قلت لك نحن بسيطين، يعني هذا الشيء في الحرب عرفنا، ما كنت بعرف شو يعني. ما كنت بعرف انه هي تطلق النار علينا! كنت نازح وقتها في واحدة من المدارس، فجأة سمعت صوت طبل، خبط وهكذا صفّر ضرب في حديدة السور الخاص بالمدرسة وارتدّ على الحائط، أنا كنت ماشي، هو فعليًا ها هي قدماي الاثنتين وقعدت هكذا، يعني سمعت صوته وهو يعمل هيك، عارف كيف؟ ومشي هذه كانت أول لحظة، لو ايش صار من شوي؟ انتظر. فمشي يعني وممكن لو ثواني تأخرت فقط خطوة عن الخطوة كان ممكن يكون سيناريو آخر يعني في حياتي. واللحظة الثانية لما خلّصت الذي صار جنب البيت وفجأة اغلق كل شيء وصحيت وانت كلك رماد، وأصوات ناس فأنت بتحكي يا الله بقينا احنا في نفس الدوامة، فكان خلص يعني فبترجع بتصير تزيل عن حالك آثار الغبار وكذا.. وتستمر وتنقذ الذي تقدر أن تنقذه، وتعمل. والمرة الثانية والثالثة والحزام الناري الفلاني وكذا، فصفي الأمر يعني أنت أقرب للموت من أي وقت مضى، ومتى تشعر انه أنت أقرب وأقرب؟ حين يكون الفقد كثير قريب منك، يعني ساعتها بتصير حاسس انه انت الشخص التالي، انت الشخص القادم، ليش؟ لانه دائمًا بكون هيك بشكل حتى نشعر أيضًا بالسلام النفسي قليلا فنحسّ انه احنا وأصحابنا وأهالينا محميين، عارف كيف؟ يعني محميين فكرة هيك خيالية شوي!

 

أحمد مرتجى: [02:10:58.79]
لكن متى ما يروح حدا منهم تشعر انه في اشي لازم يتوقف! الوقت كثير قريب! كان ممكن أنا اكون موجود انا الموجود معاهم أو أو ... والخيال وقت الفراغ وقت الحرب يعطيك أفق وانه اسرح بخيالك بدك تسرح اسرح عندك الليل كثير طويل، ومليء بالخوف، والقصف، فاسرح براحتك. ويا عيني حين تسرح مثلا في وقت ما تكون نازح خارج بيتك، فأيضًا هذا النزوح يكون يعني أو السرحان هذا يكون يعني خلينا نحكي معجون بمعاناة من نوع آخر يعني! أنت تلعن الكوكب و و.. فتصير أيضًا في لحظتها انت عندك هذا الشعور بأنك حدا كثير قريب من الموت. واليوم انا بحكي معك وأنا ما تخلصت من هذا الشعور. لكن آخر فترة يعني صرت أحسّ انه فكرة الموت مريحة، يعني بمعنى مش مثل ما أنا كنت متخيل انه بخوّف، لانه كتبت اشي بحكي انه يمكن الموت أحن علينا من هذا الشكل من الحياة! يعني اذا انت بتبحث عن الحياة فتعال أنظر ما النقيض للحياة الذي انت ربما لا تبحث عنه؟ الموت. طيب تمام انت بتبحث اليوم عن الحياة، شو هو شكل الحياة اللي الآن موجودة في الواقع خاصّتك؟ ليست حياة. اليوم انت بتحكي عن 80% من سكان غزة في خيام! خيمة مؤذية جدًا، انا ما عشتها، لكن انا دخلتها، طوال النهار ذباب وحرّ شديد وأنت مش طايق حالك، وفي الليل برد قارص، قاعد انت اصلا يعني على بلاط وما بتحميك، ما بتحميك باي شكل من الاشكال طبعا يعني الظروف الصحية ووو.. مش طبيعية.

 

أحمد مرتجى: [02:13:17.25]
طيب الحياة نرجع ثاني، فيها اكل فيها شرب؟ لا. فيها بنية تحتية لصحة لاي شيء اخر؟ لا. طيب فيها افق انك تبحث، تعمل، تطور تدرس تعمل؟ لا. طيب شو بتعمل؟ فقط بعدّي وقت، بعدّي من عمري بدون ما أكون بعمل شيء ذو قيمة أكثر من فكرة البقاء يعني إذا بدنا نسميها بقيمتها يعني! فيصفي الأمر انه فكرة الموت أحنّ قليلًا، وهذا لست أنا فقط، يعني أنا بحكي لك هاي المشاهدات ليست مرتبطة بأحمد وفقط بأحمد! من قليل وأنا بنتظر الكهربا تأتي، حين كنت في المكان ذاك، فلقيت صديقة وهي تتقاطع مع الصديقة فاطمة حسونة يعني، بعد شوي بيني وبينك يعني بتحكي لي: ارتاح، فأنا ردّيت عليها بتلقائية الرد، وبقول لها: نجا من مات. فبتحكي لي ااه والله! فبعمل تثبيت لهاي اللحظة، وبسترجع كل حدا مات، شو بنحكي له؟ ارتاح والله. كل حدا راح وفقدناه، بنحكي ارتاح، نياله، والله مش خسارة في ربنا وكذا.. كلام يواسي لا شكّ. ولكن شو اللي بيخلي الانسان يصل لمرحلة يحكي عن الموت الذي هو نقيض الحياة انه شيء مريح! شخص عانى وعاش تجربة لا يمكن تصوّرها، هيك تحليلي أو هيك رأيي هكذا أعتقد، انك تصل لتحكي انه الموت هو شيء مريح، هو انك انت جربت كل أشكال الحياة الممكنة ولم تعجبك! فصفي خيار الموت هو الشيء الممكن أن يعجبك. فاهم؟ فهو الخيار الذي انت لم تتذوقه يعني قبل هيك، او ما جربته قبل هيك. فعشان هيك يمكن انه الموت كان قريب.

 

أحمد مرتجى: [02:15:33.93]
فنعم الموت كان قريب. رأيته نعم وعايشته وجرّبته، لكن المؤذي أكثر أحمد اللحظات التي تكون فيها تحت الركام، مش عارف شو تعمل! كنت دائما بحكي يعني اذا بصير اشي لي أو لعائلتي يعني لا سمح الله بيصير مرة واحدة يعني ما يكون في حدا موجود تحت الركام معلِّق؛ لانه كان آخرها قبل ايام صار قصف في الشجاعية، مجزرة في حارة من حارات حواري شارع بغداد، لا أعرف اذا كنت قد سمعت عنها او لأ. كانت وقتها قد انتشر على الفيس بوك واحد يكتب لواحدة نشرت يا اختي انا موجود تحت وسامع اصوات الناس الذين فوقي وكذا. هذه اللحظات بالنسبة لي اللحظات القاتمة، يعني هو معلّق ما بين الموت والحياة، لكن تحت ركام، في منطقة ظلماء، في منطقة صعبة، يشعر بالوحدة، يشعر بانه متروك وما في اي شيء ممكن يساعده في هذه اللحظات. هذه أصعب اللحظات، وقبل أشهر أيضًا في احتدام الحرب، جيران لنا على بعد شارع سمعتهم وهم ينادون علينا يا دار مرتجى، سمعتهم ينادون علينا يا دار مرتجى، نزلنا ورحنا نراهم، في آخر لحظات لهم هم ينادون علينا، لكن احنا مش عارفين ايش نعمل! اطفال صغار وكذا.. وكانوا عارفين انه احنا موجودين في الحارة يعني احنا في الوضع الصعب، بالرجوع لفكرة الونس، لكن مش عارفين شو نعمل معهم! استشهدوا وفقدناهم. في هذه اللحظات التي تكون فيها خائف، وليس شيء آخر، تكون فيها خايف على حالك، على غيرك؛ انه اللحظات التي تكون فيها عالق ما بين الموت والحياة. ما بين ما هو القادم بعد؟! ما اللحظة التالية؟

 

أحمد البيقاوي: [02:17:59.45]
احمد، عبيدة سألني حين قلت له سأسّجل معك. قال لي ستسأله عن مهدي؟ قلت له حسب سياق الحلقة كيف تمشي. فأنا أنقل لك السؤال. يعني تُحب أن تحكي لنا عن مهدي؟

 

أحمد مرتجى: [02:18:17.56]
مهدي أصيب في 28 رمضان.

 

أحمد البيقاوي: [02:18:23.26]
من هو مهدي اوّل شيء؟ معلش، فقط للجمهور

 

أحمد مرتجى: [02:18:25.90]
هو أخوي، مهدي اخوي هو آخر العنقود، فلما يحكيلنا مثلًا بحبكم بغلاوة مهدي يعني، عارف كيف؟ انه آخر العنقود وكثير يعزّه. هو أنهى توجيهي بمعدل كثير منيح. كان لا زال في بداية انه يدخل جامعة، يعني بدأت الحرب وهو لا زال في بداية انه يدخل الجامعة، وكان ذكي في كيف دائمًا يعمل بزنس، يعني مستحيل يقعد معك مثلًا بدون ما تكون مخلّص انت واياه بزنس، وفي مشروع بتشتغلوا عليه وكذا. لانه هو دايما عنده هذا المخ الفتح والذكي من وهو صغير. في الحرب أيضًا كان عنده هذه المحاولات، كان دائما يحاول يسند معي فيما يتعلق بمصاريف البيت وكذا وهو صغير يعني مواليد 2005. فمهدي تصاوب في 28 رمضان كان يحاول أن يجد شيء، كما حكيت لك لكن رمضان اشتد عليه، ما في أكل ما في شرب، كانت الناس تطلع وتنزل وتروح تحاول تجيب أكل وهيك. فهو حاول يروح هناك تصاوب في رجله، ساعة الإصابة أخذناه على المستشفى المعمداني، كانت الدنيا ليل ورمضان. وثاني يوم صيام، ما في دكاترة مناوبين، لا أحد موجود يساعد وكذا، لم يكن أحد سوى ممرض لفّ له شاش على قدمه، وقال له انتظر للصباح لحد ما يأتي الدكاترة، قلت له لكن يا دكتور رجله زرقاء! يعني فيها برودة، معنى الكلام انه الدم غير واصل لها! وكما حكيت لك أثناء الحلقة انه كل الموجودين هناك هم متطوّعين، ومعظم الموجودين متطوعين ما عندهم هاي الخبرة، عندهم فكرة فقط شو يعني، وهو في سنة ثانية، سنة ثالثة رابعة طب يعني، ما زاول المهنة، ما امتهن الطب بعد ولكن اعتمدنا عليه، فلن يكون دكتور متخصص يعني في هذه الأشياء، فانتظرنا للصبح واحنا ما عنا فكرة فكان عنده قطع أعصاب في الوريد، ولاحقا عرفنا انه بعد 8 ساعات هذا الوريد خلص بده يموت!

 

أحمد مرتجى: [02:21:10.28]
 فكما حكيت لك الشيء الوحيد الذي امتلكناه في لحظتها هو دعاء أمي يعني، تضع يدها على رأس مهدي وتقرأ له القرآن وأدعية وتصبّره، وخلاص استحمل القليل، وما في أدوية يعني ومسكنات. ثاني يوم دخل عمليات، حكوا احنا رح نحاول ننعش الشريان والوريد هذا بطريقة أو باخرى.طبعًا انت بتحكي عن وجع وما في أشياء كثير نقدمها وإلى آخره، ظل هو يعاني في المستشفى، ولا أحد قد أخذ قرار بعد بشأنه! يعني رجله تزداد سوء، تحول لونها للّون البني يعني، بدأت تصير على لون سمار، طيب شو الوضع يا دكتور؟ شو رح يصير؟ شو كذا؟ ما في ما في أي خيار أمامنا، ما في اشي تعمله وكذا، فبعد محاولات وتواصل مع فلان وعلان واعمل وحاول بحكم نشتغل كون وضعه صعب وكذا، فسجلناه كما الناس تفعل انه نحاول أن نسفِّره للخارج، ونطلعه والخ. وهذه الاشياء طبعا بيروقراطية وبتأخد وقت كثير طويل كثير كثير طويل، لانه لست الوحيد يعني، فاليوم يعني اذا بنعمل  وجه لهذه القصة وبنرجع، اليوم اذا بتعرف معضلة القطار؟ كيف انت مثلا على سكة حديد أنت سائق القطار وفي قدّامك تفرعين من سكة الحديد وفيه خمسة هنا وفي واحد هنا! من ستختار؟! أين يروح القطار؟ من سيميت؟! طيب لو كان واحد من الخمسة أخوك وهناك واحد لا تعرفه، أو كان الواحد هو اخوك والخمسة لا تعرفهم! كانت هذه المعضلة تزداد وكذا، هناك كنا نرى في غزة، كانوا الأطباء لأني عشت في لحظة معينة في المستشفى مع اخوي ورافقت مرضى وكنت بشتغل شغل انساني معين كذا هناك، فكنت أرى أن الاطباء في لحظات معينة حين يكون في 100 شهيد او 100 مصاب لا بد أن ترى لمن الاولوية، مين اللي رح يعيش بالغالب؟ مين اللي مش راح يوخذ معي وقت كثير وأنا بعالجه بعيش، وتبدأ من هنا تتعامل وفي ضربة المعمداني

 

أحمد مرتجى: [02:24:03.36]
أتذكر انه كثير ناس كان ممكن تطلع عايشة اذا كان في كادر طبي مناسب يعالج. لكن ما كانوا موجودين، هذا اللي كان دايما بحط كل حدث، كل قطاع بيشتغل فيه أيا كان هذا القطاع؛ صحة تعليم، بيئة، مياه.. الى اخره. دايما انت توضع بمحل انه انت تصنع قرار، يا اما بعالج هذا أو هذا. طيب شو فرصة هذا يعيش على هذا؟ يا اما بغذّي هذه المنطقة بالماء أو بغذّي هذه المنطقة؛ لانه فش مجال اغذي كلاهما بالمياه. إما بشتغل في هذا المكان وفيه خطر، أو ما بشتغل في هذا المكان، لكن ايضا سيكون في خطر في المكان الفلاني. طيب اي الاقل خطرًا؟ وهذه دايما اللي انت بدك تكون قادر تاخذ قرار، كنت انا بعتبر حالي قبل الحرب وقبل الابادة يعني ضمن شغلي والمهنة اللي انا بشتغل فيه كمدرب، بدرب الشباب لمهارات الحياة، المهارات الحياتية و مهارات البقاء السبعة، والمهارات العاطفية الخمسة، والمهارات الـ21 وكذا. دائما تمر عليك من ضمن المهارات مهارة اتخاذ القرار والتحليل وو.. وبنطرح هذه المعضلات ونطرح كل هذه الاشياء على المتدربين، ونبدا نتناقش فيها. انا في لحظة معينة كنت بعيش هاي المعضلات وكنت أرى انه لو انت كنت بروفيسور في اتخاذ القرارات بتكون حدا سفاح في مهارات النجاة، ومهارات الانتصار، وكذا، مستحيل تقدر توظف هذه المهارات التي تعلمتها كلها في المكان اللي انت موجود فيه.

 

أحمد مرتجى: [02:26:06.03]
لانه يستحيل عليك تمر عليك لحظة معينة ترى اخوك يتم المقارنة بينه كمريض وبين مريض آخر. وتقبل انه هذا المسكِّن يروح للمريض الثاني؛ لانه المريض الثاني عنده بتر في قدميه، و كتفه هذا غير موجود، يعني عنده رجليه فقدهم، وكتفه اليمين، فعلا هذا كان جار أخوي  في المستشفى، فمستحيل مستحيل أي بني آدم عاقل يقدر يتخذ قرار يشبه هذا القرار، او مثلا كيف تقاسم الأكل بطريقة او باخرى او بلحظة معينة، انت تقرر زجاجة الانسولين الخاصة بالسكر التي ياخذها والدك تقبل انك تقاسمها مع شخص ثانٍ ايضا مريض سكر، مع انه قنينة الانسولين كلها ممكن تحافظ على حياة والدك لفترة اطول من لما تكون نصف قنينة صح؟ وهذا بالضبط اللي انت قادر تاخذ قرار بهذا الشكل. وما هي اعتماديتك؟ او انت علامَ اعتمدت حتى تأخذ هذا القرار؟ لكن هذه هي الغريزة التي نحكي عنها. هذه هي غزة التي تشكّل وعيك تجاه الاشياء، رجوعا لقصة أخوي ما كان في أمامنا شيء نعمله، وكانوا الدكاترة يجربوا ويحاولوا انه ممكن الوريد التاني يغذّي، ممكن يبدأ حياة في نسبة 3%، تمشي على نسبة 3%  أم نقطع الرجل؟ بهذه البساطة! وبهذه المباشرة أيضا. جاء الدكتور قال لامي: اسمعي، ما في أمامنا اي خيار سوى انه احنا نعمل بتر للرجل، وهذا الشيء اللي احنا يعني بنقدر الآن نعمله. طيب شو احتمالية انه لو ظلّت موجودة انه يرجع يمشي وكذا. قالها الدكتور بالضبط 3%. فهل ممكن أمل الـ3% يتحقق؟

 

أحمد مرتجى: [02:28:31.90]
 في المقابل انت بتحكي عن 3% امل لكن بنحكي عن 97% احتمال فشل. عارف كيف بتصير انت تجذب الارقام اللي نفسيا تريّح عارف كيف؟ 3% أمل يعني منيح، منيح انه مش 2% ولا 1% يعني  نسبة كويسة هيك بتصير تحكي مع حالك. بقينا وقلنا سنظل نحاول مع بعض، حتى لربما تتصلح. وكنا بالصعيد الاخر بنحاول نخفّف ونسفّره، ونحاول نوصل لانه كان صعب احمد لحدا من الشمال، عشان تطلع حدا لازم يصير في تنسيق مع WHR، وزارة الصحة، او مستويات عالية من التواصل والى اخره. خصوصا انه هو يعني مش محظوظ كان في هذه، هو صار بلغ، لم يعد عمره 17 سنة صار 18 سنة. فصفى انه انت كبرت، فبمحاولات ومحاولات قدرنا نحن نوصل لنطلعه من الشمال للجنوب، وهنا صار كمان تختار المرافق مين بده يكون مرافق لاخوك في هذه الرحلة اللي اصلا انت مش عارف تفاصيلها! اذا انا أحمد ذهبت معنى الكلام مصدر الدخل للبيت راح يروح، طيب ازا راح محمد، محمد هو اللي بيعتني اكثر في امي وابوي وكذا. صلاح تمام دوره كذا. طيب اختي؟ اختي صغيرة، فهنا انت في مرحلة معينة، بدك تتخذ قرار من سيكون مرافق، فقط هكذا موقف لاختي الصغيرة اللي ايضا هي عمرها 20، 21سنة، 22سنة مش كثير كبيرة، لكن كانت اول مرة بدها تطلع من الشمال اصلا أول مرة بدها تطلع من غزة كلها، بتضطر تحكي معها كحدا يعني كبير عن الخارج! انظر للسخرية! بدك تحكي انت مع اختك الصغيرة عن الخارج؛ لانك بدك تروح رحلة علاج للخارج في مصر وانا اللي بحكي لها ما جربت اصلا اطلع على مصر!

 

أحمد مرتجى: [02:30:59.29]
يعني صفى في شيء هيك مش منطقي ولكن ترجع هيك للسليقة، وللحواديث التي سمعتها عن مصر، ما الأحاديث التي سمعتها عن السفر إجمالا، شو لازم يأخذ معه، ومش لازم يأخذ معه، شو يعمل لو صار، لو ما صار كذا؟ بدك تستحضر كل هذه السيناريوهات وكل هذه القصص حتى تحكيها، وحتى تحاول تبني في شخص راح يكون مرافق لمريض في رحلة علاج مش عارفين وين، وكيف وليش وعشان شو! ويعني لمتى سيستمر ذلك، فمن هنا كنا محظوظين تواصلوا معنا ولم يتم قطع للرجل بعد، لكن كنا محظوظين انه تواصلوا معنا عائلة مهدي؟ نعم ماذا؟ طلع اسمكم، فخلي مهدي يجهز حاله، كنا في نفس اليوم اللي كان مهدي بده يطلع فيه، كنا حاجزين لاننا فقدنا الامل تماما، وصارت الرجل يعني منظرها كثير صعب، فصرنا خلص مقررين انهم طولوا في الرد حتى يسافر يطلع، فشو بدنا نعمل؟ قلنا خلص بنتوكل على الله وبنطلع وبنحجز لعملية مع الدكتور، وبيعمل بتر للرجل، الليلة تواصلوا معانا قال لنا: اجهزوا، بكرة ستأتي الاسعافات وكذا. واذهبوا إلى كمال عدوان، كمال عدوان لم تكن محاصرة في وقتها وكذا، ودبر اسعاف، ما في اسعاف، لازم تدفع، شو نعمل، لغاية ما وصلنا قدرنا نحوله من مستشفى المعمداني على مستشفى كمال عدوان. انتظرنا الوفد حتى يأتي يفحص المرضى، طلع الاسم يلا توجهوا وين؟ على الجنوب، ومن الجنوب إلى مصر. كان وقتها الخوف كله بنسمع قصص عن ناس تتجاوز الحاجز. يعني كيف الحاجز مرعب، ولا مرة جربنا انه احنا نتقابل مع الجيش؛ يعني نكون وجهًا لوجه!

 

أحمد مرتجى: [02:33:20.80]
لكن بالنسبة لأخوتي الصغار، انا بحكي لك على اصغر اثنين موجودين عندنا في العيلة، كيف بدهم يجتازوا حاجز من الشمال للجنوب، لانه كل شيء مغلق، شو بدهم يعملوا لو صار؟ انه دايما في احتمالات، في كل شيء في حياتنا هنالك احتمالات، كل شيء في الارض فيه احتمالات، إما أن يأخذوك تنسجن، وإما ترجع تعدّي، وإما تموت.. كلها هذه احتمالات واردة موجودة وكذا. فانت كيف أيضًا في لحظة معينة كأخ كبير بدك تطمئنهم؟ بدك تطمئنهمكذب، كذبة بدها تكون يعني هي سبب في طمأنتهم انهم ما بيخافوا ويرتاحوا، مع منظمات دولية، وانه الأمور كثير بسيطة انتم اطفال لا تنسوا يعني، بتبدأ تعزز عندهم كل هذه المشاعر في الآخر. يعني الحمد لله قد تجاوزوا حاجز وصاروا موجودين في المستشفى، مستشفى في الجنوب هنا صار فرقية، بدأوا اخوتي ايضا ينتبهوا على فرقية المعاملة الصحية، كيف الشمال ما كان في أي ادوات، ما في أدوية، ما في مسكنات، ما في كذا.. أول ما وصل الجنوب في المستشفيات الميدانية، طاقم من الاخصائيين والنفسيين، دكاترة بدأوا يحكوا ويدردشوا وكذا والحالة وما الحالة والى اخره.. ويفحصوا صح، ولقوا انه لازم يتم اخذ قرار بتر للرجل لانه السموم بدأت تطلع، عملو له تحاليل وفحوصات والى اخره. هذه أشياء ما كانت موجودة في الشمال، ما كنا بنعرف عنها، فاكتشفوا انه في سموم بتطلع، والرجل طول ما هي موجودة هيك فممكن ثؤثر اكثر فبصفّي انه البتر اذا كان مثلا تحت الركبة فممكن يصير فوق والى اخره، فماذا نعمل؟ كان هذا اول قرار بدهم ياخذوه اخوتي لحالهم بعيدًا عن الأسرة، اللي قررت في بداية الحرب انه اي شيء بدنا نعمله.

 

أحمد مرتجى: [02:35:45.33]
ايّ قرار سنتخذه سنكون مع بعضنا. بدأ البتر مش بس يصير على صعيد رجل اخوي، صار البتر بصير على صعيد أيضًا هم وين موجودين؟ هم في اي محل صاروا؟ واحنا في أي محل صرنا؟ هذا البتر! بمعناه المجازي وبمعناه الحرفي، تم بتر الرجل وبعدها سافر استكمل رحلة العلاج، طبعا هو كان معطوب لانه بعد باسبوع من سفره اغلق المعبر تماما ولم يعد هنالك أحد يدخل ولا يطلع. وقتها دخلوا رفح، كان كل قلقنا انه يكون هو موجود في الجنوب واحنا موجودين في الشمال. لكن مش قادرين نشوف بعض! على الأقل اذا بنموت او اذا صار لنا شي لا سمح الله فاحنا ممكن يصير لنا مع بعض. لكن هو اليوم يعني الحمد لله صار موجود هو في مصر، مكان مختلف، علاج إلى اخره. ركّب طرف، صار هو موجود ضمن فريق، تعرف هؤلاء الاشخاص الذين يزورون الاطفال الذين عندهم بتر وكذا. وبعطيهم تجارب انه ايش يعملوا والى اخره. وصار واحد من السفراء لهذا الفريق، ويمارس هواياته لكن بطريقة مختلفة. كان اخوي من وهو صغير بيحب الكرة، وبيحب ميسي وكذا. حتى كان في فريق كورة بيلعب وبيحترف كذا. وكان حتى حلمه يطلع يسافر برا وكورة.. فجاءت نصيبه انه اصابته في الرجل، فهذه اعاقت حلمه، ولكن خلقت عنده حلم آخر اليوم، صار موجود في محل بيقدر يحكي فيه عن هذه التجربة للأطفال الاخرين الذين من عمره أو اقل، او حتى أكبر. وكيف هو يمارس الحياة بشكل مختلف، مش كيف هو خطّط ولكن ماشية الأمور معه، ويبعث هذا الامل للآخرين. يعني بشكل او باخر.

 

أحمد البيقاوي: [02:38:03.44]
احمد. شكرًا شكرًا على هذا الحوار على هذه المشاركة على كل هذه القصص. ممنون لك. يعني لا أعرف إذا بقي شيء لتحكيه او في شيئ برأسك تريد أن تحكيه. عادة في "تقارب" نعطي، يعني نترك المايكروفون مع الضيف للفكرة الاخيرة. فاذا كان هناك فكرة اخيرة، تفضّل المايك معك:

 

أحمد مرتجى: [02:38:37.11]
لا أستحضر بصراحة يعني أحس أنّ تكلّمت كثيرًا في اللقاء. ولكن الفكرة أحاول احرص انه احكي عنها.. الناس في غزة ليس كما العالم يتصوّر عن غزة. بمعنى الناس الموجودين وانا من ضمنهم. ليسوا مصنوعين ولا مُركّبين من الفولاذ او المعدن الذي لا يشعر او لا يستطيع وإلى آخره. ولأجل ذلك دائما أحاول أو أوضح هذه الفكرة المرتبطة في أشخاص أو إنسان بمعنى حرفي إنّه يمتلكون أحلام. والشيء أيضًا المهم في المنطقة انه اه. غير أنّ عندهم احلام أيضًا.

 

أحمد مرتجى: [02:39:42.90]
أين ذهبت الفكرة؟ اه هم طبيعي أن يشعروا. يعني شعورهم في لحظات معيّنة حتى وان كانت لا تتلاقى ولا تتفق مع شعور الآخرين. او كيف ممكن يكونوا يشوفوا الناس. فهذا طبيعي. وهذا حقّنا وحقّهم. هذا يمكن كرسالة لكل حدا يشاهد "تقارب".

 

أحمد مرتجى: [02:40:11.85]
والشغلة الأخيرة أنا حدا أتابع "تقارب" جيّدًا، ومنذ زمن، يعني في كتير حلقات كنت أحضرها وأشاهد هذه التجارب لأنني أحب دائما ان أسمع عن تجارب الاخرين، وأيضًا أكون فخورًا حين يكون في شيء فلسطيني يخوض هذا الشيء حدا فلسطيني يعمل شيء، ادوات رقمية مثل "بودكاست تقارب" الذي يصل لأماكن منيحة. فأنا أكون فخورًا انني أسمع هذا الشخص. اليوم فخور انه انا موجود في هذا المحل وأنقل هذه الشهادة او هذه القصص يعني للناس التي بقيت في الشمال.

 

أحمد مرتجى: [02:41:02.16]
شكرا احمد، شكرا لتقارب، شكرًا يعني لكل شيء، وللوقت الذي سمحتم لي به، احكي فيه. أيضًا. أتمنى ان تكون الحلقة عالجت او طرحت -لا أعتقد انّ هذا وقت المعالجة، يمكن في الوقت الحالي- يمكن بعد انتهاء الإبادة نسرح كلّنا مع بعض، التجربة نفسها. يمكن وقتها نبدأ بعد الاستعادة. نحكي عن التعافي نبدأ نعالج وكذا. ولكن اتمنى أن أكون سلّطت الضوء ولو قليلًا على ماذا كنّا نعيش وكنّا نحس في لحظات معّينة، وكيف دائمًا كنا نبحث على ايّ شيء يجمعنا، ويجعلنا نحس اننا لا زلنا مرتبطين مع الناس في العالم والكوكب. فشكرًا أحمد.

 

أحمد البيقاوي: [02:42:10.60]
شكرا جزيلا ويعطيك العافية. وان شاء الله نلتقي قريبا. يعني يا في غزة يا خارج غزة. وسنسجل فعليًا حوارًا وجاهيًا. نستكمل هذا الحوار.

 

أحمد البيقاوي: [02:42:20.50]
يعطيك العافية.

 

أحمد مرتجى: [02:42:21.58]
بأمان الله، تسلم أحمد شكرًا.

جميع الحقوق محفوظة © 2025